تحول الشرق الأوسط إلى أكثر مناطق العالم سخونة والتهاباً بسبب الأحداث السياسية والأزمات الإقليمية المشتعلة، وزادها اشتعالاً استمرار العدوان الإسرائيلى الغاشم على الشعب الفلسطينى الأعزل والتصعيدات الأخيرة فى لبنان، إلى جانب توتر الأجواء فى كل من السودان وليبيا والبحر الأحمر من جهة وتصاعد الصراعات بين إسرائيل وإيران من ناحية أخرى.

ووسط هذا الصراع الذى لا يعلم أحد شكل نهايته أو موعدها يبرز دور مصر الفاعل وتصدّرها دور الوساطة بشكل مستمر، سواء بالمبادرات السياسية أو الدبلوماسية من أجل إعادة الهدوء والاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط وإحلال السلام المفقود منذ عقود طويلة وتسوية الأزمات بدول الجوار المباشر، لتمثل القاهرة رمانة الميزان لإطفاء نيران الأزمات المتأجّجة فى الشرق الأوسط.

وتشهد الحدود المصرية مترامية الأطراف توتّرات وساحات مشتعلة، فمن ناحية الشمال الشرقى تلتهب الأوضاع فى قطاع غزة المضطرب أمنياً منذ اندلاع العدوان الإسرائيلى فى 7 أكتوبر، وتحاول إسرائيل تمرير مخططها الرامى إلى التهجير القسرى للفلسطينيين، وهو ما رفضته القاهرة التى تسعى بشتى السُّبل إلى إحباط تصفية القضية الفلسطينية، أما الحدود الغربية التى تمتد لأكثر من 1250 كيلومتراً مع ليبيا، فتشهد هى الأخرى توترات بين الحين والآخر، وجنوباً تتشارك مصر فى 1280 كيلومتراً مع السودان الذى يشهد أعمال عنف وحرباً مستعرة أدت إلى نزوح ملايين اللاجئين الذين استضافتهم مصر، علاوة على ذلك ما يشهده البحر الأحمر من تصعيد، انعكاساً لما يحدث فى غزة.

وقال الدكتور أحمد العنانى، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن مصر تعمل جاهدة لتحقيق رهانها فى إفشال محاولات تشكيل ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، وهى فى سبيل ذلك تستخدم ثقلها السياسى والدبلوماسى فى المنطقة.

وأكد «العنانى» فى تصريحات لـ«الوطن» أن مصر أول دولة فى العالم كانت لديها رؤية من خلال قيادتها السياسية، حول ما يحدث فى الإقليم، وتتمثل فى أن استمرار هذه الحرب لن يشمل غزة فقط، وسيعمل على اتساع رقعة الصراع فى المنطقة، وهو ما سيؤدى فى النهاية إلى تزايد الأزمات فى المنطقة والخراب والدمار الذى سيزيد ويمتد إلى دول أخرى خارج قطاع غزة، وهو ما رأيناه فى لبنان على سبيل المثال.

ويرى «العنانى» أن مصر تتصدى وبشدة لما يسمى محاولات إقامة شرق أوسط جديد، وتجلى ذلك حينما رفض الجانب المصرى بشكل قاطع تصفية القضية الفلسطينية عن طريق تهجير أهالى غزة، فى ظل محاولات لا تتوقف من جانب الكيان الإسرائيلى لإقامة نظام شرق أوسط جديد، ويراهن فى ذلك بشكل كبير على فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية.

ووسط ضجيج الحرب الذى يحدث فى الشرق الأوسط، تتمسك مصر بتطبيق القانون الدولى ومراعاة ميثاق الأمم المتحدة وميثاق الجامعة العربية، فهى لا تذهب بعيداً عن هذه المحددات، ولها موقفها الواضح الذى يوحد الدول العربية حول القضية الفلسطينية.

وأضاف «العنانى» أن مصر لديها خطواتها الإيجابية والدبلوماسية، التى ظهرت من خلال مد يد العون لجميع الدول لحل الأزمات والمشكلات، مع الإصرار على نبذ العنف وإيجاد حل سياسى للقضايا فى الشرق الأوسط، سواء فى غزة أو ما يحدث فى السودان ولبنان.

وقال إن مصر هى صاحبة دبلوماسية هادئة فى المنطقة، وتعمل على حل الأزمات من نطاق سياسى ودبلوماسى، كونها ترى أن إشعال المنطقة لن يأتى بالمنفعة على دول الشرق الأوسط وذلك قبل التطرق إلى أمنها القومى، وتعمل على الحل وتتحرك خارج جغرافيا الدولة المصرية لحل الأزمات، وحذرت من مشاكل مسبقاً وأشارت إلى أهمية الحلول السياسية فى بعض البلدان المشتعلة.

وتابع «العنانى» أن القاهرة تمتلك رؤية بعيدة المدى وقادرة على التنبؤ بما هو قادم، وحريصة على الدبلوماسية الهادئة كونها تريد حل الصراعات بأسلوب سياسى وبالجلوس على طاولة المفاوضات، وأدوار عديدة لعبتها فى بعض الأزمات بسياسة هادئة وحكيمة، فمصر تتحرك خارج الحدود الجغرافية ونادت بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية وكانت على حياد تام، مشيراً إلى أنه لم تنجح دول كبرى فى استمالة الرأى المصرى، وكان موقفها محترماً ومحايداً كونها تتبنى القرارات الصادرة من مجلس الأمن والمؤسسات الأممية التى تفصل فى النزاعات والصراعات.

وأكد الدكتور إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية، أن التطورات والتداعيات الخطيرة، تهدد الإقليم بالكامل، وسيكون لها آثارها الاقتصادية الكارثية على العالم ككل، وهو الأمر الذى انتبهت له مصر مبكراً.

وأوضح «إكرام» أن الدبلوماسية المصرية تسعى إلى الحلول السياسية للصراعات المسلحة، فبالعنف والحروب ستدخل المنطقة فى حالة من الفوضى، وهى بذلك تستخدم الدبلوماسية وثقلها فى المنطقة.

وفسر أستاذ العلوم السياسية محاور تحرك مصر فى الصراعات بالمنطقة وفق عدة مبادئ، من بينها دعم وحدة واستقرار الدول، والتأكيد على خطورة الحلول العسكرية وما ستخلفه من دمار وخراب للمنطقة والعالم، ونبذ العنف بكل أشكاله، وضرورة الاستماع إلى لغة العقل والحوار فى حل المشكلات، بما يضمن استقرار الإقليم واستعادة هدوئه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الشرق الأوسط الاحتلال إسرائيل غزة لبنان مصر إيران القضیة الفلسطینیة فى المنطقة یحدث فى

إقرأ أيضاً:

عضو بـ«الشيوخ»: مصر صمام الأمان ورمانة ميزان الاستقرار في الشرق الأوسط

أكد النائب طارق عبد العزيز رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بمجلس الشيوخ، أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء تفقده تفتيش حرب الفرقة السادسة بالجيش الثاني الميداني حاسمة، وكشفت بشكل كبير عن الإمكانيات الجبارة للجيش المصري العظيم، الذي أصبح بلا شك صمام الأمان ورمانة ميزان الاستقرار في الشرق الأوسط.

تحقيق الاستقرار والأمان

ولفت رئيس برلمانية الوفد في تصريحات للمحررين البرلمانيين، إلى أن قدرات القوات المسلحة المصرية مكنتنا من العيش باستقرار وأمان في إقليم ملتهب وعلى حافة الهاوية، وأن الجيش المصري وفر للمصريين سلعة من أهم السلع وهي سلعة الأمن التي استتبعها الاستقرار والتنمية في كل ربوع الجمهورية.

وقال «عبدالعزيز»، إن الجاهزية التي ظهر عليها الجيش المصري بعثت رسائل للداخل والخارج، أهمها الاستعداد لأي طارئ مع التمسك بالسلام كخيار استراتيجي وهدف للقوات المسلحة المصرية، موجها رسالة للمصريين «اطمئنوا خلفكم جيش لا يقهر وزعيم وطني مخلص استطاع الوصول بالوطن إلى بر الأمان».

مقالات مشابهة

  • «ستاندرد آند بورز»: اتساع الصراع في الشرق الأوسط خطر على التصنيفات السيادية
  • "S&P": اتساع الصراع بالشرق الأوسط خطر على التصنيفات السيادية
  • جوتيريش يحذر من تصاعد الصراع في الشرق الأوسط ويؤكد على ضرورة وقف إطلاق النار
  • عضو بـ«الشيوخ»: مصر صمام الأمان ورمانة ميزان الاستقرار في الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط ساحة للتنافس الانتخابي| ماذا غيرت حرب غزة في النهج الأمريكي؟.. خبير يجيب
  • تحولات محورية بعد طوفان الأقصى.. ما أهداف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؟
  • مصر تنبأت بالمستقبل| كيف حذرت القيادة السياسية من خطورة اتساع الصراع بالمنطقة؟.. تفاصيل
  • وزير الخارجية يؤكد لنظيره الإيراني قلق مصر من اتساع رقعة الصراع في المنطقة
  • محادثات أمريكية-إسرائيلية لتقييم الأوضاع في الشرق الأوسط وسط تصاعد التوترات