انطلقت أمس أعمال المؤتمر العلمي الثامن لكلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس تحت عنوان "التحديات القانونية في العصر الرقمي"، برعاية معالي الشيخ غصن بن هلال العلوي رئيس جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة.

وأكد الدكتور يعقوب بن محمد الوائلي، رئيس قسم القانون العام ورئيس اللجنة المنظمة إلى أن التحول الرقمي يمثل تحدياً حقيقياً للبشرية، حيث أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وأثر وبعمق على الإطار القانوني الذي يحكم المجتمعات.

باعتبار أن التشريع العنصر الأهم لضبط إيقاعات جوانب الحياة المختلفة فإنه لا بد له أن يواكب ويستوعب هذه المستجدات سرعة وإتقانا.

ويستهدف المؤتمر الجهات التشريعية، والقضائية والادعاء العام والمحامين، وأساتذة كليات القانون، وطلبة الدراسات العليا والباحثين في المجال القانوني، والجهات الحكومية ذات الصلة.

ويسعى المؤتمر إلى تحليل التشريعات القانونية العمانية والمقارنة فيما يتعلق بالعصر الرقمي واقتراح تطويرها. كما يسعى إلى تسليط الضوء على أهم الفرص والتحديات القانونية في ظل العصر الرقمي، كما يناقش الحلول القانونية لمواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة. ويوضح مدى إسهام التحول الرقمي في تقديم رؤية علمية تسهم في خدمة نظام العدالة.

وقد ناقش المؤتمر ستة محاور توزعت على أربع جلسات، تمثلت في التكنولوجيا الرقمية وأثرها على القانون الخاص، والتكنولوجيا الرقمية وأثرها على القانون الجزائي، والتكنولوجيا الرقمية وقواعد القانون الدولي، ومجالات التكنولوجيا الرقمية في القانون الدستوري والإداري، والتكنولوجيا الحديثة والدراسات الشرعية والاقتصاد الرقمي وتحقيق التنمية المستدامة.

وأوصى المؤتمر بضرورة استكمال سلطنة عُمان سياستها الاستراتيجية الخاصة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير البيئة التشريعية، وذلك بتنظيم قانون خاص بالذكاء الاصطناعي ينظم إنتاج وتطوير واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي؛ لمواجهة التحديات القانونية التي تفرضها هذه التطبيقات، وإنشاء قواعد أخلاقية تحكم الذكاء الاصطناعي واختلاق عقوبات تحقق الردع وتتناسب مع هذه الكيانات الذكية، وإصدار ضوابط وشروط قانونية كخطوة تمهيدية لمن يرغب في امتلاك أحد كيانات الذكاء الاصطناعي المادية المحسوسة.

كما أوصت اللجنة بضرورة إنشاء هيئة مستقلة متخصصة قادرة على التوفيق بين أنظمة معالجة البيانات الشخصية وبين حماية خصوصية هذه البيانات من الانتهاكات وتكون قادرة على الإشراف والرقابة. مشيرة إلى أهمية فرض قواعد قانونية موضوعية واجبة التطبيق مباشرة على علاقات ومنازعات الخصوصية الرقمية، خاصة وأن معظم هذه العلاقات تعبر عن علاقات دولية وليست وطنية نظرًا للطابع الدولي للمجتمع الرقمي الذي تقوم فيه هذه المعاملات. وكذلك أهمية وجود اتفاقيات مع الدول والشركات التي تقدم خدمات وبرامج وتطبيقات الإنترنت لإعادة النظر في سياسات الخصوصية وشروط الاستخدام.

وقدمت اللجنة المنظمة توصيتها بالعمل على تهيئة البنية التحتية لقطاع المحاكم وذلك بتوفير أحدث الإمكانيات التقنية والفنية لتطوير المنظومة القضائية وتجهيز المحاكم بالوسائل التقنية الحديثة والعمل على تطوير بوابات المحكمة الإلكترونية في كل حين وآخر. كما أوصت بإصدار القواعد القانونية المنظمة لممارسة الطب عن بعد، وخاصة ما تتعلق بخصوصية المعطيات الطبية والسرية والأمن على اعتبار المخاطر التي قد تتعرض إليها عبر الشبكات الواسعة، كعمليات القرصنة والإفصاح غير المرخص به أو بالمتاجرة بها، الأمر الذي قد يؤثر على مجرى حياة المريض الشخصية أو المهنية، ويزلزل ثقة الناس في النظام الصحي المعتمد على الطب عن بعد، وأن التحدي الأهم في مجال تنفيذ تقنية الطب عن بعد يكمن في وجوب مراعاة أي تشريع متعلق بممارسة الطب عن بعد، مسؤولية كل طرف من الأطراف المشاركين في توفير العمل الطبي عن بعد، قبل تقديم ملف الترخيص، وأثناء تقديم العمل وبعد الإنجاز.

فيما أكدت اللجنة على ضرورة توعية وتثقيف المستخدمين في الفضاء الإلكتروني بالحق في الخصوصية الرقمية وحثهم على ضبط إعدادات الخصوصية ومراجعة سياساتها وشروط الاستخدام، وذلك لحماية بياناتهم الشخصية ومعلوماتهم الخاصة واتصالاتهم ومراسلاتهم في المجتمع الرقمي. موصية بدعوة القائمين على وضع المناهج والمساقات في الجامعات وكليات الحقوق إلى طرح مساق يتضمن "تشريعات التكنولوجيا المعاصرة"، والذي يعنى بتدريس جميع التشريعات الدولية والوطنية التي تختص بالعلاقات الرقمية ويختص بموضوع التكنولوجيا المتقدمة، هدفها نشر ثقافة الذكاء الاصطناعي والمبادئ الأخلاقية التي تضبط استعمال تقنياته.

وقامت اللجنة المنظمة للمؤتمر بتوصية المشرع العماني بمكافحة الجرائم المرتكبة عبر الشات بوت من خلال النص صراحة على اعتبار تلك الوسيلة ظرف مشدد حال ارتكاب جريمة الإعلان التجاري المُضلل أو جريمة تقليد المصنفات الرقمية المحمية أو التحريض على الانتحار، والنص على عقوبات المصادرة والإتلاف وحظر الاستخدام في الجرائم المرتكبة عبر الشات بوت، لغرض إنهاء الخطورة المتحصلة من تلك البرامج وتحقيق الردع العام والخاص. بالإضافة إلى توصية الدول بأن تدرج ضمن تشريعاتها قوانين خاصة تحكم ظاهرة الميراث الرقمي من مختلف جوانبها سواء الموضوعية أو الإجرائية، تقوم أساسا على ضرورة الموازنة ما بين الحق في الخصوصية للشخص المتوفي، وحق الورثة في استغلال الأصول الرقمية لمورثهم لاسيما الأصول ذات القيمة المالية والمعنوية المعتبرة، وتمكين الورثة من حق طلب إلغاء حسابات وأصول مورثهم، وكذا الحق في طلب تعديل أو تحيين بياناته الشخصية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التکنولوجیا الرقمیة الذکاء الاصطناعی الطب عن بعد

إقرأ أيضاً:

الأرشيف والمكتبة الوطنية يناقش الذكاء الاصطناعي والإعلام

في ندوة بعنوان "الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي: أرشفة الحاضر وصناعة المستقبل" ،ناقش الأرشيف والمكتبة الوطنية، التطور التقني بوصفه ركيزة أساسية في دعم الإبداع والابتكار في الإعلام والأرشفة.

وتطرقت الندوة إلى أهمية الذكاء الاصطناعي في صناعة مستقبل الإعلام الرقمي، وأهمية الإعلام في توثيق أحداث الماضي والحاضر وأرشفتها وإتاحتها وحفظها للأجيال، واستعرضت الندوة إيجابيات الذكاء الاصطناعي في الأرشفة الإعلامية وسلبياته.
قدم الندوة الإعلامي عبد اللطيف الصايغ، حيث تناولت تضافر جهود الأرشيفات مع الإعلام الرقمي في تقديم المعلومات التاريخية الموثقة وصونها وأرشفتها، ولفتت إلى ضرورة عدم ترك الشركات العملاقة مثل جوجل وميتا وغيرهما بما تتمتع به من تكنولوجيا حديثة لتمتلك الأرشيفات وتتحكم بها، وألا نعتمد على المعلومات الأرشيفية التي تقدمها لنا ونثق بها ثقة مطلقة، مع أن هذه المنصات ستكون السبّاقة دائماً بما لديها من دعم مادي تكرسه لأهدافها.

وأوضح المحاضر أن الذكاء الاصطناعي قد بدأ يفهم توجهات البشر ومتطلباتهم، فما يظهر لنا على منصات البحث الإلكتروني ليس بالصدفة؛ وما توثقه الشركات العملاقة لا يمكن لأحد الاستغناء عنه، ومثال ذلك ما توثقه كاميرات "غوغل إرث" بحفظها للتراث الثقافي، وما تقدمه من بيانات ترصد التحولات التي يشهدها كوكب الأرض برمته، وما يقدمه "جوجل تريندز" يكشف عما يهتم به الناس، وما يقدمه "شات جي بي تي" من خدمات مذهلة في مختلف الصعد صار محط اعتماد الباحثين في مختلف المجالات.
وتطرقت الندوة للأرشيفات في الماضي، والأدوات المستخدمة فيها، وأساليب التحكم بالوصول إلى الوثائق المطلوبة فيها، وقارنتها بما هي عليه في الحاضر، وكيف صارت الأرشيفات متاحة على المنصات الإعلامية، وبينت التحولات التي طرأت عليها، ودعمت ذلك كله بالأمثلة، وبما تمتلكه كل من المكتبة البريطانية، ومكتبة الكونغرس الأمريكية، وهيئة الإذاعة البريطانية من أرشيفات، وسلطت الضوء على جوجل: أرشيف المعرفة، وميتا: أرشيف الحياة الاجتماعية، وتويتر أو منصة (x): لحظات تاريخية في الزمن الحقيقي.
ولفتت إلى القدرات الهائلة للشركات العملاقة التي لم تنشئ منصات تواصل فحسب، وإنما أسست أرشيفات رقمية تساعد على فهم الحاضر والمستقبل؛ إذ توثق الحياة لحظة بلحظة، وتحلل سلوك المجتمعات، وتؤثر على تطوير المعرفة البشرية.
وبينت أثر الذكاء الاصطناعي في بناء الأرشيف الرقمي، وفي تصنيف الأرشيفات الضخمة وترتيبها، وشرحت العلاقات التكاملية بين توثيق الأحداث المعاصرة والأرشيفات العالمية التي وثقت التاريخ وهي تعرضه على المنصات الكبرى وعلى المنصات التي تعرض التراث الثقافي العالمي.
وركزت الندوة على أهمية دور الحكومات في الاستثمار في رقمنة الأرشيف، وتشجيع الشراكات، والاهتمام بحماية البيانات، وتوثيق التراث الثقافي والوطني، ودعم البحث العلمي وتطوير المعرفة.

مقالات مشابهة

  • الأرشيف والمكتبة الوطنية يناقش الذكاء الاصطناعي والإعلام
  • قصور الثقافة تناقش تأثير الذكاء الاصطناعي على ذوي الهمم في مؤتمر ببني سويف
  • مدبولي: أقل راتب في قطاع الذكاء الاصطناعي يبدأ من 15 ألف جنيه
  • الأعلى للثقافة: الذكاء الاصطناعي أحد المخاطر التي تواجه العالم
  • «قادة مصر الرقمية».. بوابة مصر لمواكبة عصر الذكاء الاصطناعى
  • "قادة مصر الرقمية".. بوابة القيادات الحكومية لعصر الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي والترجمة
  • مع الذكاء الاصطناعي.. كُن مستعدًا لوظائف المستقبل
  • استخدام الذكاء الاصطناعي للتحدث مع الحيوانات
  • برنامج تدريبي عن بناء الشخصية الناجحة بصور