عودة إبراهيم محمود وخطبة الكباشي: هل حان الوقت للاعتراف بحقيقة الجيش والحرب؟
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
عودة إبراهيم محمود وخطبة الكباشي: هل حان الوقت للاعتراف بحقيقة الجيش والحرب؟
منعم سليمان
ظنّت جماعة الإخوان المسلمين، ممثلة في ذراعها السياسي “حزب المؤتمر الوطني” المحلول، بعد أن أوعزت لها أجنحتها العسكرية التي تدير لها الحرب، ممثلة في قيادة الجيش وكتائبها ومليشياتها الأخرى التي تُقاتل استنفاراً وفراراً، أن المعركة انتهت، وأن النصر تحقق، وأن العودة إلى السلطة أصبحت واقعاً على الأرض.
ولكن هذا دونه خرط القتاد، فشعلة ديسمبر الوضاءة الخفاقة ما تزال تخفق في قلوب السودانيين، وتنير لهم العتمة والظلمة سراجاً ومرشداً.
وصل إبراهيم محمود فاستقبلته حكومة الكيزان في عاصمتهم البديلة، التي يطلق عليها السودانيون تهكما “بورتكيزان” بدلاً من بورتسودان، وهيأ له عبد الفتاح البرهان الصالة الرئاسية بمطار بورتسودان. وتم الحشد لاستقباله، فبُعث إليه بالمتردية والنطيحة من كل صوب وحدب، وخطب في الناس خطبة “النصر” وانتهاء الحرب، رافعاً راية التحدي للشيطان الأكبر “الولايات المتحدة الأمريكية” وفقاً لوصفه وتصوراته.
من سمع كلمة إبراهيم لا يعجزه أن يلحظ أموراً كثيرة بالغة الأهمية فيما يتعلق بهذه الحرب، حتى لمن فاته ذلك فيما مضى. فقد تأكّد الآن، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن هذه الحرب هي حرب الكيزان بامتياز؛ هم من خططوا لها وأطلقوا طلقتها الأولى، ومضوا فيها إلى لحظة “ذات الكباري” المُخادعة، مترافقة مع بعض التقدّم الطفيف في بعض الجبهات، والذي صُوِّرته آلة دعايتهم الإعلامية الحربية وكأنه انتصارات عظيمة في هذه الحرب، فيما لا تزال المعارك تدور في كل الجبهات، من كرري حيث الموقع الجديد لقيادة الجيش، مروراً بأسفل كبري النيل الأبيض (السلاح الطبي) وحتى سنار وتخوم النيل الأزرق، دعك من الفاشر بشمال دارفور وغيرها، وسيطرة قوات الدعم السريع حتى على عاصمة البلاد نفسها!
إشهار حزب الحركة الإسلامية الإرهابي أنه من أشعل الحرب ويديرها، وأن قيادة الجيش ما هي إلا خلية من الضباط تابعة له، يتضح جلياً من تهيئتهم لرئيس الحزب الصالة الرئاسية بمطار بورتسودان، وحشدهم لاستقباله وسط هتافات وشعارات كيزانية جهادية. وقرأ الرجل المتسرع الموتور (سِفر العودة) إلى الحكم، ورفع راية التحدي في وجه واشنطن وضرب مثلاً بأسوأ نموذج في هذا العالم، بحركة طالبان الأفغانية الإرهابية المتخلفة؛ التي لا تمتلك إلا (سراويلها)– وفقاً لتعبيره الساذج– وكيف انتصرت على 35 دولة بقيادة الولايات المتحدة!!
هذا هو النموذج الذي وعد به إبراهيم محمود حامد الشعب السوداني في المرحلة المقبلة، إن كانت هناك مرحلة سيكون للكيزان فيها دور، وهذه محض وهم كبير. فبينهم وبين العودة إلى الحكم مجدداً– الآن ولاحقاً- حروب ودماء وأشلاء وثورة وثوار وثورات. فليعلموا ذلك اليوم قبل الغد. فإن نجحوا في إشعال الحرب والتدثر بالجيش، فإنهم لن ينجحوا في ذلك في فترة ما بعد الحرب. لا أحد يريد هؤلاء الكيزان، وسيطاردهم الشعب السوداني مجدداً حتى يقضي عليهم قضاءً مبرماً. فلا عودة للفاسدين الإرهابيين الدمويين مجدداً.
في الجانب الآخر، ظهر كبير الكيزان في قيادة الجيش، الفريق شمس الدين كباشي، في جبل الدود، مُدّعياً أنه “جبل مويه”، رفقة القيادي في الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، ووالي سنار السابق الجهادي الحربي أحمد عباس.
ظهر الكباشي، وهو الكوز الفاسد، وهو يلفظ شعارات كيزانية واضحة ويلقي كلمته ككادرٍ خطابي إخواني مكتمل الهيئة والأوصاف؛ بنبرات صوته ونطقه وإيماءات وجهه، وهذه أشياء لا يُمكن تقليدها أو استعارتها في لحظة عابرة، وإنما هي مغروسة فيمن تربى في كنف هذا التنظيم الإرهابي الفاسد.
الكباشي ظهر في سياقه السياسي والفكري الطبيعي الذي نشأ فيه ككادر إسلامي كيزاني مُنظم، ومن يقول بغير ذلك فليراجع قدرته على التحليل السياسي وعلى الفهم والاستيعاب، أو فليتذكر مسرحية (المنامة) التي كان الهدف منها كسب الوقت لوصول الأسلحة الايرانية!
الآن، سمع من ليس لديه أذنان، ورأى من ليس لديه عينان، وفهِم من كان عقله خفيفاً، أن هذه الحرب هي حرب النظام البائد بامتياز، وأن البرهان وكباشي والعطا وجابر وكبار الضباط في قيادة الجيش ما هم إلا جزء من هذا النظام، وأنهم محض كوادر في الحزب المخلوع يأتمرون بأوامر علي عثمان، علي كرتي، أحمد هارون، إبراهيم محمود، وسناء حمد. (قلوبهم شتى وعلى دعاة التحول الديمقراطي أعوان)، وأن هذا الجيش الذي نراه الآن ليس جيش السودان، وإنما جيش البراء والمصباح، والناجي عبد الله، وصلاح قوش، وخلافهم من مخلفات العصر الجاهلي. بينما هؤلاء الضباط، وعلى رأسهم البرهان نفسه، مجرد دمى يحركها الكيزان أينما وكيفما وحيثما شاءوا. وما الظهور الكريه للكريه أحمد عباس رفقة كباشي في جبل الدود إلاّ رسالة للجميع بأن هذه هي حربنا ونحن من كنا نديرها وما نزال.
وما إخلاء القاعة الرئاسية بمطار بورتسودان لرئيس حزب المؤتمر الوطني البائد إلا دلالة رمزية على أنه الرئيس الفعلي للسودان، وإن البرهان ورفاقه محض حُراس وخفراء له. ولا أظن أن هناك رسائل أبلغ من هاتين الرسالتين ولا أدلة أدمغ مما حدث في مطار بورتسودان وجبل الدود. فلا يحدثنا حالم وساذج بعد الآن عن كوزنة كباشي من عدمها، ولا يحدّثنا أحد من البلابسة المغرر بهم عن حرب كرامة مُدعاة، وأن الجيش ليس مليشيا من مليشيات الحركة الإسلامية. لقد قُضي الأمر وانتهى الجدل، وستبدأ حرب أخرى؛ حرب تحول دون وصول هؤلاء الأوباش وشذاذ الآفاق من الإرهابيين إلى الحكم مجدداً.
هذا لن يحدث مرة أخرى. وديسمبر ما تزال في قلوب الشعوب السودانية أيقونة للنضال والثورة من أجل استعادة المسار المدني الديمقراطي، وذلك ليس ببعيد.
الوسومإبراهيم محمود حامد البرهان الحركة الإسلامية السودان العطا المؤتمر الوطني المحلول بورتسودان شمس الدين كباشي علي عثمان علي كرتيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إبراهيم محمود حامد البرهان الحركة الإسلامية السودان العطا المؤتمر الوطني المحلول بورتسودان شمس الدين كباشي علي عثمان علي كرتي الحرکة الإسلامیة إبراهیم محمود قیادة الجیش هذه الحرب
إقرأ أيضاً:
عائلات الأسرى الإسرائيليين: تحقيقات الجيش تثبت أن عودة أبنائنا لن تكون إلا عبر صفقة
أكدت عائلات الأسرى الإسرائيليين مساء اليوم الثلاثاء أن تحقيقات الجيش الإسرائيلي أثبتت مرة أخرى أن عودة الأسرى لن تتم بسوى صفقة تبادل، وعلينا التحرك قبل فوات الأوان.
جاءت تصريحات العائلات تعقيبا على نشر الجيش الإسرائيلي مساء الثلاثاء، نتائج تحقيقه بشأن مقتل 6 أسرى في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "بعد التحقيق في حادثة مقتل 6 أسرى في نفق برفح، تبين أن الأسرى قتلوا قبل يومين من العثور على جثثهم بعد اقتراب قوات الجيش من مكانهم، حيث أثر اقتراب القوات من مكان النفق الذي كانوا به على قرار الآسرين قتلهم".
ومن جانبها، أشارت عائلات الأسرى إلى أن "تحقيق الجيش يثبت مرة أخرى أن عودة الأسرى كافة لن تتم بسوى صفقة"، مشددة على أنه "لو لم تنهر المفاوضات السابقة لكان الأسرى مع عائلاتهم وعلينا التحرك قبل فوات الأوان".
هذا وخلص رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي إلى القول إنها "حادثة مؤلمة ومأسوية ذات عواقب قاسية جدا وهي قتل ستة مختطفين بوحشية على يد عناصر حماس".
وأشار رئيس الأركان إلى أنه "بناء على التحقيق تم قتل المختطفين نتيجة إطلاق النار على يد عناصر حماس، لكن الملابسات التي أسفرت عن إطلاق النار هذا غير واضحة ومن غير المرجح أن تتضح مستقبلا".
وشدد هاليفي على "الضرورة الأخلاقية الكامنة في تحقيق الحادثة سواء من أجل عائلات المختطفين أو من أجل استخلاص العبر العملياتية"، مشيرا إلى أن "الجيش سيواصل بذل كافة الجهود الممكنة لتنفيذ المهمة الوطنية وتحقيق غاية الحرب المتمثلة بإعادة المختطفين إلى بلادهم".
كما أكد على أن "من واجبنا إعادة المختطفين وهم على قيد الحياة وإعادة القتلى للدفن. في هذه الحالة لم يتسن لنا إعادتهم أحياء، فمن واجبنا أن نتعلم من ذلك وأن ندقق في أعمالنا بشكل معمق".
وفي سبتمبر الماضي، أعلن جيش الإسرائيلي وجهاز أمن "الشاباك" العثور على جثث المختطفين الـ6 وهم: كرمل غات، وعدين يروشلمي، وهيرش غولدبريغ بولين، وألكسندير لوبانوف، والموغ ساروسي، وضابط الصف أوري دانينو، وإعادتها.
وقا الجيش: "عثرت القوات داخل نفق تحت الأرض في منطقة رفح على جثامين المختطفين الذين تم اختطافهم يوم 7 أكتوبر من قبل مخربي حماس في قطاع غزة وأعادتها إلى إسرائيل".