لحظات من الوعي في مسار الحياة
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
رهف العولقية
تتوالى أحداث الحياة وتستمر، شاء الإنسان أم أبى، سواء تعلَّق بالماضي أو خاف من المستقبل أو عجز عن مُواجهة صعوبات الحاضر بسبب تعلقه أو خوفه، كما ذكرت سابقًا.
ما يُدمر حاضر الإنسان هو عدم استيعابه وإدراكه أنَّ الماضي قد ولَّى، وأن المُستقبل مُتغير وبيد الله. فلا يمكنه التحكم بشيء سوى حاضره.
يتجلى الفارق الجوهري بين الخبير والمبتدئ في عنصر واحد حاسم: الزمن واستغلاله، فرغم أن كليهما قد يصلان إلى نفس النتيجة، إلا أن المسافة الزمنية التي تفصل بينهما قد تكون شاسعة. تختلف الطرق التي يسلكها كل منهما؛ فالخبير قد خاض تجارب عديدة، وتعلم كيف يتجاوز العقبات، بينما المبتدئ لا يزال في خضم اكتشاف سُبل التفادي أو المواجهة. لكن الخبرة لا تقتصر على مجالات العمل أو الدراسة فحسب، بل تمتد لتشمل جوانب الحياة المختلفة. وكل شخص يقرأ هذه السطور سيجد في ذهنه سيناريو خاصاً به، يتماشى مع تجربته الفردية، فنحن جميعًا بشر، لكن عقولنا وأفكارنا تظل متباينة.
أما عن مفهوم الصبر، فهو بعيد عن مجرد التحمل. إنَّ الصبر هو الهدية الخفية وربما المظلمة التي تحملها النظرة الإيجابية. لا يستطيع أحد أن يتحمل ظلام الليل إلا إذا كان يؤمن بأنَّ الفجر قادم. ولا يستطيع المرء أن يواجه المرض إلا بعد أن يرسخ في قلبه إيمان بالشفاء.
بناءً على هذا المبدأ، يمكن تطبيق مفهوم الصبر في شتى جوانب حياتنا، ليصبح قوة دافعة نحو الاستيعاب والفهم والتطور . وعلى هذا النحو، يجب على الإنسان ألا يحزن أو يفقد شغفه وصبره بسبب عقبة ما، فما أنت إلا مبتدئ في مجال يملؤه العديد من الخبراء وما أنت إلا خبير في مجال آخر يملؤه المبتدئون . فقد وُلد الإنسان ليتحدى ويستمر في القتال. فالفشل ليس نهاية، بل بداية جديدة تفتح آفاقًا للنمو والتعلم. لذا، ليحافظ الإنسان على شغفه وصبره، فالحياة هي معركة مستمرة، وكل عقبة هي دعوة لمزيد من القوة والإصرار.
وتمثل الإيجابية الزائدة أحيانًا، مرضًا يُعيق رؤية الحقيقة، وهذا ما أؤمن به. ففي بعض الأحيان، تؤثر الإيجابية المفرطة على قدرتنا على إدراك الواقع، مما يمنعنا من اكتشاف جوانب خفية في تجاربنا. هنا أرى أهمية التفكير النقدي، فكيف يمكن للإنسان أن يتطور ويتعلم إذا كان محاطًا بإيجابية تعميه؟ يجب أن يُواجه الفرد تحديات وصعوبات، إذ إنَّ الهدم ضروري لعملية إعادة البناء. يمكن تشبيه الإنسان بالبيت؛ عندما يكون طابقه الأول قائمًا على آراء إيجابية بحتة، فإنَّ ذلك لا يُسهم في تطويره. لكن، قد يؤدي التعرض لأفكار وتجارب سلبية ونقدية إلى إعادة بناء هذا البيت الذي يمثل الذات. مما يتيح للفرد التقدم إلى طوابق أعلى.
إنَّ الحياة تستمر بهذه الديناميكية، وهذه مُجرد فلسفة تعكس أفكاري الشخصية في هذه اللحظة. لا يمكن اعتبارها حقيقة ثابتة، فهناك من يتفق معها ومن يُعارضها، وهناك من يتأمل لحظات الوعي. ما أكتبه هنا هو مجرد تعبير عن رؤيتي الراهنة، وما يهمني هو الإدراك، ولحظات الوعي في معركة الحياة المستمرة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الطيار الإسرائيلي يحكي لحظات الاقلاع واستهداف اليمن (ترجمة خاصة)
كشف طيار في سلاح الجو الإسرائيلي عن غاراته الجوية التي نفذها على اليمن، واستهدفت منشآت حيوية في مناطق سيطرة الحوثيين.
وقال الطيار الرائد د.، 26 عامًا، في تصريحات نقلتها " ynetnews" العبرية وترجمها للعربية "الموقع بوست" إن ضربة اليمن تعد أطول مهمة له، حيث تتطلب حل المشكلات أثناء الطيران، والتركيز الشديد لشن هجوم دقيق على أهداف الحوثيين والعودة الآمنة إلى الوطن بعد العملية عالية المخاطر.
وأضاف متحدثا عن الضربة "بعد إطلاق الذخائر، لن يكون هناك فرصة لأخذها مرة أخرى".
وحسب الصحيفة "هبط الرائد د. في قاعدة رامون الجوية في الساعة 5:30 صباحًا يوم الخميس، تمامًا كما تشرق الشمس، ليكمل أطول رحلة في حياته المهنية.
وقالت كان طيار إف-16 البالغ من العمر 26 عامًا قد أمضى ست ساعات في قمرة القيادة الضيقة، حيث طار لمسافة 2000 كيلومتر (1243 ميلاً) إلى اليمن لضربة دقيقة بينما كان صاروخ باليستي يتجه في الاتجاه المعاكس نحو إسرائيل.
يقول الطيار "لقد قرأت وفهمت وأوافق على اللوائح وسياسة الخصوصية، وأعطي موافقتي أيضًا على تلقي المواد الإعلانية من مجموعة المجلات وفقًا للتفاصيل أعلاه".
كانت طائرته واحدة من 14 طائرة شاركت في العملية التي استهدفت مواقع الحوثيين في اليمن. ولأول مرة، ضربت الضربات العاصمة صنعاء، إلى جانب مدن ساحلية أخرى. وشملت المهمة خمسة أهداف بعشرات المكونات، تم تدميرها بواسطة 80 قنبلة ثقيلة.
استعد د. وسربه للعملية بدقة على مدى أسبوعين. ولتحمل الساعات المرهقة في الجو، أعطى د. الأولوية للراحة، بما في ذلك القيلولة في فترة ما بعد الظهر قبل الرحلة، لضمان استعداده جسديًا لواحدة من أخطر المهام في حياته المهنية.
"الصعوبة الرئيسية هي الأداء في اللحظة الحرجة خلال مثل هذه المهمة الطويلة، الأمر الذي يتطلب مني البقاء متيقظًا ومتنبهًا في جميع الأوقات"، قال د. لصحيفة يديعوت أحرونوت وصحيفة يديعوت أحرونوت الشقيقة. "كانت الرحلة هناك أسهل لأن هناك الكثير مما يجب القيام به - فحص أنظمة الأسلحة، والملاحة في السماء المزدحمة والتزود بالوقود أثناء الرحلة، وهو دائمًا أكثر تحديًا في الظلام. الاقتراب لمسافة 10 أمتار من طائرة التزود بالوقود في الليل ليس بالمهمة السهلة"، أوضح.
وخلال المهمة، واجه د. وملاحه لحظة متوترة عندما أضاء مؤشر عطل خزان الوقود. وبعيدًا عن الأراضي الإسرائيلية، كان عليهم حل المشكلة في الجو لتجنب تأخير العملية. وقال: "نتدرب على العديد من السيناريوهات مسبقًا لأن المشكلات الفنية أو التشغيلية تنشأ غالبًا في مثل هذه الرحلات الطويلة"، مؤكدًا على استعداد الطيارين لمثل هذه الطوارئ.
"اللحظة الحاسمة، "وقت المال"، هي عندما نطلق الذخائر. لا توجد فرصة ثانية. كانت مشاهدة القنبلة تسقط وتضرب زوارق السحب الحوثية تجربة قوية"، كما روى. "عندما رأيت الضوء الساطع الناتج عن الاصطدام، عرفت أنني أصبت الهدف. بعد ذلك، خفت حدة التوتر إلى حد ما، وخلال رحلة العودة، تمكنا من التحدث عن أمور شخصية - سواء مع بعضنا البعض أو مع الطيارين الآخرين".
قال د. إنه والآخرون واجهوا نيرانًا مضادة للطائرات، على الرغم من قيام إيران بتزويد المتمردين بأنظمة صواريخ أرض-جو. وأوضح: "قام ضابط في غرفة حرب القوات الجوية بمزامنة جميع عناصر العملية، من الاستخبارات إلى الاتصالات والتسليح والقيادة الجوية". "هذا النوع من المهام يتطلب تنسيقًا دقيقًا لعشرات العوامل، وكلها مكثفة في بضع ساعات متوترة".
وكان التحدي الآخر هو تجنب الاتصال بالطائرات المدنية. قال د.، مشددًا على تعقيدات العمل في المجال الجوي الدولي: "لم نكن نعرف أن صاروخًا قد أطلق على إسرائيل في نفس الوقت الذي كنا نتجه فيه إلى اليمن".
وقد طرح تقييم تأثير الضربة على منشآت النفط والطاقة عقبات إضافية. وأشار د. إلى أنه "من الصعب تقييم النتائج عندما تكون الأهداف بعيدة للغاية، على عكس الحال في لبنان أو غزة.
وقال "في هذه الحالة، نفذنا الضربة بطريقة فريدة واستخدمنا معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر في صباح اليوم التالي لتأكيد النتائج من خلال التقارير واللقطات من اليمن".
ويظل د. حازماً بشأن المهام المستقبلية. "إذا كانوا يريدون حرب استنزاف، فسوف يحصلون عليها. على الأقل لقد حققنا أهدافنا - ولدينا المزيد في البنك".