بوابة الوفد:
2025-03-25@21:57:24 GMT

معركة الحكيم ويحيى حقى

تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT

شهد عام ١٩٣٣ نشاطًا مكثفًا لتوفيق الحكيم فقد صدر له رواية (عودة الروح) ومسرحية (أهل الكهف) والعملان أحدثًا دويًا ما بين مؤيد بقوة وبين معارض يصل به الشطط أنه يحرف فى سورة قرآنية من خلال مسرحية أهل (الكهف) والعملان يطرحان الفكرة الأسيرة عنده وهى فكرة صراع الإنسان مع الزمن من خلال ثلاثة من البشر يبعثون إلى الحياة بعد موت ثلاثة قرون؛ ليفاجأ كل منهم بعوالم أخرى وأنماط بشرية مغايرة؛ والحكيم كان يرمى فى هذه المسرحية إلى فكرة بعث الروح، ولم يقصد أن يؤلف مسرحية دينية بقدر ما كان يؤكد على نظريته التى لا تتوه عن كتبه وهى انتصار الإنسان دائما على الحضارة باعتبار أنه أحد صناعها ولكن فى نهاية الطريق يتراجع أمام الزمن معترفا أنه لم يتجاوز كونه مجرد ترس تديره عجلات قطار الحياة؛ ظهر هذا المعنى جليا فى رواية (سجن العمر) وهى سيرة ذاتية له تلتقط مكانًا بارزًا فى طبقات أحقاب حياته؛ لكن الحكيم كتب أعماله المهمة بعد رحلته فى فرنسا عام ١٩٢٥ والتى استمرت ثلاث سنوات؛ وبعد خمس سنوات من عودته من باريس كتب (عودة الروح) و(أهل الكهف) وكان تأثير باريس عليها واضحًا.

فى عام ١٩٦٣وبعد ثلاثين عامًا من صدور العملين فوجئ الوسط الأدبى بسيل من الاتهامات من الأديب يحى حقى وقد وصل الأمر أنه بدأ يحذر الشباب ويطلب منهم الابتعاد عن قراءة كتب الحكيم واتهمه بأن الحضارة الغربية عامة والفرنسية خاصة؛ قد سلبت فكره العربى مدللاً أن المدافع عن مصر فى (عودة الروح) هو مؤرخ فرنسى.!.

والحقيقة أن تصريحات يحيى حقى لم تجد صدى إيجابيا؛ خاصه أن الزعيم جمال عبدالناصر صرح بأن رواية (عودة الروح) هى التى ألهمته بثورة يوليو ١٩٥٢ وهو عمل أدبى اعتبره نجيب محفوظ إحدى أمهات الروايات التى أشعلت شرارة الإبداع عند أكثر من جيل. ويوسف إدريس اعتبر عودة الروح بداية نمط جديد استلهم منه الروائيون الشباب أهم أعمالهم. أما الناقد الدكتور محمد مندور فكان يرى أن الحكيم انتهى من حيث بدأ؛ وكان يقصد الهموم المصرية لا تعالجها الحلول الغربية خاصة النمط الفرنسى؛ بينما الحكيم كان يزاوج فى حلوله بين نجاح الحضارة الفرنسية وبين مجد الفراعنة وكلاهما ملهم ذو جذور راسخة.

شئنا أم أبينا فإن الحكيم تأكدت نظريته ونجحت مبرراته على مدى سنوات إبداعه التى اقتربت من السبعين؛ وتكفى شهادة الأديب الفيلسوف جان بول سارتر حين قال عنه إنه أحد أبرز مؤسسى الأدب العربى الحديث. وكان سارتر قد زار مصر فى مارس ١٩٦٧ وفى زيارته لجريدة الأهرام أهداه توفيق الحكيم كل كتبه مترجمة إلى اللغة الفرنسية. وعلق الكاتب لطفى الخولى أثناء الزيارة أن صداقة الحكيم وسارتر توطدت فى باريس منذ الخمسينيات. واليوم يزورنا سارتر ليجد الحكيم فى إبداعات عشرات الأدباء العرب.

انتصر الحكيم على يحبى حقى فى معركة حركت رموز الكتابة بأشكالها.

 

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: كاريزما عودة الروح أهل الكهف سجن العمر عودة الروح

إقرأ أيضاً:

هاجر.. المهاجرة إلى روح الله

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

السيدة هاجر أم العرب والمسلمين والمصريين، والتى جسدت معنى الأمومة فى أجل وأبهى صورها، لا نعرف عنها الكثير، ولم نعرف كيف تكونت بهذه القوة والقدرة والصلابة والجلد؟!

 عندما نبحث فى قصتها لا نجد أى شيء عن طفولتها وأسرتها، وذكر على استحياء أنها أميرة مصرية وأُسِرتْ، دون ذكر تفاصيل عن كيفية أسرها ومتى؟! وما نجده يخص حياتها بعد الأسر! والعديد من الادعاءات التى تصفها فقط بأنها جارية!.. ولا نعرف كيف خلقت وتكونت بهذه القوة والقدرة والصلابة والجلد؟!. 

تزوجت أمنا هاجر نبى الله إبراهيم بموافقة زوجته سارة، والتى كانت تكن له كثيرًا من المحبة، وكان هذا الزواج حبًا فى زوجها الذى تمنى الإنجاب وهى عجوز عقيم فقدت الأمل فى أن تحقق له أمله..أنجبت أمنا هاجر نبى الله إسماعيل فى أرض فلسطين فى منطقة القدس الشريف، ولكنها هجرت رغمًا عنها، دون أدنى إرادة منها، ولم يكن تهجيرها عقابًا لها على فعلٍ فعلته، ولكنه كان لإنقاذها هى ورضيعها بعد إيذائها من ضرتها السيدة سارة، والتى اشتعلت الغيرة فى قلبها وهى ترى السيدة هاجر تدلل رضيعها، وسعادة رزقها بهذا الرضيع الذى حلم به! فغضبت منها وتوعدتها بالإيذاء وهددتها بأخذ جزء من أعضاء جسدها! ويقال أن سيدنا إبراهيم فكر فى حيلة ترضي زوجته سارة ولا تسبب لأمنا هاجر ضررًا شديدًا، عسى يطفىء ذلك نيران الغيرة التى اشتعلت فى قلبها، فقال لزوجته سارة أن تعاقبها بثقب أذنيها، حتى تهدأ من غيرتها وتحقق جزءًا من تهديدها وعرفها أن ذلك نظير تخليها عن إيذاء هاجر فيما بعد !! 

وأصبحت أمنا هاجر بعد ثقب أذنيها الرمز والعلامة المميزة للأنوثة! وأعتقد أنها استغلت ثقب أذنيها وجعلت منه فرصة للتزين بالحلى، فهى حفيدة الملكات، وتعرف كيف تتزين بالحليات، وأغلب الظن أن تناقلت الأجيال  ثقب أذن البنات، للتزين بالحلقان دون أن يعرفن أنه موروث من أمنا هاجر الأميرة الأسيرة الجميلة، وأصبح هذا الثقب لإرتداء الأقراط الذهبية، للتزين والتجمل!. 

ومن كثرة تعرض أمنا هاجر للإيذاء خشي أبو الأنبياء عليها وعلى ولده إسماعيل، لذلك اشتكى سيدنا إبراهيم إلى الله من زوجته المدللة سارة، ومما تفعله فى أم ولده إسماعيل، فأمره سبحانه وتعالى أن يهجرها إلى الأرض المقدسة..هجرت هاجر رغمًا عنها، وأثناء الطريق كلما مر نبى الله على مكان فيه زرع وماء وبشر، تمنى أن تكون تلك هى الأرض المقدسة، ولكن بعد الوصول إلى المكان الذى أراده الله، وجده مهجورًا!.. أنزلها زوجها فى هذه الأرض، وقبل أن يغادرها سألته: الله أمرك بذلك؟! قال: نعم، قالت: فلن يضيعنا أبدا!.

 وجدت المكان موحشًا تملأه الوحدة والظلام، لا زاد ولا ماء ولا أنيس ولا جليس غير رضيعها الذى يهزم السكون بصوت بكائه الضعيف، فيؤنس وحدتها ويقوى إرادتها أن تتمسك بالحياة، وأن تبقى من أجله، فهى الحضن والحصن والأمن والأمان، ولكن أين تجد هى الأمان؟!

بحثت عنه بعقلها، ولم تجده فى هذا الخواء الذى لا ينتهى، فبحثت عنه بروحها، فعرفت الطريق الذى يحول الضيق إلى إتساع، والوحدة إلى الونس والإتناس اللا نهائى! وإلى تشبع وشبع لا يعرف الجوع، والقوة التى تهزم الضعف والإنهزام!

عرفت روحها الطاهرة الطريق الذى أتت منه، والذى نتغافل ونشغل أنفسنا عن التواصل معه، والتوحد به والسير فى طريقه ورحابه، أوصلت روحها بالروح الأم!! روح الله الواحد الأحد الصمد، الأنيس والونيس والجليس الذى لا يغفل ولا ينام ولا يقفل أبوابه فى وجه إنسان.

هامت روحها فى روح الله، فلم تجد للظلام ظلمة، ولا للهيب الشمس حرارة، ولا لزمهرير الشتاء أدنى برودة، ولا لصوت الرياح وزئيرها ما يخيف! من يخاف أو يتألم وهو فى الحصن الحصين؟! وهو هائم فى روح الله يحدثه ويسمعه وينزل على قلبه الرضا وعلى نفسه السكينة؟!

عرفت أمنا هاجر طريق الأمان بالإيمان، وعرفت  القوة التى تغتال ضعفها، ووجدت اليد الحانية العطوفة التى تهدهدها كما تهدهد هى رضيعها!

ليتنا نعرف ماذا كانت تناجى به الله وكيف أحبت الله بما يليق بجلاله وجماله وبهائه وقوته وسلطانه؟ وكيف وصلت بهذا الحب أن تسأل الله فيجيب؟.

 أعطاها الله أكثر مما تحلم..هاجر التى هجرت رغمًا عنها، دائما نعرفها بأنها أم نبى الله إسماعيل أو زوجة سيدنا إبراهيم أو جارية سارة أو أسيرة الملك الجبار سنان! كل ذلك لا يعرفنا من هى! 

هاجر بنت مصر، بنت النيل، بنت هذا الوادي الخصيب الذى كثيرًا ما يمرض ولكنه أبدًا لا يموت! والذى يضعف فتتضاعف قوته، ويهب كمارد يحطم أغلاله ويفنى أعداءه.. هي بنت مصر وقطعة منها، وتحمل صفاتها، هى بنت مصر التاريخ القديم والحضارة الممتدة التى لا تنتهى، والتى تجلب لها حقد الحاقدين وحسد الحاسدين وعيون اللئام المتربصين.

هاجر التى هجرت رغمًا عنها، هى بنت النيل بجماله الساحر للعيون والآخذ للقلوب، الواهب للسعادة والنماء والجمال، الممتد إمتداد الزمن بحلوه ومره! هاجر كطمى نيلنا المعظم، سمرة كسماره معطاءه كعطائه، فيها النماء والارتواء مثله.

 هى رحم للأمان والسكون وسحر العيون، وكأنها جمعت مباهج الدنيا فى عينيها الممتلأتين بالحب والسكينة.. والتساؤل: كيف أصبحت روحانية نورانية معجزة إلهية؟! ولماذا لم يلتفت إليها وإلى  قصتها الكثيرون، عمدًا وليس جهلًا؟!.. هل التجاهل لأنها قصة تفوق الخيال؟!.. هل تجاهلها الرواة لأنها مصرية؟!.. هل تجاهلها المفكرون لأنها إمرأة؟!.. هل تجاهلها المؤرخون لأنها أم أبو العرب نبى الله إسماعيل وجد سيدنا محمد ﷺ خير خلق الله وخاتم الأنبياء والمرسلين؟!

لماذا تجاهلتم هاجر؟.. هاجر المعجزة التى جعلها الله آية لمن يعقلون، للحالمين والبائسين واليائسين والمحرمين والمعذبين فى الأرض !!

هى آية ومعجزة لم نكلف أنفسنا بالبحث عنها والتحقق من قصتها والتعلم من قوتها وإرادتها! لم نعطها جزءًا من حقها علينا، فتجاهلها الجاهلون!

هاجر التى هجرت إلى الأرض المهجورة، الخاوية من دبة قدم إنسان من قرون وقرون، لتصبح بقدوم أمنا هاجر أكثر بقاع الأرض ازدحاما وبركة وأمانًا..هاجر التى سعت بين الجبلين "الصفا والمروة" حتى فجرت الأرض ماءها الموصول بمياه الجنة، فعمرت الأرض القاحلة وصنعت بأناملها الدفء والجمال..

هاجر التى هجرت رغمًا عنها، عاشت الوحدة والظلام حتى أنارت تلك الأرض المقدسة المهجورة بالخير والنماء وباركتها وتباركت بها ونالت من بركتها حتى أصبحت جزءا لا يتجزأ منها، وأصبحت فى رحاب بيت الله الذى نتعبد حوله وتهفو أرواحنا لزيارته وننعم ببركته وضيائه وبهائه ونحن نجهل أو نتجاهل أننا بجانب رحاب الله بجوار أمنا هاجر وولدها نبى الله إسماعيل، فقد كرمها الله وعوضها عن السنين العجاف بالبقاء بجوار بيته وفى حماه من قدومها إلى يوم القيامة !!

يا الله على عطائك وكرمك  ومحبتك ورعايتك لمن يحبك ويتقرب لك ويصل إلى الحقيقة المتغافل عنها أنك أنت وحدك الغاية والأمل والرجاء..لو عاشت هاجر كل حياتها تحلم وتتمنى لما اختارت كما اختار الله لها، وما وصلت للتكريم الذى منحه الله لها..إنه التكريم المعجز الذى نتغافل عنه!.

هاجر التى هجرت رغمًا عنها، عندما نتحدث عنها، يشغلنا الحديث عن وحدتها هى ورضيعها، عن الجوع والظمأ والشتاء وصقيعه ولهيب الشمس وحرقتها والرياح وزئيرها الممتد من الأرض إلى السماء، عن الوحدة والخلاء! ولم نفكر كيف انتصرت على كل ما سبق!

كل ذلك انتصرت عليه بإرادة الروح الحرة المتحررة من قيود بنى آدم وظلمهم، إلى براح الاختلاء بالخالق!.. كانت الدنيا الخاوية من البشر بين يديها خلوة خاصة مع حبيبها وخالقها تناجيه وتحادثه وتسمعه، وتشعر بيديه الكريمة الحانية تحميها وتقويها، وتغذى إرادتها فى حب البقاء، وأصبحت فى خلوتها فى عين الله الذى لا يغفل ولا ينام، ارتمت فى حصن الأمان الدائم الذى لا أمان إلا بإرادته وعونه!

 أثق أنها لم تشعر بالوحدة والخوف أو الحاجة رغم أن الدنيا حرمتها من فتات الحاجة! فمن يسلم وجهه لله، ويرضيه عطاء الله، يعرف معنى الأمان والسكينة وصفاء النفس..

هاجر كما أحبت الله أحبها وكما رضيت أرضاها، وكما عمرت الأرض أصبحت جزءًا من هذا العمار إلى أبد الآبدين..هاجر هجرت رغمًا عنها، لأرض موحشة فحولتها إلى جنة الله على الأرض، وهاجرت بإرادتها راضية مرضية إلى الاتساع اللا نهائى. 

هاجرت بكامل إرادتها إلى الله وتاجرت مع الله فربحت تجارتها، هذه الأميرة الجميلة الأسيرة بنت مصر وشبيهتها، الصابرة الراضية المؤمنة الطائعة، لم تفكر أو تبحث عن سلطة وسلاطين أو جاه أو مال، لكنها الباحثة عن الحقيقة المجردة ووصلت إليها وتنعمت بها، يا الله على حبك لمن تحب!

عندما انتقلت روحها الطاهرة إلى بارئها دفنت بجوار الكعبة بيت الله الحرام.. وهذا التكريم لم ينله أحد سواها هى وابنها المكرم ببنوته لها ولأبيه أبو الأنبياء، وكما غزلت روحها بروح الله وسبحت فى بحور عطائه، كتب لها أن تظل فى رحاب بيت الله وأن تدفن فى الحجر فى مكة المكرمة!

هاجر التى عاشت الوحدة والظلم والظلام وفقدت الونس والمؤانسة، دفنت فى مكان لا يخل لحظة من الأنوار المبهرة ودبيب أقدام زائريه المتلهفون رحمة الله وغفرانه، تؤنس روحها أصوات الدعاء ومناجاة الله التي لا تنقطع لحظة!

ونعم التكريم الذى كرمت به أمنا هاجر.. نعم تكريم المرأة.. ونعم تكريم المصرية.. ونعم تكريم الأم!. 

هذا هو التكريم الحقيقي الذى يجب أن نفخر ونتفاخر به لو تعلمون!

مقالات مشابهة

  • لبنان المرهق بالأزمات.. إعادة الإعمار معركة جديدة
  • مصر والولايات المتحدة تستعرضان الوضع في غزة
  • الهروط يسأل وزير التربية عن معركة “الكرامة” في المناهج
  • الملكة المتوجة
  • انفجار الصراع السعودي الإماراتي في حضرموت وسط معركة النفوذ والولاءات
  • فريق الكتيبة 611 بطلًا لدوري شهداء معركة القطرون
  • ندوة وليست معركة : لا تحولوا الحوار الى حالة طوارئ
  • راشد عبد الرحيم: معركة القصر .. نهاية العصابة
  • شكوى رسمية من ليبيا إلى الفيفا والكاف بعد سلوك “غير أخلاقي” في مباراة أنغولا
  • هاجر.. المهاجرة إلى روح الله