بعد مرور عام على هجمات السابع من أكتوبر، لا تظهر بوادر واضحة لنهاية النزاع بين إسرائيل وحماس، بل إن هناك خطرا متزايدا بامتداده إلى مناطق أخرى. في ظل فشل إدارة بايدن في التأثير على بنيامين نتنياهو، يتجلى الانقسام في العالم العربي والإسلامي، بينما يعاني الأوروبيون من تهميش متزايد.

اعلان

بعد عام من هجمات 7 أكتوبر، يبدو الصراع بين إسرائيل وحماس بلا نهاية في الأفق، بل يهدد بالتوسع إقليمياً.

وفي الوقت الذي تفشل فيه إدارة بايدن في الضغط على بنيامين نتنياهو، يبدو العالم العربي والإسلامي منقسماً على نفسه، والأوروبيون في حالة تهميش.

وقد جاء في ملف نشرته جريدة لوموند الفرنسية ليوم 9 أكتوبر / تشرين الأول أنه بعد مرور عام على الحرب، تنكشف مشاهد جديدة للصراع، فبدلاً من احتواء الأزمة، فُتحت جبهات جديدة، مما يجعل التصعيد الإقليمي، الذي يخشاه الرئيس جو بايدن منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 ، احتمالاً واقعياً. وتلوح في الأفق ثلاث حروب متزامنة تخوضها إسرائيل، في غزة ولبنان وضد إيران، دون أن يبدو أن أحداً له القدرة على كبح جماح بنيامين نتنياهو.

صور الضحايا الفلسطينيين الذين قتلوا خلال الحرب الإسرائيلية على غزّة، لإحياء الذكرى السنوية الأولى للحرب على قطاع غزة، في القاهرة، مصر، الاثنين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2024.Amr Nabil/Copyright 2024 The AP. All rights reserved

وفي زيارة لقاعدة الفرقة 36 في الجيش قرب الحدود اللبنانية في 6 أكتوبر، خاطب رئيس الوزراء الإسرائيلي القادة العسكريين قائلاً: "أنتم جيل النصر". وهو تحول استثنائي بعد عام من الفشل التاريخي للمنظومة الأمنية الإسرائيلية التي عجزت عن منع ومواجهة هجوم كبير على أراضيها.

وفي الوقت الذي تدرس فيه إسرائيل الرد على الضربات الصاروخية الإيرانية الأخيرة، تخشى العواصم الغربية والعربية تصعيداً جديداً. فمنذ عام، تجاهل نتنياهو و"مجلس الحرب" باستمرار النصائح الملحة، بل والخطوط الحمراء التي رسمها الحامي الأمريكي، المزوّد المستمر للأسلحة والذخيرة، والمظلة الدبلوماسية في الأمم المتحدة.

وكما توضح نيكول غنيسوتو، الخبيرة في الشؤون الجيوسياسية ونائب رئيس معهد جاك ديلور: "منذ 7 أكتوبر، يواجه الغرب أربعة مطالب متناقضة ظاهرياً: دعم حق إسرائيل في الوجود، وحقها في الدفاع عن نفسها، والدعوة إلى احترام القانون الإنساني الدولي، والسعي نحو حل سياسي يفضي إلى دولة فلسطينية".

منذ اليوم الأول، الولايات المتحدة تصطف إلى جانب إسرائيل

منذ اللحظات الأولى، اصطفت إدارة بايدن إلى جانب إسرائيل عسكرياً وسياسياً ومعنوياً. وجاءت زيارة الرئيس الأمريكي في 18 أكتوبر 2023 إلى "الدولة المنكوبة والمضطربة" مفعمة بالتعاطف. اذ قال بايدن في تل أبيب: "يجب تحقيق العدالة، لكنني أحذركم: إذا شعرتم بالغضب، لا تدعوه يستهلككم. بعد 11 سبتمبر، كنا غاضبين في الولايات المتحدة، لقد سعينا للعدالة وحققناها، لكننا ارتكبنا أيضاً أخطاء." تحذير سرعان ما تم نسيانه.

ولاء بايدن الشخصي لأمن إسرائيل انتهى به في فخ مجهول النتائج. حيث وضع البنتاغون جسراً جوياً لتسليم الأسلحة، وبينما كانت إسرائيل تستعد لعملية برية في غزة، حثتها الولايات المتحدة على دراسة خططها جيداً وسعت جاهدة لمنع حرب إقليمية. تم توجيه رسالة واضحة إلى حزب الله اللبناني والمجموعات الشيعية المسلّحة في سوريا والعراق وأخيراً إيران، في شكل نشر مثير للقوات البحرية والجوية في البحر المتوسط.

الدور العربي المحدود

 في ظل اعتمادهم على الدبلوماسية الأمريكية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، حرم العرب بقيادة المملكة العربية السعودية أنفسهم من أي نفوذ في القضية. فالانقسامات، التي ظهرت منذ 11 نوفمبر 2023 خلال الاجتماع الاستثنائي بين جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، الذي دعا إليه محمد بن سلمان في الرياض، منعت تشكيل جبهة موحدة بين الدول العربية.

اذ رفضت الرياض وشركاؤها، بمن فيهم مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة، دعوة إيران لعزل الدولة العبرية، وعلى الرغم من الانتقادات بشأن فتورهم، أعطت الحكومات العربية الأولوية لشراكتها الاستراتيجية مع واشنطن. إذ في نظرهم، وعلى الرغم من التقارب بين الرياض وطهران في مارس 2023، فإن التهديد الرئيسي يأتي من إيران ووكلائها، خاصة في العراق واليمن.

الموقف الأوروبي المنقسم

في أوروبا، كشف 7 أكتوبر وحرب غزة عن الخلافات بين الدول الأعضاء السبع والعشرين، فإلى جانب الألمان، المؤيدين المتحمسين لإسرائيل لأسباب تاريخية، قدمت النمسا والمجر وجمهورية التشيك غالباً دعمها للدولة العبرية، بينما كانت إسبانيا وأيرلندا أكثر انتقاداً.

متظاهرون يتظاهرون ضد إسرائيل وهم يناشدون بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، خلال مسيرة يوم الاثنين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2024 بالقرب من معبر شيبويا للمشاة في طوكيو. Eugene Hoshiko/Copyright 2024 The AP. All rights reserved

يقول هيو لوفات، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "البعض، بمن فيهم فرنسا، يدعمون في تصريحاتهم الحقوق الفلسطينية والقانون الدولي، لكن في النهاية، هناك القليل من الإجراءات التي تتبع، لا اعتراف بفلسطين ولا جهود لحظر منتجات المستوطنات، على سبيل المثال". ويضيف: "هذه الخطابات تخفي تقاعسهم تجاه الفلسطينيين وضد المستوطنات وتظهر دعمهم الفعلي لإسرائيل."

فشل المبادرات الدبلوماسية

بتشجيع من الإدارة الأمريكية، عملت المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والأردن وقطر على خطة لـ "اليوم التالي" في قطاع غزة، داعية إلى تنظيم مؤتمر سلام دولي تحت رعاية الأمم المتحدة، لإعطاء مضمون لحل الدولتين، لكن نهجهم تم إفراغه من أي مضمون من قبل المبعوثين الأمريكيين.

Relatedكم بلغ حجم الخسائر الإسرائيلية في الجبهات الداخلية والخارجية بعد سنة من الحرب؟من غزة إلى الإقليم.. كيف اتسعت دائرة الحرب إلى لبنان واليمن وإيران؟الحرب على غزة تدخل عامها الثاني.. تصعيد مستمر ودعوات في تل أبيب لاستهداف منشآت إيران النووية

فيما واجه خوسيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، وبعض العواصم، بما فيها باريس، جداراً إسرائيلياً في محاولتهم للحوار مع الدول العربية، في المنظور البعيد لدولة فلسطينية. يقول سفين كوبمانس، المبعوث الأوروبي الخاص إلى المنطقة: "علينا أن نستعد لذلك، هذه المنصة ستسمح لنا بأن نكون مستعدين للمساهمة في عملية السلام، وإقامة دولة فلسطينية لضمان ليس فقط مستقبل سياسي للفلسطينيين، ولكن أيضاً لضمان مستقبل آمن لإسرائيل."

انتقادات للموقف الأمريكي

من جانبها، على الرغم من حديث إدارة بايدن عن إعادة تأهيل حل الدولتين، إلا أنها لم تتوقف عن الظهور كطرف منحاز وغير متوازن. وكان رمز ذلك البيان الصادر في 14 يناير عن البيت الأبيض بمناسبة مرور مائة يوم على احتجاز الرهائن اذ لم تكن هناك ولو كلمة واحدة تشير إلى المدنيين في غزة.

في ثلاث مناسبات، عطلت واشنطن اعتماد قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وفي أبريل، واصل المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، التأكيد على أن وزارة الخارجية لم "تجد أحداثا انتهكت فيها إسرائيل القانون الإنساني الدولي". وفي مايو، عندما أعلنت المحكمة الجنائية الدولية عزمها إصدار مذكرات توقيف بحق كبار المسؤولين الإسرائيليين، رفضت الولايات المتحدة، بلا مفاجأة، سلطتها وقرائنها.

المصادر الإضافية • لوموند

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية نساء غزة: انعدام للخصوصية وحياة خشنة في خيام النازحين ومراكز الإيواء "مكان خيالي" .. ترامب: غزة قد تصبح أفضل من موناكو المنظومة الصحية في غزة تحت استهداف غير مسبوق: الأطباء بين فقدان الأحبة والاعتقال غزة فلسطين اعتداء إسرائيل اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. اليوم الـ369 للحرب: تصعيد إسرائيلي في غزة ولبنان وسوريا وعملية طعن في الخضيرة تسفر عن إصابات يعرض الآن Next دُكت الضاحية على رؤوس ساكنيها واشتعل الجنوب.. فأين جيش لبنان من كل ما يجري؟ يعرض الآن Next أكسيوس: بايدن ونتنياهو في مكالمة "حاسمة" تناقش خطط إسرائيل للرد على إيران يعرض الآن Next المنظومة الصحية في غزة تحت استهداف غير مسبوق: الأطباء بين فقدان الأحبة والاعتقال يعرض الآن Next ما هو الراتب الجيّد في أوروبا: معادلة تختلف من بلد إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى اعلانالاكثر قراءة كيف خدعت حماس إسرائيل قبل "طوفان الأقصى"؟ معلومات تعرض للمرة الأولى فلوريدا تستعد لوصول إعصار ميلتون من الفئة الخامسة: تهديد جديد بعد إعصار هيلين حب وجنس في فيلم" لوف" "مكان خيالي" .. ترامب: غزة قد تصبح أفضل من موناكو بعد الدمار الهائل.. فرق إنقاذ دولية تصل إلى البوسنة لإزالة الأنقاض والبحث عن مفقودين اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليوملبنانالصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا غزةاعتداء إسرائيلحكومة- استقالةفلاديمير بوتينضحاياروسياثقافةألبانياالاتحاد الأوروبي Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

المصدر: euronews

كلمات دلالية: لبنان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا غزة اعتداء إسرائيل حكومة استقالة لبنان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا غزة اعتداء إسرائيل حكومة استقالة غزة فلسطين اعتداء إسرائيل لبنان الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحرب في أوكرانيا غزة اعتداء إسرائيل حكومة استقالة فلاديمير بوتين ضحايا روسيا ثقافة ألبانيا الاتحاد الأوروبي السياسة الأوروبية الولایات المتحدة یعرض الآن Next إدارة بایدن فی غزة

إقرأ أيضاً:

خلافات أمريكا وأوروبا.. هل هي بداية انقسام حضارة الغرب وماذا سيفعل عندها العرب؟

صحيح أنّه لا يمكننا الجزم بأن الغرب يشهد حاليا انقساما حادا قد ينتهي بقطيعة بين أبرز مكوناته، لكننا نستطيع أن نتأكد من خلال قراءة حضارية للسياق السياسي الدولي وما وصل إليه في حاضرنا، ونشاهد عيانا كيف أنّ أوروبا والولايات المتحدة بينهما خلافات عميقة قد تأخذ أبعادا أخرى وتعرف انزلاقات حادة في أيّ وقت، خاصة حينما تقود دولها التيارات اليمينية المتطرفة والدينية المحافظة، وينتج عن حكمها وسياساتها الدولية نوع من السقوط الأخلاقي في تعاملها مع الشعوب الأخرى. لقد حدث ذلك تاريخيا إبان الحقبة الاستعمارية ورأينا كيف تحولت إمبراطوريات لا تغيب عنها الشمس إلى مجرد دول قومية صغيرة المساحة وقليلة السكان، بعد أن عاثت في مستعمراتها ظلما ونهبا لعقود طويلة.

وبتكبير رؤيتنا لهذا المشهد الحضاري سيبدو لنا أكثر وضوحا، ويمكننا عندها قراءته بشكل عام من خلال اللحظة التاريخية التي التقطنا منها صوره، نحن نشاهد بأمّ أعيننا إسرائيل، صنيعة أوروبا وأمريكا والمشكّلة من عرقيات غربية بشكل أساس، تتدثر بـ"السامية" المفترض أنها ميزة شرقية، حتى تحمي وجودها وفكرتها الصهيونية، ونرى كيف أن الولايات المتحدة دعمت جيش الاحتلال بأحدث تكنولوجيا السلاح والذخيرة وتواطأت سياسيا على إبادة شعب تريد اقتلاعه من أرضه.

وداخل هذا المشهد لا تخطئ العين المقارنة بين غزة وأوكرانيا، حيث لا يمكن للعقل الإنساني أن يتجاوزها مهما حاول الدوس على ضميره، ولعل هذا ما جعل أوروبا -بشكل عام- تأخذ مواقف رافضة للعدوان الإسرائيلي على غزة، في مقابل تورّط الولايات المتحدة في سفك دماء الفلسطينيين بمشاركتها المادية إلى جانب جيش الاحتلال الصهيوني، إلى أن جاء ترامب الذي أعطى ظهره لأوكرانيا وحاول التعامل مع غزة بنوع من الوقاحة التي لا تخلو من العقلانية، حيث أنّ عينه كانت على إمكانية الضغط على حماس وترهيبها والأخرى كانت على سلاحها الذي رفضت رفضا قاطعا تسليمه أو التخلي عنه.

"لقد كان ترامب محقّا في كل شيء"؛ عبارة وضعها الرئيس الأمريكي المثير للجدل على قبعة بيسبول حمراء لطالما رافقته ولا تزال، إنها عبارة تختصر عناده واعتداده بتصوراته وقراراته التي لم تشاطره فيها شرائح واسعة من الأمريكان اختارت أن تضع ثقتها في جو بايدن وأن تشكّ في ما سيحققه لها من وعود بدت لها غير قابلة للتصديق، وها هو اليوم ترامب يُذكرها بفداحة خطئها وفظاعة خطيئتها، فهو كان على الدوام على حقّ في كلّ ما حذّر الأمريكان منه (حسب قناعته العمياء طبعا).

وإذ يحاول ترامب كسب شرعية من خلال هذه العبارة يقنع بها الداخل الأمريكي بصوابية تواجهاته الحمائية التي يهدف من خلالها الحفاظ على الاقتصاد الأمريكي عبر فرض المزيد من الرسومات الجمركية على الاقتصاديات الكبرى في العالم، فهو يسعى إلى فرض هيمنة أمريكا في نسختها الترامبية على العالم، بما فيه أوروبا التي تقاسم أمريكا الحضارة والثقافة والعرق والدين والتاريخ، ولا تفرقهما سوى الجغرافيا.

لقد نحت الولايات المتحدة في عهد ترامب إلى اعتبار مصالحها القومية هي المرجع وهي المصلحة الثابتة، ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية ربما، تتبنى سياسة خارجية مختلفة تجاه حلفائها في أوروبا وكندا، الأمر الذي يطرح إشكالية بداية تصدع الحضارة الغربية.

على صعيد الاقتصاد، خلقت رغبة ترامب الجامحة في تحصيل المزيد من الأموال من خلال فرض رسوم جمركية على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي ردّ فعل مكافئ ومعاكس في الاتجاه لدى الأوروبيين، الذين أصبحوا أكثر تشككا من استمرار علاقات "أخوية متينة" مع الضفة المقابلة للأطلسي، ومن هنا يبدأ الصدع في الاتساع.

وفي الجانب العسكري نجد أنّ ضغوط أمريكا وتنصلها من الاستمرار في حماية الدول الأوروبية دون مقابل يصر ترامب على أن تدفعه إن أرادت بقاء الغطاء العسكري الأمريكي مستقبلا، وكذلك موقفها تجاه أوكرانيا، كل ذلك سيدفع بدول الاتحاد الأوروبي إلى تفعيل استراتيجية الدفاع المشترك، ما قد يفضي إلى تفكك حلف شمال الأطلسي الذي يشكّل أبرز مظهر عسكري يوحّد الحضارة الغربية، بل حتى على مستوى الدول ربما تلجأ كل دولة على حدة إلى وضع خطط وتصورات بشكل منفرد لأمنها القومي.

لقد تضاعف شكّ أوروبا في روسيا بعد أن غزت أوكرانيا وقطعت كل يقين في بوتين تكون قد عوّلت عليه قبلها، وحسمت دول القارة في مسألة إيجاد مصدر طاقوي بديل يُغنيها عن بوتين نهائيا، وأصبح انعدام الثقة في الشرق هو سيد الموقف، واليوم يبدو أنّ الشيء نفسه سيحدث مع الولايات المتحدة التي يقود ترامب علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي نحو حالة من اليقين ببقاء التهديد الأمريكي أو على الأقل عودته في المستقبل إن لم يستمر، ما يعني أنّ القارة العجوز في بحثها الأكيد عن بدائل اقتصادية وعسكرية لأمريكا ستتقوقع على نفسها أكثر من أيّ وقت مضى بعد أن تتجمد العلاقات غرب الأطلسي أيضا.

"متلازمة بوتين" هذه التي يبدو أنّ أوروبا قد أصيبت بها مجدّدا مع الولايات المتحدة بسبب سياسات ترامب، حيث لا تضمن الأيام حتى وإن ذهب أن تأتي برئيس آخر يشبهه في عناده أو ربما يفوقه في عجرفته، ستلقي بظلالها ليس على الجبهة الأطلسية فحسب، بل على العالم أجمع، وستسعى كل دولة إلى حماية اقتصادها ودعم أمنها واستقرارها لوحدها وبشكل ذاتي بعيدا عن الآخرين.

ولا يمكن لهذا المشهد الحضاري أن يكتمل إلا بطرح سؤال حول منطقتنا ربما يجد جوابا عن مصيرها: أين سيكون العرب في هذه الحالة المستعصية والمتأصلة من الأنانية التي ستسيطر على دول العالم؟ وكيف سينظرون إلى اقتصادياتهم وأمنهم القومي؟ هل سيتشرذمون أكثر مما هم عليه اليوم، أم أنّ رياح التغيير الحضاري قد تهبّ مجدّدا لتفرض ترتيبات جديدة على المنطقة؟

مقالات مشابهة

  • لماذا لن يعود نتنياهو لقرار الحرب؟
  • خلافات أمريكا وأوروبا.. هل هي بداية انقسام حضارة الغرب وماذا سيفعل عندها العرب؟
  • شرخ في جدار الغرب.. الطلاق بين الولايات المتحدة وأوروبا
  • ترامب يصعد خطابه.. ضغوط اقتصادية على كندا وهجوم على سياسات بايدن
  • "تفكك الغرب".. هدية ترامب الكبرى لبكين
  • لماذا علاقة ترامب وبوتين مثيرة للمخاوف بشدة؟
  • ماذا لو حدث هجوم 7 أكتوبر وسليماني على قيد الحياة؟ .. بروفيسور إسرائيلي يجيب
  • ماذا لو حدث هجوم 7 أكتوبر وسليماني على قيد الحياة.. بروفيسور إسرائيلي يجيب
  • وزير الخارجية الإيراني: سيتم تسليم رسالة ترامب إلى إيران قريبا عبر مبعوث من إحدى الدول العربية
  • هل سينقذ ترامب الغرب أم يدمره؟