أكد الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن غياب المصطلحات والمعاني الصحيحة للكلمات، يؤدي إلى إشكاليات اجتماعية خطيرة، موضحا أن الناس غالبًا ما يغلفون الأمور السيئة بأسماء تُحسن من معانيها، مما يجعلهم يظنون أنهم على حق، بينما هم في الواقع يقعون في خطأ كبير.

وأكد أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حلقة برنامج "فتاوى الناس"، المذاع على فضائية "الناس"، اليوم الأربعاء، أن الكلمات مثل "إكرامية"، "الشاي بتاعنا"، و"الدخان" أصبحت جزءًا من الحياة اليومية للناس، إلى درجة أن هذه العبارات أصبحت سلوكيات اعتيادية لا يشعرون معها بالضجر أو الاستياء، لافتا إلى أنه من الشائع أن يُقال: "رايح أعمل كذا، طيب خلي معاك فكة عشان لما تقابل فلان تعطيه كذا"، ما يعكس طبيعة التفكير السائدة حول هذه الأمور.

ننشر حيثيات إدانة موظف عام بتهمة الرشوة حكم دفع الرشوة لقضاء المصالح.. الإفتاء تجيب

وأضاف: "علينا أن نعي أن أي شيء يُدفع بغير وجه حق لمن يقوم بأداء هذه المصلحة هو رشوة، يجب أن نسميها باسمها، ونقول إنها رشوة، صحيح أن الكلمة ثقيلة على اللسان، لكنها الحقيقة التي يجب أن نتعامل معها بجدية".

وطرح د. فخر تساؤلات مهمة حول جواز دفع الرشوة، مشيرًا إلى أن تغيير اسمها إلى "إكرامية" أو "هدية" يجعل الشخص لا يفكر في العواقب، مؤكدا على أهمية تسمية الأمور بمسمياتها الصحيحة، حتى نتمكن من نبذ هذه السلوكيات الضارة.

وحث د. فخر على ضرورة فهم ما هي الرشوة، قائلًا: "الرشوة هي المال الذي يُدفع لأداء مصلحة عند موظف معين، أو زملائه، ولا يمكن أداء المصلحة إلا من خلالهم، لذا، من المهم أن نفهم هذه القضية بوضوح وننبذها بكل قوة".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تحسين اجتماعية السلوكيات فتاوى الناس فتوى

إقرأ أيضاً:

أمين البحوث الإسلامية: الفتوى لها مكانة عظيمة في بناء إنسان قادر على التناغم مع الحياة

كتب - محمود مصطفى أبوطالب:

قال الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن الفتوى لها مكانة عظيمة في بناء إنسانٍ قادرٍ على التناغم مع الحياة؛ ففي ظل رحمة الله وتسامح الإسلام يعفى المؤمن من العقد النفسية والتشنجات العصبية التي تهتك حرمة النفس، وتودي به إلى الانتحار، أو الإلحاد؛ لذلك فالفتوى ليست مرتعًا للمتفيهقين من المتشدقين والمتنطعين وأنساقهم، فهؤلاء أخطر أداة لتدمير الإنسان وتعطيل عمارة الكون.

وأضاف الجندي خلال كلمته التي ألقاها صباح اليوم في الندوة التي عقدتها دار الإفتاء المصرية تحت عنوان: (الفتوى وبناء الإنسان)، الثلاثاء، بمقر دار الإفتاء المصرية، أنه من المعلوم أنه تقرَّر إجماعًا أن الشريعة إنما جاءت لمصلحة العباد في العاجل والآجل معًا، ومن أكبر الأخطار في هذا الزمان: استعمال الشبكة العنكبوتية كمصدر لفتاوى المتفيهقين، وأنها كارثة عظمى تخترق جدران البيوت، بل تخترق عظام الرأس وأسوار القلب؛ فالإفتاء عظيم الخطر، كبير الموقع، ويتشكل عقل تقني قد تشبَّع بموجات إلحادية تارة، وتارة متطرفة، يروح ضحيتَها الإنسانُ بطموحاته وآماله.

وأوضح أنه عندما يخوض المتفيهق في استنباط الحُكم من النَّص المحكم، تتصاعد لديه أناة التفيهق فيخوض في المتشابه، فالمفتي الفقيه لديه فقه يتعامل من خلاله في ظل مقاصد الشريعة بالتناغم مع تفعيل طاقة الإنسان للعطاء، ومقصد الشريعة هو رعاية مصالح الناس سواء كانت ضروريات، أو تحسينيات، أو حاجيات، وبناءً على مبدأ رعاية المصالح وضع العلماء واستنبطوا قواعدَ خاصةً برفع المشقة والحراج؛ كقواعد: (المشقة تجلب التيسير)، و(الضرر يُزال)، و(الضرر لا يُزال بالضرر)، و(يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام)، و(الضرورات تقدَّر بقدْرها)، و(يُرتكب أخف الضررين لدفع أشدهما).

وأكَّد أنَّ بضاعة الفقه في تجارة الإنسان الوجودية أربح البضائع، وأنَّ الفقهاء يفهمون مراد الشارع، ويفهمون الحكمة في كل واقع، وفتاويهم تميز العاصي من الطائع، ومِن هنا فالمفتي هو المجتهد المتخصص المدقق، فليس كل مَن أفتى مفتيًا، مشيرًا إلى قول ابن عابدين نقلًا عن ابن الهُمَام : «وَقَدِ اسْتَقَرَّ رَأْيُ الأُصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّ الْمُفْتِيَ هُوَ الْمُجْتَهِدُ، فَأَمَّا غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ مِمَّنْ يَحْفَظُ أَقْوَال الْمُجْتَهِدِ فَلَيْسَ بِمُفْتٍ»، وقول الإمام مالك : «لَا يَنْبَغِي لِمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يُفْتِيَ النَّاسَ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ أَهْلًا لِلْفُتْيَا، فَإِذَا رَآهُ النَّاسُ أَهْلًا لِلْفُتْيَا فَلْيُفْتِ».

وتابع الجندي أننا نرى في الآونة الأخيرة طرحًا من الفتاوى يصطدم ببناء الإنسان، ويشعره بالخوف من الإسلام؛ إذْ فقد هؤلاء روح الشريعة فخرجت جافة ضامرة، تارة بالهجوم على العلماء والأئمة المجتهدين، وتارة برمي الناس بالتكفير والطرد من رحمة الله، وأمرهم بالتفجير واستباحة الدماء والأعراض، وصار المؤمن يُرمَى بالشرك، ويصنف مع الفرق الضالة، ويعرف مكانه في الجحيم؛ لأنه خالف هوى جاهل من أولئك الجهلة.

وبيَّن أنه لم يعِ أصحاب هذه الأبواق المتفيهقة أن أمر الفتوى في الإسلام جد خطير، ولا يستهان به، وسيسأل الله كل إنسان عمَّا قاله أو فعله، يقول الله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا}، وقال تعالى: {وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}.

ولفت إلى أنه يحضره في بيان جهالة المتفيهق المتطرف بثوابت الشرع ومراعاة الموازنة بينه وبين واقع الناس ما يبرزه من فقه عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه- حين تولى الخلافة، أنه أجَّل تطبيق بعض أحكام الشريعة، فلمَّا استعجله ابنه في ذلك أجابه بقوله: «أخاف أن أحمل الناس على الحق جملةً فيدفعوه جملةً، ويكون من ذا فتنة»، ومِن فقه الإمام القرافي قوله: «لا تجمد على المطور في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير إقليمك يستفتيك، لا تخبره على عُرف بلدك، واسأله عن عُرف بلده، وأجره عليه، وأفته به، دون عُرف بلدك والمقرر في كتبك؛ فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدًا ضلال في الدِّين».

مقالات مشابهة

  • هل يجوز دفع رشوة للحصول على حقي؟ أمين الفتوى يجيب
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: «السحر» لن يعطل الزواج لأنه رزق من الله
  • "الشاى بتاعى فين والإكرامية".. أمين الفتوى: تحسين خطير للرشوة
  • هل يجوز الحصول على حقي بالرشوة.. أمين الفتوى يجيب
  • أمين البحوث الإسلامية: الفتوى لها مكانة عظيمة في بناء إنسان قادر على التناغم مع الحياة
  • أمين البحوث الإسلامية: الفتوى يجب أن تراعي مصالح الناس
  • في« ندوة بناءالإنسان».. أمين البحوث الإسلامية: الفتوى ليست مرتعًا للمتشدقين والمتنطعين
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: قذف المحصنات جريمة نكراء
  • أمين الفتوى: قذف المحصنات جريمة وفاحشة نكراء