المقاومة مُستمرة.. وستنتصر
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
مسعود أحمد بيت سعيد
masoudahmed58@gmail.com
إذا كان التاريخ يُعيد نفسه مرتين، في المرة الأولى كمأساة، وفي المرة الثانية كمهزلة، فإنَّ التاريخ العربي يُعيد نفسه مئات المرات كمأساة ومهزلة معًا، غير أن هذه الصورة السلبية العامة لا تخلو من ومضات مشرقة، ولا يجوز أن تغيب عن الأذهان، وأن ذلك لا يُغني عن أهمية بحث أسباب الأزمة البُنيوية التي تُعيد إنتاج المآسي والمهازل بمظاهرها وتجلياتها، وسيكون فحص التركيبة الاقتصادية والاجتماعية والوقوف بشكل محدد على طبيعة وتكوين القوى المتحكمة بزمام القرار السياسي وارتباطاتها الأجنبية هي الخطوة الأولى.
في حين أن نشر الوعي الثوري المضاد لنهج الاستسلام والتمسك بالمقاومة بكافة أشكالها كخيار استراتيجي ورفض التسليم بهزيمة الأمة العربية، وهو ما يُراد تكريسه من أجل قتل الروح المعنوية وبث اليأس والإحباط في صفوف الجماهير، بمثابة الخطوة الثانية. وهذه الأخيرة بالذات، تستدعي سؤالين محددين؛ الأول: متى قاتلت الأمة العربية؟! وأين هُزِمت؟ والسؤال الثاني: لماذا لم تُقاتل بشكل جماعي، ولم تُعبِّئ طاقاتها ضد عدوها التاريخي؟
وفي غمرة الغليان الشعبي وجلد الذات على خلفية حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني وامتداها نحو لبنان والقوى المساندة لنضاله العادل والمشروع، وفي إطار ارتفاع نغمة طمس التضحيات العربية، سنحاول التوقف عند بعض الحقائق التاريخية التي تنتصر لنضال الأمة العربية؛ سواءً من خلال الجيوش العربية الرسمية، كما حصل في حروب 1948 و1956 و1967 و1973، أو من خلال المقاومة الشعبية التي مثَّلت ذروتها الثورة الفلسطينية المعاصرة بعد 1967، والمقاومة الوطنية اللبنانية بعد اجتياح بيروت سنة 1982، مرورًا بالانتفاضة الفلسطينية سنة 1987 وما تلاها، وصولًا إلى المقاومة الإسلامية الحالية بتلاوينها المختلفة، والتي يمثل "حزب الله" نموذجها الأبرز.
إنَّه بمجرد استرجاع تلك المراحل، يتضح لنا أن المقاومة كانت على الدوام مُستمرة، غير أنها كانت وما تزال بجزء من الجماهير العربية، وبجزء من الإمكانات المادية السياسية والعسكرية. وهذا ينقلنا للسؤال الثاني وهو: لماذا لم تُقاتل الأمة العربية بشكل جماعي ضد عدوها التاريخي؟ الأمر الذي لا يتطرق إليه الشك أن فريقًا فاعلًا في الأمة العربية ارتبطت مصالحه ووجوده بالوجود الاستعماري، وكان وما يزال من حيث المبدأ ضد كل قوى التحرر الوطني في المنطقة والعالم، بصرف النظر عن بُعدها الآيديولوجي، وقد خاض- تاريخيًا- معارك على كافة الصعد الإعلامية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، لمصلحة الإمبريالية والصهيونية العالمية، وفي كل محطة نضالية يُسخِّر إمكانياته لخدمة الطرف النقيض لمصالح الأمة العربية العليا، وحقها في التحرُّر من السيطرة الاستعمارية والاحتلال الصهيوني، وذلك بافتعال الخلافات للقضاء على نهج التصدي للمشروعين الإمبريالي والصهيوني، فكرًا وممارسةً.
وقد استقر كأداة من أدوات الإمبريالية؛ حيث أدى دورًا بارزًا في تمرير أجندتها الاستراتيجية وحرف بوصلة الصراع عن مجراها الطبيعي. وإذا كان التشكيك في دوافع بعض القوى الداعمة للمقاومة ووضعها في خانة الصراعات المذهبية والطائفية العبثية يمثل مُرتكزَها الجوهري في هذه المرحلة، فمن المفيد التذكير بأنَّ المقاومة العربية ليست وليدة اللحظة الراهنة، وقد تعاقبت على قيادتها قوى سياسية ذات طابع قومي ويساري، بينما ظلت تلك القوى الرجعية المُتحالفة مع القوى الاستعمارية على مواقفها الثابتة! وهذا يدحض الادعاءات التي تتذرع بها، والحجج التي تسوغها في تبرير تخاذلها.
وأمام هذه الحقائق يتجدد السؤال التاريخي: ما العمل؟ وكيف الخروج من هذا المأزق القاتل؟
لن تكون الإجابة بتلك البساطة، بَيْدَ أن بعض التجارب الثورية التحررية الناجحة تقدم جزءًا من الجواب؛ حيث تؤكد أهمية تغليب التناقضات الرئيسية على التناقضات الثانوية- مهما كان حجمها- لجهة حشد كافة الطاقات لمصلحة الهدف الاستراتيجي، وعدم إغراق الحاضنة الشعبية بمعارك جانبية، ريثما تنجلي الغيوم الفكرية والسياسية وتتضح أبعاد المواقف أمام القطاع الجماهيري العريض، الذي سيبقى على ثوابته من الغزوة الصهيونية. وإذا كان معظم النظم العربية الرسمية لم يعد التناقص معها تناقضًا ثانويًا، فإنَّ الدخول في مواجهتها في أتون الصراع العنفي، يعني في العمق تقديم خدمة مجانية للقوى الإمبريالية والصهيونية، والانسياق خلف مخططاتها الجهنمية. غير أن تفجير أوضاعها الداخلية دون الانجرار إلى المحظورات الوطنية والقومية، مسألة معقدة ومركبة، وربما السبيل الوحيد والأقرب للواقعية يتمثل في التركيز على العدو الصهيوني، ووضعها أمام الخيارات الصعبة، وبطبيعة الحال فإنَّ تحالفها العلني والسافر مع الإمبريالية والصهيونية، سيُفقدها- مع اشتداد المواجهة- ثلاثة أرباع قوتها ومشروعيتها على الأقل؟ ولعل هذا ما أشار إليه الدكتور جورج حبش أحد أبرز الرموز الثورية العربية في القرن العشرين، عندما قال إن مواجهة العدو الصهيوني هو الطريق المختصر لصهر جزء كبير من التناقضات العربية في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محمد وداعة يكتب: تقدم .. تتصدع
*اضعاف دور القوى السياسية وتعليه كعب منظمات المجتمع المدنى و الحركات المسلحة اهم عوامل تفكك تقدم*
*تعقيدات كثيرة حالت بين هذه المجموعة و بين المضى الى فتح حوار حقيقى داخل تقدم ممكن يفضى الى تبنى منهج سياسى جديد*
*المفاصلة : تطرح قضايا و شاكالات تتعلق بمن سيرث الاسم ( تقدم ) ، و قضايا اعادة الهيكلة و الوظاف القيادية*،
*المفاصلة : اعادة النظر فى اتفاق اديس مع ( الدعم السريع ) ، و قضايا التمويل و الالتزامات المالية* ،
*المفاصلة : بروز مؤشرات لتقارب تجاه القوى الوطنية الداعمة لسيادة البلاد واستقلال القرار الوطنى،*
*المفاصلة : تقتضى فك الارتباط بالامارات*
*المفاصلة : انباء عن اتصالات يجريها الدقير مع القوى السياسية خارج تقدم ، و رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان*
تقدم تحالف مخدوم ، و ( متعوب عليه ) ، و كان اعلانه امتداد لمشروع فولكر و الرباعية و ثمرة لجهود اروبية و بريطانية و تعهدات بالتمويل ، و لعل الغرض كان حشد اكبر عدد من القوى المدنية و السياسية فى جبهة واحدة تبدو اكثر انسجامآ و تماسكا مما بدا عليه الحال بعد تاسيس تقدم ، كان تأثير الاتحاد الاروبى لجهة تعظيم دور منظمات المجتمع المدنى على حساب دور القوى و الاحزاب السياسية اكبر عوامل فشل تقدم فى ان تكون محلآ لجبهة وطنية عريضة تتفق على أهداف متعلقة بإيقاف الحرب ورؤية ما بعد إيقافها، تعقيدات كثيرة حالت بين هذه المجموعة و بين المضى الى فتح حوار حقيقى داخل تقدم ممكن يفضى الى تبنى منهج جديد يسترشد بارث الثورة و يمييز بين الاهداف الاستراتيجية الوطنية و بين الانخراط فى اجندات دولية و اطماع اجنبية و التعاطى مع الاجهزة الاستخبارية الاجنبية ،وصولآ الى ما يحدث داخل تقدم من بوادر لانشقاقات بين مكونات تريد المشاركة في حكومة (مدنية) داخل مناطق سيطرة المليشيا وأخرى رافضة ،
من الصعوبة بمكان تصور وجود فصيل يدعو لتشكيل حكومة وآخر ضدها ضمن تحالف واحد بقنوات تنظيمية واحدة و بالطبع هى مفاصلة ، و تطرح قضايا و اشكالات ليست سهلة تتعلق بمن سيرث الاسم ( تقدم ) ، و قضايا اعادة الهيكلة و الوظائف القيادية ، و عما اذا كان اى من الفريقين سيعيد النظر فى اتفاق اديس مع ( مليشيا الدعم السريع ) ، و قضايا التمويل و الالتزامات المالية ، ربما سيتم الاتفاق وديآ على بعض القضايا و الاختلاف و النزاع فى قضايا اخرى ،خاصة الاسم و الختم ، اذ ان هناك اتفاقات و مكاتبات و بروتوكولات باسم تقدم لا زالت فاعلة و تؤتى اكلها ،
هل ستتوقف القوى الرافضة لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع عند محطة الرفض ، ام ستنقلها هذه الخطوة الى مربع اكثر تميزآ فى مناهضة خطط رفاق الامس من قوى تقدم الراغبة فى توثيق رباطها بالدعم السريع ومشروعه المدعوم اقليميآ ، و هل فى افق هذا الموقف النية لابداء تقارب اكثر وضوحآ و الاقتراب تجاه اغلبية القوى الوطنية الداعمة لسيادة البلاد واستقلال القرار الوطنى الذى تمثله قيادة القوات المسلحة و يعبر عنه رئيس مجلس السيادة و قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ، و تسانده الاغلبية الغالبة من ابناء و بنات الشعب السودانى ، تشير معلومات الى اتصالات يقوم بها رئيس حزب المؤتمر السودانى الدقير ، لجهة الدفع بالموقف الجديد لعدد من القوى السياسية داخل تقدم و رفض الانجرار لتشكيل حكومة فى مناطق سيطرة الدعم السريع ، و تطوير العلاقة مع القوى السياسية خارج تقدم ، و اجراء اتصالات مع قيادة القوات المسلحة ، على اساس الالتزام بالانخراط فى حوار سودانى – سودانى لا يقصى احدآ ، للقضايا المطروحة عبر مؤتمر دستورى يستند على عقد اجتماعى جديد بين السودانيين ، و دستور دائم يضمن المساواة و الحريات العامة و العدالة الاجتماعية ، و التداول السلمى للسلطة عبر الانتخابات.. الخ ،
في ظل الانتصارات الكبيرة للقوات المسلحة و القوات المساندة لها ، و صمود غير عادى للفاشر والدعم اللامحدود الذى تجده من الشعب السودانى ، ومع التراجع االواضح الذى تشهده قدرات المليشيا ، و تاثير ذلك على الاوضاع السياسية الداخلية ، و فضح كل الاكاذيب حول حماية المدنيين ، و نذر المجاعة ، مع ما تحمله من بشريات بالنصر المؤزر على المليشيا ومشروعها الاستيطانى المدعوم من الامارات ، ربما هذا سيضع ضغوطآ هائلة على مجموعة الدقير فى تقدم لجهة فك الارتباط بالامارات ، وهو افضل ما يمكن حدوثه مبكرآ و الآن ،
محمد وداعة
إنضم لقناة النيلين على واتساب