بوابة الوفد:
2024-11-21@23:57:51 GMT

انتخابات الرئاسة الأمريكية والملف الاقتصادى

تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT

الاقتصاد لا ينفصل عن السياسة، فسياسات الدول تقوم فى الأساس على مصالحها، والاقتصاد جزء أساسى من هذه المصالح. ومن هُنا يدرك أى متابع للانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة الدور الكبير الذى يلعبه الاقتصاد فى اختيارات الناخبين، لذا فإن البرنامجين الانتخابين للمرشحين دونالد ترامب، وكامالا هاريس يركزان بشكل كبير على أفكار وأطروحات اقتصادية تغازل شرائح مختلفة من جمهور الناخبين.

يبدو دونالد ترامب واضحا بأفكاره الاقتصادية التقليدية والمحافظة التى يبدو أنها تخاطب الشركات الكبرى بما تمثله من مصالح وتأثير كبير داخل المجتمع الأمريكي، فيقدم وعودا لها بخفض الضرائب، ومنح الشركات الصناعية حماية جمركية كبيرة، تناقض أفكار العولمة وحرية التجارة. وهو ممن يرفعون شعار «أمريكا أولاً»، لذا فإنه يدعو إلى سياسات تضييق ضد الهجرة غير الشرعية. كما يعد بمنع المستثمرين الصينيين من شراء العقارات والشركات فى الولايات المتحدة، وهو نهج جديد لم يسلكه رئيس أمريكى من قبل.

ويطرح ترامب أفكارا تبدو أقرب للنهج الشمولى المناقض لحرية الاقتصاد والتجارة، إذ يكرر فى كل محفل طرح فكرة تطبيق رسوم جمركية على كافة الواردات خاصة القادمة من الصين والمكسيك، ويصل به الأمر إلى التلويح باستخدام هذه الآليات مع أى دولة تتخلى عن استخدام الدولار.

أما هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، فتتوجه بخطابها إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة وأصحاب الوظائف الوسطى والطبقات الأقل دخلاً، لذا يتضمن برنامجها الاقتصادى زيادة خصم تكاليف بدء التشغيل من الضرائب للشركات الصغيرة عشرة أضعاف ما هى عليه الآن لتصل إلى 50 ألف دولار، وتقديم دعم لمشترى المنازل من الأسر التى لديها مواليد جدد يصل إلى 25 ألف دولار، مع إقامة ثلاثة ملايين مسكن متوسط لمواجهة القجوة فى المساكن.

وفى تصورها، فإن أفكار ترامب لزيادة الجمارك على الواردات ستؤدى حتما إلى موجات غلاء جديدة فى ظل حالة التضخم التى يعانى منها الاقتصاد الأمريكى مؤخرا، لذا فإنها تتعهد بالحفاظ على حدود التعريفات الجمركية كما هى. كما ستطرح مبادرات لخفض أسعار المواد الغذائية.

وبشكل عام يبدو أن ترامب يمثل مصالح الطبقة الأكثر ثراء فى أمريكا، بينما تمثل هاريس الطبقة المتوسطة، والعمال والموظفين، وهو ما يشير إلى صراع جديد داخل الأوساط الأمريكية لم يكن ظاهرا فى العلن بين مصالح الأثرياء ومصالح الطبقة الوسطى والدنيا. فهذه الانتخابات تعبر بجلاء عن مزيد من الانقسام داخل المجتمع الأمريكى.

ولا شك أن أولى الملاحظات الجديرة بالتسجيل فى هذه الانتخابات هى أن الشئون الاقتصادية هى المحرك الأهم فى أى منافسة سياسية، إذ تخفت الانتماءات الحزبية للأفراد، وتتغير القناعات وفقا للمرشح الأقرب لمصالح كل ناخب.

كذلك، فإن حدة المنافسة والطرح المتباين للبرامج يعكس بوضوح اختلال نموذج العدالة المجتمعية الذى ظل مهيمنا ومصدرا باعتباره الأنسب للمحاكاة. فأمريكا التى كانت حلما للشباب العربى قبل عقود، لم تعد كذلك فى ظل تضخم كبير وارتفاع فى كلفة المعيشة ونظرة عنصرية تزدرى الأجانب. ولا شك أن المواطن الأمريكى لديه قدر ما من الشعور بعدم العدالة رغم كل مظاهر الاستقرار المتحققة.

ويبدو لافتا أيضا أن الأفكار الرائجة بشأن العولمة وحرية التجارة وحرية الاستثمار وانتقال رؤوس الأموال والأفراد عبر الحدود، تراجعت وتوارت، لتثبت الأيام أنها كانت مجرد شعارات رنانة مُوجهة فى وقت ما إلى العالم لتيسيير تنميطه لخدمة سياسات محددة تمثل مكاسب للولايات المتحدة واقتصادها.

وبشكل عام، فإن مشاهد الانتخابات الأمريكية بما تتضمنه من مناظرات، ومحاورات، وانتقادات متبادلة، وبرامج مختلف عليها، وصراع دائر تمثل مشاهد جذابة ولافتة بشأن التغيير السياسى فى العالم ودور الإنسان العادلى للتأثير فيه.

وسلامٌ على الأمة المصرية.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: انتخابات الرئاسة الأمريكية الملف الاقتصادي الاقتصاد دونالد ترامب

إقرأ أيضاً:

الأسوأ قادم

لست من المتفائلين بعودة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وأختلف مع الكثيرين الذين يرون فى إعادة انتخابه فرصة لتسوية الحروب والأزمات التى تجتاح العالم.

بل أنى أذهب إلى أبعد من هذا وأتفق مع القلائل الذين رددوا مقولة قد تكون أكثر واقعية وهى أن «الوضع الآن أسوأ من أى وقت منذ إنشاء دولة الكيان الصهيونى فى المنطقة عام 1948».. يذكر أن الدكتور محمد البرادعى أول من أطلق هذه العبارة التى باتت تعبر بصدق عن الوضع الراهن فى ظل إعادة انتخاب ترامب.

«صقور.. لا حمائم».. هكذا جاءت اختيارات ترامب خاصة للمسئولين عن السياسة الخارجية والشرق الأوسط.

لم يختلف ترامب عن الذين سبقوه من الجمهوريين وكان آخرهم جورج بوش الابن.. سياستهم هى الحروب والهدم والتخريب وتكسير العظام وتحقيق الأهداف حتى لو كان ذلك على جثث الأبرياء.. إنهم يفعلون ما يؤمنون به بصرف النظر عن العواقب وردود الأفعال.. الإنسانية والعدل والحق.. كلها معانٍ غائبة ليس لها وجود عندهم.. كلهم صقور ليس بينهم حمائم.

من هذا المنطلق جاءت اختيارات الرئيس ترامب.. لم يضيع الرجل الوقت وأعلن عن المرشحين لتولى المناصب المختلفة فى إدارته وجميعهم من أصحاب المواقف المعادية للدول العربية والإسلامية.. جميعهم من المساندين والمؤيدين والداعمين لإسرائيل.. جميعهم ينتمون إلى اللوبى الصهيونى الذى يفعل كل ما يستطيع من أجل أمن إسرائيل.

أجمع السياسيون والمحللون على أن الشخصيات التى تم ترشيحها لتولى ملف السياسة الخارجية عامة والشرق الأوسط خاصة فى الإدارة الأمريكية الجديدة هى شخصيات منحازة بالكامل للسياسات الإسرائيلية الحالية التى تهدف إلى تصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية.

فمثلا رشح ترامب مايك هاكابى ليكون سفيرا للولايات المتحدة فى إسرائيل، وهو شخصية متطرفة لا يؤمن بحل الدولتين ولا يؤمن بحق الفلسطينيين أصحاب الأرض فى الوجود.. ولذلك فإن أغلب التحليلات تقول إن الصراع خلال العامين القادمين لن يكون على إقامة دولة فلسطينية.. بل سيكون على ضم إسرائيل لما تبقى من الأراضى.. خاصة أن السفير الجديد الذى يملك جينات إجرامية قال فى تصريحات لإذاعة جيش الاحتلال إن ضم الضفة الغربية لإسرائيل محتمل بالطبع فى ولاية ترامب الثانية.

وأخطر ما فى «هاكابى» أنه يتحدث من أرضية دينية ومعتقدات توراتية.. فقد سبق له الإدلاء بتصريحات عام 2017 لشبكة سى إن إن الاخبارية قال فيها «لا يوجد شىء اسمه الضفة الغربية، إنها يهودا والسامرة، وهو مصطلح توراتى للضفة».

الغريب أن ترشيحات ترامب هذه جاءت بعد 48 ساعة فقط من إعلان مسئولين إسرائيليين بارزين عن خطة لضم الضفة الغربية فى الولاية الثانية لترامب.

إذا كان هذا هو أقل المرشحين وزنا.. فهو فى النهاية سفير.. فما بالنا بباقى الترشيحات التى سنتناولها بالتحليل فيما بعد.

إننى أتفق مع البروفيسور فواز جرجس أستاذ العلاقات الدولية فى كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية الذى لخّص المشهد فى أربع كلمات «يجب أن نستعد للأسوأ».. لقد أصاب الرجل فيما قال وعلينا أن نستعد لما هو قادم.

 

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة القاهرة يرحب بنشر مجلة "هجرة" إلكترونيا على المنصة الرقمية للجامعة
  • رئيس جامعة القاهرة يلتقي أسرة أول مجلة شبابية تصدر عن وحدة بحوث الهجرة
  • مخطط تدمير الوعى
  • الأسوأ قادم
  • رسالة طمأنينة
  • قرار ترامب الجديد.. "يوتيوبرز وبودكاسترز" في البيت الأبيض
  • المستقبل الاقتصادى للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب (١- ١٠)
  • الرئيس الصومالي يهنئ عبدالرحمن عرو بفوزه في انتخابات الرئاسة بصوماليالاند
  • بيلاروسيا تجري تدريبات قبل انتخابات الرئاسة
  • لبنان وسوريا ما بعد انتخابات أميركا