المصالحة المزعومة بين الإسلام واليهودية!
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
عن أية مصالحة بين الإسلام واليهودية يتحدث نتانياهو بينما تمرح طائراته فى أنحاء الشرق الأوسط لتدك هنا وتضرب هناك مسببة دمارا يرتقى إلى نوع من الإبادة؟ وربما لا يجد العربى أو المسلم ما يذكره أو يعلق به على الكلام الذى ذكره نتانياهو فى كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة سوى القول بأنه ومن نكد الدنيا على الحر أن لا يجد زعيما إسرائيليا يتم معه إجراء مصالحة بين الإسلام واليهودية سوى نتانياهو؟!
ويبدو أن نتانياهو فى كلمته تلك استهدف غسل سمعة بلاده الملطخة بدماء المدنيين فى غزة والضفة ولبنان من خلال تقديم خطاب ذى كلمات رنانة عن المصالحة التاريخية بين العالم العربى وإسرائيل أو بين الإسلام واليهودية، والتى اعتبر أنها ستتم بالتطبيع بين بلاده والمملكة السعودية، وقدم مرادفا لها المصالحة بين مكة والقدس، فى مغالطة غير مقبولة، فاذا كانت مكة ترمز للإسلام فمن غير الصحيح أن القدس ترمز لليهودية، وحتى لو افترضنا انها تضم تراثا يهوديا فإنها ترمز للإسلام والمسيحية كذلك.
ولكن لأنه مزيف وهذا ليس نوعا من السباب وإنما توصيف، فقد راح نتانياهو يداعب مشاعر من يستمعوه عارضا صورة مغايرة تماما لما هو موجود على أرض الواقع، ففى حين يشتعل الموقف فى الشرق الأوسط بشكل يضعه على حافة حرب إقليمية فإن نتانياهو يسوق لنا الوضع وكأنه النعيم بعينه، فى حين أنك لو أردت أن ترى الجحيم بعينه فما عليك سوى أن تذهب إلى غزة، التى أصبحت مضرب المثل فى حجم الدمار وعملية الإبادة الممنهجة التى يمكن أن تواجه سكانا يعيشون فى إقليم جغرافى معين. فى محاولته لتزيين الصورة يعتمد نتانياهو على الإتفاقات الإبراهيمية والتى يدعى أنها جلبت النعم، ولكن لبلاده بالطبع، حيث سافر ملايين الإسرائيليين كما يقول عبر شبه الجزيرة العربية فوق سماء السعودية إلى دول الخليج، ناهيك كما قال عن التجارة والسياحة والمشاريع المشتركة والسلام.
واذا كان نتانياهو وقت الجد راح يهدد ويصول ويجول بأنه لا يوجد مكان فى الشرق الأوسط لا يمكن أن تصل اليه يد إسرائيل، فإنه على العكس فى هذه الحالة يشير إلى أن التطبيع مع الرياض سيساعد هذا الشرق الاوسط ليتحول إلى قوة عالمية كبيرة دون أن يذكر أن ذلك مرهون فى رؤيته هو بأن يكون ذلك بقيادة بلاده وتحت رحمتها، فى اعادة وتكرار لفكرة شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل الأسبق بشأن الشرق الأوسط الجديد والذى ربما يمثل توجه نتانياهو محاولة لاستنساخه ولكن فى صورة أكثر قبحا.
ورغم تحفظنا على ما ذهب اليه نتانياهو إلا أن ذلك لو تم، نقصد التطبيع مع السعودية، سيكون حدثا محوريا ليس فى التاريخ كما قال وإنما فى تاريخ المنطقة. واذا كان من الصحيح أن هناك مؤشرات من السعودية على الإندماج فى تلك الخطوة إلا أن النقطة الأساسية التى يتغافل عنها نتانياهو أن سياساته التى تعزز مناخ الكراهية ربما تكون أكبر عقبة أمام مثل هذه الخطوة مهما كان انخراط النظام العربى الرسمى فيها فلا مصالحة عربية حقيقية مع إسرائيل، ولا بين الإسلام واليهودية على النحو الذى يراه نتانياهو قبل استعادة الحقوق الفلسطينية المغتصبة، أو على الأقل اقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو أمر أكدت عليه المملكة ذاتها فى كافة اعلاناتها بشأن التطبيع مع إسرائيل، ولعل خلو مقعد المملكة من ممثلها أثناء حديث نتانياهو عن التطبيع معها إشارة رمزية إلى حجم العقبات التى قد تحول دون تحقق تلك المصالحة المزعومة من قبل نتانياهو بين الإسلام واليهودية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات د مصطفى عبدالرازق الإسلام واليهودية الشرق الأوسط التطبیع مع
إقرأ أيضاً:
لماذا تعد خطة ترامب لـتطهير غزة زعزعة لاستقرار الشرق الأوسط؟
نشر موقع "ريسبونسيبل ستيتكرافت" تقريرًا يتناول فيه تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن إجبار دول عربية مثل مصر والأردن على استقبال لاجئين من غزة كجزء من خطة لـ"تطهير" المنطقة، معتبرًا أن ذلك يعدّ جريمة حرب وفق القانون الدولي.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي 21"، إنه في حال منح الرئيس ترامب الضوء الأخضر لتنفيذ مثل هذا المخطط، فإن النتيجة ستكون زعزعة استقرار الدول المجاورة بشكل كبير، مما يتناقض مع الهدف الذي أعلنه الرئيس الأمريكي خلال الفترة الماضية بالرغبة في تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
خطر الإطاحة بملك الأردن
وأوضح الموقع أن الأردن على وجه الخصوص سيواجه اضطرابات يمكن أن تطيح بالملك عبد الله الثاني والنظام الملكي الذي تعاون لفترة طويلة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ما يعني أن تخسر واشنطن حليفًا وتحوّله إلى عدو، أو في أفضل الأحوال حكومة لا تهتم بالتعاون مع تل أبيب وواشنطن.
وذكر الموقع أن الأردن وقع معاهدة سلام مع "إسرائيل" في 1994، وكان أحد البنود الرئيسية في المعاهدة هو أن لا تقوم "إسرائيل" بتهجير الفلسطينيين إلى أراضيها.
واعتبر أن إجبار الفلسطينيين على عبور الحدود نحو الأردن سيضع الملك عبد الله أمام خيارين: إما أن يرد على هذه الخطوة، مما قد يؤدي إلى فقدان المساعدات الأمريكية التي تساعده في الحفاظ على عرشه، أو السماح باستمرار هذه الجريمة، وهو ما قد يؤدي إلى الإطاحة به.
وأضاف الموقع أن الإخوان المسلمين في الأردن، والذين فازوا بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية في أيلول/ سبتمبر، وتعرضوا في السنوات الأخيرة لقمع متزايد من النظام وردوا عليه بمواقف أكثر تصلبا، سيكونون الأقرب إلى تولي السلطة إذا تمت الإطاحة بالملك.
وتوقع الموقع أن تكون الحكومة الناتجة عن الإطاحة بالنظام في الأردن، سواء كانت من الإخوان أو من فصيل آخر، مؤيدة بشكل كبير للقضية الفلسطينية، تناغما مع مشاعر عموم الأردنيين الذين ينحدر أكثر من نصفهم من أصول فلسطينية، وقد تجلى عمق تلك المشاعر في المقاطعة الواسعة للمنتجات والشركات الأمريكية والأوروبية، بالإضافة إلى الهجمات الأخيرة على الحدود والسفارة الإسرائيلية.
قصر نظر ترامب
وكان السيناتور ليندسي غراهام، وهو جمهوري وحليف قوي للرئيس، قد عبر عن استغرابه من تصريحات ترامب بشأن إجبار حلفاء الولايات المتحدة على قبول اللاجئين الفلسطينيين، وقال: "لا أعرف ما الذي يتحدث عنه. لكن اذهبوا وتحدثوا مع محمد بن سلمان، اذهبوا وتحدثوا مع الإمارات، اذهبوا وتحدثوا مع مصر. ما خطتهم للفلسطينيين؟ هل يريدون رحيلهم جميعًا؟".
وحسب الموقع، فإن رؤية ترامب ربما تقوم على أن حكومات الأردن ومصر تعتمد على الولايات المتحدة ولا تستطيع رفض خططه، لكن ليس من مصلحة الولايات المتحدة والحكومة الإسرائيلية تسهيل الإطاحة بالملك عبد الله واستبداله بحاكم أقل تعاونًا.
وكان أعضاء من الكونغرس، قد ناقشوا في بداية الحرب على غزة خطة تتطلب من حلفاء الولايات المتحدة قبول اللاجئين الفلسطينيين، وتلك الدول هي مصر وتركيا والعراق واليمن، لكنها لم تشمل الأردن، وربما يعكس ذلك فهما تاريخيا عميقا بأن تهجير الفلسطينيين إلى الأردن لم يسهم سابقا في حل القضية الفلسطينية، وفقا للموقع.
وكتبت وزيرة التعليم السابقة في منظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، على منصة إكس: "ملاحظة إلى الرئيس ترامب: إن فلسطين، بما في ذلك غزة، والضفة الغربية والقدس، هي أرض الشعب الفلسطيني […] إن التطهير العرقي ليس أمرًا غير إنساني وجريمة حرب فحسب، بل يمثل أيضًا تهديدًا خطيرًا لاستقرار المنطقة بأكملها ولسيادة الدول المجاورة. وهكذا تبدأ الحروب، ولا تنتهي".
وختم الموقع بأن تعهدات ترامب بإحلال السلام في المنطقة لن تتحقق بزعزعة استقرار حلفاء الولايات المتحدة مثل الأردن ومصر، لأن ذلك سيؤدي إلى عكس ما وعد به تمامًا.