الأسبوع:
2025-03-10@17:44:15 GMT

شرفة سويدية على النيل

تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT

شرفة سويدية على النيل

عندما كنت رئيسا لتحرير موقع الحضارات أول موقع ثقافى لمؤسسة الأهرام، 2015-2017، سعدت باستضافة الكاتبة السويدية، "آن إيديلستام"، بمناسبة صدور الترجمة العربية لرواياتها البديعة "ثلاث سويديات في القاهرة"، وهى رواية بديعة ترصد فيها، التحولات المختلفة الجذرية والحادة والمؤثرة النتائج التي شهدها المجتمع المصري، منذ 1926 وحتى 2011 م، من خلال ثلاث سويديات عشن في القاهرة بداية من من الجدة "هيلدا" التي أتت القاهرة عام 1926 لتتزوج من حبيبها طورشتين الذى كان يعمل قاضيا في المحاكم المختلطة، ثم ابنتهما "أنجريد" التي عاشت طفولتها وشبابها في القاهرة حتى عام 1952م، ثم غادرت للسويد لتتزوج من الدبلوماسي "أكسيل إيديلستام"، لتعود فيما بعد معه بعد أن تم تعيينه سفيرا للسويد بالقاهرة، ثم ابنتهما الحفيدة آن وهى المؤلفة ذاتها.

بعد الندوة التى عقدها الموقع لمناقشة الرواية، لاحظت "آن" اندهاشى من قدم التواجد السويدى فى مصر، وهوما قادنى فيما بعد لتتبع التاريخ الفردى أو التاريخ السويدى غير الحكومى فى مصر، إلى أن وصلت فيما وصلت إليه إلى "كارل فون جربر" السويدى الملقب بعاشق الإسكندرية، والذى أتى إليها كرجل أعمال يعمل فى مجال الأخشاب، فأنشأ بها مصنع للأخشاب والمناشر، ووكالة للشحن، كما كان صاحب توكيل أول بوتاجاز للغاز فى مصر، وكان نموذجا لرجال أعمال حقيقى ومؤثر فى المجتمع السكندرى والمصرى، إذ أنشأ العديد من المصانع المنتجة، ودرب الأيدى العاملة بها، وساعد فى تخريج مهنسين كثر، مع اهتمام بالغ بالنواحى الإنسانية للعاملين معه، خاصة فيما يتعلق بالرعاية الصحية، وفيما يتعلق بالإسهام المجتمعى لدرجة أن ذلك الرجل السويدى المسيحى، أنشأ معهدا لتحفيظ القرآن للفتيات الكفيفات.

كل هذا مر بخاطرى، قبل أن أدخل السفارة السويدية بالقاهرة، التى استضافت مع مجلس التجارة والاستثمار السويدي في مجال الأعمال، مؤتمر شراكة الرعاية الصحية السويدية المصرية، بمناسبة زيارة قام بها اتحاد سويدي لاستكشاف التعاون الموسع مع مصر في القطاع الصحي، ورغم أن هذا الملف بعيد عن اهتماماتى الصحفية-أو كان كذلك - ورغم أننى كنت عائدا فى نفس اليوم من رحلة آسيوية مرهقة على قدر امتاعها، إلا أننى ذهبت، وذهبت أولا لأننى أحب السفارة بمبناها الهادئ الأنيق البسيط، الذى يختلف عن مبان سفارات كثر، تخبئ وراءها غير ما تظهر، وأحب حديقتها المريحة المرحبة، بشجرات المانجو ومنهن اثنتين على جانبين، تشكلان حضنا فى الهواء، وبعض شجيرات الجهنمية التى تزهر قليلا من الأحمر، لأنه فيما يبدو يسقونها أسبوعيا، والجهنميات تحتاج قليل الماء لتزهر أزهارها الملونة، بدلا من أوراقها الخضر الرائعة فى حد ذاتها، ثم شجيرات النخيل التى تكاد تناجى صفحة النيل، ثم والأهم النيل ذاته، فلا سور مانع وعائق بين السفارة والنيل، إنما بعض أحجار مصفوفة ببساطة، تجعل منها شرفة سويدية على نيل القاهرة الساحر، وهو السحر الذى أحب إطالة النظر إليه كلما ذهبت للسفارة، فكلما دخلت السفارة، قد أفوت بعض قواعد البروتوكول، وأتوجه مباشرة لتلك الشرفة الحجرية، محييا النيل من سفارة السويد، حتى أن السفيرة الأسبق للسويد بالقاهرة "شارلوتا سبار" كانت تقول لى مازحة: "أنت لا تأتى إلى هنا لمتابعة فعاليات السفارة، إنما تأتى لمتابعة انعكاس الأنوار والأضواء على صفحة النيل"، فكنت أرد مازحا: "قالوا أنك تجلسين هنا أكثر مما تجلسين فى مكتبك".

كانت السفيرة "شارلوتا سبار"محبة لمصر، خاصة فى تعبيرها عن موقف بلادها من ثورة يونيو المجيدة، وكانت مثيرة للمرح، فنسب إليها استغرابها من إصرار المصريين على أن على يجعلوا سياراتهم ترتدى البيجامات، فى إشارة منها لغطاء السيارات عندنا، كما كانت بالنسبة للبعض، مثيرة للجدل، أما السفير الحالى هاكان إمسجارد، فهو مثير للإحترام وللتقدير وللإعجاب فى آن، وهذا ما شعرت به، مذ بداية كلمته، فى افتتاح مؤتمر الشراكة السويدية المصرية فى مجال الرعاية الصحية، وقد تأكد الاحترام والتقدير والإعجاب، حين راجعت بعض نشاطات السفير منذ مجيئه للقاهرة، وحين راجعت بعض الملحوظات التى دونتها فى دفترى، عن الفعاليات التى حضرتها فى السفارة.

السفير السويدى فى القاهرة، لابد أن يكون سياسيا محنكا بالطبع، ودبلوماسيا مخضرما بالضرورة، وهذا أبسط ما فى تكوين السيد إمسجارد، لكنه بدا لى رجلا عمليا، لديه أهداف وأولويات محددة فى خطة عمله بالقاهرة، وهى أهداف وأولويات تسعدنا، خاصة وفيما أظن أن ملف الرعاية الصحية يتصدرها، ويحظى باهتمام بالغ منه على سبيل المثال: قام وفد من الحكومة السويدية، برزيارة المنشآت الصحية بجنوب سيناء، فى مارس من العام الماضى وفى ديسمبر 2022 زار السفير مشروع التأمين الصحى، لمتابعة نتائج زيارة وفد التأمين الصحى للسويد، للتعرف على نظام الرعاية الصحية، وإلى جانب ذلك وقع السفير عددا من البروتوكلات فى نفس الشأن، إلى جانب ورش عمل متعددة ومتراتبة فيما يخص الرعاية الصحية.

وأستطيع أن أسرد مزيد ن اللقاءات والنشاطات والفاعليات، التى يقوم بها السفير إسمجارد فى هذا الشأن، وكلها تؤكد أنه يعتبر أن توفير وتطوير الرعاية الصحية هدفا هاما بالنسبة له سفيرا وإنسانا، والذى قال فى المؤتمر: "إن أوجه التآزر بين حلول الرعاية الصحية المتطورة في السويد ومبادرات إصلاح الرعاية الصحية في مصر واضحة، فالشركات السويدية مجهزة تجهيزا جيدا لدعم مصر في جهودها الإصلاحية، وتتماشى خبراتها تمامًا مع مبادرات مصر لتحسين البنية التحتية للمستشفيات وتعزيز تقديم الرعاية الصحية، وخلق فرص كبيرة للتعاون في تقديم الخدمات وتبادل الخبرات على حد سواء".

وعادة ما أنظر إلى الكلمات المؤتمرية، على أنها كلمات بروتوكولية، لكن ما سمعته من السفير ثم ماراجعته من نشاطاته، وما تحقق فعلا فى تلك الشراكة، جعلنى مرة أخرى ان الرجل جاء لمصر ليفعل ويؤثر خاصة فى مجال الرعاية الصحية. وهو ما جعلنى أفكر عما إذا كان السيد "إمسجارد" يعرف أو سمع عن السيدة "هيلدا" جدة آن التى عاشت فى مصر فى عشرينيات القرن الماضى، والتى غادرت مصر مؤقتا لتضع مولودتها إنجريد فى السويد، لأنها لم تكن مطمئنة للرعاية الصحية فى مصر. ربما!!رغم أن مصر كانت متقدمة طبيا، لدرجة أن أوربيين وآسيويين كانوا يأتون للقاهرة لتعلم الطب.

لندع الماضي للماضي، وخلينا في الحاضر والمستقبل، وكما قال نائب رئيس الوزراء وزير الصحة والسكان د.خالد عبد الغفار في المؤتمر: إن التاريخ بدأ على ضفاف هذا النيل، والمستقبل سيبدأ من هنا، وعلى قدر إعجابي ببلاغة الجملة وثقتها، على قدر إعجابي بالوزير الذى أعطانا في دقائق معدودة، رؤية واضحة لملف الرعاية الصحية، ومشاكله وحلوله والإنجازات التي تحققت، والآمال العريضة التي يجب أن تتحقق.

الوزير كان يتحدث بلغة إنجليزية سلسة، وهذا أمر بديهي من طبيب وأستاذ وعميد جامعي، له تاريخه المهني والأكاديمي الذى سبق مسئوليته الوزارية، لكنى أقصد بالسلاسة، سلاسة الوصول بالملف لأى متابع مهما كانت ثقافته ودرجة وعيه، وهذا لا يأتي إلا من مسئول مدرك فعلا بأنه مسئول عن صحة أمة ومستقبل عافية لأجيال من شعبها، لا يمكن أن تحقق عافية لوطن إلا بعافية صحية في مختلف المجالات، في إطار عافية حضارية، حضارة أمة ظهر فيها أول طبيب ومهندس في العالم، السيد إمحوتب.

قال الدكتور خالد عبد الغفار و هو يشير للنيل: "التاريخ بدأ من هنا، والمستقبل سيبدأ من هنا".

وبعد نهاية المؤتمر، وجدت أن السويد شريك فى مستقبلنا، أو يجب ان تكون كذلك.

ملحوظة:

لربما فكرت في لحظة، أن أعنون هذا المقال بـ "سر العلاقة بين السفير السويدي والسيدة هيلدا"، ومثل هذا العنوان قد يغرى كثيرين بالقراءة بحثا عما يحب كثيرون البحث عنه، لكنني تراجعت لأنني لا أحب نتائج تفكير اللحظة، حتى لو كانت جاذبة.

وفكرت أن أعنونه بـ"الشراكة السويدية- المصرية في مجال الرعاية الصحية"، لكنني أعرف أن كثيرين لن يقرأوا، عن مثل هذى الأمور الجادة، رغم أنها ألصق بحياتهم، بل وقد تغير من درجتها ونوعيتها، كما تعطى ولو فكرة بسيطة عن مجهودات الدولة في ملف هام كملف الصحة المصرية، لكن البعض يجرون وراء الترند، والترند عندنا خال مما يهمنا.

اقرأ أيضاًأحمد خالد يصدر روايته الجديدة «الكلمة الواحدة والثلاثون»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مقالات أحمد خالد النيل صحيفة الأسبوع صحيفة الأهرام الكاتب أحمد خالد الرعایة الصحیة فى مصر

إقرأ أيضاً:

هيئة الرعاية الصحية: 110 آلاف منتفع من «رمضان بصحة لكل العيلة» خلال الأسبوع

أعلنت الهيئة العامة للرعاية الصحية، نتائج حملة "رمضان بصحة لكل العيلة"، التي أطلقتها الهيئة للمتابعة المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة، بمحافظات تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، في مطلع شهر رمضان الجاري، وتستمر حتى نهاية شهر رمضان المبارك. 

متخصص يكشف تفاصيل مهمة حول صوم رمضان وصحة الجهاز الهضميمشروبات رمضانية صحية| تعرف على فوائد الكركديه والخروب«الرعاية الصحية»: «رمضان بصحة لكل العيلة» تستهدف أصحاب الأمراض المزمنةأسوان في 24 ساعة.. استكمال مبادرة رمضان بصحة لكل العيلة.. وتنفيذ قوافل بيطرية وتوزيع كراتين للبسطاء

وأوضح الدكتور أحمد السبكي رئيس هيئة الرعاية الصحية والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، أنه خلال الأسبوع الأول من الحملة تم الكشف على أكثر من 110 ألف منتفع بمحافظات التأمين الصحي الشامل الست«بورسعيد، الأقصر، الإسماعيلية، جنوب سيناء، السويس، أسوان»، ولفت إلى تحقيق أكثر من 25% من مستهدف الحملة حتى الآن بمحافظات التأمين الصحي الشامل.

وتابع رئيس هيئة الرعاية الصحية، تستهدف حملة "رمضانك صحة" للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة بمحافظات تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل طوال شهر رمضان المبارك، والكشف على 3 فئات وهم  مرضى السكر ومرضى الضغط، والمصابين بمرضي السكر والضغط معًا.

 مشيرًا إلى المحاور الثلاث لحملة هيئة الرعاية الصحية "رمضان بصحة لكل العيلة" بمحافظات منظومة التأمين الصحي الشامل الصحة، أولها متابعة أصحاب الأمراض المزمنة وخاصة مرضى السكر والضغط، إذ تستهدف الوصول إليهم في المنازل بفرق خارجية وخاصة كبار السن وذوي الهمم والمرضى غير القادرين للوصول إلى منشآت الرعاية الصحية لأسباب صحية، وذلك من خلال 575 فريق طبي متنقل في الـ6 محافظات التابعة للهيئة العامة للرعاية الصحية، إذ تستهدف الحملة 440 ألف منتفع من مرضى الأمراض المزمنة.

المحور الثاني لحملة رمضان بصحة 

فيما يرتكز المحور الثاني للحملة على المسح المبدئي للمواطنين بهدف الاكتشاف المبكر للأمراض المزمنة سواء السكر أو الضغط، وفي حالة اكتشاف أي من الأمراض يتم توجيهم مباشرة لمنشأة الرعاية الأولية التتبعة للهيئة لاستكمال التشخيص النهائي ومن ثم البدء في الخطة العلاجية وصرف العلاج، أما المحور الثالث للحملة فيرتكز على رفع الوعي المجتمعي للمرضى وذويهم من خلال التثقيف الصحي حول الأمراض المزمنة وكيفية التعايش معها والحد من مضاعفاتها من خلال تبني نمط حياة صحي.  

هذا وترمي الحملة التي تطلقها هيئة الرعاية الصحية في محافظات التأمين الصحي الشاملفي شهر رمضان المبارك من كل عام ، إلى وضع برنامج للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة طوال شهر رمضان المبارك، خاصة مرضى السكري والضغط كونهم الأكثر عُرضة للإصابة بالأعراض والمضاعفات المختلفة الناتجة عن المرض خلال هذا الشهر، وتقوم الهيئة أيضًا خلال الحملة بالدفع بفرق متنقلة بالمناطق الأكثر ارتيادًا من المواطنين بمحافظات التأمين الصحي الشامل لإجراء المسح المبدئي للمواطنين بهدف الاكتشاف المبكر للأمراض المزمنة سواء السكر أو الضغط.

مقالات مشابهة

  • الإحصاء: ارتفاع أسعار قسم الرعاية الصحية بمقدار 27.0 % خلال عام
  • «الرعاية الصحية»: أكثر من 140 ألف مستفيد من حملة «رمضان بصحة لكل العيلة» حتى الآن
  • «الرعاية الصحية»: 140 ألف مستفيد من حملة رمضان بصحة لكل العيلة
  • الرعاية الصحية: أكثر من 140 ألف مستفيد من حملة «رمضان بصحة لكل العيلة» حتى الآن
  • الرعاية الصحية: اكتشاف 1200 حالة حرجة بمبادرة رمضان بصحة لكل العيلة
  • مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتفقد مستشفى حورس
  • الرعاية الصحية: الكشف على 110 آلاف منتفع ضمن حملة "رمضانك صحة"|صور
  • هيئة الرعاية الصحية: 110 آلاف منتفع من «رمضان بصحة لكل العيلة» خلال الأسبوع
  • منظومة الشكاوى تتلقي بلاغات بشأن الرعاية الصحية
  • 200 مستفيد من خدمات «رحمة» لتعزيز الرعاية الصحية المنزلية في الشارقة