ما الذي تهدف إليه خطة نتنياهو لتغيير الشرق الأوسط ؟!
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
رفع قبل أسبوعين رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو، وخلال خطابه في الأمم المتحدة خريطتين للشرق الأوسط، الذي يتطلع لتغييره حسب تعبيره، أبرزت الخريطة الأولى ما أسماه «قوى السلام»، وخريطة أخرى «قوى الشر والإرهاب» حسب التصور الذي يسعى إليه في سياق تغيير المنطقة. ولم يحدد ملامح وأهداف هذا التغيير لخارطة الشرق الأوسط القادم.
ولا شك أن فكرة تغيير الشرق الأوسط لتكون إسرائيل عضواً بارزا، أو محوريا في منطقة الشرق الأوسط، ليست دعوة جديدة، ابتدعها نتنياهو من فكره وعقليته الجامحة في القتل والتدمير والإبادة الجماعية، لكنها دعوة قديمة منذ عقود مضت، فأول من اخترع فكرة الخرائط الجديدة للشرق الأوسط، وقدمها لبعض الدوائر السياسية في الغرب، كان الأمريكي/ اليهودي «برنارد لويس» والمهتم بالشرق الأوسط من خلال اهتمامه الدراسي للمنطقة، ولم يأت هذا المشروع عفوياً في مسألة الاهتمام بالشرق الأوسط، لكنه هدف لمرمى بعيد الهدف منذ تأسيس إسرائيل، ولذلك جاء هدف برنارد لويس هذا، بوضع خرائط جديدة وتم ذلك بعد حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، وفي مايو 2006 ألقى السياسي الأمريكي «ديك شيني» نائب الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت خطابا يكرم فيه بيرنارد لويس، وذكر: «أن بيرنارد لويس قد جاء إلى واشنطن ليكون مستشارا لوزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط» والذي كان قد وصل سنه للتسعين من عمره، وكان أستاذا متقاعدا في جامعة برنستون..كما صرح مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي «زبغنيو بريجنسي» بقوله: «إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود اتفاقية سايكس بيكو». فخطة برنارد لويس التي قدمها، لم تلق النجاح المأمول بعد حرب الخليج الأولى، أو حرب الخليج الثانية، لأنها خارطة تهدف لتفتيت دول المنطقة العربية خاصة الشرق الأوسط، على أسس دينية ومذهبية وعرقية، لكنها ماتت في مهدها، ولم تجد أرضية لقبولها لعدم نجاحها في الأصل وانتهت في أدراج المؤسسات الاستراتيجية في الولايات بحسب بعض المصادر، لكن الفكرة بقيت تراود إسرائيل خاصة النخبة السياسية الحاكمة فيها بين الفترة والأخرى.
وفي العقد الأخير من القرن الماضي، وبالتحديد في عام 1996، أصدر رئيس وزراء إسرائيل الأسبق شيمون بيريز كتابه الشهير: «الشرق لأوسط الجديد»، والذي ضمنه بين دفتيه مشروعا آخر للشرق الأوسط، لكنه أقل حدة وتمزيقاً وتفتيتاً للمنطقة، بعد فشل مشروع برنارد لويس السابق، وقال فيه بيريز ما خلاصته:» أن الشرق الأوسط الجديد ـ كما يراه ـ سيؤدي إلى السلام بين إسرائيل وجيرانها، وإلى خلق مناخ لإعادة تنظيم أساسية لمؤسسات الشرق الأوسط وإلى نوع جديد من التعاون ويعتبر النظام الإقليمي مفتاح السلام والأمن وسوف يشجع الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والتطوير القومي ورفاهية الأفراد. إن إقامة السلام تتطلب ثورة في المفاهيم، وأن هدف إسرائيل النهائي هو خلق مجتمع يربط بين مجموعة من الدول بسوق مشتركة وهيئات مركزية منتخبة على غرار الجامعة الأوروبية». وعلى الرغم أن هذا التناول المبالغ فيه من الأحلام الوردية والتوقعات للمنطقة في مشروع شيمون بيريز، إلا أن هناك أهدافاً أخرى ضمن هذا المشروع كما عبر عنه بيريز وهو أن معالم النظام الجديد يجب المتخلفين ولا يغفر للجهلة ـ كما قال في هذا الكتاب ـ وأن يصبح أولاً وقبل كل شيء على هندسة معمارية ضخمة في رأيه، وعلى أسس تاريخية لبناء شرق أوسط جديد متحرر من كل الصراعات التي مضت، وأن هذا الشرق الجديد يأخذ مكانه في هذا العصر، وما قاله بريز في مشروعه الحلم للشرق الأوسط، جاء بعد اختفاء حدود الاتحاد السوفييتي؛ لأنه يرسم شكل المنطقة ومستقبلها لفترة طويلة، ثم تحدث عن الهزائم التي أسقطت ـ الهزائم العربية ـ فكرة الوحدة العربية والنظام العربي وأن دول الشرق الأوسط، دخلت في حالة مشابهة لحال دول أمريكا اللاتينية!. ومع أن مشروع «شيمون بيريز» سقط مع كل ما ساقه من الكلام المعسول والأفكار الفردوسية، لهذا المشروع الجديد ما يتجاوز الأحلام.. فقد ذرف دموعاً هائلة على ضياع فرص التنمية التي أهدرت طوال السنوات الماضية في الحروب والصراعات والكراهية والخسائر البشرية والمادية، ولم تقبل دول المنطقة هذا المشروع الإسرائيلي، وأهدافه السياسية الاقتصادية، كونه تجاوز الاحتلال الصهيوني لفلسطين وبعض الدول العربية.
وفي ديسمبر 2002م أعلن «كولن بأول» وزير الخارجية الأمريكية، في عهد جورج بوش الابن وبدون مقدمات أو التمهيد مع أهل الشأن قدم مبادرته الشهيرة المعروفة بـ (الشراكة من أجل الديمقراطية)، أعدت في خمس آليات لتوسيع ـ ما أسماه ـ الفرص السياسية والإصلاحات الديمقراطية، متجاهلاً أن العديد من البلدان في الشرق الأوسط، سبقت بعض البلاد الأوروبية في الديمقراطية قبل إلغاء الحياة النيابية فيها، ولذلك فإن مقولة تدريب دول المنطقة ـ كما جاء في صيغة الشراكة ـ على الحملات الانتخابية، وتعليم المرشحين المهارات اللازمة لإدارة حملات نشيطة وفعالة تبعث على الضحك أكثر مما تثير البكاء، فهذه الأقوال لا تحتاج إلى ردود لكونها تجهل الكثير والكثير عن المنطقة ومستويات شعوبها معرفةً وتأهيلاً، فتطبيق الديمقراطية لا يحتاج إلى تدريب وتأهيل بقدر ما تحتاج إلى قرار داخلي فقط، وتبقى الإجراءات والتطبيقات لآليات الديمقراطية بيد المؤهلين والأكاديميين من أبناء هذه الدول وهم كثر، وهو مشروع دعوة لشرق أوسط جديد وتغيير خرائطه وقيمه، وتكون المنطقة مثل إسرائيل، ومندمجة معها! وتحدث الرئيس بوش في معهد «أمريكان انترابرايز» فيما سماه بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط لتطبيق ونشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من الإصلاحات الأخرى في العالم العربي متجاهلاً الكثير من المفاهيم والصيغ التي يجب أن يشرك فيها أهل الاختصاص في العالم العربي، إلا أن الولايات المتحدة جعلت من نفسها الوصي على أفكار وقيم وثقافات هذه الشعوب لتضع لها ما تشاء، ومتى تشاء! وفشل مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي شجعه جورج بوش الابن، لذلك فإن ما قال نتنياهو عن هدفه في تغيير خارطة الشرق الأوسط، هي نفس الأمنيات والأحلام كما تقدمت، كما أشرنا آنفاً، لكن الواقع والظروف تناقض هذه التمنيات والأحلام حتى لو اعتقد نتنياهو أن هناك تباين في الآراء بين الدول العربية.
عبدالله العليان كاتب وباحث فـي القضايا السياسية والفكرية ومؤلف كتاب «حوار الحضارات في القرن الحادي والعشرين» |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: للشرق الأوسط الشرق الأوسط هذا المشروع أن هذا
إقرأ أيضاً:
"باي سكاي" ضمن قائمة فوربس لأقوى 50 شركة تكنولوجيا مالية في الشرق الأوسط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
اختيرت باي سكاي، الشركة المتخصصة في حلول التكنولوجيا المالية الرقمية، ضمن قائمة "فوربس الشرق الأوسط" لأقوى 50 شركة تكنولوجيا مالية في المنطقة للعام الثالث على التوالي. يأتي هذا التصنيف في ضوء توسع الشركة في عدد من الأسواق الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى تطويرها لحلول دفع رقمية تستهدف مختلف القطاعات.
شهدت "باي سكاي" خلال عام 2024 توسعًا في السوق الإفريقية، حيث أطلقت عملياتها بالتعاون مع مجموعة MTN لتقديم حلول دفع رقمية. كما عالجت أنظمتها خلال العام معاملات مالية بقيمة تجاوزت 3.9 مليار دولار، ما يعكس زيادة في الاعتماد على حلول الدفع الرقمية التي تقدمها الشركة في الأسواق التي تعمل بها.
منذ تأسيسها عام 2017، تقدم "باي سكاي" خدمات دفع رقمية تستهدف البنوك، وشركات الاتصالات، والمؤسسات الحكومية، والأفراد. وتعمل حاليًا في 18 دولة، منها مصر، الإمارات، السعودية، قطر، البحرين، باكستان، السودان، أوغندا، غانا، ساحل العاج، والسنغال. وتشمل خدماتها أنظمة الدفع الوطنية، وبوابات الدفع الإلكترونية، وحلول نقاط البيع (POS)، ومنصات التجارة الإلكترونية.
أطلقت "باي سكاي" تطبيق "يلا سوبر آب" (Yalla Super App) عام 2022 بالتعاون مع فيزا، وهو تطبيق متعدد الخدمات يتيح للمستخدمين إجراء المدفوعات وإدارة معاملاتهم المالية. وصل عدد مرات تحميل التطبيق إلى 3 ملايين، وسجل أكثر من 17 مليون معاملة منذ إطلاقه.
أكد وليد صادق، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة باي سكاي، أن اختيار الشركة ضمن قائمة فوربس لأقوى 50 شركة تكنولوجيا مالية في الشرق الأوسط يعكس التزامها المستمر بتطوير حلول دفع رقمية مبتكرة تدعم الشمول المالي في المنطقة.
وأضاف أن "باي سكاي" تسعى إلى التوسع في الأسواق الناشئة وتطوير حلول جديدة في قطاع المدفوعات الرقمية، مع التركيز على دعم الشمول المالي وتعزيز استخدام التكنولوجيا المالية في المنطقة.
حصلت "باي سكاي" خلال عام 2024 على عدد من الجوائز، من بينها جائزة "أفضل تطبيق مدفوعات للهاتف" ضمن جوائز MENA Fintech Awards، كما نالت لقب "الشركة الأسرع نموًا في مجال التكنولوجيا المالية" من Global Business Outlook