عندما تأتى ذكرى النصر العظيم والملحمة البطولية الخالدة التى سطرتها القوات المسلحة المصرية الباسلة فى السادس من أكتوبر عام 73.. تشتعل معها المشاعر الوطنية بين المصريين، وتسرى حالة من النشوة والزهو والفخر والثقة فى قدرة هذا الشعب ومؤسساته على مواجهة أكبر التحديات وتخطى أشد الصعاب، وجاء احتفال مصر هذا العام بالذكرى الحادية والخمسين لترسيخ دفعات الأكاديمية العسكرية، عندما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته أن مصر تمتلك الآن القوة والقدرة على الردع والذود عن البلاد والحفاظ على كل شبر من الأرض المصرية وأمنها القومى، داعيًا الشعب المصرى أن يحيا شامخًا آمنًا مرفوع الرأس بفضل قدرات مؤسسته العسكرية، ولأن القوة هى التى تفرض وتعزز السلام، كانت رسالة الرئيس إلى المنطقة بأسرها بوقف نزيف الدم والعودة إلى السلام باعتباره السبيل الوحيد لإنقاذ المنطقة من الانجراف إلى حرب شاملة تؤثر على شتى الدول وكل شعوب المنطقة، وهى رسالة لها أكثر من مغزى، لأنها تأتى من مصر التى تشكل القوة الإقليمية الأولى فى الشرق الأوسط، وما زالت تمارس دورها الحكيم فى عدم انفجار المنطقة.
أما رسالة مصر الثانية التى أثلجت صدور المصريين، كانت من موقع الاحتفال هذا العام الذى عبر بالفعل عن انتقال مصر إلى الحداثة والتطور من خلال الأكاديمية العسكرية الجديدة بالعاصمة الادارية بكل ما تحمله من صورة عصرية وإمكانيات هائلة تضاهى بها أعظم إمكانيات الأكاديميات العالمية، ولم يكن تجسيد الطلبة لمقر القيادة الاستراتيجية الجديدة- الأوكتاجون إلا رسالة عن النقلة النوعية التى تشهدها مصر على شتى المستويات.
ثم تأتى الرسالة الثالثة أمس الأول من أرض الواقع ومن خلال عملية اصطفاف تفتيش حرب الفرقة السادسة المدرعة بحضور رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والفريق أول عبدالمجيد صقر والفريق أحمد فتحى خليفة وقادة الجيش، وهذه الفرقة هى واحدة من فرق الجيش الثانى الميدانى التى تشكل غيضاً من فيض من قدرات الجيش المصرى، وتم عرض جاهزية الفرقة وبكل ما تملكه من أسلحة متطورة وأحدث تكنولوجيا السلاح سواء فى سلاح المدفعية والمشاة أو القوات الجوية الى تضم أحدث الطائرات الهجومية، أو شبكة الدفاع الجوى الأكثر تعقيدًا فى العالم، إضافة إلى امتلاك مصر الآن لأقوى أسطول بحرى بعد ضم الغواصات الألمانية وحاملات الهليكوبتر ومئات الفرقاطات البحرية، ولم يكن إنشاء مصر لعدد من القواعد العسكرية الجديدة شمالاً وشرقًا على البحرين المتوسط والأحمر إلا تأكيدًا على قوة مصر الحاضرة.
الحقيقة أن مصر تتوسط أصعب وأهم منطقة فى العالم على مر العصور، باعتبار أن هذه المنطقة هى الأقدم، وهى أرض الرسالات السماوية التى استدعت الحروب الدينية والطائفية، وحديثاً جعلتها الجغرافيا السياسية وموارد الطاقة منطقة الصراع الدولى الأولى، وهو الأمر الذى جعل مصر هى حائط الصد الأول والأخير عن المنطقة عبر كل العصور.. ولأن حرب أكتوبر كانت آخر الحروب الكبرى التى أعادت لهذا الشعب أرضه وعزته وكرامته، فما زالت أحداثها تشكل وجداننا وكأنها كانت قبل سنوات قليلة، وأذكر أننا فى هذا اليوم أصابتنا حالة من الفرحة الهستيرية، وخرجنا نهتف ونكبر فى الشوارع بعد تحقيق الجيش المصرى المستحيل بعبور خط بارليف، ومع أننى كنت فى العاشرة من العمر إلا أننى عشت أيام هذه الحرب لحظة بلحظة نظرا لمشاركة شقيقىّ فيها وكان أحدهما ضابط احتياط والآخر عاملاً، وكنت أتابع مع أبى وأمى كل أحداث وأخبار الحرب عبر التليفزيون والراديو طوال الليل والنهار رحمهما الله ولا يقطعنا عن هذه الأخبار إلا المشاركة فى جنازة شهدائنا الأبطال والهتاف بالتكبير للشهداء، وكانت ملاحم مصرية فريدة تعبر عن أصالة وعراقة هذا الشعب وعشقه لتراب وطنه، وفور إعلان وقف إطلاق النار توالت عودة الأبطال يحملهم المواطنون على الأعناق وكنا نلتف حولهم ونتحسسهم كأبطال خارقين ونستمع إلى بطولاتهم المذهلة التى شكلت وجداننا وبقيت محفورة وراسخة فى الذاكرة حتى نلقى الله.
حفظ الله مصر
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صواريخ ذكرى النصر العظيم الانجراف ا الشعب
إقرأ أيضاً:
لقد كانت أيام ديسمبر هي أجمل أيام حميدتي
“معنوياتنا كل يوم داقة الدلجة”
كان على حميدتي أن يدخر مقولته هذه للأيام السوداء التي يمر بها وتمر بها قواته حاليا. فهذا هو أنسب وقت لها.
لقد كانت أيام ديسمبر هي أجمل أيامك. ما تعيشه الآن هو المعنى الحقيقي لانهيار المعنويات.
لقد تم خداعك هذه المرة أيضا، ولكنك لا تستطيع أن تخرج كعادتك السابقة لتقول خدعوني وتستعطف الشعب الذي قتلته وشردته.
كيف تستطيع أن تعيش بعد الآن دون أن تتشكى؟ هذه مصيبة بالنسبة لشخص يحب لعب دور الضحية بقدر حبه للسلطة إن لم يكن أكثر.
أنت الآن ضحية فعلا ولكنك مع ذلك لا تستطيع أن تستمتع بوضعك كضحية وكأنه امتياز .. ضحية لا تستدعي أي تعاطف.
حليم عباس