جاء على البلاد حين من الزمن كان فيه الحديث عن الإصلاح السياسى من الأمور المكروهة، المكروهية ليست على طريقة «مشايخ الفتة» و«فيس بوك» و«الترند» المنتشرة هذه الأيام، ولكن كانت مكروهة من طائفة التكويش المحلقين حول السلطة الذين يسعون لمصادرة كل ما فيه صالح المواطن وتقرير ما يضخم من نفوذهم. كما كانت المطالبة بتعديل الدستور لتعديل بعض الأوضاع المائلة رجسا من عمل الشيطان، وبقى الدستور الذى سمى بالدستور الدائم وهو أول دستور يصدر فى عهد السادات عام 1970، بدون تعديل لمدة 35 عاماً كاملة وعندما تم تعديله كان لهدف توريث السلطة.
الحديث عن الإصلاح السياسى أخذ فى طريقه وزيرا من المجموعة السياسية تم إقصاؤه من الكرسى عندما تحدث عن الإصلاح السياسى، رغم أنه لم يوافق على الإصلاح السياسى صراحة ولكنه قال: إن الوقت غير مناسب لإجراء إصلاح سياسى، وبعد نشر هذا التصريح فى الصحف، أسرع زميله الذى كان يقاسمه الوزارة إلى القيادة السياسية و«رزعه زُمبة طيرته من الكرسى فى أول تعديل وزارى». وظل الحال على ما هو عليه ما بين مطالبات بأن يسير الإصلاح السياسى بالتوازى مع الإصلاح الاقتصادى، وبين القابضين على السلطة وهم شلة المنتفعين من هذا الوضع، وكان يساعدهم على ذلك فرقة المطبلاتية تحت القبة التى كانت يتخذها حزب السلطة أغلبية ميكانيكية له.
دارت الأيام وتبدلت السلطة ولم يدرك الشعب غايته بعد ثورة كان عنوانها «عيش حرية عدالة اجتماعية» وعلى طريقة ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، خرج الشعب من حفرة ووقع فى دُحديرة، حيث اسولى على السلطة فصيل إرهابى، حاول اختصار الدولة فى عشيرة أو قبيلة، وأعلن زعيم القبيلة أن قرارته لا تناقش وأنا محصنة من الطعن، اكتشف الشعب أنه غريب فى وطنه، حتى الوطن حاولت الجماعة الإرهابية اختصاره فى إمارة يحكمها مرشد، وقرر الشعب تصحيح الوضع قبل فوات الأوان وكان له ما أراد عندما استدعى جيشه لإنقاذه من الحكم الفاشى، وانتصر الجيش الذى كان على رأسه قائد وطنى لإرادة الشعب وقرر الشعب أن يكون على رأس السلطة هذا القائد الذى أنقذ الوطن والشعب، وأعاد للدولة مكانتها وللشعب حريته وقبل القائد وهو المشير عبدالفتاح السيسى المهمة ومنحه الشعب أصواته فى انتخابات تنافسية شهد لها العالم وجرت تحت إشراف قضائى مستقل وأجرى «السيسى» عملية إصلاح اقتصادى على مسئوليته غير عابئ بشعبيته التى زادت فى الانتخابات التالية، وحارب الإرهاب فى سيناء وانتصر عليه وأدخله جحوره، وأطلق العديد من المبادرات الإنسانية فى كل المجالات، ووضع المواطن المصرى فى مقدمة أولوياته كما خاض معركة البناء وأقام فى عهده مئات المشروعات القومية التى كانت يحتاج تنفيذها إلى مئات السنين.
لم يتوقف «السيسى» عند الإصلاح الاقتصادى ولكنه أطلق عدة مبادرات للإصلاح السياسى منها دعوته للأحزاب السياسية لبحث فكرة اندماجها فى عدة أحزاب قليلة لتقويتها على المنافسة فى الانتخابات. كما أطلق أول مبادرة للحوار الوطنى والتى كانت بمثابة إلقاء حجر فى المياه الراكدة، وهى عملية نقاش مستمرة لسنوات لتحديد أولويات العمل الوطنى. ودعا «السيسى» كل المصريين إلى التحاور للوصول إلى توصيات ترفع إليه لاتخاذ ما يراه لتنفيذها ونفذ «السيسى» بعضها وأحال بعضها إلى البرلمان لحاجتها إلى تشريعات لتنفيذها ومنها ما تتم مناقشته حاليا وهو مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وما يدور حوله من اختلافات ورؤى ووجهات نظر تم الترحيب بها من البرلمان لأهمية هذا القانون للمواطن والمتهم ولتحقيق العدالة الناجزة كما أعلى «السيسى» من أهمية حقوق الإنسان، والتى جاءت فى دستور 2014، الذى أفاض فى منح الإنسان حقوقه وأنشأ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ومنح حقوقا جديدة للمرأة لم تكن تتمتع بها فى السابق.
الثقة فى القيادة السياسية واحترام القيادة لمطالب الشعب هى التى تبنى الجمهورية الجديدة على أساس المواطنة.. قيادة تؤمن بالاختلاف الذى لا يفسد للوطن قضية فى دولة على شعبها من أمنها القومى ويلتف حول علمه يده مع جيشه وشرطته وخلف قائده الذى اعتاد على أن يصارحه بكل شىء بأن الولاء للوطن وللقائد والانتباه لمؤامرات الخبثاء هو حائط الصيد ضد عبث العابثين وهو المطلوب الانتباه له هذه الأيام لوأد الشائعات الخبيثة التى تحاول وضعنا فى مواجهة وإفساد وحدتنا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن حائط الصد محمود غلاب جاء على البلاد الإصلاح السیاسى
إقرأ أيضاً:
سيناء الغزاوية وسوريا الداعشية والأحزاب الإخوانية!
من قال لك إن الهدف هو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء فقط، لقد قلنا مرارًا وتكرارًا، أن الهدف هو مصر الدولة والمؤسسات، وأن الطريق إلى ذلك هو الطابور الخامس الذى لا يعرف للوطن حدودًا يقاتل من أجلها، ولكنه يريد الوصول إلى السلطة بأية طريق تمهد لجماعة الإخوان الإرهابية حكم مصر لمدة خمسمائة عام كما كانوا يقولون ويعتقدون!
لا تنس أن صفقة التهجير تم تسويقها فى عهد جماعة الإخوان كان مقابلها هو الصعود إلى قمة الهرم فى الدولة، والسيطرة على مقدرات هذا الشعب الذى قام بتصحيح مساره فأطاح بهم بعد عامٍ واحد فقط، ليصبح المخطط الذى كان سيتم تنفيذه رضاءً مع الجماعة لا يمكن تحقيقه إلا غصبًا وقهرًا مع غيرهم، ولذلك فالولايات المتحدة ومن قبلها إسرائيل تعلم أن مُخطط التهجير لن ينجح مع السيسى، ولن تقبله الدولة المصرية، ولن يسمح به الجيش المصرى، فالشعب الصامد والذى خاض أربع حروب للحفاظ على ترابه يُدرك أن هذا الخطر الكامن فى مصطلحات مثل الإنسانية والعطف على الشعب الذى تتم إبادته فى غزة، ما هو إلا حصان طروادة سيتم استخدامه للقضاء على القضية الفلسطينية والاستيلاء على سيناء للأبد، وبعدها ستتهم إسرائيل سكان سيناء (الغزاوية) بأنهم يخضعون لسيطرة حماس التى طردتها إسرائيل من غزة، وسيكون هذا هو مبررها بعد عشرة أوعشرين عامًا لسرقة سيناء من جديد، عندها ستقول لنا أمريكا «يجب نقل سكان سيناء التى أصبحت مركزًا للإرهاب إلى مدن القناة أو باقى المحافظات المصرية لحمايتهم من هجمات الجيش الإسرائيلي»، وتستمر اللعبة إلى أن نجد الضفة الأخرى من النيل يُرفع عليها علم إسرائيل ليتحقق حلم الدولة اليهودية التى تأسست سنة 1948 بكيان يمتد من النيل للفرات!
قد تقول لى.. هذا سيناريو من وحى الخيال.. لا يا عزيزى المواطن.. هذا سيناريو مستوحى من الأدبيات الإسرائيلية المكتوبة، وكنا نقاومه منذ كنا طلابًا فى جامعة القاهرة فى نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات.. وكنا نتحدث مع زملائنا حول فلسفة إصرار إسرائيل على اختيار مبنى مجاور للجامعة فى الجيزة ويطل على نهر النيل كمقرٍ لسفارتها التى تم افتتاحها فى مصر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، بأنه اختيار يتسق مع فكرها، فقد اختارت موقع السفارة على النيل فى الجيزة وليس العاصمة، لأن القاهرة طبقًا للبروتوكولات والخطة الاستراتيجية الإسرائيلية تقع فى شرق النيل وليس غربها، وشرق النيل هو جزء من دولة إسرائيل التى تمتد من النيل للفرات، وبالتالى لا يجوز للدولة أن تفتتح سفارة لنفسها فوق أرضها، أما الجيزة فهى غرب النهر الذى لن تعبره إسرائيل.
وقد تقول لى.. ولكن سفارة إسرائيل الآن موجودة فى المعادى بالقاهرة؟ نعم يا عزيزى.. هذا صحيح.. لأنها اضطرت مع ضغوط المتظاهرين قبل 14 عامًا على الرحيل والتراجع إلى شرق النيل مثلما تراجعت تاركة سيناء فى 1973 وما بعدها!
ثم إنك «مش واخد بالك» بأن إسرائيل تقترب من الفرات، وفى نفس الوقت تقترب من النيل بعد إبادة غزة، وهى تحركات تشبه حركة «البَرجلْ» الذى تزداد مساحة قدميه شرقًا وغربًا فى وقت واحد، فهى تتحرك نحو الشرق بنفس مقدار تحركها نحو الغرب، فقد دمرت غزة وطردت سكانها، وتحركت فى ذات الوقت للسيطرة على جنوب لبنان، واستولت على مساحات شاسعة من الأراضى السورية دون أن تواجه أية مقاومة من الجيش السورى المنهار، كما أن دخولها لسوريا تم بعد اتفاق مع (محمد الجولانى الذى أصبح اسمه أحمد الشرع) الرجل يرفض مصافحة النساء ولكنه يقبل ترك أرض بلاده فى سوريا والتى يحكمها الآن تُسرق وتنهب، ليتضح لنا أن مُخطط تمكين الجماعات الدينية المتطرفة هو مشروع يحظى برضًا إسرائيلى واضح!
نفس ما حدث فى سوريا.. يُدرس تنفيذه فى مصر.. ولكن لأن مصر دولة كبيرة– كما قال الرئيس فى الكاتدرائية يوم 6 يناير– فإن السيناريو من وجهة نظرى سيكون مختلفًا.. فالجيش المصرى قوى ومواجهته لن تكون سهلة.. والدولة المصرية تعمل بشكل علمى ومنظم وخداعها مستحيل.. ولذلك فإن الخطة سوف تختلف عن سيناريو سوريا وسيكون الهدف هو اختراق المؤسسات السياسية من الداخل.. وأطلب منك يا عزيزى أن تراجع ما قاله السيد وزير الداخلية منذ أيام قليلة فى خطابه أمام السيد رئيس الجمهورية خلال الاحتفال بعيد الشرطة.. فقد قال نصًا: «تسعى جماعة الإخوان الإرهابية.. لإحياء نشاطها عبر التوسع فى ترويج الشائعات والأخبار المغلوطة واستقطاب الشباب صغير السن ودفعه للقيام بأعمال غير مسئولة أملًا فى زعزعة الأمن والاستقرار، فضلًا عن التنسيق مع عدد من ذوى التوجهات الفكرية الأخرى من منطلق المصالح المشتركة لتبنى الدعوة لإعادة دمجها فى النسيج المجتمعى الذى لفظها لفكرها القائم على العنف والتخريب».
الكلام واضح.. وقلته لحضراتكم مرارًا فى مقالات عديدة.. جماعة الإخوان تحاول الاندماج عبر عناصر إخوانية ممتازة داخل المجتمع السياسى من خلال اختراق الأحزاب، عبر تمويل ضخم جدًا يستهدف الاستيلاء على هذه الأحزاب، ومن ثم خوض انتخابات مجلسى النواب والشيوخ القادمتين تحت ألوية هذه الأحزاب وشعاراتها– حدث بالفعل فى التسعينات وقامت الجماعة بالاستيلاء على حزب العمل– وبعدها ستجد كوادر إخوانية ممتازة تتوغل داخل الأحزاب والمجلسين التشريعيين، وقد يستطيع أحدهم التسرب إلى منصب تنفيذى مهم– حدث بالفعل فى نهايات عهد مبارك هشام قنديل رئيس وزراء الإخوان كان عضوًا فى الجهاز الإدارى للجنة السياسات– ومن بعدها ننتظر انتخابات رئاسة الجمهورية لنجد أحد الأحزاب– التى تم اختراقها– يدفع بمرشحٍ إخوانى يرتدى ثوب الليبرالية، مدعومًا بأموال الجماعة ومساندة مخابرات دول أجنبية، لتكتشف فى النهاية أن نموذج (الجولاني) تم زرعه فى مصر خلال سنوات قليلة، لنواجه مصيرًا مُعدلًا- لما حدث فى سوريا- لن تُدرك مخاطره إلا عندما تقع «الفاس فى الراس»!!
للمرة الرابعة أو الخامسة احذر من اختراق التنظيمات للأحزاب والمؤسسات السياسية.. ورغم إدراكى ليقظة وصحيان مؤسسات الدولة.. إلا أن دافعى فى التكرار هو أن الذكرى تنفع المؤمنين.
الموضوع كبير.. والخطة جُهنمية.. ونحن يقظون.. ولن تمر هذه المخططات الشيطانية مهما فات الزمن.. وسنقاوم أجيالًا بعد أجيال خطط تهجير سكان غزة نحو سيناء.. ومخططات الاستيلاء على أحزابنا.. وسيناريوهات اختراق مؤسساتنا.
اللهم احفظ بلدنا.. تحيا مصر.. وعاش الجيش المصرى العظيم.