أكتوبر 9, 2024آخر تحديث: أكتوبر 9, 2024

غازي المشعل

في مثل هذا اليوم التاسع من تشرين الاول / اكتوبر من العام ١٩٢٩ اي قبل خمسة وتسعين عاماً بالضبط، تم توقيع عقد تأسيس فرع للمكتبة العصرية في مدينة العمارة .. بعد ان سبق ذلك تاسيس المكتبة الام في العاصمة بغداد بعدة اعوام ..

لقد كتبتُ، وكُتب المثير والكثير عن هذا المكان الاثير والمميز .

. وتناولته عشرات التقارير الصحفية والتلفزيونية .. وذكرنا فضل المؤسس الاول المرحوم عبد الرحيم الرحماني في ايجاد هذا الصرح الذي اجزم انه واحد من اقدم الصروح الأدبية والثقافية والمعرفية ليس على مستوى العراق، بل المنطقة العربية برمتها .. الا ان الفضل الاكبر والمشرّف كان للرجل العصامي الذي تبنى استمرار المكتبة وصانها وادام تواصلها بالناس والمثقفين والادباء وحتى وجهاء المدينة وكبرائها وهو المرحوم الكتبي حيدر حسين الذي انتقل الى رحمة الله تعالى العام الماضي.

قلنا مراراً ان المكتبة العصرية لم تكن مجرد مكان ، بل كانت ايقونة مدينة وشاهداً على ما يقرب من قرن من تاريخ هذه المدينة.. وكانت ملتقى الادباء والفنانين ومزاراً لكل من وطأ ارضها ، وصندوقاً ودائرة بريد للادباء والمثقفين ، ولم تك مصدراً وحيداً للصحف والمجلات والدوريات والكتب والقرطاسية فقط ، بل كانت علامة دلالة لمدينة برمتها بفعل مكانها الستراتيجي في قلب المدينة وسوقها العتيق ، فلم يك من المنطقي لأي واحد منا ومنذ ستينيات القرن الماضي ان يذهب الى السوق دون ان يقف عند ابي سعد ( ورفيق دربه الاستاذ شريف امد الله في عمره )،ليسمع اخر اخبار المدينة ويتصفح اخر الاصدارات والمنشورات والطبعات في مهمة كانت توازي عمل دولة بكاملها .. والاجمل من كل هذا ان المكتبة وصاحبها لم تكن لتحسب على هذا العصر او ذاك طيلة مايقرب القرن وهو ما اكسب صاحبها احترام الجميع واهتمامهم وتقديرهم ..

برايي المتواضع ان المهمة المعرفية النبيلة التي اضطلعت بها المكتبة العصرية تبقى انبل واشرف مهمة ، وهي ان تستمر تحت كل الظروف بنشر الوعي والمعرفة والثقافة الحقيقة والجمال والادب الرصين ،، وقد حاول الكثير من الأشخاص والمكتبات والجهات ان تكون نداً للعصرية او توازيها في العطاء ولكنها فشلت واضمحلت وتلاشت لسبب بسيط هو : ان المكتبة العصرية وصاحبها كانت لها رسالة معرفية ومهنية دون ان يهتم الرجل للأشياء الاخرى كالربح والخسارة مثلاً .

علينا اذن ان نعرف لماذا استمرت المكتبة العصرية لما يقرب من قرن مناراً للمعرفة لان الرجل الذي كان قائماً عليها كان يشعر بالمسؤولية تجاه مدينة كانت يوماً ما منجماً للإبداع والفن والثقافة .. اذاً فان مسؤوليتنا تجاه المكتبة العصرية وصاحبها ( رحمة الله عليه )،كبيرة وهي ان نستذكرها ، ونستذكره دائماً وان نقيم لهما ما يحترم تاريخهما معاً .. طالبت بذلك مراراً ولكن الاستجابة كانت ضعيفة للأسف .. لذا ادعو وزارة الثقافة بكل اذرعها ونقابة الصحافيين واتحاد الادباء وقيادة المحافظة ومجلسها والمنظمات الثقافية .. ان يتحركوا لرد الدين لمكان اعطانا كل شيء ولم يأخذ شيئاً ، وانا اعرف ان السيد رئيس مجلس الوزراء كان من رواد المكتبة وممن كانوا يرتادونها .. وكذلك الاخ نقيب الصحافيين العراقيين رئيس اتحاد الصحافيين العرب والمستشار الثقافي لرئيس الوزراء وغيرهم العشرات من الذين يتقلدون المناصب اليوم في هذه المحافظة العريقة ، كما ارجو من الفنانين التشكيليين ، والنحاتين منهم وخصوصاً الاخوين الفنانَين المبدعين : محمد جاسم الرسام، وخالد اللامي ان يتصدوا لعمل تمثال او اكثر لفقيد الثقافة الاستاذ حيدر حسين صاحب المكتبة العصرية وان يوضع التمثال في مكان مميز من مدخل السوق او على أحد جانبي المكتبة ، وان نحتفل بتاريخ انشاء المكتبة على كل المستويات الشعبية والرسمية ، بان نسلط الاضواء على تاريخ المكتبة ومسيرتها ودورها ومرتاديها ، وفاءً لمكان خالد واثير على قلوبنا ، ولرجل اعطى المدينة كل ما يملك من جهد وتعب دون منة لتستمر منجماً للإبداع والاشراق والوعي .

 

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

إقرأ أيضاً:

الشام في مرايا شبكة الاعلام

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

لدينا دولة عربية مساحتها 185,180 كم²، وحدودها البرية مستباحة بطول 2258 كم، وسواحلها البحرية مفتوحة بطول 193 كيلومترا. .
دولة ليس لديها حراس يحمون حدودها ويراقبون منافذها البرية المرتبطة بخمسة بلدان مجاورة (تركيا – العراق – لبنان – الأردن – اسرائيل). .
دولة ليس لديها خفر سواحل يراقبون مياهها الوطنية والإقليمية، وليس لديها شرطة لحماية الناس والممتلكات والحفاظ على النظام العام. وليست لديها جيوش برية، ولا طائرات مقاتلة، ولا أساطيل حربية تدافع عنها. .
دولة توغلت فوق أرضها ثلاثة جيوش غير عربية، فاستقطعت منها مساحات شاسعة، وبسطت نفوذها على قراها ومدنها وجبالها وسهولها. ودمرت كل ما تمتلكه من سلاح وذخيرة، وأرغمت جنودها وضباطها على خلع ملابسهم العسكرية والعودة إلى بيوتهم. .
دولة بلا محاكم، وبلا قضاة، وبلا منظمات اجتماعية، وبلا بنوك، وبلا مراكز تسويقية، تتحرك بداخلها اكثر من عشرة تنظيمات مسلحة مدعومة من جهات دولية متعددة ومتنافرة. .
دولة يترأسها رجل تكفيري مدرج على قائمة الأرهاب الدولي، ومطلوب للقضاء في العراق والأردن، ومع ذلك يطل علينا مذيع من بغداد من شبكة الإعلام العراقية ليبشر المشاهدين: بان الخطوات التصحيحية المتسارعة في سوريا حققت في غضون أسبوعين ما لم يحققه العراق على مدى عشرين عاماً. .
قبل بضعة ايام توغلت اسرائيل في درعا، ودخلت قرية (كويا)، ووصلت إلى سد الوحدة التاريخي القريب من الحدود الأردنية، ثم تمركزت في مواقع استراتيجية، بعد إطلاق تحذيراتها للسكان بتسليم أسلحتهم. ثم توجهت صوب قرية صيدا، على الحدود الإدارية بين محافظتي القنيطرة ودرعا، في خطوة تمثل اختراقاً جديداً ضمن منطقة الجنوب السوري. .
في ضوء ما تقدم نطالب شبكة الإعلام العراقية بتقديم تقرير استقصائي مصور عن الأمن والامان والرخاء والازدهار والخيرات والأنعام في بلاد الشام بعد زوال النظام. .

د. كمال فتاح حيدر

مقالات مشابهة

  • ماذا يفعل الأمي الذي لا يحفظ إلا قصار السور؟
  • كاتس يُهدّد حزب الله بـ "قطع رأسه" إذا أقدم على هذا الأمر
  • من هو النبي الذي قتل جالوت؟.. تعرف على القصة كاملة
  • الأجهزة الحديثة تنافس المسبحة في وظيفتها
  • الرجالة كانت بتغير منه.. طليقة مصطفى فهمي تكشف أسرارا عن حياتهما قبل الانفصال
  • الشام في مرايا شبكة الاعلام
  • أن يكون في المكتبة ذخائر طبعت قديمًا
  • الإمارات تدين حادث الدهس في مدينة ماجديبورج الألمانية
  • علي جمعة: الصدق الذي نستهين به هو أمر عظيم
  • ما الذي يجري وراء الكواليس!!