غزة: عاصمة الصمود وعشاق الحرية.. عشقٌ يزهر في بستان المقاومة
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
#غزة: #عاصمة_الصمود وعشاق الحرية.. عشقٌ يزهر في بستان المقاومة ..
#احمد_ايهاب_سلامة
تسأل فتاة في غزة عن حبيبها، زوجها الذي فارقته بعد أشهر قليلة من زواجهما. تروي بحياءٍ وأدبٍ كيف كانت تعشق زوجها، وكيف اجتهد وتعب ليؤمن لها بيتًا وحياةً مشتركة. تقول تلك الفتاة، وكلماتها ترتدي أجمل حلة نثرية:
“متى سنلتقي مجددًا؟ وكيف سيتحمل قلبي الحزين فراقك؟ هل سأراك يومًا؟ أكذب إن قلت إنني لن أراك، فسأراك مرتين كل يوم في منامي وأحلامي، حتى يحين موعد استشهادي، وسأراك بعدها في جنات النعيم.
حقًا، لقد سمعنا عن غزة أنها عظيمة، لكن الحرب كشفت لنا أنها أعظم مما تخيلنا، علمتنا دروسًا في الحب والغزل والإخلاص، وعلمتنا الشجاعة والبطولة، وكشفت لنا استراتيجيات عسكرية لم تخطر على بال أحد.
علمتنا كيف أن تفقد ابنك بين يديك وتحمل جثته، بينما تحمد الله وتشكره.. علمتنا أن المرأة العفيفة لا تكشف عن نفسها حتى وهي تصارع الموت.
كما علمتنا أن أحلام الأطفال في غزة تختلف عن أحلام أطفال العالم، فهم يتوقون إلى الحرية، ويريدون أن يكبروا لينضموا إلى المقاومة، يأخذون بثارات أهاليهم. ويريد الشباب استعادة وطنهم المسلوب.
علمتنا أن الكحل الغزاوي وعيونهم تختلف عن عيون فتيان العالم. هم، رغم الآلام والحروب والمعاناة، قمر يمشي على الأرض. وكما وصف الله المرأة بالحياء، فهم يمتلكون هذه الصفة في زمن يتفاخر فيه البعض بعرض أجسادهم والاتجار بالإغراء والفن.
تعلمنا من غزة أن عبوة تُدعى “شظية” لا يتجاوز ثمنها 8 دولارات قادرة على تفجير دبابة ثمنها 7 ملايين.
تعلمنا أن من يريد الصلاة، سيصليها رغم الموت المحيط به، رأينا كيف تُقصف المساجد أثناء صلاة الجمعة، والصواريخ تتساقط من فوقهم، وهم يصلون دون خوف أو ارتباك، سائلين الله النصر والثبات والصبر والعزيمة.
تعلمنا من غزة النضال والكفاح والصبر والحب لقد كانت أشعار قصائد العشق عن قيس وليلى شيئًا عاديًا، وكل مؤلفات الغزل التي ألقاها نزار قباني تبدو هينة أمام ما شهدناه بأعيننا.. فهم لم يكتبوا تلك القصائد من وحي الخيال، بل عاشوها ورأيناها صوتًا وصورة.
لقد علمونا معنى الهيام والعشق والغرام، كيف لشاب غزاوي، قبل أن يموت، أن يكتب رسالة لخطيبته: “أراكِ في الجنة” كيف لفتاة حسناء أن تبكي على فراق ذويها، وكيف لزوجين افترقا أن يودعا الحياة سويًا وهما يمسكان بأيديهما.
تعلمنا معنى الكرامة وتنفس زفير الحرية والعدالة والإنسانية، لقد علمتنا غزة كل شيء، لكننا لم نتعلم بعد معنى الكرامة والصمود والنضال.
شكرًا غزة، وآسفاه على هذه العروبة.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
المقاومة تلعب بذكاء والعدو يكرس فشله أكثر.. الهُدنة إلى أين؟
يمانيون/ تقارير
في تطورٍ مفاجئ، أعادت المقاومةُ الفلسطينيةُ فرضَ نفسِها طرفاً فاعلاً في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، عبر طرح مبادرةٍ تُلقي بظلالها على حسابات الكيان الصهيوني، وتُعقِّد موقفه التفاوضي. جاءت هذه الخطوة بعد تصاعد الضغوط الدولية الفاشلة لإجبار حركة حماس على التنازل عن شرطها الأساسي بوقف الحرب والانسحاب الكامل من غزة، فيما رأت أوساط في العدو الإسرائيلي أن الحركة الفلسطينية نجحت في الاستحواذ على زمام المبادرة عبر طرحها إطلاق سراح خمسة أسرى يحملون الجنسيتين “الإسرائيلية” والأمريكية، ما دفع الكرة إلى ملعب الصهاينة وأربك استراتيجيتها التفاوضية.
منذ اللحظة الأولى، حاول العدو الإسرائيلي تحميل الفلسطينيين وزر فشله العسكري والأخلاقي، فشنَّ حربًا استمرت عامًا وخمسة أشهر استشهد خلالها أكثر من 40 ألف فلسطيني، ثلثاهم أطفال ونساء، وفق تقارير أممية. لكن حماس، برغم الدمار، لم تنكسر، بل حوَّلت الملف الإنساني إلى سلاح تفاوضي. فبينما كان قادة الكيان يتباهون بـ”سحق الإرهاب”، يعترف المحللون والنخبة الصهاينة بشيء آخر مغاير من بينهم إيلان بيتون، القائد العسكري الصهيوني السابق، بالهزيمة والذي يقول في حديثه لإحدى القنوات العبرية:
“ارتكبنا خطأً قاتلًا عندما أوقفنا المرحلة الأولى من الاتفاق دون ضمانات. الآن، الأميركيون يتفاوضون مع حماس فوق رؤوسنا، وحكومتنا تتخبط كعجلة مكسورة!”
ويضيف: لم ندخل في المرحلة الثانية من موقع قوة، بل دخلنا في حالة من التأرجح. وعدم طرحنا لموقف خاص بنا أدخل الأميركيين إلى هذا الفراغ، وقد جاء مبعوث ترامب آدام بولر وطرح مواقفه واتصل بحماس، وقد ضرب بذلك قوة موقف ترامب إلى درجة اضطر ترامب للقول إننا لن نهجر أحدا من غزة!
لم تكن هذه الاعترافات صادرة عن ضميرٍ يقظ، بل عن إدراكٍ مرير بأن المبادرة الفلسطينية مزَّقت ورقة التوت عن عورة الكيان العسكري. فحتى الجنرالات الصهاينة بدأوا يتحدثون بلغة الهزيمة، مثلما سُرب عن قائد المنطقة الوسطى في جيش العدو الاسرائيلي قوله:
“غزة صارت مقبرة لشبابنا. كل بيت ندكّه يتحول إلى فخٍّ يفجر أبطالنا!”
أما على طاولة المفاوضات، فقد نجحت حماس في تحويل شروط واشنطن إلى سلاحٍ ضدها. فبعدما طالبت الإدارة الأمريكية بالإفراج عن أسرى يحملون جنسيتها، وافقت الحركة ببرودٍ على العرض، لكن بشمّاعة جديدة: الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين ووقف الحرب إلى الأبد. هنا اشتعلت الأزمة في “تل أبيب”، حيث صرخ اليئور ليفي، المحلل الصهيوني، منفعِلاً في مقابلته مع قناة عبرية:
“هذه مناورة ماكرة! حماس تُظهر مرونة وهمية لتوريطنا أمام حلفائنا. العالم كله يسأل: لماذا ترفض إسرائيل السلام إن كانت حماس موافقة؟!”
لكن الأسئلة الأكثر إحراجًا تأتي من الداخل الصهيوني نفسِه، حيث خرج أهالي الأسرى الصهاينة يهتفون في شوارع “تل أبيب” آخرها مساء السبت الاحد : “كل يوم تأخير هو جريمة، حكومة نتنياهو تقتل أبناءنا بأيديهم!”. هذه الضغوطات تأتي بعد 15 شهرًا من العدوان على غزة، لم يتحرر سوى عدد من الأسرى الصهاينة، بينما قُتل 43 آخرون بقصف جيش العدو نفسه على غزة، وفق اعترافات مخابرات العدو.
على الصعيد الدولي، ما زال “الضمير العالمي” يتغذى على شعاراتٍ جوفاء. ففي الوقت الذي تدين فيه الأمم المتحدة “الانتهاكات الإسرائيلية”، يمنع الفيتو الأمريكي أي قرارٍ بوقف إطلاق النار. حتى الاتهامات الجديدة بجرائم حرب ضد قادة العدو لم تتحول إلى خطوات عملية، ما دفع تاليا ساسون، المسؤولة الصهيونية السابقة، إلى السخرية:
“أمامكم خياران: إما أن تعترفوا أن “القوة” فشلت في غزة، أو تواصلوا الكذب على أنفسكم حتى تسقط الأرقام عليكم!”
تعم حالة الإحباط الأوساط الصهيونية بمن فيهم المسؤولون السابقون؛ أحدهم ايلان سيغف – مسؤول سابق في الشاباك الصهيوني يقول: “نحن نلعب بالكرة مع أنفسنا ونركض من جهة إلى جهة أخرى لنركل الكرة، ونحن يجب أن نفرض عقوبات على حماس، لكن بعد عودة المختطفين أعتقد أنه قد جاء الوقت بعد عام وخمسة أشهر لنقول الكل مقابل الكل بما في ذلك وقف إطلاق النار لعشر سنوات.”
في الوقت ذاته، تصاعدت احتجاجات المستوطنين داخل كيان العدو الإسرائيلي للمطالبة بإبرام الاتفاق بشكلٍ عاجل، وقد حذّر أهالي الأسرى من أن “استمرار المماطلة يُهدد حياة أبنائهم”، وفق تصريحاتٍ متلفزة. هذه الضغوط الداخلية، إلى جانب الانقسامات المهيأة للتفاقم داخل الائتلاف الحكومي، تُفاقم أزمة مجرم الحرب نتنياهو، الذي يوازن بين مطالب الأسرى ورفضه تقديم تنازلاتٍ خشية إضعاف صورته كـ”زعيم أمني” وهو الذي يقف اليوم في قفص الاتهام القضائي بتهمة الفساد والخيانة والفشل.
يبدو كيان العدو الإسرائيلي اليوم رهن عجزه عن كسر الحلقة المفرغة بين خيارين: قبول صفقةٍ تُوقف الحرب مع الإفراج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين، أو الاستمرار في حربٍ استنزافية تهدد بانهياره داخليًّا وخارجيًّا. وفي الوقت الذي تُعيد فيه حماس ترتيب أوراقها بذكاء، يبدو أن الكرة اليوم في ملعب “تل أبيب”، لكن الساعة تدقُّ لصالح من يملك إرادة التضحية.
نقلا عن موقع أنصار الله