لجريدة عمان:
2025-07-29@08:42:41 GMT

الجسد يتذكر .. والضمير حي

تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT

يظن الناس أن عليهم أن يُذكروا أنفسهم باستمرار: "لا تعتد المشهد". هيهات أن يعتادوه. هم وإن تركوا الأخبار ليوم، تحمل أجسادهم القلق، والهم، والألم، حتى وإن لم يدركوا. يقولون إنهم مكتئبون، ويقولون إنهم لا يدرون السبب؛ لأنه ولكثرة ما قيل لنا أن كل امرأ لنفسه، لا نكاد نصدق ما في قلوبنا من خير. ولكثرة ما قيل لنا أن كل شيء يعدي، لا نصدق أننا لن نعود أبداً كما كنّا.

بالرغم من أن الأخبار من العالم تنقل لنا بشكل يومي، قصص أولئك الذين يعترضون بأكثر الطرق إيثاراً وشجاعة. الذين يعتصمون موقنين أن مصيرهم الاعتقال، الذين يعترضون على شرَاكات الشرِكات التي يعملون بها فيُفصلون. الذين يصبون ليترات الغزولين على أجسادهم ويضرمون فيها النار.

لا يتغير شيء، ليس لأن البعض اعتاد، بل لأن من وقفوا في صف كل استعمار، مازلوا يصطفون مع آخر مستعمر، ومن ارتكبوا الإبادات، يمولون الإبادة الموثقة، ومن بنوا حضارتهم على أجساد أسلافنا، يُكملون دائرة الاستغلال دون كلل، ودون مساءلة.

ما أغرب الحديث عن اعتياد المشهد، ومصير الغزاويين لم يُحدد بعد، والضاحية تُحال رماداً، والمهاجرون السوريون يعبرون على أرجلهم إلى الجحيم الذي فروا منه، بعد أن قُصف الطريق الوحيد الذي يضمن نجاتهم. يعز على غرور الصهيوني أن يكون للعربي قول حتى في مسألة فراره.

نتحدث مع أصدقائنا عن شعور الخيانة ونحن نواصل الذهاب إلى أعمالنا. نُضرب حين يُعلن الإضراب، ونتساءل ماذا لو امتد أكثر، ماذا لو امتد حتى ننجح في أن نشل الحياة، لكن هذا لا يحدث أبداً. الطرق المتبقية للجهاد قليلة. أحياناً ننجح في إقناع أنفسنا بأن ما نفعله رغم ضآلته ضروري. ولابد أن يستمر. وأنه قد لا يُصبح بعمره أكثر من ضئيل، مع ذلك، لابد أن يستمر. مهما منحنا النظام الضخم الذي لا يتزعزع، شعوراً مفزعاً وقاطعاً بأنه غير قابل للتغيير. إنه يتغير.. ببطء يتغير. مع كل مساحة تُشغل بالحديث عن القضية بدل أن تُشغل بغيرها. مع كل محاولة في بيئة العمل باستبدال الخدمات الداعمة للكيان. مع كل بحث خارج المصادر الانجلو-أوروبية. أحياناً ننجح في بث الأمل في أنفسنا. أحياناً لا نعرف كيف نُقاوم العجز.

عصر العلم جاء بمحاولات لمنطقة وشرح كل ظاهرة إنسانية عنوة. ثمة تيارات من الأفكار مخصصة لتكريس أننا كائنات أنانية، أننا نُراعي مصالحنا، أننا ننتصر لقرابة الجين، لكن كل هذه النظريات التي تضمها المجلدات الصقيلة تتساقط أمام أمهات الشهداء، أمام المقاومين، أمام كلمات والد ماهر الجازي فخوراً بما ربى، وهو يُصرّ أن كل من يُشاهد المجازر سيفعل ما فعله ابنه "لو يصحلّه". ومغزى كلامه أن الفعل البطولي لابنه جاء لأن الظروف توفرت له ليفعل ذلك، وأما إذا ما تحدثنا عن الحافز، فتجد كل حر في العالم متوثب، راغب، ومستعد.

والآن لنتحدث عنّا. عمن لا يصح لهم. عمّن لا تشمل مواهبهم لا تصنيع السلاح ولا حمله، لا تقطيب الأعين ولا زراعة الأطراف. صحيح أننا لن ننجح في فعل الكثير. لكننا لا يُمكن بأي حال من الأحوال أن نيأس. اليأس ليس خياراً. سنبقى نُشاكس بالقليل الذي نملك. باقون، ومقالاتنا التافه باقية. لن نرتاح، ولن نتوقف عن الكلام. وسنُخضع للمراجعة كل ما كُتب عن الإنسان، وكل ما قيل عن السياسة، وكل التعميمات عن الحقيقة، عن الإيمان، عن الشرور، مراعاة المصالح، وقوة البقاء. وسندفع بحدود الاعتراض، ونستمر في التجاوز بصبر لا حد له. ثمة شيء سحري في الإنسان، أقوى من المادة، يجعل الفكرة تخترق الأجواء، وتثقب الدروع، وتقهقر الجيوش.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ننجح فی

إقرأ أيضاً:

الجزيرة.. الذين أرسوا دعائم الخدمة المدنية هم خبراء اليوم

قال الأستاذ مرتضى البيلي أمين عام حكومة ولاية الجزيرة لدى مخاطبته صباح السبت بقصر الضيافة بمدني الإحتفال الذي أقيم على شرف تكريم ووداع منسوبي الأمانة العامة الذين تقاعدوا للمعاش والذي جاء تحت شعار: (الذين أرسوا دعائم الخدمة المدنية هم خبراء اليوم) إن التكريم حق مستحق لكل عامل ترجل عن الخدمة.ودعا الوزارات والمحليات للإستفادة من خبرات المعاشين في شتي المجالات وعبر عن إشادته بإسهامات المكرمين في وتفانيهم في خدمة وتطوير الأداء بالولاية.من جانبه دعا الأستاذ سفيان سعيد مدير الشوؤن الإدارية بالأمانة العامة لحكومة ولاية الجزيرة لإستيعاب كوادر جدد لمعالجة الخلل في هرم الخدمة المدنية في ظل إستمرار نزول العديد من العاملين للمعاش دون إستيعاب كوادر جديدة لسد النقص والفراغ الوظيفي وتمنى رفع سن المعاش الى 70 عاماً وإيجاد رضا وظيفي والترغيب في الإلتحاق بالوظيفة .فيما عبر الأستاذ عوض عثمان إنابة عن المحتفى بهم عن شكره لكل من ساهم في إنجاح الإحتفال وعلي راسهم والي الولاية، ممتدحا التعاون والتنسبق بين كل الإدارات العاملة بأمانة الحكومة.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مدفيديف: على ترامب أن يتذكر أن لغة “الإنذارات” تمثل خطوة نحو الحرب
  • الدور السابع
  • فرَّق بين النجاسات المغلظة والمخففة.. أمين الفتوى: الطهارة شرط أساسي لصحة الصلاة
  • أريد أن أكون كريما.. ترامب يقلص مهلة الـ50 يوما لبوتين لقبول وقف إطلاق النار
  • اشتباك دموي في كشمير: من هم القتلى الثلاثة الذين أربكوا الهند؟
  • لواء البراء يكشف عن تطورات جديدة
  • ما هي صفات الذين يدخلون الجنة بغير حسام؟.. أمر واحد يجعلك منهم
  • الجزيرة.. الذين أرسوا دعائم الخدمة المدنية هم خبراء اليوم
  • أحلام عن شائعات انفصالها: مرة راح للسوق وما أخذني معاه فافتكروا أننا انفصلنا.. فيديو
  • سيدة أجنبية تتخلص من حياتها داخل شقة بالعجوزة