وزير مصري يهدد بالاستيلاء على المصانع المغلقة.. ماذا وراء ذلك؟
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
أثار مسؤول مصري كبير وقائد عسكري سابق، الجدل بحديثه عن سحب المصانع المغلقة في البلاد، ومنحها لمستثمرين آخرين، مفجرا المخاوف من أن يكون تصريحه الذي جاء أمام البرلمان فيه تلويح بتأميم تلك المصانع وبيعها للعرب والأجانب لحل الأزمة المالية التي يعاني منها ثاني أكبر اقتصاد في قارة إفريقيا.
نائب رئيس الوزراء المصري للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، الفريق كامل الوزير، قال الثلاثاء، أمام مجلس النواب عن تطوير الصناعة إن هناك نحو 12 ألف مصنع متعثر، تتوزع بين 5790 مصنعا تم إنشاؤها، و5500 مصنع متعثر تحت الإنشاء، ملمحا لمنح بعضها قرضا بفائدة 15 بالمئة.
لكنه أضاف: "لن نترك مصنعا مغلقا، سنسحبه من صاحبه، وتتم إتاحته لمستثمر آخر جاد، لتعظيم الإنتاج وحتى لا يتم إهدار أصول الدولة".
الوزير، الذي لم يحدد طريقة أو كيفية سحب المصانع المتعثرة وكيفية إتاحتها لمستثمر آخر، تحدث أيضا، عن بيع مصانع القطاع العام المتوقفة للمستثمرين، وبيع أصول تلك المصانع من معدات وأراضي، مفجرا مفاجأة من العيار الثقيل بأن الأمر ينطبق على مصانع وزارة "الإنتاج الحربي"، سواء بالشراء أو المشاركة.
وقال الوزير: "اللي عايز (من يريد) أي مصنع تابع للقطاع العام المتوقف يتفضل، حتى اللي عايز مصنع الحديد والصلب كله يتفضل"، موضحا أن "أي مستثمر يحتاج مصنعا من مصانع القطاع العام التي توقفت كأرض أو منشآت لتشغيلها سواء بالشراكة مع القطاع العام أو ممكن نبيعها بالكامل".
وأشار أيضا إلى إمكانية "منح قطعة أرض أو مصنع من مصانع الإنتاج الحربي الشاغرة، سواء لتشغيلها بمفرده أو بالشراكة مع الإنتاج الحربي".
"أجواء صعبة"
ويأتي حديث الوزير، في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد المصري من أزمات هيكلية معقدة، وسط عجز حكومي عن حلها، ووسط تفاقم ديون خارجية بلغت في آذار/ مارس الماضي نحو 160.6 مليار دولار، مع حلول آجال الكثير من فوائد وأقساط ذلك الدين.
وذلك مع توجه حكومي للاقتراض مجددا وبيع الأصول والشركات العامة والأراضي الاستراتيجية مثل "رأس الحكمة"، و"رأس جميلة"، و"رأس بناس"، بين 5 مناطق هامة أعلنت عنها الدولة 26 أيلول/ سبتمبر الماضي.
وأصدرت الحكومة المصرية مجموعة من القوانين والقرارات التي تشير إلى توجهها نحو بيع الممتلكات العامة والخاصة وبينها "قانون نزع الملكية للمنفعة العامة"، والذي أجرت عليه تعديلات عامي 2018، و2020.
بموجب القانون تم نزع ملكيات خاصة مثل أراضي جزيرة "الوراق"، و"رفح" شمال سيناء، و"الجميل" ببورسعيد، و"رأس الحكمة" ومرسى مطروح بالساحل الشمالي.
وفي السياق، تقوم الحكومة المصرية بحصر أصول ومقرات ذات قيمة تاريخية وتراثية وتقع في مواقع استراتيجية بهدف عرضها للبيع على المستثمرين، ففي 25 أيلول/ سبتمبر 2020، أعلنت الحكومة حصر 3700 من الأصول غير المستغلة للدولة في 27 محافظة و30 وزارة.
وفي 17 آب/ أغسطس الماضي، أعلنت وزيرة التنمية المحلية، منال عوض، الانتهاء من برنامج حصر الأصول غير المستغلة بـ27 محافظة، لبدء الترويج لها عبر خريطة مصر الاستثمارية واستقطاب مستثمرين جدد محليين وأجانب، بالتنسيق مع هيئة الاستثمار، وصندوق مصر السيادي.
وفي المقابل، واجه المصنعون المصريون أزمات عديدة كان أشدها منذ ربيع العام 2022، مع هروب من 15 إلى 20 مليار دولار من الأموال الساخنة من السوق المصرية، ما أحدث فجوة تمويلية هائلة تسببت في احتجاز آلاف الأطنان من السلع وقطع الغيار والأدوات والآلات في الجمارك المصرية لعجز المستوردين والحكومة عن توفير العملة الصعبة للإفراج عنها، ما تسبب في خسائر كبيرة للمصانع وتوقف الكثير من الشركات أو تخفيض أعمالها وعمالتها.
وذلك إلى جانب ما عاناه المصنعون والشركات وأصحاب الأعمال في توفير الدولار مع عجز البنك المركزي عن توفيره، ما اضطرهم لشرائه من السوق السوداء التي وصل سعر الدولار فيها إلى نحو 60 جنيها، مطلع العام الجاري، بينما كان السعر الرسمي حوالي 30 جنيها.
ولذا طالب البعض بتعويض المصانع المتوقفة ومنحها إعفاءات ضريبية وجمركية وتخفيض في أسعار الوقود وتسهيلات للتصدير بدلا من بيع المصانع للأجانب، وبينهم الخبير الاقتصادي محمود وهبه، الذي أكد أن سحب المصانع يعني إسقاط حقوق الملكية المكفولة بالدستور.
"تساؤلات"
ويدفع حديث الوزير، الرجل المقرب من السيسي، للتساؤل عن احتمالات استدعاء السيسي تجربة جمال عبد الناصر بالاستيلاء على الممتلكات الخاصة والمصانع، وذلك في ظل حاجته الشديدة للمال والعملة الصعبة.
كما أن حديث الوزير صاحب الصلاحيات الواسعة في حكومة مصطفى مدبولي والتي بدأت عملها في 3 تموز/ يوليو الماضي، يثير التساؤلات حول أسباب التضييق على المستثمرين المصريين ودعم الأجانب والعرب، خاصة مع توقيع القاهرة الشهر الماضي، اتفاقيات لتأمين الاستثمارات السعودية ووعود بتأمين الاستثمارات الألمانية.
كما يثار التساؤل: هل يدفع هذا التوجه رجال الاعمال المصريين للهروب بأموال استثماراتهم؟، وذلك في ظل تزايد عمليات هجرة المال الخاص المصري إلى أسواق السعودية والإمارات ودول الملاذ الآمن أو الأوفشور، بشكل لافت العام الجاري.
"ليس تأميما بل استيلاء"
وفي قراءته للقصة، قال السياسي المصري الدكتور عمرو عادل: "النظام الحالي ليس له أفكار ولا تصورات كلية حول كل الملفات؛ فهو لا يمتلك أي توجهات اقتصادية واضحة ولا رؤية لأمن مصر القومي، ولا يمتلك مفهوم للعدالة الاجتماعية".
رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، أضاف لـ"عربي21": "هو نظام يعمل بعقلية السمسار والتاجر قليل العلم مع قدر عال من قوة السلطة الجاهلة الهوجاء؛ ولذلك تخرج مثل هذه التصريحات التي نراها كارثية ولكنها متسقة مع عقلية النظام الحالي".
وأوضح أن "نظام عبد الناصر، قام بالتأميم، ولكن في إطار رؤية اقتصادية قد تكون خطأ ولكن كان هناك تصور كلي عند النظام؛ وما يحدث الآن وما حدث مع من سبق ليس تأميما اقتصاديا ولكنه استيلاء على ثروات الشعب بقوة السلاح والسلطة".
ويعتقد عادل، أن "الخلل الذي يعاني منه المجتمع المصري لن يُحل بمثل هذه الطريقة؛ فهو يحتاج إلى صناعة مجالات ومناخ استثماري وتعليم جيد وتشجيع الصناعات الصغيرة والملكيات الزراعية الصغيرة في منظومة تمتلك الشرف والرغبة في إنقاذ مصر، وهذا غير متوفر حاليا".
ومضى يؤكد أن "النظام بهذه العقلية يريد المال، والمال موجود في الخليج الذي لم يعد يعطيه المال مجانيا؛ فالحل أن يبيع كل ما تقع يده عليه، ولا يهم ملك من أو من سيتضرر".
وختم بالقول: "وتبقى التشنجات الوطنية وهيستيريا عصمة المؤسسة العسكرية خط الدفاع الدائم والكارت الرابح ضد أي معترض على بيع مصر جملة وأجزاء".
"تصريح غير مسؤول"
من جانبه، أكد الكاتب والباحث المصري محمد فخري: "نحن أمام سيناريوهين، أولهما أننا أمام تصريحات غير مسؤولة سياسيا وغير مقصودة، وقد اعتدنا على تلك النوعية من التصريحات المدهشة لوزير النقل والصناعة كامل الوزير".
وفي حديثه مع "عربي21"، لفت إلى أن "له العديد من التصريحات التي تفتقد للحس السياسي، وأحيانا للمنطق، فإذا كان هذا التصريح ينتمي لتلك التصريحات العنترية فلا غضاضة، فقد فقد الرجل مصداقيته ولم يعد يبالي المواطنون بزيف تصريحاته".
فخري، أوضح أن "السيناريو الثاني، والذي يخشى منه البعض أن يكون هذا التصريح مقدمة لعمليات استيلاء على مصانع وممتلكات رجال الأعمال، كما حدث في العشرية الأخيرة".
واستدرك: "لكن ما حدث مع أكثر من رجل الأعمال مؤخرا لا يرقى لقرارات التأميم الناصرية رغم اختلافنا معها، فهى أقرب لحوادث السطو والفساد السلطوي".
وختم بالقول: "في النهاية أميل إلى السيناريو الأول، وهو أننا أمام تصريح غير سياسي وغير موفق، ولا يمكن تطبيقه".
"أساليب استبدادية"
وفي رؤيته، قال الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية الدكتور ممدوح المنير: "إذا نظرنا إلى ما يفعله نظام السيسي، فمن الواضح أن هناك تشابها مع الأساليب الاستبدادية التي اعتمدتها الأنظمة العسكرية التي حكمت مصر في الماضي، مثل عبد الناصر".
وفي حديثه لـ"عربي21"، استدرك: "لكن مع فارق جوهري؛ فالسيسي لا يملك حتى الأيديولوجية الاشتراكية التي تبرر مثل هذه الممارسات، بل يعتمد على خليط من السياسات القمعية والنيوليبرالية الفاشلة التي تدمر الاقتصاد المصري وتضيق الخناق على القطاع الخاص".
وعن احتمال أن يعيد السيسي تجربة عبد الناصر، قال المنير: "نعم، يبدو أنه يتبع نفس خطوات عبدالناصر، ولكن هذه المرة تحت ستار (تعظيم الإنتاج) و(الحفاظ على أصول الدولة)".
وأكد أن "حديث الوزير عن الاستيلاء على المصانع المغلقة وسحبها من أصحابها هو إعادة إنتاج لسياسات التأميم التي اعتمدها ناصر، والتي أفضت إلى نتائج كارثية على الاقتصاد المصري".
ويرى أن "الفرق هذه المرة هو أن النظام لا يهدف إلى العدالة الاجتماعية أو المساواة، بل إلى تعزيز سيطرة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد، وتهميش أي دور للقطاع الخاص المستقل".
"الحاجة للمال"
وبشأن ما يثار عن أن حاجة السيسي للمال قد تكون من دوافع السطو على الملكيات الخاصة، أوضح الباحث المصري، أن "النظام المصري يعاني من أزمة مالية خانقة، حيث وصل الدين الخارجي لمصر إلى 160.6 مليار دولار وفقا لأحدث التقارير".
"بالإضافة إلى ذلك، تواجه مصر عجزا في الميزان التجاري يبلغ نحو 42 مليار دولار، ما يعني أن البلاد تستورد أكثر مما تصدر، مما يفاقم الأزمة الاقتصادية"، ملمحا إلى أنه "في ظل هذه الظروف، السيسي ليس أمامه إلا اللجوء إلى سياسات تعسفية كتلك التي أعلن عنها الوزير، فهو في حاجة ماسة للمال بأي وسيلة كانت".
وأضاف: "بالنظر إلى أن الاقتصاد العسكري يسيطر على نحو 60 بالمئة من الأنشطة الاقتصادية في مصر، فإن هذا السعي نحو الاستيلاء على المصانع والشركات لا يعد إلا محاولة يائسة لاستنزاف القطاع الخاص وزيادة سيطرة الجيش على القطاعات الإنتاجية، ما يهدد بخلق طبقة من المستثمرين المرتبطين بالنظام وتهميش الآخرين الذين لا ينصاعون لأوامره".
"تأمين الأجنبية وتهديد المحلية"
وقال المنير: "السيسي يتحدث عن حماية الاستثمارات الأجنبية، سواء السعودية أو الألمانية، في محاولة واضحة لتهدئة المستثمرين الخارجيين وجذب المزيد من التمويل، لكنه في الوقت نفسه يهدد المستثمرين المحليين بالإجراءات القمعية، هذه الازدواجية في المعاملة تدل على ضعف النظام وعجزه عن خلق بيئة استثمارية حقيقية تعزز الثقة".
وتؤكد الحكومة المصرية على دعم الاستثمارات الأجنبية في مصر، ففي 16 أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خلال زيارته للعاصمة السعودية الرياض عن الانتهاء من اتفاقية حماية الاستثمارات السعودية وتفعيلها خلال 3 أشهر.
ولفت المنير، إلى أن "الأرقام تتحدث عن نفسها: التضخم في مصر بلغ معدلات قياسية تتجاوز 37 بالمئة عام 2023، وانخفاض قيمة الجنيه المصري بأكثر من 50 بالمئة منذ بداية الأزمة الاقتصادية، مما يجعل أي وعود بتأمين الاستثمار الأجنبي تبدو غير واقعية في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية الكارثية".
وعن هروب رأس المال المصري بفعل ذلك التوجه، أكد أن "رجال الأعمال المصريين لم يعودوا يشعرون بالأمان في ظل نظام لا يحترم الملكية الخاصة، والأرقام تكشف بوضوح أن الاستثمارات الخاصة في مصر تتراجع بشكل حاد، بينما نشهد تزايدا في هجرة رأس المال المصري إلى دول أخرى مثل السعودية والإمارات وحتى دول (الأوفشور)".
وأوضح أنه "وفقا للتقارير، بلغ حجم الاستثمارات المصرية في الخارج أكثر من 8 مليارات دولار في عام 2023، وهو ما يعكس خوف المستثمرين من فقدان أصولهم نتيجة للسياسات القمعية التي يتبعها النظام، والهجرة الاقتصادية هذه ليست فقط هروبا من التضييق الاقتصادي، بل هي مؤشر واضح على فشل السياسات الاقتصادية للسيسي".
ومضى يقول إن "السيسي يعيد إنتاج نموذج استبدادي يسعى من خلاله إلى السطو على مقدرات الشعب المصري لحساب المؤسسة العسكرية ورجال الأعمال المرتبطين به".
وختم بالقول: "السياسات الاقتصادية الفاشلة والقرارات التي تضر بالقطاع الخاص، مثل تهديدات كامل الوزير، تؤكد أن النظام في حالة إفلاس حقيقي، وهو مستعد للتضحية بكل شيء، بما في ذلك الاستثمارات المحلية، من أجل استمراريته".
"يُكمل ما بدأه"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، لاقى حديث الفريق السابق بالجيش المصري استهجان البعض وانتقاداتهم، معتبرين أن سحب المصانع المغلقة من أصحابها المتعثرين يمثل اعتداء على الملكيات الخاصة، معبرين عن مخاوفهم من أن يكون ذلك التوجه مقدمة للاستيلاء على المصانع والشركات والمؤسسات المغلقة ومنشآتها ومعداتها وأراضيها، وتأميمها.
وأشار مراقبون إلى أنه تلويح بتأميم تلك المصانع، على غرار نهج الرئيس جمال عبدالناصر في ستينيات القرن الماضي مع آلاف المصانع والشركات والملكيات الزراعية، في قرارات التأميم الاشتراكية الصادرة 19 تموز/ يوليو 1961، وبينها "القانون 117 لسنة 1961"، و"القانون 72 لسنة 1963".
ولفتوا إلى ضغوط رئيس النظام الحالي عبدالفتاح السيسي على رجال الأعمال المؤيدين له وسحب فضائيات وصحف من بعضهم مثل الملياردير نجيب ساويرس، وسجن صاحب شركة "جهينة" رجل الأعمال صفوان ثابت، وصاحب محلات "التوحيد والنور" سيد السويركي، ورجل الأعمال حسن مالك -مازال رهن الاعتقال- وغيرهم.
وألمحوا أيضا إلى التحفظ على أموال وممتلكات جماعة الإخوان المسلمين، منذ العام 2013، ومصادرة أموال نحو 1600 من أعضاء الجماعة و143 شركة و104 مدارس و69 مستشفى، وضمها للخزانة العامة للدولة، وذلك في حصر منتصف 2019، وذلك إلى جانب مصادرة أموال جمعيات أهلية والتحفظ على أموال أعضاء بالمجتمع المدني والحقوقيين.
وعبر موقع "إكس"، تساءل الممثل المعارض عمرو واكد، هل هذا تأميم لسداد ديون من أسماهم بـ"العصابة"؟.
حد فاهم يا جماعة قصده ايه بأصول الدولة لو المصانع دي زي ما هو بيقول ليها اصحاب؟ هل ده تمهيد لتأميم وبيع مصانع الناس يعني عشان تسديد ديون العصابة؟ ولا هو اللي مش فاهم ولا أنا مزودها؟ https://t.co/NNnawO4Dzi — Amr Waked (@amrwaked) October 8, 2024
ورأى متابعون أن تصريح الوزير، كمسؤول كبير يدعو أي مستثمر أجنبي للتفكير قبل الاستثمار في مصر، ملمحين إلى مساوئ قانون نزع الملكية للمنفعة العامة، مؤكدين أن الحكومة بعدما باعت الأصول العامة تتوجه لبيع المصانع الصغيرة، موضحين أنه تكرار لما فعله جمال عبدالناصر، ملمحين إلى أن البيع الجديد سيكون لأصدقاء الكيان في دول عربية.
وطالب آخرون الوزير، والحكومة بالحفاظ على مصانع الدولة، ملمحين إلى بيع أراضي وممتلكات مصنع الحديد والصلب بحلوان، والقومية للأسمنت، وطرة للأسمنت بحلوان، وشركات سماد أبوقير، والشرقية للدخان، والنصر لصناعة الكوك، وغيرها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي مصري المصانع المغلقة كامل الوزير السيسي التأميم مصر السيسي وزير النقل تأميم كامل الوزير المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المصانع المغلقة رجال الأعمال على المصانع حدیث الوزیر ملیار دولار عبد الناصر فی مصر إلى أن
إقرأ أيضاً:
خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة
خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة
عمار نجم الدين
تصريحات وزير الإعلام السوداني لقناة الجزيرة اليوم خالد الإعيسر تعكس بوضوح استراتيجية النظام في الخرطوم التي تعتمد على تكرار الكذبة حتى تصير حقيقةً في نظر مُطلقيها. عندما يصف الوزير الدعم السريع بـ”الخطأ التاريخي” ويزعم تمثيل السودانيين، فإنه يغفل حقائق دامغة عن طبيعة الصراع وأدوار الأطراف المختلفة فيه.
في خضم هذه الدعاية، يُظهر الواقع أن الانسحاب الأخير لقوات الدعم السريع من سنجة، تمامًا كما حدث في انسحاب الجيش في مدني وجبل أولياء وانسحاب الدعم السريع من أمدرمان، ليس إلا فصلًا جديدًا من فصول التفاوض بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. هذه الانسحابات لم تكن وليدة “انتصار عسكري” كما يدّعي النظام، بل هي نتيجة مباشرة لمفاوضات سرية أُجريت بوساطات إقليمية، خاصة من دول مثل مصر وإثيوبيا وتشاد، وأسفرت عن اتفاق لتبادل السيطرة على مواقع استراتيجية وضمانات بعدم استهداف القوات المنسحبة.
ما حدث في سنجة هو نتيجة لتفاهمات وُقعت في أواخر أكتوبر 2024 في أديس أبابا تحت ضغط إقليمي ودولي. الاتفاق، الذي حضرته أطراف إقليمية بارزة، مثل ممثل رئيس جنوب السودان ووزير خارجية تشاد، شمل التزامات متبادلة، من بينها انسحاب الدعم السريع من مواقع محددة مثل سنجة ومدني، مقابل:
ضمانات بعدم استهداف القوات المنسحبة أثناء تحركها من المواقع المتفق عليها. تبادل السيطرة على مناطق استراتيجية، حيث التزم الجيش السوداني بانسحاب تدريجي من مناطق مثل الفاشر، مع الإبقاء على وحدات رمزية لحماية المدنيين. التزام بوقف الهجمات لفترة محددة في المناطق المتفق عليها لتسهيل التحركات الميدانية وإعادة توزيع القوات.انسحاب الجيش السوداني من الفاشر سوف يكون تدريجيًا، يُظهر أن الطرفين يعيدان ترتيب أوراقهما ميدانيًا وفق التفاهمات السرية، لا على أساس أي انتصارات عسكرية كما يدّعي النظام.
النظام في الخرطوم، كعادته، يسعى إلى تصوير هذه التطورات الميدانية كإنجازات عسكرية، معتمدًا على خطاب تضليلي يخفي حقيقة أن ما يحدث هو نتيجة لاتفاقات سياسية تخدم مصالح الطرفين أكثر مما تحقق أي مكاسب للشعب السوداني.
ادعاء الوزير بأن النظام يمثل السودانيين، في مقابل القوى المدنية التي “تتحدث من الخارج”، هو محاولة أخرى لإقصاء الأصوات الحقيقية التي تمثل السودان المتنوع. هذه المركزية السياسية، التي لطالما كرست التهميش ضد الأغلبية العظمى من السودانيين، تعيد إنتاج نفسها اليوم بخطاب مكرر يفتقر لأي مصداقية.
الحديث عن السلام وفق “شروط المركز” هو استمرار لنهج الإقصاء، حيث يرفض النظام الاعتراف بالمظالم التاريخية، ويمضي في فرض حلول تخدم مصالحه السياسية دون النظر إلى جذور الأزمة. السلام الحقيقي لا يتحقق بشروط مفروضة من الأعلى، بل بإعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة تضمن العدالة والمساواة.
خطاب النظام حول “الانتصارات العسكرية” و”مواجهة المؤامرات الدولية” ليس سوى وسيلة لتبرير القمع الداخلي وتحريف الحقائق. الحقيقة الواضحة هي أن الانسحاب من سنجة وستتبعها الفاشر وغيرها من المناطق تم نتيجة مفاوضات سياسية بوساطة إقليمية، وليس نتيجة “نصر عسكري” كما يزعم النظام. هذه الممارسات تفضح زيف الرواية الرسمية وتؤكد أن الأزمة الراهنة ليست صراعًا بين دولة ومليشيا، بل هي امتداد لصراع مركزي يهدف إلى تكريس الهيمنة والإقصاء.
إذا كان النظام السوداني يسعى حقًا لإنهاء الحرب وبناء السلام، فعليه أولًا التوقف عن الكذب والاعتراف بمسؤولياته في خلق هذه الأزمة. السودان اليوم أمام مفترق طرق حاسم، والاختيار بين الحقيقة أو الكذبة سيحدد مصير البلاد لسنوات قادمة.
الوسومالفاشر حرب السودان سنجة