كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن لبنان بات يقف على مفترق طرق حرج بعد انقطاع الأخبار عن خليفة حسن نصر الله، هشام صفي الدين، الذي انقطعت الأخبار عنه منذ ما يقرب من أسبوع، موضحة أن هذا الاستهداف، الذي تلى مقتل الرجل القوي في لبنان، نصر الله، يثير تساؤلات حول القيادة المستقبلية للبنان، وكيف يمكن أن يكون رد فعل الفصائل السياسية المختلفة.


وأوضحت الصحيفة أنه مع وجود انقسامات عميقة في البلاد الذي يقوم نظامها على أسس طائفية وسياسية، فإن الإغتيالات يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التوترات، مما يؤثر على توازن القوى بين اللاعبين الرئيسيين مثل حركة أمل والقوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع.
ولفتت الصحيفة إلى أن الاغتيالات طالت شخصيات كاريزمية في حزب الله، وأن الأحزاب الاخرى مثل حركة أمل والقوات اللبنانية، سيعول عليها الكثير في تشكيل المستقبل السياسي اللبناني، إذ أن كلاهما عارض هيمنة حزب الله وتأثيره على السياسة اللبنانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن السؤال الذي يبقى مطروح هو ما إذا كان هذا الحدث سيدفعهما إلى اتخاذ إجراءات أقوى أو الاصطفاف بشكل أوثق مع قوى إقليمية أو دولية أخرى.
وبحسب الصحيفة، فإنه من غير المرجح أن يرتدع حزب الله، كقوة نافذة في لبنان وحليف رئيسي لإيران، بفقدان أحد قادته الهامين، وهو صفي الدين، الذي تلى نصر الله. فقد أظهر الحزب مرونة في الماضي وحافظ على نفوذه رغم الضغوط الداخلية والخارجية. ومع ذلك، قد يدفع هذا الحدث حزب الله إلى تعزيز إجراءاته الأمنية وتقوية موقفه في لبنان، مما قد يؤدي إلى تصعيد التوترات أكثر. كما يمكن للحزب أن يزيد من جهوده لتوطيد سلطته، مما يعرض استقرار لبنان الهش أصلًا لخطر أكبر.
وفيما يتعلق بالمستقبل القريب للبنان، أوضحت الصحيفة أن قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي تم تبنيه في عام 2006 لإرساء وقف إطلاق النار وإنشاء منطقة عازلة بين لبنان وإسرائيل، لا يزال إطارًا مناسبًا، ومع ذلك، فإن فعاليته في السياق الحالي مشكوك فيها.
وتابعت: فقد كان القرار يهدف إلى منع إعادة تسليح حزب الله والجماعات المسلحة الأخرى في جنوب لبنان، لكن تنفيذه لم يكن متسقًا، لافتة إلى أنه في حال تصاعدت التوترات مجددًا، قد لا يكون القرار كافيًا لمنع نشوب صراع، خاصة إذا ما انخرطت قوى إقليمية أخرى في الصراع.

وبالنسبة للشرق الأوسط، الذي يتعرض بالفعل لضغوط جيوسياسية هائلة، فإن تجدد الصراع في لبنان قد يضيف طبقة أخرى من عدم الاستقرار، وفقا للصحيفة.
على صعيد آخر، ذكرت الصحيفة  أن لبنان يواجه أيضا أزمة إنسانية متزايدة، حيث يبحث 1.2 مليون نازح بالفعل عن ملجأ في البلاد، وبالنظر إلى الانهيار الاقتصادي والشلل السياسي والتهديدات الأمنية المستمرة في لبنان، فإن هذا العدد قد يزداد في الأيام المقبلة، خاصة إذا تصاعدت أعمال العنف.

ونوهت “وول ستريت جورنال”، بأن البنية التحتية والموارد في لبنان منهكة بالفعل، وقد تدفع موجات إضافية من النازحين لبنان إلى مزيد من الفوضى. وقد يكون من الضروري تقديم المساعدات الإنسانية الدولية والتدخل الدبلوماسي لتحقيق استقرار الوضع ومنع حدوث أزمة أكبر في المنطقة.
واختتمت الصحيفة بالقول إن مستقبل لبنان يعتمد على مزيد من الجهود المحلية والإقليمية والدولية، وفي غياب مسار واضح للمضي قدما، فقد تواجه البلاد المزيد من عدم الاستقرار والتحديات الإنسانية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: استقرار لبنان الاغتيالات الاستهداف الجماعات المسلحة الجماعات الصراع الفصائل القوات اللبنانية المستقبل السياسي المساعدات الوضع فى لبنان توازن القوى جنوب لبنان حسن نصر سمير جعجع حزب الله فی لبنان

إقرأ أيضاً:

أزمة محروقات بسوريا تزيد من معاناة النازحين وتثقل كاهل السوريين

دمشق- مئات العائلات تتحلق حول أمتعتها جلوسا ووقوفا وتمددا لساعات في ظل حر الظهيرة أو برد الليل، ومن دون أسقف أو فَرشات أو لُحف، وفي الغالب من دون طعام، بانتظار دورهم على "طابور الحافلات" المخصصة لنقلهم إلى مكان نزوحهم الجديد.

بهذا الوصف، يختزل بشار (53 عاما) معاناة مئات العائلات السورية واللبنانية النازحة إلى سوريا عند المعابر الحدودية على الجانب السوري، وسط محدودية وسائل النقل التي خصصتها الجهات الرسمية لنقلهم إلى مراكز الإيواء أو مراكز المُدن، والارتفاع غير المسبوق في تكلفة النقل الخاص، مما يجعل الانتظار لساعات أو لأيام في تلك المناطق غير المؤهلة خيارا اضطراريا لكثير من العائلات النازحة.

ويقول بشار، سائق سيارة الأجرة الخمسيني في حديث للجزيرة نت "كنا نعاني أصلا من أزمة بنزين حتى قبل بدء الحرب على لبنان، أما بعدها فاشتدت الأزمة، وذلك لأن معظم البنزين المتوفر في السوق السوداء كان يأتينا عبر لبنان، قبل أن يتوقف التهريب مع بداية الحرب".

ويشير بشار إلى أن سعر لتر مادة البنزين قد ارتفع بمقدار الضعف مقارنة بسعره قبل العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، وهو ما دفع سائقي سيارات الأجرة إلى مضاعفة أجورهم داخل المدن، في حين استغل آخرون موجة النزوح وحاجة العائلات النازحة إلى وسائل نقل لتقلها إلى وجهاتها في سوريا، ليرفعوا تسعيرة الرحلة إلى "حدود غير معقولة" تحول دون استطاعة معظم العائلات النازحة على تحملها.

معاناة إضافية

ويقول جابر (34 عاما)، وهو نازح سوري من لبنان إلى طرطوس مؤخرا، إنه أمضى وعائلته (4 أفراد) يومين كاملين في العراء على الحدود بانتظار دورهم في الحافلات التي خصصتها محافظة دمشق وبعض المنظمات غير الحكومية لنقل النازحين إلى وجهاتهم التالية.

ويضيف "نزحنا وليس في جيبي سوى مليوني ليرة اللبنانية (نحو 23 دولارا)، ولم يكفِ المبلغ سوى لإطعامنا في مرتين، في وقت طلب فيه سائقو سيارات الأجرة السوريون بين مليون و200 ألف ليرة سورية (80 دولارا) ومليون و600 ألف (110 دولارات) أجرة نقلنا إلى طرطوس".

وتراوحت تكلفة نقل الراكب الواحد، من المناطق الحدودية السورية إلى محطته التالية، بين 350 ألفا و600 ألف ليرة سورية (23-40 دولارا) بحسب وجهته، وقربها أو بعدها عن المنطقة الحدودية.

هذا الواقع اضطر عائلة جابر، مع كثير من العائلات النازحة، إلى انتظار دورهم في الرحلات التي تسيرها المحافظة والمنظمات مجانا، الذي قد يستغرق حلوله أياما، نظرا لتفاقم أزمة شح المحروقات التي تعاني منها مناطق سيطرة النظام، وتزايد أعداد النازحين تصاعديا خلال الأسبوع الماضي.

سوريون يتزاحمون للصعود إلى حافلة النقل العام في موقف بدمشق (الجزيرة)

 

وكان نائب محافظ دمشق محمد كريشاتي قد أعلن لوسائل إعلام محلية -تزامنا مع توافد النازحين إلى المناطق الحدودية قبل أيام- عن تجهيز المحافظة "عدة حافلات" لنقل القادمين إلى دمشق من معبر جديدة يابوس، وذلك في إطار خطة الاستجابة الحكومية لموجة النزوح من لبنان على خلفية العدوان الإسرائيلي الأخير.

ومن جهتها، أعلنت منظمة الهلال الأحمر السوري، أول أمس الجمعة، عن توفيرها نقلا آمنا للنازحين عند معبر جديدة يابوس، دون أن تذكر عدد الحافلات أو الباصات المخصصة لنقلهم، وذلك في أعقاب القصف الإسرائيلي لمحيط معبر المصنع في لبنان الذي يقابله معبر جديدة يابوس من الجهة السورية.

وقدر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي قبل أيام عدد النازحين جراء الضربات الإسرائيلية المتواصلة في لبنان بنحو "مليون شخص"، معتبرا أن هذا النزوح قد يكون "الأكبر" في تاريخ البلاد.

أزمة خانقة

ولا تعدو معاناة النازحين أن تكون صورة من صور المعاناة الكثيرة التي تتسبب بها أزمة المحروقات للسوريين في مناطق سيطرة النظام، التي تفاقمت إلى حد غير مسبوق منذ منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، وذلك في ظل تقلص المخصصات الحكومية من مادتي البنزين والمازوت للقطاعين العام والخاص.

وهو ما أدى إلى شلل النقل العام في معظم المحافظات والمدن الكبرى، وغلاء أسعار معظم السلع، ودفع بالطلاب والموظفين إلى التغيب عن جامعاتهم وأعمالهم ووظائفهم لعدم قدرتهم على دفع تكاليف تنقلهم عبر سيارات الأجرة التي ضاعفت من أجورها في الآونة الأخيرة.

تقول نسرين (41 عاما)، موظفة في إحدى المديريات العامة في دمشق، عن سبب تغيبها عن وظيفتها للجزيرة نت "لم يعد مقبولا وضع المواصلات في البلد، ننتظر أحيانا ساعة كاملة على الموقف ولا نجد ميكروباص ليقلنا إلى أعمالنا، وفي حال استقللنا سيارة أجرة فإن تكلفتها اليومية ستفوق المرتب بضعفين".

بيع المحروقات على قارعة الطرق في دمشق (الجزيرة)

ومع تقلص المخصصات الحكومية من المحروقات بشكل كبير، وانقطاع تهريب مادة "البنزين" من لبنان إلى سوريا بسبب العدوان الإسرائيلي، تشهد أسعار المحروقات في السوق السوداء ارتفاعا كبيرا وصل معه سعر لتر البنزين في دمشق وريفها إلى 27 ألف ليرة (نحو دولارين) بدلا من 13 ألفا (نحو دولار) في مطلع العام، في حين رفعت حكومة النظام سعر لتر مادة المازوت، قبل أيام، بنسبة 150% ليبلغ 5 آلاف ليرة بدلا من ألفين.

وتعج معظم المواقف العامة، في العاصمة دمشق وريفها خلال ساعة الذروة، بالركاب المنتظرين في الحر قدوم أي وسيلة نقل لتقلهم إلى بيوتهم، ومع مجيئها يتزاحمون على بابها أملا في الحصول على مقعد يوفر وقتهم الذي بات يُحرق على موقد هذه المواقف.

كما اضطرت بعض شركات النقل الخاصة إلى إلغاء رحلاتها بين المحافظات، لعدم حصولها على كامل مخصصاتها من المحروقات، كشركتي "طروادة" و"عدرة"، وهو ما تسبب بأضرار متباينة للمواطنين الذين علقوا خارج محافظاتهم، ولم يتمكنوا من الوصول إليها إلا بعد أيام.

غلاء ومكابدة مستمرة

ومن جهته، أشار رئيس لجنة تجار ومصدري الخضار والفواكه محمد العقاد، لصحيفة "الوطن" شبه الرسمية في سبتمبر/أيلول الماضي، إلى أن أزمة المحروقات أدت إلى رفع أجور نقل الخضار والفواكه من المحافظات المنتجة إلى سوق الهال بدمشق بنسبة تقارب 100%.

وهو ما أدى إلى زيادة أسعار مختلف الخضار والفواكه التي تعتبر العماد الرئيسي في النظام الغذائي لملايين السوريين في مناطق سيطرة النظام.

كما انعكست هذه الأزمة بنسب متفاوتة على أسعار ما تبقى من السلع الرئيسية في دمشق وريفها، التي غالبا ما يتم استجلابها من المحافظات الأخرى.

ويكابد ملايين السوريين في مناطق سيطرة النظام للتنقل، وشراء الحاجات الأساسية، والحصول على الخدمات الرئيسية في ظل تدني الأجور والرواتب الشهرية التي لا تتجاوز 25 دولارا في القطاع العام، و80 دولارا في القطاع الخاص.

ويرزح 90% منهم تحت خط الفقر، في حين أن حوالي 12.1 مليون شخص في سوريا، أي أكثر من نصف عدد السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي وفقا لبرنامج الأغذية العالمي.

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء الإسباني يحذر من غزو دولي للبنان ويطالب بتحرك المجتمع الدولي
  • الغارديان: ما الدور الذي يمكن لإيران والسعودية لعبه من أجل منع تحول لبنان إلى غزة ثانية
  • تغيير مفاجئ.. ما هو الموقف الذي تخلى عنهُ حزب الله؟
  • رويترز: قيادات حزب الله لم تعد تشترط هدنة في قطاع غزة لوقف إطلاق النار في لبنان
  • رويترز: قيادات حزب الله تتخلى عن شرط هدنة غزة لوقف النار في لبنان
  • ماذا نعرف عن سهيل حسيني الذي اغتاله الجيش الإسرائيلي في لبنان؟
  • نعيم قاسم: تخطينا اغتيالات القادة وليس لدينا منصب شاغر.. إمكانياتنا بخير (شاهد)
  • بعد أحداث 7 أكتوبر.. الوضع السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
  • أزمة محروقات بسوريا تزيد من معاناة النازحين وتثقل كاهل السوريين