بوابة الوفد:
2024-10-09@19:22:26 GMT

انتخابات الرئاسة الأمريكية والملف الاقتصادى

تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT

الاقتصاد لا ينفصل عن السياسة، فسياسات الدول تقوم فى الأساس على مصالحها، والاقتصاد جزء أساسى من هذه المصالح. ومن هُنا يدرك أى متابع للانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة الدور الكبير الذى يلعبه الاقتصاد فى اختيارات الناخبين، لذا فإن البرنامجين الانتخابين للمرشحين دونالد ترامب، وكامالا هاريس يركزان بشكل كبير على أفكار وأطروحات اقتصادية تغازل شرائح مختلفة من جمهور الناخبين.

يبدو دونالد ترامب واضحا بأفكاره الاقتصادية التقليدية والمحافظة التى يبدو أنها تخاطب الشركات الكبرى بما تمثله من مصالح وتأثير كبير داخل المجتمع الأمريكي، فيقدم وعودا لها بخفض الضرائب، ومنح الشركات الصناعية حماية جمركية كبيرة، تناقض أفكار العولمة وحرية التجارة. وهو ممن يرفعون شعار «أمريكا أولاً»، لذا فإنه يدعو إلى سياسات تضييق ضد الهجرة غير الشرعية. كما يعد بمنع المستثمرين الصينيين من شراء العقارات والشركات فى الولايات المتحدة، وهو نهج جديد لم يسلكه رئيس أمريكى من قبل.

ويطرح ترامب أفكارا تبدو أقرب للنهج الشمولى المناقض لحرية الاقتصاد والتجارة، إذ يكرر فى كل محفل طرح فكرة تطبيق رسوم جمركية على كافة الواردات خاصة القادمة من الصين والمكسيك، ويصل به الأمر إلى التلويح باستخدام هذه الآليات مع أى دولة تتخلى عن استخدام الدولار.

أما هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، فتتوجه بخطابها إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة وأصحاب الوظائف الوسطى والطبقات الأقل دخلاً، لذا يتضمن برنامجها الاقتصادى زيادة خصم تكاليف بدء التشغيل من الضرائب للشركات الصغيرة عشرة أضعاف ما هى عليه الآن لتصل إلى 50 ألف دولار، وتقديم دعم لمشترى المنازل من الأسر التى لديها مواليد جدد يصل إلى 25 ألف دولار، مع إقامة ثلاثة ملايين مسكن متوسط لمواجهة القجوة فى المساكن.

وفى تصورها، فإن أفكار ترامب لزيادة الجمارك على الواردات ستؤدى حتما إلى موجات غلاء جديدة فى ظل حالة التضخم التى يعانى منها الاقتصاد الأمريكى مؤخرا، لذا فإنها تتعهد بالحفاظ على حدود التعريفات الجمركية كما هى. كما ستطرح مبادرات لخفض أسعار المواد الغذائية.

وبشكل عام يبدو أن ترامب يمثل مصالح الطبقة الأكثر ثراء فى أمريكا، بينما تمثل هاريس الطبقة المتوسطة، والعمال والموظفين، وهو ما يشير إلى صراع جديد داخل الأوساط الأمريكية لم يكن ظاهرا فى العلن بين مصالح الأثرياء ومصالح الطبقة الوسطى والدنيا. فهذه الانتخابات تعبر بجلاء عن مزيد من الانقسام داخل المجتمع الأمريكى.

ولا شك أن أولى الملاحظات الجديرة بالتسجيل فى هذه الانتخابات هى أن الشئون الاقتصادية هى المحرك الأهم فى أى منافسة سياسية، إذ تخفت الانتماءات الحزبية للأفراد، وتتغير القناعات وفقا للمرشح الأقرب لمصالح كل ناخب.

كذلك، فإن حدة المنافسة والطرح المتباين للبرامج يعكس بوضوح اختلال نموذج العدالة المجتمعية الذى ظل مهيمنا ومصدرا باعتباره الأنسب للمحاكاة. فأمريكا التى كانت حلما للشباب العربى قبل عقود، لم تعد كذلك فى ظل تضخم كبير وارتفاع فى كلفة المعيشة ونظرة عنصرية تزدرى الأجانب. ولا شك أن المواطن الأمريكى لديه قدر ما من الشعور بعدم العدالة رغم كل مظاهر الاستقرار المتحققة.

ويبدو لافتا أيضا أن الأفكار الرائجة بشأن العولمة وحرية التجارة وحرية الاستثمار وانتقال رؤوس الأموال والأفراد عبر الحدود، تراجعت وتوارت، لتثبت الأيام أنها كانت مجرد شعارات رنانة مُوجهة فى وقت ما إلى العالم لتيسيير تنميطه لخدمة سياسات محددة تمثل مكاسب للولايات المتحدة واقتصادها.

وبشكل عام، فإن مشاهد الانتخابات الأمريكية بما تتضمنه من مناظرات، ومحاورات، وانتقادات متبادلة، وبرامج مختلف عليها، وصراع دائر تمثل مشاهد جذابة ولافتة بشأن التغيير السياسى فى العالم ودور الإنسان العادلى للتأثير فيه.

وسلامٌ على الأمة المصرية.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: انتخابات الرئاسة الأمريكية الملف الاقتصادي الاقتصاد دونالد ترامب

إقرأ أيضاً:

مراقبو الجامعة العربية يشيدون بالأجواء الآمنة في انتخابات الرئاسة التونسية

أشادت بعثة جامعة الدول العربية لمراقبة الانتخابات الرئاسية التونسية، في بيانها التمهيدي، بسير العملية الانتخابية التي جرت يوم 6 أكتوبر 2024، مشيرةً إلى "الأجواء الآمنة" التي سادت يوم الاقتراع و"الإعداد والتنظيم الجيدين" للعملية. وقد ترأس البعثة السفير د. حسين الهنداوي، الأمين العام المساعد للجامعة، وشملت ملاحظين من تسع دول عربية.

فيما رصدت البعثة تواجد ممثلي المرشحين في 30% فقط من المكاتب التي تمت زيارتها، مع ضعف تواجد الملاحظين المحليين. وقد أشادت البعثة بالدور الأمني المحكم الذي قامت به قوات الجيش والشرطة، مُؤكدةً على عدم تدخلها في سير العملية الانتخابية. وأشارت البعثة إلى معدلات إقبال متفاوتة على التصويت، مع مشاركة مختلف الفئات العمرية، وإغلاق المكاتب في موعدها المحدد، وسير عملية العد والفرز بسلاسة.

انتشرت فرق البعثة في ست ولايات تونسية، حيث تابعت مختلف مراحل العملية الانتخابية، من افتتاح مكاتب الاقتراع وحتى عملية العد والفرز. وأكدت البعثة في بيانها أن عملية افتتاح مكاتب الاقتراع تمت وفقاً للإجراءات القانونية، وأن المواد الانتخابية كانت متوفرة وصالحة للاستخدام. كما لاحظت البعثة وجود سجلات الناخبين في جميع مراكز الاقتراع التي زارتها، مع تسجيل بعض الملاحظات حول آلية التثبت من عدم تكرار التصويت، خاصةً فيما يتعلق بالناخبين في الخارج، حيث أشارت إلى أن النظام الإلكتروني الجديد يحتاج إلى بعض التحسينات لتسريع العملية.

وأشادت البعثة بضمان سرية الاقتراع في 95% من المكاتب التي تمت زيارتها، وبالتزام بوضع ملصقات الدعاية في الأماكن المخصصة لها، مع ملاحظة وجود بعض الملصقات في بعض المراكز خلال يوم الاقتراع. كما أثنت على دقة ومهنية وانضباط موظفي مكاتب الاقتراع، والتعاون في تقديم المساعدة لكبار السن والأميين وذوي الاحتياجات الخاصة. وقد لاحظت البعثة أيضاً مشاركة المرأة بشكل لافت في مختلف أدوار العملية الانتخابية، من رئاسة وعضوية المراكز ومكاتب الاقتراع وحتى كناخبات وقوات أمن.

وفي الختام، أكدت بعثة جامعة الدول العربية أن هذا البيان يُمثل ملاحظاتها الأولية، وسيُصدر تقريراً نهائياً أكثر تفصيلاً يتضمن توصياتها حول مختلف مراحل العملية الانتخابية. وقد وجهت البعثة شكرها وتقديرها للهيئة العليا المستقلة للانتخابات ولوزارتي الداخلية والخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، وللمواطنين ووسائل الإعلام التونسية.

مقالات مشابهة

  • ماذا تقول الاستطلاعات قبل 4 أسابيع من انتخابات الرئاسة الأميركية؟
  • مراقبو الجامعة العربية يشيدون بالأجواء الآمنة في انتخابات الرئاسة التونسية
  • مرشحة الخضر للرئاسة الأمريكية: هاريس قد تخسر الانتخابات لهذا السبب
  • مرشحة الخضر للرئاسة الأمريكية: هاريس قد تخسر الانتخابات لهذه السبب
  • الديماجوجى
  • تونس.. تقديرات بفوز سعيّد بنسبة 89.2 بالمئة في انتخابات الرئاسة
  • سعيد يحوز نحو 89% من الأصوات في انتخابات الرئاسة التونسية
  • %27.7 نسبة التصويت الأولية في انتخابات الرئاسة التونسية
  • هيئة الانتخابات التونسية تكشف نسبة الإقبال في انتخابات الرئاسة