#كشف_التزييف
د. #هاشم_غرايبه
عندما انتخبت الفلسطينية المسلمة “رشيده طليب” عضوا في الكونجرس الأمريكي، وعند أدائها القسم، تمكن الإعلام الموجه من تحويل الأنظار عن العملية البروتوكولية بأدائها القسم على المصحف، والذي أرادته “رشيدة” تظاهرة إسلامية، كون هذا المصحف هو نسخة خاصة للرئيس الأسبق جيفرسون، مما يؤكد العمق الإسلامي للتاريخ الأمريكي، وهذه الجذور هي أكثر ما عمل المحافظون الجدد من أتباع المسيحية الصهيونية (وهم أغلب الرؤساء) على طمسه تماما، لذلك جرى حرف الأنظار عن القسم، بالتركيز الإعلامي على اللباس الفولكلوري الفلسطيني الذي ارتدته.
لقد جرى طمس كثير من وقائع تاريخ القارة الأمريكية، الذي يثبت حقيقة أن الإسلام كان موجودا في الأمريكتين قبل وصول الأوروبيين لهما، لدرجة أن البعض يعتبره مجرد ادعاء لا دليل عليه.
الحقيقة التي أثبتها كثير من المؤرخين الموضوعيين، ان البحارة المسلمين قد وصلوا أمريكا قبل “كولومبوس” بأكثر من ثلاثة قرون، لكن الغزاة الإسبان الذين لم يكونوا قد شبعوا بعد انتقاما من المسلمين في محاكم التفتيش، وبعدهم الأوروبيين وأغلبهم ينتمون الى البروتستانتية، قضوا على السكان الأصليين، ومحوا تاريخهم.
من هنا لا يُستبعد أن الإبادة الجماعية للسكان الأصليين، كان لأسباب عقائدية علاوة على الدوافع العنصرية.
المدهش أن آراء كثيرين من المؤرخين الموضوعيين الذين أثبتوا انتشار الإسلام في الأمريكتين قبل وصول “كولومبوس” قد أهملت تماما، وقد جرت صياغة التاريخ الأمريكي على أنه ابتدأ بوصول الأوروبيين، وأما الفترات التاريخية التي سبقت ذلك فيشار لها باقتضاب على أنها تمثل التخلف الحضاري والمعيشة البدائية، وعندما تبحث آثار الحضارات القديمة وما فيها من مظاهر باهرة، ورغم اكتشاف عملات إسلامية ومخطوطات قرآنية بالخط الحجازي القديم على ضفاف الأمازون، إلا أن دلالاتها الإسلامية تستبعد دائما، ويقطع بلا دليل على وثنيتها.
في عام 2014 أعلن “أردوغان” أمام مؤتمر لقادة الجمعيات الإسلامية في أمريكا الجنوبية عقد في اسطنبول، ان البحارة المسلمين وصلوا إلى تلك القارة سنة 1178، أي قبل 314 عامًا من وصول كولومبوس إليها،” لافتًا أن “مذكرات كولومبوس أشارت لوجود مسجد على رأس جبل على ساحل كوبا، ويرغب بإعادة بنائه”.
المؤرخ يوسف مروه عام 1996 يقول إن سجل يوميات كولومبس يعد دليلا على أن المسلمين وصلوا الأمريكيتين أولا وأن “الدين الإسلامي كان واسع الانتشار” وقد وصل إلى هناك.
الخبر نفسه كان قد أكده قائد القوات البحرية البريطانية السابق وعالم المحيطات “كيفين مانزيس” في كتابه: “1412 هي سنة اكتشاف الصين لأمريكا” والذي قال فيه أن الأميرال المسلم في الصين “سينغ هي” هو من اكتشف القارة الأمريكية قبل الرحالة الإيطالي “كريستوفر كولومبوس” وقدم أدلته على ذلك في الكتاب.
كشف الدكتور” كريج كونسيداين” أستاذ علم الإجتماع بجامعة “رايس” في كتابه “المسلمون في أمريكا: اختبار الحقائق”عن اكتشاف المسلمين للقارة الأمريكية قبل “كولومبوس” بقرون.
وبيّن الدكتور “كريج” التاريخ الطويل للعلاقات المتبادلة والمعقدة بين الغرب و العالم الاسلامي منذ القرن التاسع الميلادي، والتي أشار لها الباحث عبدالله حكيم كويك في كتابه “جذور أعمق”.
وأضاف الدكتور كريج: (لاحظ الباحث “حكيم” أن مسلمي أوروبا وأفريقيا قطعوا مسافات كبيرة عبر المحيط الأطلسي وتفاعلوا ثقافيا وتجاريا مع الهنود الحمر –السكان الأصليين-.
كما وثق الباحث “سايروس جوردون” اكتشافه عملات عربية من القرن الثامن الميلادي.
ويقول الكاتب الأمريكي “جيرالد ديركس” في كتابه: “المسلمون في التاريخ الأمريكي”: ان الحضور الإسلامي يعود إلى ما لا يقل عن ألف سنة مضت، حين كان المسلمون يعمرون الأندلس بالحضارة والكشوفات العلمية والجغرافية، فالمؤلف يوثق لذلك الحضور معتمداً على الكثير من الأبحاث التي اطلع عليها ولخصها، وهي أبحاث تمتد من التاريخ الوثائقي إلى الدراسات الجينية واللغوية والحضارية العامة، ومنها ما ذكره كولومبوس في مذكراته أنه استعان في رحلته ببحارة مسلمين ليدلوه على الطريق وهما: “بن مرين” و”الونسو” ، كما أنه في الرحلة الثانية احضر معه يـ-هوديا يتحدث العربية كمترجم وهو”لويس دى توريس”، مما يدل على أن بعض السكان يتحدثون العربية، وذكر أن سكان كوبا يلبسون “المئزر”وهو لباس مسلمي أفريقيا، واللغة التي يتحدثون بها “الماندنكية” وهي لغة قبائل مالي المسلمة.
رغم كل ذلك يسمي الأمريكيون من ذوي الأصول الأوروبية أنفسهم أصيلين، والمسلمين بأنهم مهاجرون غير شرعيين !!. مقالات ذات صلة التشهير بأساتذة الجامعات لمصلحة من ؟! 2024/10/09
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: كشف التزييف هاشم غرايبه فی کتابه على أن
إقرأ أيضاً:
قصة مايتا ـ ماريوباراغاس يوسا.. مقاربات مع التاريخ الطهراني للثورات في الأردن
-1-يفتتح يوسا روايته العظيمة بمشهد الزبالة في ضواحي ليما، حيث يصور روتين حياته اليومية ككاتب روائي. ويختتمها بنفس المشهد. وفي هذا رمزية واضحة المعالم تتخذ من الواقع المعاش لغة فجة تغلف مقولة الكاتب ووجهات نظره. وكأنه يضع هذه التحفة الروائية كإستعارة بين قوسين يضعان هذه السردية التي يختلط فيها الخيال بالتاريخ أمام تحديات الواقع المعاش/ وقت كتابة الرواية سنة 1982 حيث تبدأ سلسلة من الصراعات المسلحة في بلده البيرو وتمتد لسنة 2000
يجيد هذا الكاتب لعبة التعاطي الخادع مع التاريخ وهو لمن خبر مغامراته الروائية أفضل من ابتدع هذه المحاوره الماكرة مع هذا الصنم المصمت المسمى تاريخا.. إذ يتلمس بعناية الخبير مفاصله الباردة ثم يلج إليها محاورا ومجيدا في اعادة صياغة ما غمض منه وهو ما يفتأ يذكرك بمناسبة وبدون مناسبة أنه لا يكتب تاريخا وإنما يستلهمه في صياغة رواية فيها الكثير من الخيال والقليل من الأحداث التي حدثت بالفعل.
لماذا يلجأ روائي مثل يوسا إلى هذه الطريقة في مناقشة قضايا محورية في التاريخ قررت مصائر بلد بأكمله. وبهذه الخفة التي تكاد السخرية تنظم حباتها ويكاد الماضي يطوي صحائفه هل يحاول إعادة صياغة الأحداث بأن يكون جزءا محوريا منها؟
الطهرانية الثورية.. هي جل ما يبحث عنها الكاتب في شخصية مايتا.. هذه الطهرانية التي نتوهم واثقين إمساكها في راحتينا ثم ما تلبث أن تتحول إلى محض سراب غير موجود إلا في خيالاتنا التي تنسج بفطرتها المريضة بالكمال ومع ذلك. فهو ما يلبث إلا أن يضعنا في مقام الحيرة الخابطة.. مسلطاً علينا شمس السؤال الحارقة.. متوازنين من غير يقين ولا تأكيد.
بعد سلسلة من النهايات التي لا تليق ببطل طهراني.. سنظل نتساءل هل كان مايتا مناضلا ثوريا منزوعا من أية نوازع غير ثورية أم أنه مجرد لص سارق يمارس السطو المسلح على البنوك ويقضي فترة حكمه مستكينا هادئا ومتصالحا مع قدره. هل كان ساذجا.. غدره أصدقاؤه أم أنه كان ثائرا حقيقيا.. خذلته الظروف ثم واصل حياته دون أن يرمش له جفن في تذكر ما مضى.. هل المشكلة بالفكرة أم بتداعياتها.
في التاريخ، الحديث للبيرو.. فإن اليخاندرو مايتا قام بتمرد على نطاق ضيق في منطقة خاوخا.. ولم يكن معه سوى أربعة من الرجاال البالغين.. وبضعة تلاميذ من المدرسة المحلية.. كانت مجموعة من التروتسكيين الشيوعيين... وسرعان ما تم القضاء على هذا التمرد بسهولة ويسر وفي ظرف اثني عشر ساعة . تم قتل اثنان من الثوار واعتقال الباقي. هذا التمرد لا يكاد يذكر في تاريخ التمردات في البيرو تلك الفترة. يتتبع يوسا هذا التمرد ويناقش الافكار الشيوعية التي كانت سائده في تلك الاثناء حول الثورة والتغيير.. هذه ببساطة خلطة يوسا الأولية لهذه الرواية والتي تتفرع ويزداد حجمها فتصبح علامة بارزة في مشواره الروائي.. ويتم قراءتها سياسيا من حيث هجاء يوسا لتاريخه وللحركات اليساريه ومشروعها بشكل عام . وهذا ما يدعوه لان يصرح بأكثر من مقابلة بأن هذه الرواية هي أكثر كتاب له ظلم من ناحية القراءة المتعسفة له .
ـ 2 ـ
بتاريخ 22 ـ 4 ـ 1987 وفي قرية صغيرة في الجنوب الأردني اسمها ذات رأس ضمن محافظة الكرك كانت حشود من المناضلين الشيوعيين الأردنيين تجتمع لدفن فتى نهاية العشرينات أسمه حمدان الهواري.. ويبدو أننا سنعرف فيما بعد أن القوم قد دفنوا أحلامهم الأممية ـ آنذاك ـ معه تحت شجرة وارفة كان يتفيأ ظلالها قبر والده المحامي من قبله.
حمدان الهواري.. ولدى البحث عن سيرته سنجد نزرا يسيرا من حياته الحقيقية و الكثير من ظلاله واشعاعه في كتابات من عاصروه.. ويتأكد لدى المتتبع لأخباره إنه من أولئلك الثوريين الطهرانيين الذين عاشو الحلم وربما تجرعو انكساره..
ظلال كثيرة.. وتأثيرات لايمكن لنا تجاوزها.. أدت بشاعر أردني كبير مثل حبيب الزيودي إلى تخليد ذكراه بقصيدتين أولاهما بعد موت حمدان بسنة ( عام 1988) والثانيه قبل موت الشاعر نفسه بأشهر من عام 2012 وما بينهما الكثير من المقالات والأحاديث.
طالب في الجامعة الأردنية في أواخر السبعينات يؤسس حزب العمال الشيوعي الفلسطيني فيحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات .. ثم في سجنه يغير رفاقه في الحزب البوصلة ويتقربون من حركة فتح .. فيقرر الانتماء للحزب الشيوعي الأردني .. وفي أخر أيامه يصاب بمرض السرطان فيخرج بعفو انساني وينتهي به المطاف مسجى في قريته الصغيرة في جنوب الأردن.
تنتهي به الأحلام الكبرى والجدوى.. خارجا من سجن المحطة.. ويترك رئته الممزقة للريح وللمراثي.. هل خذله الرفاق.. هل وشو به.. هل تركوه نهبا لأفكار تتنازعه حول الجدوى.. أين كان يقف في لحظة خروجه من سجن المحطة. هل تقاسم رفاقه مخصصات وزارة الداخلية في دعمها للأحزاب المرخصة بعد موته بعام في ظل الانفتاح الديمقراطي الذي شهده الأردن . ماذا كان سيقول لو انه شهد تجمع القوى اليسارية المدعوم من الحكومة ؟؟ هل كان لابد له من الموت ببساطة لأن النظام العالمي الجديد بعد 1991 لا يمكن له استيعاب الطهرانيين.. أم أنه كان مجرد طالب جامعي تمور في رأسه كل طواحين الأردن التي ظلت تستجدي الرياح .
ستظل الأسئلة التي طرحها يوسا في روايته تلاحق كل الثوار الطهرانيين.. منذ الحسين عليه السلام وحتى حمدان الهواري.. ولكن من يجرؤعلى هذا الطرح سوى كاتب كبير مثل يوسا.. لا يأبه للتابوهات..