بعد المكالمة.. هل اقتربت ضربة إيران؟
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
بعد فترة وجيزة من الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في الأول من الشهر الجاري، أعلنت اسرائيل وعلى لسان كبار مسؤوليها وقادتها العسكريين أن ردها على الهجوم حتمي وسيكون "قويا".
لكن وبعد مرور 10 أيام لا تزال ملامح هذا الرد غير واضحة، كذلك توقيته وطبيعته، في ظل رسائل عديدة تصل لإسرائيل بضرورة التحلي بالحذر وضمان عدم تصعيد الصراع.
تحتل الولايات المتحدة مكانة بارزة كحليف رئيسي لإسرائيل، ومن المؤكد أن لها تأثير كبير على قراراتها العسكرية، وخاصة حينما يتعلق بالوضع الحالي في الشرق الاوسط.
في الأيام التي تلت الهجوم الإيراني، كانت واشنطن تسعى لضمان عدم تصعيد الصراع، وطلب مسؤولون أميركيون من إسرائيل التفكير مليا قبل اتخاذ أي خطوات عسكرية.
الضغط الأميركي كان واضحا على اعتبار أن الإدارة الأميركية لم ترغب في أن تجد نفسها متورطة في نزاع أكبر بين إسرائيل وإيران، خاصة في ظل القلق من تصاعد أسعار النفط وتأثير ذلك على الاقتصاد الأميركي، في ظل شعور بأن أي تصعيد عسكري قد يزعزع استقرار المنطقة بأسرها، مما سيؤثر سلبا على المصالح الأميركية.
يقول الخبير الأمني والاستراتيجي الإسرائيلي أمير أورن إن إسرائيل لم تحدد موعدا نهائيا للرد على الهجوم الإيراني.
ويضيف أورن في حديثه لموقع "الحرة" أن "إيران انتظرت لعدة أسابيع، مرة، في أبريل ومرة أخرى بعد مقتل إسماعيل هنية، قبل أن ترد، فلماذا يجب على إسرائيل أن تتعجل في الرد؟".
ويعتقد أورن أن إسرائيل مهتمة بالتنسيق مع الولايات المتحدة قبل تنفيذ أي رد عسكري على الهجوم الصاروخي الإيراني من أجل ضمان عد تأثير هذا الرد على مصالح الأميركيين أو حلفائهم في المنطقة.
وأجرى الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالا هاتفيا، الأربعاء، مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، اللذان تربطهما علاقة صعبة. وبحسب البيت الأبيض فإن نائبة الرئيس كامالا هاريس انضمت للاتصال، وسط توتر مع إيران.
وقال موقع "أكسيوس" إن بايدن وهاريس تحدثا لنتانياهو بشأن الرد الإسرائيلي على إيران.
يأتي ذلك في أعقاب إلغاء زيارة كان من المقرر أن يجريها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى واشنطن ولقاء نظيره الأميركي لويد أوستن، "بناء على طلب نتانياهو".
وأوردت وسائل إعلام إسرائيلية عدة نقلا عن مصادر مطلعة أن نتانياهو اشترط إجراء محادثات هاتفية مسبقة مع بايدن، قبل السماح لغالانت بالذهاب لواشنطن.
ويعتقد كبير الباحثين في مركز التقدم الأميركي لاري كورب أن هناك أسباب معقدة وراء تأخر إسرائيل في الرد على إيران، ومن أبرزها موضوع التنسيق مع الولايات المتحدة.
يقول كورب لموقع "الحرة" إن "إسرائيل ربما تنتظر الضوء الأخضر من واشنطن قبل شن العملية وكذلك تحديد الأهداف التي سيجري ضربها وخاصة ما يتعلق منها بالمنشآت النويية أو النفطية".
ومع ذلك يعتقد كورب أن الاختلافات كبيرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل في الوقت الحالي بشأن الطريقة الأمثل للتعامل مع إيران.
"إذا كانت إسرائيل تخطط لضربات قد تشمل منشآت حساسة مثل المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية، فالولايات المتحدة، كما يبدو من تصريحات بايدن، لديها تحفظات حول بعض الأهداف التي قد تؤدي إلى تصعيد واسع يؤثر على مصالحها وحلفائها في المنطقة"، وفقا لكورب.
ويلفت كورب إلى أنه "وبينما يتفق الطرفان على ضرورة الرد على إيران، قد تكون هناك اختلافات في النهج أو التوقيت، مما يتطلب مزيدا من التشاور قبل اتخاذ خطوات حاسمة، وهذا م يحصل الآن".
ومع ذلك يعتقد كورب أن "نتانياهو قد يعمد بالنهاية لشن ضربة على إيران من دون انتظار أخذ موافقة الولايات المتحدة، خاصة وأن فترة ولاية بايدن تقترب من نهايتها وفي ظل انشغال الولايات المتحدة أكثر بالموسم الانتخابي".
ويشعر المسؤولون الأميركيون بالإحباط والغضب جراء عدم قيام إسرائيل بمشاركة خطط الرد المرتقب على الهجوم الإيراني مع الولايات المتحدة، وفقا لما أوردته عدة وسائل إعلام أميركية.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين القول إن إسرائيل رفضت حتى اللحظة الكشف عن تفاصيل خططها المتعلقة بالرد على طهران لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
وبحسب الصحيفة فإن الولايات المتحدة لاتريد تكرار سيناريو اغتيال زعيم حزب الله حسن نصرالله، عندما تفاجأت بالعملية بعد أن عمدت إسرائيل لإخبارها أثناء تنفيذ الهجوم.
وأكد مسؤولون دفاعيون أميركيون للصحيفة أن الولايات المتحدة محبطة من التصرفات الإسرائيلية على اعتبار أنه لم يكن لديها الوقت الكافي لوضع قواتها في مواقع مناسبة لدعم إسرائيل أو لحماية الجنود الأميركيين المتواجدين في المنطقة.
وفي هذا الإطار يشير أرون إلى أن هناك بعض الآراء داخل إسرائيل تفضل شن الهجوم على إيران مع اقتراب موعد الانتخابات في الولايات المتحدة، من أجل التأثير على سير النتائج لصالح منافسي بايدن في الحزب الجمهوري.
ومع ذلك يقول أرون إن الرد الإسرائيلي على الأغلب لن يشمل المنشآت النووية الإيرانية، لكن باقي الاحتمالات تبقى مفتوحة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة على الهجوم على إیران الرد على
إقرأ أيضاً:
هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟
توقع تقرير لبنك قطر الوطني تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة بشكل أكبر خلال العام المقبل، مدفوعاً بتطبيع استخدام الطاقة الإنتاجية، وتعديلات تكلفة الإسكان، واحتمال ضبط الأوضاع المالية العامة خلال ولاية ترامب الثانية مع تولي بيسنت منصب وزير الخزانة.
وقال التقرير تحت عنوان " هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟ بعد أن بلغ ذروته عند 5.6% سنوياً قبل أكثر من 30 شهراً في يونيو 2022، عاد التضخم في الولايات المتحدة تدريجياً ليقترب من نسبة 2% المستهدفة في الأشهر الأخيرة. وكان هذا إنجازاً كبيراً لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ومبرراً لبداية دورة التيسير النقدي في شهر سبتمبر من العام الجاري، عندما تم إقرار تخفيضات أسعار الفائدة لأول مرة منذ بداية الجائحة في عام 2020.
وعلى الرغم من النجاح والتقدم في السيطرة على التضخم، فإن المخاوف بشأن أسعار المستهلك في الولايات المتحدة لا تزال تلقي بظلالها على أجندة المستثمرين. في الأسابيع الأخيرة، أدت بيانات التضخم الأعلى من المتوقع و"الاكتساح الجمهوري"، مع فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية وهيمنة حزبه على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، إلى مخاوف بشأن توقعات التضخم. والأهم من ذلك، أن المقياس الرئيسي لبنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو التضخم الأساسي في نفقات الاستهلاك الشخصي، والذي يستثني الأسعار المتقلبة للطاقة والمواد الغذائية من المؤشر، لا يزال أعلى من النسبة المستهدفة. وهناك مخاوف من أن "الجزء الأخير" من عملية السيطرة على التضخم قد لا يكون سهلاً كما كان متوقعاً في السابق، وأن "النسخة الثانية من سياسة أمريكا أولاً" قد تؤدي إلى زيادة التضخم، بسبب التوسع المالي وارتفاع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة.
وأوضح تقرير QNB أن احتمالية ارتفاع التضخم أدت بالفعل إلى تغيير كبير في التوقعات المرتبطة بحجم ووتيرة التيسير النقدي الذي سينفذه بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2025. ففي غضون أسابيع قليلة، خفض مستثمرو أدوات الدخل الثابت توقعاتهم بشأن تخفيضات أسعار الفائدة من 150 نقطة أساس إلى 50 نقطة أساس فقط، مما يشير إلى أن سعر الفائدة الأساسي على الأموال الفيدرالية سيستقر في نهاية العام المقبل عند 4% بدلاً من 3%
ويرى التقرير أنه بغض النظر عن جميع المخاوف والصدمات المحتملة التي قد تؤثر على الأسعار الأمريكية، فإننا نعتقد أن التوقعات المرتبطة بالتضخم في الولايات المتحدة إيجابية، بمعنى أن التضخم سيعود تدريجياً إلى النسبة المستهدفة (2%) ما لم تحدث أي تطورات جيوسياسية كبيرة أو تصدعات في السياسة الأمريكية.
ويوضح أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تدعم وجهة نظرهم وهي:
أولاً، شهد الاقتصاد الأميركي بالفعل تعديلات كبيرة في الأرباع الأخيرة، الأمر الذي ساهم في تخفيف حالة نقص العرض وارتفاع الطلب التي كانت تضغط على الأسعار. ويشير معدل استغلال الطاقة الإنتاجية في الولايات المتحدة، قياساً بحالة سوق العمل والركود الصناعي، إلى أن الاقتصاد الأميركي لم يعد محموماً. بعبارة أخرى، هناك عدد مناسب من العمالة لفرص العمل المتاحة، في حين أن النشاط الصناعي يسير دون اتجاهه الطويل الأجل. وتأقلمت سوق العمل بالكامل وهي الآن عند مستوى طبيعي، حيث بلغ معدل البطالة 4.1% في أكتوبر 2024، بعد أن كان قد بلغ أقصى درجات الضيق في أوائل عام 2023 عندما تراجع بكثير من مستوى التوازن إلى 3.4%. وتدعم هذه الظروف التخفيف التدريجي لضغوط الأسعار.
ثانياً، سيصبح انخفاض التضخم في أسعار الإسكان مساهماً رئيسياً في انخفاض التضخم الإجمالي في الأرباع القادمة. يمثل الإسكان ما يقرب من 15% من مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، ويشمل الإيجار أو، إذا كانت الوحدة السكنية مملوكة للمالك، ما قد يكلفه استئجار وحدة مماثلة في سوق الإسكان الحالية. بلغ التضخم في الإسكان ذروته عند 8.2% في أبريل 2023، حيث تأخر كثيراً عن ذروة التضخم الإجمالي، مما يعكس "ثبات" الأسعار، نظراً لأن العقود تستند إلى الإيجار السنوي. لذلك، تتفاعل الأسعار بشكل أبطأ حيث عادة ما يظهر تأثير تغير الأوضاع الاقتصادية الكلية عليها بشكل متأخر. انخفض تضخم الإسكان بوتيرة ثابتة منذ منتصف عام 2023 وهو حالياً أقل من 5%. تُظهر مؤشرات السوق للإيجارات المتعاقد عليها حديثاً، والتي تتوقع الاتجاهات في الإحصائيات التقليدية، أن تضخم الإيجار أقل من مستويات ما قبل الجائحة. وهذا يشير إلى أن مكون الإسكان في الأسعار سيستمر في التباطؤ في عام 2025، مما يساعد في خفض التضخم الإجمالي.
ثالثاً، غالباً ما يتم المبالغة في المخاوف بشأن الطبيعة التضخمية للنسخة الثانية من سياسة الرئيس ترامب الاقتصادية "أميركا أولاً". ستبدأ إدارة ترامب الجديدة في ظل بيئة وطنية ودولية مختلفة تماماً عن ظروف الولاية السابقة في عام 2016، حيث سيكون نطاق التحفيز المالي الكبير مقيداً أكثر. لقد اتسع العجز المالي الأميركي بالفعل بشكل كبير من 3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 إلى 6% في عام 2024، مع زيادة نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في نفس الفترة من أقل من 100% إلى ما يقرب من 125%. وأعرب وزير الخزانة القادم، سكوت بيسنت، الذي يعتبر "أحد الصقور" في القطاع المالي، بالفعل عن نيته "تطبيع" العجز إلى 3% بحلول نهاية الولاية. بعبارة أخرى، سيتم تشديد الأوضاع المالية أكثر بدلاً من تخفيفها، وهو ما من شأنه أن يساهم في إبطاء ضغوط الأسعار، على الرغم من أي تأثيرات ناجمة عن سياسات التعريفات الجمركية والهجرة التي لم يتم إضفاء الطابع الرسمي عليها بالكامل بعد.