الشاب أدهم جمول تجربة إخراجية واعدة توثق لقضايا وطنية واجتماعية
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
دمشق-سانا
توثيق الواقع هو النهج الذي اختاره المخرج الشاب أدهم جمول في أفلامه القصيرة، ساعياً إلى الالتزام بقضايا وطنه ومجتمعه كموضوعات أساسية تؤطرها رؤية إخراجية تصقل العمل برمته شكلاً ومضموناً.
جمول الذي يدرس حالياً فن الإخراج السينمائي في الجامعة العربية الدولية بين لنشرة سانا الشبابية أنه قدم حتى الآن عدداً من الأفلام القصيرة والوثائقية، التزم عبرها بدراسة الواقع على نحو ممنهج ودقيق، موضحاً “أن ما تم توثيقه في الماضي يتطلب اليوم تطويراً من قبل الجيل الشاب، وربما تقديمه بشكل مختلف وأكثر سعة وشمولاً”، ومشيراً إلى أن هذه الأفلام تحتاج خبرة عالية، وتقنية تستطيع أن تسخر التكنولوجيا في خدمة ما يسعى الجيل إلى توثيقه، كما فعل الموثقون في الماضي عن طريق الوسائل الثقافية والأدبية والمخطوطات التي وصلت إلينا.
ورأى جمول أن الفيلم الوثائقي السينمائي يختلف عن الفنون التوثيقية الأخرى على اختلاف أنواعها وأشكالها، حيث إننا نسعى من خلال الفيلم الوثائقي إلى الدخول إلى العوالم الداخلية والروحية للأشخاص الذين يمتلكون أهمية خاصة تقدم إلى المتلقي ما هو مفيد حقيقة ويعكس حضارتنا بشكل حقيقي.
وتابع: لقد قمت بتصوير ريبورتاج بعنوان “جرمانا بين الماضي والحاضر” تناولت فيه معطيات الماضي والحاضر، وما يقدم لمحة عن الحياة الاجتماعية في المدينة وتحولاتها، كما قدمت فيلماً وثائقياً قصيراً عن الفنان التشكيلي الدكتور باسم دحدوح كنت قد أنجزته أنا وزميلي رامي ديوب، وأعمل كذلك على تحضير مشروع وثائقي بعنوان “ألبوم صفر” أتناول فيه شخصيات بسيطة في المجتمع وأماكن مميزة.
وأشار جمول إلى أن المشاريع الخلاقة التي يسعى إليها الشباب السينمائي الجديد تلاقي عدداً من الصعوبات في ظل خصخصة شركات الإنتاج، والتي لا تلتفت كثيراً وبكل أسف إلى المبدعين الشباب ممن يمتلكون رؤى سينمائية مبتكرة ما يستدعي دعمهم من قبل مؤسسات الدولة وفعالياتها الثقافية.
ولفت إلى أنه يخوض هذه التجربة بمجهود ذاتي، ودون أي دعم إلا أنه تمكن رغم العراقيل من تكوين شخصية فنية خاصة به، وأثبت وجوده دون الحاجة إلى الآخرين، لأن أي تقاعس في هذا المجال ينعكس سلباً على الشخصية الفردية للمبدع حسب قوله.
واختتم بالتأكيد على “أنه يمكن للسينما في الوضع الراهن أن تشكل عنواناً عريضاً للبلد، ولذلك لابد من تشكيل سينمائي يكون بحجم المسؤولية الكبيرة التي تساهم في تعريف ما نقوم به ونسعى إليه، لأن السينما الآن إلى جانب بعض الفنون الأخرى قادرة على تلبية الاحتياجات الفكرية للمجتمع ولجيل الشباب تحديداً”.
يذكر أن الشاب أدهم جمول لديه عدد من الأفلام القصيرة، منها فيلم “خيبة ونور” و”المحطة واحد” إضافة إلى أفلامه الوثائقية.
وداد عمران
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
24 ساعة في غزة.. الجزيرة توثق مشاهد المعاناة والألم اليومية
في قلب الحصار والدمار، وعلى مدار 18 شهرا من الحرب على قطاع غزة، توثق الجزيرة في فيلمها "24 ساعة في غزة" يوما من أيام حياة سكان القطاع المحاصر، لتكشف عن معاناة متواصلة تتقطر ألما ودما وتحديا للبقاء على قيد الحياة.
تبدأ الكاميرا بمشاهد قاسية لأطفال بين الركام وفي العراء، وآخرين يتزاحمون على طعام يوزع في التكايا، وهي المشاهد التي تعكس رحلة البحث اليومية عن لقمة العيش في ظل حصار خانق.
ففي غزة، تتحول 24 ساعة إلى رحلة من المعاناة المتواصلة، يلخصها أحد السكان بقوله: حياة المواطن في غزة منذ الصباح عندما يضع رأسه على الوسادة وينام، كلها معاناة وأزمات.
مع تبلج خيوط الصباح تبدأ المعاناة.. هكذا يصف أحد سكان غزة بداية يومه الذي يتحول إلى ملحمة من الطوابير والبحث الدائم عن الماء والطعام والأمان المفقود.
البحث عن قطرة ماء
أهم شيء هو البحث عن الماء.. كلمات تختصر أولى المعارك اليومية لسكان غزة، حيث يتحول هدف الحصول على المياه إلى رحلة شاقة تبدأ بطوابير طويلة تمتد لساعات.
"هذا طابور ونحن نقف منذ نصف ساعة وحتى الآن لم يحصل أحد على الماء".. هكذا يصف ساكن غزة معاناته في انتظار دوره للحصول على مياه الشرب.
وفي مشهد آخر يوجه ابنه الصغير: "خذ وعاءين وضعهما في الدور فلعل سيارة للماء تحضر"، ثم يوضح بأن هذه ليست مجرد تعليمات، بل هي إستراتيجية بقاء في عالم أصبحت فيه أوعية المياه العذبة كنزا ثمينا.
إعلان
رحلة البحث عن طعام
ولا تقلّ معاناة البحث عن الطعام قسوة عن معركة المياه. "تحتاج أن تأكل.. تحتاج أن تُطعم أولادك.. تلف الأسواق كلها وفي النهاية لا تجد شيئا".. يحكي رجل بمرارة مصورا عبثية البحث اليومية عن طعام في تلك الأسواق الفارغة.
وحين يجد الغزّي الطعام يصطدم بجدار آخر، فالأسعار المرتفعة تفوق قدرة معظم السكان، "الباذنجان بعشرين شيكلا، والبندورة بعشرة"، يجيب بائع أحد المتسوقين الذي يرد بدهشة: "وبعدين؟" مضيفا: "أقل القليل في اليوم حتى تسد جوعك بوجبة واحدة فإنك تحتاج إلى 100 شيكل وأكثر".
وحتى المساعدات المالية التي قد تأتي من الخارج تتعرض للاستنزاف، وهو ما يصوره المتحدث بقوله: "لو جاءت لك مساعدة من الخارج من أهل خير ونزلت في حساب.. النسبة 30 و35 و25%"، ليبقى الخيار الآخر هو الوقوف في طوابير التكايا للحصول على مساعدات غذائية.
وفي تعبير عن أحد مناحي اليوم المؤلمة، يقول أحد الآباء: "العالم تأخذ أولادها على الملاهي والمطاعم، ونحن نأخذ أطفالنا إلى المقابر".. وهي جملة حاول من خلالها تلخيص التناقض الصارخ بين حياة الأطفال الطبيعية والواقع المرير لأطفال غزة.
وفي هذا السياق، تنقل الكاميرا مشاهد مروعة لنقل أطفال مصابين ومحاولات إسعاف آخرين، بينما يحمل أب رضيعه الشهيد صارخا: "محمد هذا بكري.. هذا عمري.. لم يبلغ إلا شهرا واحدا".
الخوف رفيق الليل والنهار
"صار الخوف يلازم حياتنا مثل أسمائنا".. يصف ساكن غزة بهذه الكلمات المشاعر التي تسيطر عليهم على مدار الساعة، فالخوف أسبابه متعددة وحاضرة دائما من القصف والنزوح والجوع، وحتى من النوم.
وفي محاولة لوصف لحظات الرعب خلال القصف يقول أحدهم: "صوت الصاروخ وهو ينزل علينا.. صوت تصفيرة الصاروخ، وبعدها الانفجار، لم أعرف كيف سقطت الخيمة علينا وأولادي الثلاثة نائمين".
ويتحول المشهد الليلي في غزة إلى كابوس متواصل: "كل ساعة.. كل يوم في الليل.. كل يوم (..) طائرات الاستطلاع، طائرات الحربية الأباتشي"، والنتيجة دائما واحدة: "الأطفال لا نوم".
إعلانوفيما يحكي الغزي ملامح المعاناة اليومية، يتذكر الأحلام والطموحات التي تبددت بسبب الحرب ويقول: "أنا على صعيدي الشخصي، كنت أحلم بصنع مستقبل لأولادي، أدخلهم جامعات"، قبل أن يضيف بمرارة: "أنا اليوم كل تفكيري توفير خيمة حتى أضع أولادي فيها".
وبينما تستمر ساعات الخوف والخسارة بالتتابع لأكثر من 18 شهرا، يبقى سؤال واحد يتردد على لسان كل فلسطيني في غزة: "أين سأنزح؟ أنا نازح.. أين سأنزح بعد ذلك؟"، وهو سؤال يلخص مأساة شعب محاصر في بقعة جغرافية محدودة، لا مهرب له فيها ولا ملجأ.