أول رد من العراق بعد نشر إسرائيل صورة للسيستاني علي قائمة الاغتيالات
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
أعربت الحكومة العراقية، اليوم الأربعاء، عن رفضها أي مساس بمكانة المرجعية الدينية العليا في البلاد، محذرة من أن هذه الخطوة تشجع على توسيع دائرة العدوان وتعرض الأمن والسلم الدوليين إلى تهديد حقيقي.
وجاء بيان الحكومة العراقية، عقب نشر إحدى القنوات الإسرائيلية صورة للمرجع الديني الشيعي على السيستاني من بين صور شخصيات أخرى، على قائمة الإغتيالات الإسرائيلية.
وأعلن باسم العوادي ،الناطق باسم الحكومة العراقية، رفض العراق حكومة وشعبا بأشد العبارات أي مساس بمكانة المرجعية الدينية العليا.
وقال العوادي، في بيان "يثبت الكيان الصهيوني، مرة أخرى، بأنه ليس سوى جماعة إجرامية تعتاش على اختلاق الأزمات، وتغذية العدوان والحروب، وتزداد عزلتها يوما بعد آخر، وما المواقف الشعبية والدولية في العالم الرافضة لسلوكه إلّا تأكيد لهذا المنحى العدواني".
واستطرد: "انطلاقا من هذه الوقائع، ندعو الأمين العام للأمم المتحدة، ومجمل المحافل الأممية والدولية، إلى رفض واستنكار كل ما يمس مشاعر المسلمين في العالم، ومحاولات النيل من الشخصيات ذات التأثير والاحترام العالمي".
وكانت القناة 14 العبرية نشرت صورا لعدد من الشخصيات قالت إنها مطلوبة لإسرائيل أبرزها المرجع الأعلى علي السيستاني وزعيم حركة حماس يحيي السنوار، ونائب الأمين العام لحـزب الله نعيم قاسم وقائد الحوثيين عبد الملك الحوثي وقائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قآني.
في غضون ذلك، أعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" اليوم الأربعاء، أنها شنت 4 هجمات بالطيران المسير، مستهدفة "أهدافا إسرائيلية حيوية" في جنوب وشمال إسرائيل.
وقالت في بيانات متتالة إنه "استمرارا بنهجها في مقاومة الاحتلال، ونصرة لأهل فلسطين ولبنان، وردا على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، هاجم مجاهدو المقاومة الإسلامية في العراق، هدفا حيويا جنوب أراضينا المحتلة، بواسطة الطيران المسير". كما أعلنت أنها هاجمت أيضا "أهدافا حيوية" شمال إسرائيل، وفي الجولان المحتل. وأكدت أن عملياتها ستستمر في "دك معاقل الأعداء بوتيرة متصاعدة".
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
الحركات الإسلامية الشيعية في العراق.. تجربة الحكم وإشكاليات الاستمرار - عاجل
بغداد اليوم – بغداد
بعد احتلال العراق عام 2003، وجدت الحركات الإسلامية الشيعية نفسها في موقع لم تعهده منذ تأسيسها. بعد سنوات من العمل السري والمعارضة، أصبحت هذه الحركات ممسكة بزمام الحكم، تتصدر المشهد السياسي وتدير مفاصل الدولة، وتتفاوض على مستقبل البلاد مع الاحتلال الأميركي، وتؤسس لنظام سياسي جديد مبني على المشاركة الطائفية. تحوّل مفصلي كهذا لم يكن مجرد مكافأة لتاريخ النضال، بل كان امتحانًا صعبًا بين مشروع الدولة الذي طالما نادت به، وحقيقة السلطة التي سرعان ما كشفت هشاشتها البنيوية، وسرعة تحولها من مشروع تغييري إلى منظومة سلطوية جديدة. ومنذ ذلك الحين، دخل العراق في مسار معقد يتقاطع فيه التاريخ بالمصالح، والدين بالسياسة، والمعارضة بالسلطة.
التأسيس الأول.. صعود في ظل فراغ الدولة
في السنوات الأولى لما بعد الغزو، كانت البلاد في فراغ سياسي وأمني ودستوري شامل، وقد ملأت الحركات الشيعية هذا الفراغ بسرعة مدفوعة بشرعيتين: الأولى مستمدة من الإرث المقاوم ضد النظام السابق، والثانية من غطاء المرجعية الدينية التي وفّرت دعمًا مباشرًا لتشكيل الدولة الجديدة، لا سيما من خلال فتوى المشاركة في الانتخابات وصياغة الدستور. تشكلت قوى سياسية كبرى مثل حزب الدعوة الإسلامية والمجلس الأعلى والتيار الصدري ومنظمة بدر، وسيطرت هذه القوى على المشهد السياسي، وشكلت جميع الحكومات المتعاقبة، مع تعزيز مكانتها من خلال النفوذ الإقليمي، وتحديدًا الإيراني.
لكن هذه الهيمنة لم تكن ناتجة عن مشروع وطني متكامل، بل تأسست على قواعد المحاصصة الطائفية والإثنية، حيث توزعت المناصب على أساس الانتماء المذهبي لا الكفاءة. ومع مرور الوقت، تحولت الدولة إلى كيان ريعي تسيطر عليه الأحزاب، وتُدار مصالحه ضمن منطق الغنيمة، فيما تآكلت ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، وبرزت ملامح الفشل في إدارة ملفات الأمن والاقتصاد والخدمات.
الانقسامات وإعادة التشكيل.. ديناميكيات داخل البيت الشيعي
في حديث خاص لـ"بغداد اليوم" (27 آذار 2025)، أوضح المحلل السياسي عدنان التميمي أن عدد الكيانات السياسية الشيعية التي ظهرت بعد عام 2003 تجاوز العشرين، إلا أن هذا العدد تقلص إلى أقل من ثمانية حاليًا، بسبب الانقسامات الحادة بين القيادات، وصراعات النفوذ، وظهور أجنحة وتيارات منشقة، بعضها حمل شعارات إصلاحية، وبعضها أعاد تدوير التجربة القديمة بأسماء جديدة.
وقال التميمي: "لو رجعنا إلى مرحلة ما بعد 2003، ومرحلة الحكومة الأولى وإعلان الدستور، نجد أنه كان هناك ما بين 15 إلى 20 تكتلًا سياسيًا مهمًا في تلك الفترة، لكن ما تبقى منها ربما أقل من ثمانية تكتلات، وبقية التكتلات اختفت وتحولت إلى قوة سياسية أخرى بسبب الانشقاقات بين قياداتها التي أسست تيارات وأحزابًا سياسية".
وأضاف أن "الكثير من العناوين السياسية اختفت في قراءة المشهد العام لعام 2025، وبالتالي لا يمكن القول بأن البيت السياسي الشيعي وصل إلى مرحلة الاحتضار، لأن كلما اختفت قوة سياسية تظهر أخرى، وهناك إطار جامع لهذه القوى، خاصة وأن الاستحقاقات الانتخابية تفرض معادلة الأغلبية السياسية الشيعية، في البرلمان، مما ينعكس على تشكيل الحكومة".
وأشار إلى أن "تراجع دور إيران في سوريا ولبنان لن يشكل أي ارتدادات قوية على البيت السياسي الشيعي، في ظل وجود قوى لها علاقات استراتيجية مع طهران"، مؤكدًا أن "هذه القوى نجحت في بلورة دعم لها مكنها من الاستمرار والتفاعل مع المشهد بشكل عام".
كما استبعد التميمي "وجود دعم مالي مباشر لتلك القوى، موضحًا أن تلك القوى ساعدت الاقتصاد الإيراني من خلال دعمها لبعض الصفقات والمضي في العلاقات التجارية والاقتصادية التي ساعدت الاقتصاد الإيراني الذي يعاني من عقوبات شديدة".
وفيما يتعلق بالحديث عن ضعف البيت الشيعي السياسي، أضاف التميمي أن "الحديث عن انعكاس ذلك إيجابًا على البيت السياسي السني غير دقيق، لأن البيت السني أيضًا يعاني من انقسامات وخلافات حادة أدت إلى انشقاقات في القيادات وكثير من القوى".
وأشار إلى أن "أغلب القوى السنية التي نشأت بعد 2003 اختفت بعد سنوات، ونحن أمام مشهد سياسي مختلف مع قيادات جديدة من الجيل الثالث التي تحمل أفكارًا واستراتيجيات مختلفة، وحتى الشارع في المناطق السنية لا يتفاعل مع تلك القيادات".
مراجعة إجبارية أم نهاية مرحلة؟
إن تجربة الحركات الإسلامية الشيعية في العراق لا يمكن قراءتها من زاوية واحدة. هي تجربة صعدت من اللاشرعية إلى السلطة، لكنها لم تتحول إلى تجربة بناء دولة. سيطرت على القرار، لكنها لم تسيطر على الأزمة. أسهمت في تحرير العراق من نظام شمولي، لكنها لم تبنِ نظامًا ديمقراطيًا مستقرًا.
يبقى مستقبل هذه الحركات مرهونًا بإرادتها في مراجعة ذاتها، وقدرتها على تفكيك المنظومة الريعية التي غذّتها لعقود، وجرأتها على الانتقال من منطق الغلبة الطائفية إلى منطق الشراكة الوطنية. وإذا لم تفعل، فإن صعود قوى احتجاجية، ونخب شابة، وتغيرات إقليمية، قد يفضي إلى نهاية مرحلة تاريخية وبداية أخرى لا تشبه ما قبلها.