بوابة الوفد:
2025-03-14@00:32:12 GMT

انتخابات الرئاسة الأمريكية والملف الاقتصادى

تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT

الاقتصاد لا ينفصل عن السياسة، فسياسات الدول تقوم فى الأساس على مصالحها، والاقتصاد جزء أساسى من هذه المصالح. ومن هُنا يدرك أى متابع للانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة الدور الكبير الذى يلعبه الاقتصاد فى اختيارات الناخبين، لذا فإن البرنامجين الانتخابين للمرشحين دونالد ترامب، وكامالا هاريس يركزان بشكل كبير على أفكار وأطروحات اقتصادية تغازل شرائح مختلفة من جمهور الناخبين.

يبدو دونالد ترامب واضحا بأفكاره الاقتصادية التقليدية والمحافظة التى يبدو أنها تخاطب الشركات الكبرى بما تمثله من مصالح وتأثير كبير داخل المجتمع الأمريكي، فيقدم وعودا لها بخفض الضرائب، ومنح الشركات الصناعية حماية جمركية كبيرة، تناقض أفكار العولمة وحرية التجارة. وهو ممن يرفعون شعار «أمريكا أولاً»، لذا فإنه يدعو إلى سياسات تضييق ضد الهجرة غير الشرعية. كما يعد بمنع المستثمرين الصينيين من شراء العقارات والشركات فى الولايات المتحدة، وهو نهج جديد لم يسلكه رئيس أمريكى من قبل.

ويطرح ترامب أفكارا تبدو أقرب للنهج الشمولى المناقض لحرية الاقتصاد والتجارة، إذ يكرر فى كل محفل طرح فكرة تطبيق رسوم جمركية على كافة الواردات خاصة القادمة من الصين والمكسيك، ويصل به الأمر إلى التلويح باستخدام هذه الآليات مع أى دولة تتخلى عن استخدام الدولار.

أما هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، فتتوجه بخطابها إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة وأصحاب الوظائف الوسطى والطبقات الأقل دخلاً، لذا يتضمن برنامجها الاقتصادى زيادة خصم تكاليف بدء التشغيل من الضرائب للشركات الصغيرة عشرة أضعاف ما هى عليه الآن لتصل إلى 50 ألف دولار، وتقديم دعم لمشترى المنازل من الأسر التى لديها مواليد جدد يصل إلى 25 ألف دولار، مع إقامة ثلاثة ملايين مسكن متوسط لمواجهة القجوة فى المساكن.

وفى تصورها، فإن أفكار ترامب لزيادة الجمارك على الواردات ستؤدى حتما إلى موجات غلاء جديدة فى ظل حالة التضخم التى يعانى منها الاقتصاد الأمريكى مؤخرا، لذا فإنها تتعهد بالحفاظ على حدود التعريفات الجمركية كما هى. كما ستطرح مبادرات لخفض أسعار المواد الغذائية.

وبشكل عام يبدو أن ترامب يمثل مصالح الطبقة الأكثر ثراء فى أمريكا، بينما تمثل هاريس الطبقة المتوسطة، والعمال والموظفين، وهو ما يشير إلى صراع جديد داخل الأوساط الأمريكية لم يكن ظاهرا فى العلن بين مصالح الأثرياء ومصالح الطبقة الوسطى والدنيا. فهذه الانتخابات تعبر بجلاء عن مزيد من الانقسام داخل المجتمع الأمريكى.

ولا شك أن أولى الملاحظات الجديرة بالتسجيل فى هذه الانتخابات هى أن الشئون الاقتصادية هى المحرك الأهم فى أى منافسة سياسية، إذ تخفت الانتماءات الحزبية للأفراد، وتتغير القناعات وفقا للمرشح الأقرب لمصالح كل ناخب.

كذلك، فإن حدة المنافسة والطرح المتباين للبرامج يعكس بوضوح اختلال نموذج العدالة المجتمعية الذى ظل مهيمنا ومصدرا باعتباره الأنسب للمحاكاة. فأمريكا التى كانت حلما للشباب العربى قبل عقود، لم تعد كذلك فى ظل تضخم كبير وارتفاع فى كلفة المعيشة ونظرة عنصرية تزدرى الأجانب. ولا شك أن المواطن الأمريكى لديه قدر ما من الشعور بعدم العدالة رغم كل مظاهر الاستقرار المتحققة.

ويبدو لافتا أيضا أن الأفكار الرائجة بشأن العولمة وحرية التجارة وحرية الاستثمار وانتقال رؤوس الأموال والأفراد عبر الحدود، تراجعت وتوارت، لتثبت الأيام أنها كانت مجرد شعارات رنانة مُوجهة فى وقت ما إلى العالم لتيسيير تنميطه لخدمة سياسات محددة تمثل مكاسب للولايات المتحدة واقتصادها.

وبشكل عام، فإن مشاهد الانتخابات الأمريكية بما تتضمنه من مناظرات، ومحاورات، وانتقادات متبادلة، وبرامج مختلف عليها، وصراع دائر تمثل مشاهد جذابة ولافتة بشأن التغيير السياسى فى العالم ودور الإنسان العادلى للتأثير فيه.

وسلامٌ على الأمة المصرية.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: انتخابات الرئاسة الأمريكية الملف الاقتصادي الاقتصاد دونالد ترامب

إقرأ أيضاً:

انتخابات حاسمة في غرينلاند على وقع أطماع ترامب

واصل سكان غرينلاند التصويت في انتخابات تشريعية قد تفرز جدولا زمنيا للاستقلال الكلي عن الدانمارك، في استحقاق طغت عليه تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي بلغ إصراره ضم الجزيرة القطبية الشمالية حد التهديد.

وحاول ترامب -الواثق من أنه سيتمكن من وضع يده على الجزيرة الإستراتيجية "بطريقة أو بأخرى"- التأثير على المسار الانتخابي، مثيرا الدهشة والرفض، وفي حالات نادرة الحماسة بين سكانها الـ57 ألفا.

وقد فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي (11 صباحا بتوقيت غرينيتش)، على أن تغلق في الساعة العاشرة بتوقيت غرينتش، ومن
المتوقع أن تعلن النتائج الأولية بداية من مساء اليوم والنتائج النهائية غدا الأربعاء بين الساعة 01:00 و03:00 بعد الظهر بتوقيت غرينتش.

وقال رئيس وزراء غرينلاند المنتهية ولايته ميوت إيغده، زعيم حزب "إنويت أتاكاتيجيت" اليساري البيئي، إن "بلادنا في عين العاصفة". وأوضح في مقطع فيديو على فيسبوك "العالم الخارجي يراقبنا عن كثب، وقد رأينا مؤخرا إلى أي مدى يحاولون التأثير على بلدنا".

وتركزت الحملة الانتخابية على مسائل الصحة والتعليم والاقتصاد ومستقبل العلاقات مع الدانمارك التي لا تزال رغم الحكم الذاتي الممنوح للمستعمرة السابقة منذ العام 1979، تمسك بالقرار في المسائل السيادية مثل الخارجية والدفاع.

مراكز الاقتراع فتحت أبوابها منذ الساعة التاسعة صباحا بالتوقيت المحلي (الفرنسية) استقلال بأي ثمن؟

ويشكو سكان غرينلاند -الذين تشكل عرقية الإنويت حوالي 90% منهم- من معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية من جانب السلطة المركزية الدانماركية المتهمة بقمع ثقافتهم وإجراء عمليات تعقيم قسرية وانتزاع أطفال من عائلاتهم.

إعلان

وتعزز هذا الشعور بعد أن بث التلفزيون الدانماركي العام مؤخرا فيلما وثائقيا -تعرّض لانتقادات دفعت إلى سحبه في نهاية المطاف- يزعم أن الدانمارك حققت أرباحا هائلة من استغلال منجم للكريوليت في الجزيرة، رغم أنه يُصوَّر في كثير من الأحيان على أنه عبء مالي.

وعلى غرار الأغلبية الساحقة من السكان، تنادي كل الأحزاب الرئيسية بالاستقلال عن الدانمارك، لكن مواقفها تتباين حيال الجدول الزمني اللازم اعتماده لبلوغ هذا المطلب.

وترغب جهات في غرينلاند بالاستقلال بأسرع وقت، بينها حزب "ناليراك" المعارض الرئيسي، فيما تربط جهات أخرى هذا الجدول بالتقدم الاقتصادي في غرينلاند، مثل المكونين في الائتلاف المنتهية ولايته "إنويت أتاكاتيجيت" و"سيوموت" (ديمقراطيون اشتراكيون).

وتعتمد غرينلاند التي يغطي الجليد 80% من مساحة أراضيها، في اقتصادها على الصيد الذي تمثل المنتجات المرتبطة به القسم الأكبر من صادراتها، وعلى المساعدات السنوية التي تناهز 580 مليون دولار من كوبنهاغن، أي ما نسبته 20% من الناتج الإجمالي المحلي.

ويرى أنصار الاستقلال الأكثر حماسة أن غرينلاند قادرة على التقدم ذاتيا بفضل مواردها المعدنية، خصوصا المعادن النادرة التي تشكل ضرورة أساسية للتحول البيئي، لكن قطاع التعدين لا يزال في مراحل غير متقدمة ويعاني من ارتفاع التكلفة.

مطامع ترامب

وبعد أن طرح شراء غرينلاند خلال ولايته الأولى، في فكرة قوبلت برفض شديد من سلطات الدانمارك وغرينلاند، عاود ترامب خلال الأشهر الأخيرة التأكيد على رغبته في وضع اليد، وبالقوة إن لزم، على المنطقة التي يعتبرها مهمة للأمن الأميركي في مواجهة روسيا والصين.

ووعد ترامب مجددا عبر شبكته الاجتماعية "تروث سوشيال" بالأمن والازدهار لمواطني غرينلاند الذين يرغبون في "أن يكونوا جزءا من أعظم أمة في العالم". وبحسب استطلاع للرأي نُشر في يناير/كانون الثاني الماضي، يرفض نحو 85% من سكان غرينلاند هذا الاحتمال.

إعلان

وتعتبر غرينلاند جزءا من الكومنولث الدانماركي، ورئيسها الرسمي هو ملك الدانمارك فريديريك العاشر، بموجب قانون الحكم الذاتي الذي دخل حيز التنفيذ في 21 يونيو/حزيران 2009، والذي حل قانون عام 1979 المعمول به كأساس دستوري لموقف الجزيرة داخل مملكة الدانمارك.

وقد صدر قانون الحكم الذاتي في أعقاب استفتاء بالجزيرة القطبية الشمالية في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، وصوت لصالحه 75.5% من الناخبين، ويتمثل هدفه الأساسي بنقل المسؤولية والسلطة من السلطات الدانماركية إلى غرينلاند في المناطق التي يسمح الدستور بتنفيذها، مع التأكيد على التوازن بين الحقوق والالتزامات.

ويحق للجزيرة إعلان الاستقلال، إذ يعترف قانون الحكم الذاتي بغرينلاند كشعب أو أمة يحق لها تقرير المصير، ويضمن أن أي تحرك نحو الاستقلال سيكون قرارا ديمقراطيا من قبل شعب غرينلاند.

مقالات مشابهة

  • أول رد من الرئاسة الفلسطينية على تصريحات ترامب بشأن سكان غزة
  • المالية النيابية: الخصخصة تمثل الحل الأمثل لاستحصال الجباية بشكل كامل
  • لقجع: انتخابات الكاف رسخت الحضور القوي و المحترم للمغرب داخل القارة الأفريقية
  • لقجع: انتخابات الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، رسخت الحضور القوي للمغرب داخل القارة
  • الحكومة: موافقة صندوق النقد على المراجعة الرابعة تمثل دعما للاقتصاد المصري
  • انهيار تيسلا في وول ستريت.. كم خسر ماسك منذ تولي ترامب الرئاسة؟
  • اتصال هاتفي بين مديرَي "سي آي ايه" والاستخبارات الروسية
  • انتخابات حاسمة في غرينلاند على وقع أطماع ترامب
  • روسيا والملف الإيراني بين الوساطة الدبلوماسية وإعادة التموقع الإستراتيجي
  • ترامب يواجه الصين: منشآت لمعالجة المعادن داخل القواعد العسكرية الأمريكية