تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في إطار التعاون المثمر بين هيئة الرقابة النووية والإشعاعية ووزارة التضامن الاجتماعي ، وتحت رعاية وزارة التضامن الاجتماعي ممثلةً في مديرية التضامن الاجتماعي ببورسعيد ، والتنظيم والمتابعة من جمعية المساعدات الإسلامية ورعاية الأسرة ببورسعيد ، تم عقد ندوة بعنوان دور هيئة الرقابة النووية والإشعاعية  في الحماية من المخاطر الإشعاعية، من داخل نادي الوفاء للمسنين ببورسعيد، تزامنًا مع الاحتفال بالذكرى الـــ 51 لصر أكتوير المجيد، وكذلك اليوم العالمي لكبار السن والمقرر له الأول من أكتوبر من كل عام،  ولا سيما أن أصحاب الفضل من كبار السن لهم حقٌ أصيل على الهيئة في التوعية بدورها.

 جاء ذلك بحضور الدكتورة انجي حسن وكيل وزارة التضامن الاجتماعي ببورسعيد،  ونجلاء إدوارد مقررة المجلس القومي للمرأة ببورسعيد، والشيخ محمد الحديدي ممثلا عن مديرية الأوقاف ببورسعيد، والقس فيلوباتير ممثل كنيسة أبو سيفين ببورسعيد وممثلين عن نادي قضاة بورسعيد، و رئيسة فرع هيئة التأمين الصحي الشامل ببورسعيد، وابطال حرب أكتوبر، والأحزاب، والجمعيات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني، وعدد من الشخصيات العامة بالمحافظة، و مجلس إدارة جمعية المساعدات الإسلامية ورعاية الأسرة ببورسعيد برئاسة الأستاذ سامي الرشيدي وفريق التواصل بهيئة الرقابة النووية والإشعاعية برئاسة الدكتورة ماهيتاب المناوي، رئيسة إدارة العلاقات العامة والتعاون الدولي، ورامي عفيفي، أخصائي أول التواصل الإستراتيجي والتعاون الدولي بالهيئة،  ومحمود جودة أخصائي أول العلاقات العامة، ورئيس تحرير مجلة الهيئة . 
حيث استُهل اللقاء بكلمة ترحيب من سامي الرشيدي رئيس مجلس إدارة جمعية المساعدات الإسلامية ورعاية الأسرة ببورسعيد بالسادة الحضور، مثمنًا حرص هيئة الرقابة النووية والإشعاعية على مشاركة أسرة نادي الوفاء للمسنين ببورسعيد الاحتفال بالذكرى الحادية والخمسين لنصر أكتوبر المجيد، وكذلك الاحتفال باليوم العالمي لكبار السن، متطلعًا إلى عقد المزيد من الملتقيات خلال الفترة القادمة،  أعقبها كلمة الدكتورة انجي حسن والتى عبرت عن سعادتها بهذا اللقاء مؤكدة أهمية وضرورة التوعية بدور هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، ثم جاءت كلمة محمود جودة، والذي عبر من خلالها عن مدى سعادة الهيئة بهذا اللقاء، والذي يتسم بالدفء والمحبة، معربا عن تقدير الهيئة لأصحاب الفضل من كبار السن وأنه حقٌ أصيل على الهيئة التواصل معهم وتوعيتهم بدور الهيئة في الحماية من المخاطر الاشعاعية،ثم كلمة الدكتورة ماهيتاب المناوي، والتي عبرت فيها عن اعتزازها بتنظيم هذا اللقاء تحت مظلة المبادرة الرئاسية للتنمية البشرية، بداية جديدة لبناء الإنسان، والتي تهدف إلى الارتقاء بالمواطن المصري، من خلال رفع الوعي وترسيخ الهوية الوطنية بين كافة فئات المجتمع، لاستعادة منظومة القيم والأخلاق المصرية الأصيلة التي تليق بتاريخ هذا الشعب، وحضارته، لاسيما ونحن في غضون الاحتفال بالذكرى الحادية والخمسين لنصر أكتوبر المجيد، ذلك النصر الذي استحق أن يُوصف بأنه إرادة الماضي ووعي المستقبل، كما تناولت العرض المستفيض عن الهيئة، ودورها الرقابي والتنظيمي على كافة الأنشطة النووية والإشعاعية داخل جمهورية مصر العربية، وفقًا لقانون تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية رقم (7) لسنة 2010 ، بما يضمن حماية الإنسان والممتلكات والبيئة من المخاطر الإشعاعية . 
كما توجهت في ختام العرض،  بخالص الشكر إلى وزارة التضامن الإجتماعي على الرعاية الكريمة لهذا الملتقي ممثلةً في مديرية التضامن الاجتماعي ببورسعيد بقيادة د.انجي حسن مديرة المديرية، وكذلك إلى جمعية المساعدات الإسلامية ورعاية الأسرة ببورسعيد، وأسرة نادي الوفاء للمسنين، وكافة الحضور، متمنيةً عقد المزيد من الملتقيات على غرار هذا الملتقى، ليس ببورسعيد فحسب بل في ربوع جمهورية مصر العربية .
ثم جاءت كلمة فضيلة الشيخ محمد الحديدي، والذي أكد من خلالها على أهمية العلم واستعمار الإنسان في الأرض، ولا سيما المتخصصين في المجال العلمي، وأن الدين لا ينفصل عن الواقع مصداقا لقوله تعالى(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)، وأن نصر أكتوبر ليس في المجال العسكري فحسب بل امتدت أثاره في كل المجالات حتى وقتنا الحالي، أعقبها كلمة أبونا القس فيلوباتير والذي عبر من خلالها عن شكره واعتزازه بهذه الدعوى، كما أكد على أهمية لم الشمل وعدم الفرقة داخل الوطن، وأن الشعب كله نسيج واحد، وأنه توجد مساحة مشتركة بين الأديان والتي تأتي بالمحبة والأخوة، وذلك من فهم صحيح الدين، كما تطرق إلى الحديث عن نصر أكتوبر المجيد، وانجازات هذا النصر المجيد، ولا سيما الوحدة الوطنية.
وقد تم فتح باب المناقشات بين السادة الحضور والدكتورة ماهيتاب المناوي للتعرف أكثر على الهيئة والتي تميزت بعمق الأسئلة والتى عكست مدى اهتمام الحضور بموضوع الندوة ، وفي ختام اللقاء تم التقاط صور تذكارية مع أبطال حرب أكتوبر وأسرة نادي الوفاء للمسنين، والسادة الحضور، والجهة المضيفة، وفريق عمل الهيئة.
هذا وسوف توالي الهيئة إقامة العديد من الندوات بالتعاون مع كافة جهات ومؤسسات الدولة للوصول إلى شرائح مختلفة من الجمهور بهدف بناء جسور من الثقة والشفافية معهم، وذلك بتوعيته بالدور المؤسسي للهيئة، والعمل على طمأنته دائمًا وأبدًا.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: هيئة الرقابة النووية والإشعاعية وزارة التضامن الاجتماعي هیئة الرقابة النوویة والإشعاعیة التضامن الاجتماعی

إقرأ أيضاً:

ثنائيّة الحضور والغياب في مجموعة «موناليزا الموصل»

«موناليزا الموصل» هي المجموعة القصصية الأولى للقاصة العمانية زكية الشبيبية، بعد كتابة موسّعة في أدب الطفل، وقد حصدت المجموعة جائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية عام 2022م، واشتملت على ثلاث عشرة قصة قصيرة، منها: حب عتيق، وفتاة الذهان، ومشهورة العالم الأزرق، وموناليزا الموصل، وإخفاء، وحالة جديدة وغيرها، وجاءت العتبات الأولى الماثلة في عنوان المجموعة «موناليزا الموصل» وصورة الغلاف لفتاة الموصل النازحة من مدينتها أثناء المعارك بين القوات العراقية وتنظيم «داعش»، جاءت لتوقع القارئ في مأزق انتظار قصص ذات منزع سياسي، لكن مضامين تلك القصص خرقت آفاق انتظاره، فجلّها يدور في فضاءات اجتماعية متعددة الأبعاد والرؤى، وبعد تدقيق النظر فيها ومحاولة استنطاقها نجد الثيمة الغالبة عليها هي ثنائية الحضور والغياب، فالحضور في النصوص متلبس بهواجس الغياب وتداعياته، وبينهما صراعات تسكن أذهان الشخصيات وتدفع بحركة السرد، وتشكل مجراه، ومآلاته. تتجلى هذه الثنائية المتشابكة في عدة قصص من المجموعة مثل قصة «حب عتيق» و «طارق من الماضي» وغيرها مما سنتناول لاحقا في هذه المقاربة. اللافت في مجموعة زكية الشبيبية تكريس اشتغالها على بناء الشخصية، والنحو إلى تقديمها وفق آليات تنوعت بين التدرّج والتحوّل؛ وبناء على ما سبق ستنبني مقاربتنا هذه على محورين:

أولا: ثنائية الحضور والغياب

تفضي القراءة المتأنيّة لمجموعة «موناليزا الموصل» إلى انبثاق سرديتها من ثنائية ضدية تمظهرت في قطبي الحضور والغياب، وهي ثنائية ماثلة بدرجة متفاوتة في قصص المجموعة، ففي قصة «حب عتيق» يعيش البطل (معلم القرآن) حالة من الصراع بين رغبته في مواصلة العيش مع زوجته «رقية»، وبين فراقها، فحضور رقية كان مبعثا للألم النفسي للبطل وهو ألم ناجم ـ كما هو محيّن في النص ـ من عتب الضمير الذي يلاحق البطل:

«تأخذه الحسرات كلما ناظر رقية تلك الصبية المتجلدة»... «تأخذه الحسرة مرة أخرى، إنه عاجز لا يملك من أمره حيلة، يود لو يتحرر من قيوده، فيأخذها بعيدا حيث بلاد العجائب، تلك البلاد المتقدمة -بلاد الإنجليز- الذين صنعوا دواء لكل شيء»...«يحبها ولا يطيق فراقها، لكنه وجع الضمير يطبق على أنفاسه».

فرقية صغيرة وقادرة على الإنجاب وغيابها عنه يمنحها فرصة بدء حياة جديدة وتكوين عائلة: «هل يستريح ويسرحها سراحا جميلا؟ لعلها تنعم بلطائف الأمومة من بعده».

ورغم أن غياب رقية قد حرر البطل من مشاكسات الضمير، لكنها ظلت حاضرة في نفسه حتى بعد سنوات طويلة من الغياب: «أمك رقية؟ وقبل أن تنطق الصغيرة بنعم احتضنها بحرارة فاض بها كأس الحنين» فالحضور هنا غير مرتهن بالحضور المحسوس، وإنما يتخطاه إلى الحضور الروحي المتأصل في نفس البطل والذي منحه قدره عالية على مجابهة الغياب.

ثنائية الحضور والغياب تتجسد أيضا في قصة «طارق من الماضي» فثيمة الغياب ماثلة في النصوص بشكل سافر يقترن بشعور نستولوجي، فالخالة زوينة تحن إلى ذكرياتها مع زوجها الراحل: «رحل بجسده، ولكن روحه تطوف كل أرجاء البيت، هل أتركها وأرحل؟» ما أفضى إلى إصرارها على مواصلة الحضور والإقامة في البيت القديم، الذي يحمل رائحة الماضي، وهو ما يحيلنا على ما ذكره غاستون باشلار عن البيت بصفته مكانا يتجاوز الوصف الطوبوغرافي الخالص إلى بناء دلالات ناجمة من شبكة من التعالقات بينه وبين المشاعر الإنسانية لقاطنيه ورؤاهم وأحلامهم وذكرياتهم، ما يعمّق ثيمة الحضور المنبثقة من ألم الغياب: «تجلس على حافة البئر الذي لا يزال مزروعا في قلب البيت ضاربا بعمق جذوره الأرض ولا شيء سوى الذكرى تلك التي يهيلها عليها». وفي قصة إخفاء يشي العنوان بصفته عتبة نصيّة مهمة تشتبك بتعالق وثيق بدلالات المتن، يشي بتوتر يحيل أفق القارئ إلى توقع غياب من نوع ما، وعند الولوج إلى مجريات السرد، وتوالي الأحداث، نجد البطلة تحاول تغييب تفصيل من تفاصيل حياتها عبر تكثيف حضور مراوغ، حضور المرأة المسنّة الهرمة التي ودّعت زينة الصبا، وانغمست في دائرة الشيخوخة: «تشق الرصيف كعادتها خالية الوفاض بظهر مائل وعباءة بالية سوداء لا تشي بملامح ذات زينة أو بريق وقد انتزعها كما ينتزع دهن عود من خشبة» هذا الحضور يتكشف زيفه لدى القارئ عبر آليتين تعملان بشكل متواز، هما:

أولا: تتبع حركة الشخصيّة (البطلة) في مسارها الخطيّ في النص وقد تحّين ذلك نصيّا مرتين: المرة الأولى حين أعلن السارد العليم صراحة عن عمرها الحقيقي وأفشى سر «الإخفاء»، وذلك في سياق سرده لمحاولات هروبها من نظرات المتطفلين: «...وتتقمص دور المسنة وتتسربل بسرباله وهي الفتية التي ما تزال في العقد الثالث من العمر» والمرة الثانية في نهاية القصة حين تؤوب البطلة إلى بيتها من إحدى رحلات المجاهدة في سبيل لقمة العيش، وتنزع رداء التخفي؛ لينتفي الغياب ويستحيل حضورا أصيلا مكتملا: «ثم تلتفت يمنة ويسرة، تتأكد من خلو المكان ثم تمد ساقيها بعنفوان وظهر مستقيم وقد حان الوقت لانتزاع ملابس الإخفاء» وهنا نلحظ أن النهاية فقدت صبغتها التنويريّة التي عادة ما تختص بها النصوص السردية القصيرة، فالنهاية التي كان يعوّل عليها في فضح الحضور الزائف قد سبقت بذلك في وسط النص كما أشرنا آنفا، وكان يمكن الاكتفاء بذلك في قفلة النص.

ثانيا: الاستدعاءات والذكريات التي قطعت كرونولوجية الزمن في القصة وأبانت وإن بشكل ضمني عن العمر الحقيقي للبطلة وصراعها مع تقلبات الحياة التي اضطرتها إلى تعمد الغياب والحضور برداء آخر: «أرغمها والدها على ترك الدراسة في عمر الثالثة عشرة لتزف إلى ابن عمها رغما عنها، كان وغدا يعاقر الخمر ولا ينفك عن شربها الأمر الذي أحال حياتها شقاء وبؤسا».

المحور الثاني: طرائق تقديم الشخصيّة

تعد الشخصيّة المكون الأهم الذي يدفع بالسرد إلى الأمام، وفي مجموعة زكية الشبيبيّة تنحو القصص إلى الاشتغال على عنصر الشخصيّة، من جهة بنائها وآلية تقديمها للمتلقي بدءا من عتبة العنوان الذي حمل في بعض القصص هوية الشخصية وأوصافها مثل قصة: موناليزا الموصل، وفتاة الذهان، وأقدم سجين، وبائع الزلابيا، وسنبني مقاربتنا لبنية الشخصيّة في المجموعة مستأنسين بما يسميه فيليب هامون بـ «المقياس النوعي أو الكيفي» في تقديم الشخصيّة، وهو مقياس يكشف عن مصادر المعلومات المقدّمة حول الشخصية؛ هل تقدمها الشخصيّة عن نفسها تقديما مباشرا أم يضطلع السارد بذلك، أم تقدمه شخصيات أخرى عنها؟

وعند تتبع مسارات بناء الشخصية وتقديمها في قصص المجموعة نجدها متشكّلة وفق طريقتين:

الأولى: الطريقة غير المباشرة التي خوّلت فيها القاصّة السارد العليم ليكون عونا سرديّا لها، وهي طريقة تنزع إلى نهجها جل القصص في المجموعة، ولنأخذ مثلا قصة «حالة جديدة» يتولى السارد الخبير بدواخل البطلة «عبير» زمام الإمساك بخيوط السرد، ويقدم لنا تفصيلات الشخصية وفق منطق «التحوّل» عبر عدسته التي تخطّت المظهر الشكليّ الخارجيّ وقدمت لنا في البدء وعند الاتصال الأول بالشخصيّة صورة سيكولوجيّة مكثفة ومغرقة في الوجع: «تنهدت تنهيدة طويلة خافتة من الأعماق كمن يستل سيفا من غمده وهي تهم بشرح مشكلتها للطبيب الماثل أمامها» ...«ولجت غرفته تنتعل الحزن كغريق يبحث عن قشة ليتعلق بها وتنتشله من مد الأمواج الجارفة وقد ابتلعت روحها وهي لا تزال حية رطبة».

هذا الحالة الهادرة بالألم التي يصفها السارد لا تلبث أن تكشف لاحقا عن وجه آخر من وجوه بؤس البطلة، إذ ثمة صراع محتدم يعتلج في ذهنها يعكس خوفا مستترا من زيارة الطبيب النفسي والحاجة الملحة لذلك أحيانا: «لم تعتد أن تشق صدرها لغريب وتبوح له بما يعتلج روحها من هموم وآلام» ...«لم تكن تؤمن بضرورة وجود الأطباء النفسيين من قبل، تظن أنهم عبء على هذه الحياة، لم يزيدوا الناس الذين خضعوا لرحمتهم سوى رهق ومشقة».

هذا الصراع يدفع بالسرد إلى الأمام ويفضي بالبطلة إلى إعادة تشكيل رؤيتها حول الاكتئاب وطرائق مجابهة الأفكار السوداء التي تفاقمت في ذهنها من جهة وزيارة الطب النفسي من جهة، وذلك عبر المراوحة بين المونولوج الداخلي غير المباشر: «تساءلت عبير: كيف للأفكار أن تملك كل هذه القوة التي أحالتها هشة متعبة، كانت تهرب من الأفكار، تمسك رأسها وتهزه هزًا عنيفا» ...تساءلت: «كل شيء كان على ما يرام، لطالما أصيبت بالخيبة وقارعت الألم وبللت مخدتها ليلا بالدموع» وبين حوارها مع الطبيب الذي قدّم لها إشارات حول ضرورة استنهاض قوة النفس بصفتها علاجا ذاتيّا مهما: «هل نظفت قلبك جيدا من سلة المهملات التي تغمره؟»...«يعيدنا الاكتئاب إلى نقطة البداية، يهذب أفكارنا ونظرتنا للحياة من جديد...».

هذه الحوارات انبثق عنها تحول داخلي عند البطلة آتى أكله خلال أشهر ونتج عنه تمثل عميق لضرورة تعزيز إمكانات الذات في التصدي لمسببات الاكتئاب، ما جعلها ترفض بشكل تدريجي الاستمرار في تناول الأدوية النفسية وتسعى لمحو ملفها الجديد في عيادة الطب النفسي: «بدت ضجرة من الرسائل التي ترد على هاتفها مختومة بتوقيع الطب النفسي»...«أريدك أن تمسح ملفي الطبي من جهازك».

الطريقة الثانية: تولى السارد المشارك بصيغة الضمير الأول مهمة تقديم الشخصية المحورية، والذات الساردة هنا لا تقدم الشخصية بمعزل عن ذاتيتها المتخفية خلف الأنساق اللغوية البانية للشخصية المحورية للنص، فبقدر ما تبني أسوارا لشخصيتها الرئيسة بقدر ما تنجلي مضامين الذاكرة ومخبوءاتها، نجد ذلك بيّنا في قصة «بائع الزلابيا» فعتبة العنوان شكّلت مرآة كاشفة عن تمحور النص حول شخصية «بائع الزلابيا» تلك الشخصيّة المناضلة والمهمّشة مجتمعيّا، قدّمتها لنا الذات الساردة وفق منطق التدرّج الذي انتظم النص، بدءا من التعريف المظهري للشخصية: «يعتمر فوق رأسه سطلا كبيرا هو كل إبله وماشيته...يجوب السكك والأزقة غير آبه بحرارة الشمس اللافحة... بشير الوافد الباكستاني بسحنته السمراء وطوله الفارع الذي تجاوز المترين» ومرورا بأسلوبه في أداء عمله: «قد اتخذ ركنا قصيا لبيعها تحت ظل شجرة سدرة معمرة يعرفها، وتعرفه، فلا أحد يثمن وجودها مثل بشير... يخرج حبات الزلابيا ذهبية اللون يصفها في أوراق الجريدة تقطر وتتلون بالسكر» وانتهاء بتقديم صورة نفسيّة عامة للشخصية (بائع الزلابيا) في تعاطيها مع المجتمع المحيط وتشبثها بمقومات عملها خشية فقدها: «لكنه آثر السكوت، ولم يرد وقد انتفض مذعورا في جلسته، يترقب بعينين وجلتين، لعله خشي أن يسحب منه بساط رزقه عنوة ... ابتسم مطمئنا واستمر في بيع الزلابيا»، كل ذلك جاء ممزوجا بصرير الذات المثقلة بمشاعر الحنين إلى تدفقات الطفولة والذكريات الشفيفة المتجذرة في الماضي البعيد وما تكتسيه من خصوصية تلهم الساردة :«سلام لبائع الزلابيا الذي عبر في طفولتنا ذات يوم، سلام لجميع الذين عبروا في ماضي أيامنا الجميلة».

ومجمل القول أنّ مجموعة «موناليزا الموصل» سعت إلى تقديم شخصياتها الحاضرة الغائبة وفق تقانات سردية متباينة مستأنسة بنبع الذاكرة من جهة، وبتحوّلات المجتمع من جهة أخرى.

غنية الشبيبيّة كاتبة عمانية

مقالات مشابهة

  • ثنائيّة الحضور والغياب في مجموعة «موناليزا الموصل»
  • احتفالات الجماهير بالمدرجات بعد فوز منتخب مصر على سيراليون| شاهد
  • قانون الحشد: رئيس الهيئة بدرجة وزير و لا تحديد لسنه التقاعدي.. وخضوع للتدقيق من ديوان الرقابة المالية
  • وزارة الدفاع الروسية: هجوم أوكراني علي محطة روستوف النووية
  • موقف عراقي جديد بشأن تقليص نسبة الحجاج من كبار السن
  • كبار المواطنين يحتفون بـ «يوم زايد» بتوزيع وجبات السحور على فئة العمال
  • «رابطة المحترفين» تناقش ملف الحضور الجماهيري
  • إيران تعتقل 7 من منظمي احتفالات نوروز: غطاء لأنشطة مناهضة للنظام
  • ضبط كميات كبيرة من الأرز والحلوى غير صالحة للاستهلاك الآدمى ببورسعيد
  • الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية يشارك في حفل إفطار هيئة المحطات النووية