جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-19@22:51:46 GMT

المقاومة مُستمرة.. وستنتصر

تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT

المقاومة مُستمرة.. وستنتصر

 

مسعود أحمد بيت سعيد

masoudahmed58@gmail.com

 

إذا كان التاريخ يُعيد نفسه مرتين، في المرة الأولى كمأساة، وفي المرة الثانية كمهزلة، فإنَّ التاريخ العربي يُعيد نفسه مئات المرات كمأساة ومهزلة معًا، غير أن هذه الصورة السلبية العامة لا تخلو من ومضات مشرقة، ولا يجوز أن تغيب عن الأذهان، وأن ذلك لا يُغني عن أهمية بحث أسباب الأزمة البُنيوية التي تُعيد إنتاج المآسي والمهازل بمظاهرها وتجلياتها، وسيكون فحص التركيبة الاقتصادية والاجتماعية والوقوف بشكل محدد على طبيعة وتكوين القوى المتحكمة بزمام القرار السياسي وارتباطاتها الأجنبية هي الخطوة الأولى.

في حين أن نشر الوعي الثوري المضاد لنهج الاستسلام والتمسك بالمقاومة بكافة أشكالها كخيار استراتيجي ورفض التسليم بهزيمة الأمة العربية، وهو ما يُراد تكريسه من أجل قتل الروح المعنوية وبث اليأس والإحباط في صفوف الجماهير، بمثابة الخطوة الثانية. وهذه الأخيرة بالذات، تستدعي سؤالين محددين؛ الأول: متى قاتلت الأمة العربية؟! وأين هُزِمت؟ والسؤال الثاني: لماذا لم تُقاتل بشكل جماعي، ولم تُعبِّئ طاقاتها ضد عدوها التاريخي؟

وفي غمرة الغليان الشعبي وجلد الذات على خلفية حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني وامتداها نحو لبنان والقوى المساندة لنضاله العادل والمشروع، وفي إطار ارتفاع نغمة طمس التضحيات العربية، سنحاول التوقف عند بعض الحقائق التاريخية التي تنتصر لنضال الأمة العربية؛ سواءً من خلال الجيوش العربية الرسمية، كما حصل في حروب 1948 و1956 و1967 و1973، أو من خلال المقاومة الشعبية التي مثَّلت ذروتها الثورة الفلسطينية المعاصرة بعد 1967، والمقاومة الوطنية اللبنانية بعد اجتياح بيروت سنة 1982، مرورًا بالانتفاضة الفلسطينية سنة 1987 وما تلاها، وصولًا إلى المقاومة الإسلامية الحالية بتلاوينها المختلفة، والتي يمثل "حزب الله" نموذجها الأبرز.

إنَّه بمجرد استرجاع تلك المراحل، يتضح لنا أن المقاومة كانت على الدوام مُستمرة، غير أنها كانت وما تزال بجزء من الجماهير العربية، وبجزء من الإمكانات المادية السياسية والعسكرية. وهذا ينقلنا للسؤال الثاني وهو: لماذا لم تُقاتل الأمة العربية بشكل جماعي ضد عدوها التاريخي؟ الأمر الذي لا يتطرق إليه الشك أن فريقًا فاعلًا في الأمة العربية ارتبطت مصالحه ووجوده بالوجود الاستعماري، وكان وما يزال من حيث المبدأ ضد كل قوى التحرر الوطني في المنطقة والعالم، بصرف النظر عن بُعدها الآيديولوجي، وقد خاض- تاريخيًا- معارك على كافة الصعد الإعلامية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، لمصلحة الإمبريالية والصهيونية العالمية، وفي كل محطة نضالية يُسخِّر إمكانياته لخدمة الطرف النقيض لمصالح الأمة العربية العليا، وحقها في التحرُّر من السيطرة الاستعمارية والاحتلال الصهيوني، وذلك بافتعال الخلافات للقضاء على نهج التصدي للمشروعين الإمبريالي والصهيوني، فكرًا وممارسةً.

وقد استقر كأداة من أدوات الإمبريالية؛ حيث أدى دورًا بارزًا في تمرير أجندتها الاستراتيجية وحرف بوصلة الصراع عن مجراها الطبيعي. وإذا كان التشكيك في دوافع بعض القوى الداعمة للمقاومة ووضعها في خانة الصراعات المذهبية والطائفية العبثية يمثل مُرتكزَها الجوهري في هذه المرحلة، فمن المفيد التذكير بأنَّ المقاومة العربية ليست وليدة اللحظة الراهنة، وقد تعاقبت على قيادتها قوى سياسية ذات طابع قومي ويساري، بينما ظلت تلك القوى الرجعية المُتحالفة مع القوى الاستعمارية على مواقفها الثابتة! وهذا يدحض الادعاءات التي تتذرع بها، والحجج التي تسوغها في تبرير تخاذلها.

وأمام هذه الحقائق يتجدد السؤال التاريخي: ما العمل؟ وكيف الخروج من هذا المأزق القاتل؟

لن تكون الإجابة بتلك البساطة، بَيْدَ أن بعض التجارب الثورية التحررية الناجحة تقدم جزءًا من الجواب؛ حيث تؤكد أهمية تغليب التناقضات الرئيسية على التناقضات الثانوية- مهما كان حجمها- لجهة حشد كافة الطاقات لمصلحة الهدف الاستراتيجي، وعدم إغراق الحاضنة الشعبية بمعارك جانبية، ريثما تنجلي الغيوم الفكرية والسياسية وتتضح أبعاد المواقف أمام القطاع الجماهيري العريض، الذي سيبقى على ثوابته من الغزوة الصهيونية. وإذا كان معظم النظم العربية الرسمية لم يعد التناقص معها تناقضًا ثانويًا، فإنَّ الدخول في مواجهتها في أتون الصراع العنفي، يعني في العمق تقديم خدمة مجانية للقوى الإمبريالية والصهيونية، والانسياق خلف مخططاتها الجهنمية. غير أن تفجير أوضاعها الداخلية دون الانجرار إلى المحظورات الوطنية والقومية، مسألة معقدة ومركبة، وربما السبيل الوحيد والأقرب للواقعية يتمثل في التركيز على العدو الصهيوني، ووضعها أمام الخيارات الصعبة، وبطبيعة الحال فإنَّ تحالفها العلني والسافر مع الإمبريالية والصهيونية، سيُفقدها- مع اشتداد المواجهة- ثلاثة أرباع قوتها ومشروعيتها على الأقل؟ ولعل هذا ما أشار إليه الدكتور جورج حبش أحد أبرز الرموز الثورية العربية في القرن العشرين، عندما قال إن مواجهة العدو الصهيوني هو الطريق المختصر لصهر جزء كبير من التناقضات العربية في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

روائع الفنون من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية .. مرآة تعكس روائع الأمة

احتفل المتحف الوطني صباح اليوم بافتتاح معرض "روائع الفنون من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية"، برعاية معالي سالم بن محمد المحروقي، وزير التراث والسياحة ورئيس مجلس أمناء المتحف الوطني، وبحضور الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، نائب حاكم إمارة الشارقة، ويأتي المعرض نتيجة تعاون بين المتحف الوطني وهيئة الشارقة للمتاحف.

ويهدف المعرض، الذي يستمر حتى الثالث من مايو القادم، إلى إبراز جمالية الفن الإسلامي وتطوره جنبًا إلى جنب مع الإسهامات العلمية لعلماء المسلمين عبر العصور، من خلال عرض 82 مُقتنى فريدًا من روائع فنون الحضارة الإسلامية ونتاج العلماء المسلمين، تعكس جميعها مدى ثراء الثقافة الإسلامية وصمودها عبر الأزمان والحروب، إلى جانب تأثيرها وتأثرها بمناحي الحياة العلمية والاجتماعية والفنية، ومن بين أبرز المقتنيات المعروضة مصحف مخطوط يعود لعام 1074 هجريًا، وأول درهم مغولي فضي لهولاكو تم سكه في بغداد بعد الاحتلال المغولي للدولة العباسية عام 659 هجريًا، وإبريق من الفخار المذهب يعود إلى القرن السابع الهجري، وغيرها من المعروضات النادرة.

كنوز معرفية

وفي كلمة له قبل افتتاح المعرض، قال سعادة جمال بن حسن الموسوي، الأمين العام للمتحف الوطني: في إطار الدبلوماسية الثقافية التي ينتهجها المتحف الوطني، يُقام معرض "روائع الفنون من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية" في المتحف الوطني، وهو استمرار لخطوة خطاها المتحف الوطني، بدءًا بإقامة معرض "الحضارة العُمانية: النشأة والتطور" في عام 2023 في متحف الشارقة للآثار، والذي حظي برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ما فتح أبواب التعاون المتحفي بين المتحف الوطني وهيئة الشارقة للمتاحف.

وأضاف: يقدم معرض "روائع الفنون من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية" مقتنيات تمثل كنوزًا معرفية من العصور الإسلامية، والتي يمكن الاستدلال بها على التقدم العلمي والحضاري والمعرفي الذي كانت تشهده تلك العصور، وكيف أسهم الإسلام في تأسيس حضارة متينة أساسها العلم، والارتقاء بالمعرفة والنهوض بالمعارف البشرية وتسخيرها لخدمة الأرض والإنسان.

معروضات نادرة

كما قدمت سعادة عائشة راشد ديماس، المديرة العامة لهيئة الشارقة للمتاحف، كلمة قالت فيها: المعرض يجسد الروابط الأخوية الوثيقة والعلاقات التاريخية العميقة التي تجمع دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان، في ظل دعم ورعاية القيادتين الحكيمتين لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وجلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان الشقيقة، وحرصهما على تعزيز التعاون والعمل المشترك ودفعه إلى آفاق أرحب، ولقد كانت زيارة صاحب السمو حاكم الشارقة إلى سلطنة عُمان حافزًا رئيسيًا لتنظيم هذا المعرض، ترجمة لرؤيته السديدة في توظيف الثقافة والفنون كجسر يعزز الروابط المتينة بين الأشقاء، ويكرس قيم التعاون والتبادل الثقافي بين بلدينا، والتي تؤطرها الروابط التاريخية والثقافية والاجتماعية الممتدة عبر التاريخ في مختلف المجالات.

وتابعت قائلة: يسعدنا أن نقدم عبر هذا المعرض مجموعة استثنائية من القطع النادرة، التي يُعرض بعضها للمرة الأولى خارج دولة الإمارات العربية المتحدة، لتكون شاهدة على الإرث العريق الذي يجمع شعبينا، ويعكس الروابط التاريخية العميقة، وهذه المجموعة تعكس الحرفية الفائقة والإبداع الذي تميزت به الحضارة الإسلامية عبر العصور، ومن بين هذه التحف الفريدة، إبريق من الفخار المذهب يعود إلى القرن السابع الهجري، والذي يعد نموذجًا يدل على استمرارية الفنون الإسلامية عبر العصور رغم التغيرات في الحكم والاقتصاد وحتى مواد الإنتاج، وأول درهم إسلامي سُك في بغداد بعد الاحتلال المغولي عام 656 هجريًا، في دلالة على صمود الحضارة الإسلامية وقدرتها على التجدد، إضافة إلى مصحف مخطوط يعود لعام 1074 هجريًا، خطَّه الخطاط حافظ عثمان، الذي يعد من أعظم الخطاطين العثمانيين في عصره.

ثلاثة أقسام

ورافقت انتصار العبيدلي، أمينة متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، راعي الحفل والضيوف أثناء تجولهم في المعرض، مقدمة لهم شرحًا وافيًا عن أقسامه الثلاثة وما يضمه من مقتنيات متنوعة.

وفي لقاء مع وسائل الإعلام، قالت العبيدلي: سعدنا بهذا التعاون مع المتحف الوطني لعرض 82 مقتنى تم توزيعها على ثلاثة أقسام رئيسية، بدءًا بقسم فنون الخط، مرورًا بقسم علوم وابتكارات، وانتهاء بقسم التناغم والتنوع، وهذه المجموعة القيمة، التي عكست التطور الحضاري الإسلامي تاريخيًا وجغرافيًا، ستتيح للزائر الاستمتاع بمشاهدة روعة الفنون الإسلامية، من فنون الخط العربي التي تجسدت في مجموعة متنوعة من المواد، كالمخطوطات والمسبوكات الإسلامية، إلى المصاحف والصفحات القرآنية، كما يسلط المعرض الضوء على إسهامات علماء المسلمين، متضمنًا أدوات فلكية مختلفة، وأخرى طبية استخدمت في مجالات متعددة، منها أدوات الكي، بالإضافة إلى مخطوط طبي مترجم من اليونانية إلى العربية، وهناك كذلك مقتنيات مصنوعة من الزجاج والمشغولات المعدنية والفخار، تجسد التبادل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي بين الحضارات الإسلامية عبر العصور.

مقالات مشابهة

  • العالم العربي ولحظة الخطر الحقيقية
  • الأمة العربية.. موت يتجدد وصمت يطول
  • ما دور العلماء وكيف ينبغي أن تكون علاقتهم بالحكام؟
  • على خطى شفيع الأمة..
  • خيانة العهود: عندما تتساقط أكذوبة الوحدة العربية تحت قصف الطائرات
  • تعيين عبدالرحمان قنشوبة رئيسا للمجموعة البرلمانية لـ”الأرندي” بمجلس الأمة
  • حماس: ندعو الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم للتظاهر رفضا لاستئناف الحرب
  • هيئة حقوقية تطالب بفتح بحث قضائي في مالية جامعة ألعاب القوى التي دمرها أحيزون
  • روائع الفنون من متحف الشارقة للحضارة الإسلامية .. مرآة تعكس روائع الأمة
  • كلنا مدعوون لنصرة اليمن في وجه العدوان الصهيو – أمريكي