جمال السويدي..وجدل "الهوية الإماراتية"
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
أبان الكتاب مدى انسجام نموذج الهوية الوطنية في دولة الإمارات
في رحلة البحث المتواصلة لمعالي الدكتور جمال سند السويدي، تتسابق الأفكار ساعية لتحقيق أطروحات نظرية، تتحرك ضمن دوائر أربع، وطنية إماراتية، وخليجية، وعربية، وعالمية، دون حدوث قطيعة بينها، بل العكس من ذلك قد تتقارب، وتتداخل لدرجة يتعذر الفصل بينها، وهو يقوم بذلك كله بقصد ووعي كامل، في محاولة لتأسيس قاعدة معرفية لبناء الدولة وذهابها بعيداَ ـ بما يتسق ويتلاءم مع سياساتها ـ في تثبيت قيمها وإقامة علاقة سوية وعادلة مع الدول الأخرى، ومحاولتها تصدير أفكار إيجابية تُسْهم بها في الحقل العالمي للثقافة والاقتصاد والسياسة والدبلوماسية.من ناحية أخرى، يبحث السويدي ـ مذْ عرفته وتابعت كتاباته لفترة تزيد عن عشرين عاماً ـ في قضايا شائكة، مجاهراً بالحسْم فيها، وفي كثير من الأحيان كان سبّاقا لدراستها مقارنة بغيره من الباحثين والكتاب، وبين تلك القضايا مسألة الهوية ببُعْديْها الوطني والعالمي، كما جاءت في كتابه الأخير ـ الصادر منذ أيام ـ "الهويّة الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة.. بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير".
يأتي هذا الكتاب محمّلاً برؤية تكشف عن ثبات دولة الإمارات وتفتحها معا في ظل تولِّي الشعوب والأمم أدبارها للاحتماء بانغلاق يكرِّس العودة إلى "عرقية" تسود اليوم، وقد أصبحت أكثر ظهوراً وتأثيراً في الدول الغربية، الأمر الذي يجعل من الحديث عن "الهويات" على المستوى العالمي أمراً ملحّاً وضروريّاً، وخاضعاً لمعايير لا تبدو ملزمة للجميع.
ثبات الإمارات على أساس الخصوصية وطرح منظومة القيم، وتفاعلها المباشر مع مسألة الانتماء لم يحل بينها وبين "جدل الهوية " على المستوى المحلي، والذي يطرح أحياناً في سياق مخاوف مشروعة مما ستؤول إليه الإمارات مستقبلاً في ظل تعدد بشري وثقافي متنوع.. هنا يأتي الضمان والحماية ـ كما يراها السويدي ـ "من القيادة الإماراتية الرشيدة بدءاً من المؤسسين الأوائل وصولاً إلى صاحب السمو محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة وإخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات".
وفي سعيه الواضح لإعادة صياغة الشخصية الإماراتية، يحضر "التاريخي مع الجغرافي"، ويشكّلان معاً الهوية المشتركة للإماراتيين، مع ذكر انفتاح تاريخي عن الآخر علائقيّاً وثقافيّاً، وهو ميراث لا يمكن الغاءه أو حتى تجاهله، وعليه يتم تأسيس "مساعي القيادة الإماراتيّة الرشيدة إلى تعزيز فكرة(الأمة) حتى يبني الإماراتيون بواسطتها شكلاً جديداً من أشكال الهوية الجماعية، ويتمكنوا من تجاوز ولاءاتهم، تجاه العائلة، أو القبيلة، أو المنطقة، أو السلالة، والانتقال إلى رحابة الانتماء الوطني الأشمل".
المسْعى السّابق خيّر وهادف، وإن كان يتطلب مزيداً من الشرح حول مفهوم الأمة "إن كان المقصود بها هنا الجزء أم الكل"، وإلى أن يتم التطرق إلى هذه المسألة على "المستوى المفاهيمي"، يمكن اعتبار هذا الكتاب من أهم المؤلفات التي تحدثت عن" الهوية"، حيث قام باستعراضها بصيغها المختلفة المرتبطة بالتاريخ والثقافة.
لقد بيّن السويدي مسألة الهُوية وأثار جدلها من الناحية المعرفيَّة، وقدم لنا تأصيلا يحق لنا التأسيس عليه، يمكن اختصاره في الآتي:
أوّلاً ـ أن مفهوم "الهُوية الوطنية" اتخذ قديماً معنى الانتماء إلى ثقافة واحدة في مجتمع واحد، أي الاندماج في قومية يتشارك أفرادها اللغة عينها والذاكرة التاريخية نفسها.
ثانياً ــ توسّع مفهوم "الهوية" في العصر الحديث ليشمل منظومة الحقوق والحريّات التي يحصل عليها المواطنون مختلفو الثقافة في الدول الديمقراطية، ومن ثم عادت مشكلة الهوية الوطنية للظهور بوصفها قضية ذات أهمية مركزية في المسائل المتعلقة بالسياسات العامة، وكذلك في المناقشات النظرية التقليدية في علم الاجتماع.
ثالثاً ـ أبان الكتاب مدى انسجام نموذج الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة من حيث الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية مع مسارات التطور، التي مرّت بها المفاهيم التقليدية والقانونية للمواطنة في التاريخ الحديث، وذلك عبر منهجية استنباطية قدمت تأطيراً نظريّاً وتأصيلا تاريخيّاً لنموذج الدولة الهوية الوطنية الإماراتية، وهذا لإثبات فرضيتين:
الأولى: تركيز مفهوم الهوية الوطنية الإماراتية على ثوابت تاريخية وثقافية راسخة، ذات خصوصيات إماراتية ـ خليجية ـ عربية ـ إسلامية.
والثانية: أن مفهوم الهوية الإماراتي اتّخذ، منذ تأسيس الدولة، مساراً متوازناً، ومدروساً، يعزّز الانتماء إلى الهوية الوطنية، ويصون القيم والتقاليد الوطنية الجامعة، ويُرسخ الوفاء للوطن والإيمان بعزم قيادته ذات الشرعية التاريخية وقدرتها على التمسك بالخصائص الاجتماعية ـ السياسية للدولة، وحماية استقلالها، وسيادتها، ووحدتها.
رابعاً ــ كشف الكتاب أننا أمام منعطف طريق حاسم بالنسبة إلى الانخراط اللغوي المعرفي؛ وهذا المنعطف الذي يمثله عصر الذكاء الاصطناعي يتطلب تكثيف الجهود وزيادة الاستجابة، والتأقلم مع متغيراته ومتطلباته بسرعة وتًمَكَن، من خلال استراتيجية لغوية رقمية وطنية موحدة ومتكاملة، تثري المحتوى الرقمي العربي، وتستشرف مستقبله.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات الهویة الوطنیة دولة الإمارات
إقرأ أيضاً:
السباحة الإماراتية.. محطات تاريخية ونقلة نوعية
شهدت رياضة السباحة في الإمارات تطورا ملحوظا على مدار العقود الماضية انتقلت خلاله من نشاط تقليدي محدود إلى رياضة تنافسية مدعومة ببرامج تطويرية ورؤى إستراتيجية تهدف إلى تحقيق إنجازات إقليمية ودولية.
تعود بدايات السباحة في الإمارات إلى فترات مبكرة، حيث شكلت جزءاً من الحياة اليومية، خاصة في المناطق الساحلية، ومع تأسيس اتحاد الإمارات للسباحة عام 1974، بدأت تأخذ طابعاً أكثر احترافية مع وضع القوانين واللوائح المنظمة للمنافسات المحلية والدولية.
وشهدت السباحة الإماراتية محطات مهمة ساهمت في تطورها، من بينها المشاركة في البطولات العربية والخليجية وتحقيق نتائج مشجعة على المستوى الآسيوي.
ومن أبرز الإنجازات تتويج السباح يوسف المطروشي بميداليات في بطولات إقليمية، إلى جانب مشاركته في أولمبياد طوكيو 2020، وكذلك في أولمبياد باريس 2024، التي شاركت فيها أيضاً زميلته مها الشحي، ما شكّل حافزا للأجيال الصاعدة.
وبرزت الإمارات كمركز رئيسي لاستضافة وتنظيم بطولات عالمية مرموقة في السباحة، أبرزها بطولة العالم للسباحة (25 متراً) التي استضافتها أبوظبي عام 2021 بمشاركة نخبة من السباحين العالميين، كما احتضنت دبي بطولات كأس العالم للسباحة، إلى جانب بطولة آسيا للسباحة في مجمع حمدان بن محمد الرياضي.
وتعود بطولة دبي الدولية للألعاب المائية بعد غياب دام 10 سنوات، حيث تستضيفها دبي من 21 مارس (آذار) إلى 21 أبريل (نيسان) 2025 في مجمع حمدان الرياضي، بالتعاون مع اتحاد الإمارات للسباحة، وبمشاركة أكثر من 3000 رياضي ورياضية من 40 دولة.
وتشمل المنافسات خمس رياضات مائية: الغطس، كرة الماء، السباحة الفنية، السباحة في المياه المفتوحة، والسباحة.
ويعمل اتحاد الإمارات للسباحة، بالتعاون مع اللجنة الأولمبية الوطنية ووزارة الرياضة، على تنفيذ خطط إستراتيجية لتعزيز قدرات السباحين الناشئين وتوسيع قاعدة الممارسين، من خلال أكاديميات متخصصة وبرامج تأهيل للمدربين، إلى جانب التعاون مع الاتحادات الدولية لتطوير البنية التحتية، بما يشمل الأحواض الأولمبية والمرافق الحديثة.
وأكد رئيس لجنة تسيير الأعمال في اتحاد الإمارات للسباحة عبدالله الوهيبي، التزام الاتحاد بتطوير رياضات الألعاب المائية وتعزيز مكانة السباحة الإماراتية عربياً وعالمياً.
وأوضح أن الاتحاد يسعى لتوسيع قاعدة الألعاب المائية، عبر إدخال رياضات جديدة واستقطاب المزيد من الرياضيين، بما يسهم في تنمية هذه الرياضات وتوسيع نطاق ممارستها.
وأشار الوهيبي إلى أن الاتحاد يعتزم دعم الأكاديميات والأندية التي تنظم بطولات متنوعة، مستفيداً من المنشآت الرياضية ذات المعايير العالمية في الدولة، مشدداً على أهمية استضافة بطولات عربية ودولية جديدة، لتعزيز مكانة الإمارات كوجهة رئيسية للفعاليات المائية.
وأكد أن هذه الجهود تمثل مرحلة جديدة في مسيرة السباحة الإماراتية، بهدف استعادة مكانتها المتميزة وتعزيز دورها كمركز رئيسي للسباحة العالمية.
وتحظى السباحة الإماراتية ببطولات محلية منتظمة تشمل مختلف الفئات العمرية، مثل بطولات الاتحاد الإماراتي للسباحة وبطولات الأندية، التي توفر للسباحين الواعدين فرصة لاكتساب الخبرة وتطوير مهاراتهم.
من جانبه، أكد مدرب منتخب الإمارات للسباحة مروان الحتاوي، أهمية البطولات المحلية في تطوير مستوى السباحين وتعزيز قاعدة المواهب، مشيراً إلى أن اتحاد السباحة يعمل على زيادة عدد هذه البطولات وتوسيع فئاتها، لتشمل مختلف الأعمار والمستويات.
وقال الحتاوي "إن المنافسات المحلية توفر بيئة تنافسية مستمرة تساهم في صقل مهارات السباحين الواعدين وإعدادهم للاستحقاقات الدولية، كما تمثل هذه البطولات فرصة لاكتشاف المواهب الجديدة من بين سباحي الأندية والأكاديميات، مما يعزز قاعدة المنتخب بالمتميزين".
وأضاف: "تأتي هذه الجهود تأتي ضمن رؤية متكاملة لتطوير السباحة الإماراتية، ورفع مستوى التنافسية، وصولاً إلى تحقيق إنجازات تليق بالطموحات على الساحتين الإقليمية والدولية".