7 أكتوبر وانتكاسة الاقتصاد الإسرائيلي
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
مر عام على أحداث طوفان الأقصى التي انطلقت في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وقد قامت كتائب القسام بذلك دفاعا عن حرمة المسجد الأقصى، ورغم الخسائر البشرية والمادية التي حلت بالمقاومة سواء في غزة أو لبنان إلا أن هذا اليوم غيّر معالم المرحلة القادمة، فقد أصيب الكيان الصهيوني بالوهن رغم ما يمتلكه من سلاح وعتاد ومساندة أمريكية وغربية، ولم يبتعد هذا الوهن عن اقتصاده الذي بات هشا ومعرضا لخطر الإفلاس.
فمع تصعيد الكيان الصهيوني الحرب في الجبهة الشمالية ضد حزب الله، أعلنت وكالة موديز الدولية للتصنيف الائتماني خفض تصنيف إسرائيل الائتماني من "A2" إلى "Baa1"، وذلك للمرة الثانية هذا العام، وهذه المرة بدرجتين.
وأشارت الوكالة إلى وجود مخاوف من تفاقم المخاطر السياسية المحلية والمخاطر الجيوسياسية، مع عواقب سلبية مادية على الجدارة الائتمانية للبلاد في الأمد القريب والبعيد، حيث إن إسرائيل ليس لديها استراتيجية خروج من الصراع العسكري، لاستعادة مستوى اليقين والأمن، لذا لا تتوقع الوكالة انتعاشا اقتصاديا سريعا وقويا. وتوقعت موديزأن ينمو الاقتصاد الإسرائيلي بمعدل بطيء قدره 0.5 في المئة في عام 2024، وخفضت توقعاتها للنمو للعام المقبل إلى 1.5 في المئة، من 4 في المئة سابقا.
التخفيضات المستمرة للتصنيف الائتماني لإسرائيل لن تتوقف ما دام هناك توسعا وامتدادا لتلك الحرب الجائرة، وسوف يكون أثرها على اقتصادها انتكاسة حقيقية، خاصة وأن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من الشلل التام. فالمزيد من هذه التخفيضات، من شأنه أن يخلق ذعرا لدى المستثمرين ويؤدي إلى المزيد من هروب رأس المال خارج الكيان الصهيوني
ولم تمر أيام على تصنيف موديز،وبعد قيام إيران بإطلاق عدد كبير من الصواريخ البالستية على إسرائيل، قامت وكالة ستاندرد آند بورز (S&P) العالمية كذلك بتخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل، للمرة الثانية هذا العام، حيث خفضت الوكالة تصنيف إسرائيل من "+A" إلى "A"، وحافظت على توقعات سلبية، مشيرة إلى أن هناك مخاطر من تصعيد القتال مع حزب الله في لبنان وخطر حرب مباشرة أكثر مع إيران، مما يسرع تداعيات ذلك على الاقتصاد والمالية العامة لإسرائيل. فالنشاط العسكري الإسرائيلي في غزة وتصاعد القتال عبر الحدود الشمالية -بما في ذلك الاجتياح البري في لبنان- قد يستمر حتى عام 2025، مع مخاطر الانتقام من إسرائيل. وأضافت الوكالة أنها تتوقع أن تؤدي التهديدات الأمنية المتزايدة إلى إضعاف ثقة المستهلكين والمستثمرين، في حين ستظل قطاعات السياحة والبناء والزراعة متأثرة. وحذرت من أن عملية برية أوسع نطاقا في لبنان التي تتطلب استدعاء قوات الاحتياط من شأنها أيضا أن تقيد التعافي الاقتصادي في الأمد القريب.
ولا شك أن هذه التخفيضات المستمرة للتصنيف الائتماني لإسرائيل لن تتوقف ما دام هناك توسعا وامتدادا لتلك الحرب الجائرة، وسوف يكون أثرها على اقتصادها انتكاسة حقيقية، خاصة وأن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من الشلل التام. فالمزيد من هذه التخفيضات، من شأنه أن يخلق ذعرا لدى المستثمرين ويؤدي إلى المزيد من هروب رأس المال خارج الكيان الصهيوني. وقد أشار تقرير نشرته صحيفة "كالكاليست" المالية العبرية إلى أن المستثمرين المؤسسيين حولوا مبالغ ضخمة تقدر بمبلغ 151 مليار شيكل (40 مليار دولار) إلى خارج إسرائيل منذ اندلاع الحرب مع حركة حماس.
وهروب هذه الاستثمارات يؤدي بالطبع إلى التأثير سلبا على الإنتاج، وإضعاف العملة الإسرائيلية (الشيكل). وهذا الضعف للشيكل سيزيد من تكاليف الاستيراد، ومن ثم زيادة تكلفة المعيشة وتسارع التضخم، لا سيما وأن آخر بيانات لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) كشفت أن إسرائيل احتلت المركز الأول في قائمة الدول المتقدمة من حيث غلاء المعيشة في عام2022 ، حيث كانت الأسعار في إسرائيل أعلى بنسبة 38 في المئة من المتوسط مقارنة بدول (OECD).
وللحد من التضخم سوف تتجه الحكومة الإسرائيلية لرفع سعر الفائدة وهو ما ينتج عنه زيادة عبء الرهون العقارية وديون الأسر والشركات، بل إن رفع سعر الفائدة سيزيد من تكلفة القروض الحكومية، التي من المتوقع أن تزداد بفعل ظروف الحرب وارتفاع النفقات الأمنية وتكاليف إعادة الإعمار، وهو ما يؤدي إلى تفاقم عجز الموازنة في السنوات المقبلة. وقد يؤدي تقاطع هذه العوامل إلى تراجع النمو الاقتصادي ومزيد من التخفيضات للتصنيف الائتماني لها في المستقبل.
دولة الكيان الصهيوني باتت فاقدة للاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، حتى أن هيئة البث الإسرائيلية ذكرت أن نحو ربع الإسرائيليين فكروا في مغادرة البلاد خلال العام الماضي. وشرارة طوفان الأقصى التي انطلقت منذ عام لها ما بعدها، ليس على المنطقة فحسب، بل على العالم أجمع
إن تكاليف الحرب المباشرة على إسرائيل منذ اندلاعها في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وصلت إلى أكثر من 250 مليار شيكل (67.6 مليار دولار)، وهو ما أدى إلى ارتفاع العجز المالي في إسرائيل في آب/ أغسطس الماضي إلى 8.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الشهر الخامس الذي ظل فيه العجز أعلى من الهدف السنوي للحكومة البالغ 6.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي المحدد لنهاية عام 2024.
كما أن الحكومة لن تتوقف احتياجاتها لتعويض التكاليف العسكرية والمدنية المتزايدة للحرب، ولا مفر لديها من سياسة تقشفية بخفض الإنفاق في مجالات أساسية كالتعليم والصحة لصالح البعد العسكري، وهو ما سوف ينتج عنه كذلك وجود زيادات ضريبية لزيادة دخل الدولة والتعامل مع فجوة مالية في عام2025 تقدر بنحو 30 إلى 40 مليار شيكل.
إن دولة الكيان الصهيوني باتت فاقدة للاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، حتى أن هيئة البث الإسرائيلية ذكرت أن نحو ربع الإسرائيليين فكروا في مغادرة البلاد خلال العام الماضي. وشرارة طوفان الأقصى التي انطلقت منذ عام لها ما بعدها، ليس على المنطقة فحسب، بل على العالم أجمع، وإذا كانت القوة العسكرية في صالح هذا الكيان فإن قوة الإعداد والإيمان لا تنفك عن المرابطين في غزة ولبنان. وما يعاني منه الاقتصاد الإسرائيلي من ترهل وضياع لن يجعله يستمر في حرب لا قبل له من قبل، سواء من حيث المدة أو الخسائر، وهروب نتنياهو مما ينتظره من مساءلة قضائية تلاحقه بمد أمد هذه الحرب أوشك على الانتهاء.
x.com/drdawaba
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اقتصاده تصنيف إسرائيل اقتصاد إسرائيل تصنيف طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة تكنولوجيا صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاقتصاد الإسرائیلی للتصنیف الائتمانی الکیان الصهیونی
إقرأ أيضاً:
هذه هي المخططات الخفية التي تُدبّرها إسرائيل لتركيا
لم يعد اليمين الأكثر تطرفًا في إسرائيل، يبدي أي قدرٍ من الحياء أو التحسب والحذر، وهو يبوح بما يختزنه في عقله الأسود، من مخططات ومشاريع، تكاد تطال مختلف دول المنطقة ومجتمعاتها، وتمسّ بالعمق، أمنها واستقرارها وسيادتها وسلامة أراضيها ووحدة شعوبها.
آخر الصيحات التي خرجت من أفواه قادته، جاءت على لسان الوزير جدعون ساعر، ودعوته لتشكيل "حلف أقليات" في الإقليم، تستند إليه إسرائيل في استهداف أعدائها من شرقي المتوسط إلى ضفاف قزوين.
لم يكن الرجل قد قضى سوى أيام قلائل، في منصبه على رأس وزارة الخارجية، إثر انقلاب نتنياهو على وزير دفاعه، حتى بدأ يُلقي على مسامعنا، بعضًا من فصول "نظرته الإستراتيجية" للإقليم، الذي تشكل إسرائيل فيه، "أقلية وسط أغلبية معادية"، مُقترحًا البحث عن "مُشتركات" مع أقليات أخرى، بدءًا بدروز سوريا ولبنان، وليس انتهاء بأكراد سوريا، والعراق، وتركيا، وإيران، فاللعب على ورقة "المكونات"، كفيل بجعل إسرائيل، "أكبر الأقليات وأقواها"، في فسيفساء المشرق العربي وهلاله الخصيب ودول الجوار الإقليمي للأمة العربية.
الأمر الذي يدفع على الاعتقاد الجازم، بأن ساعر لم يعرض سوى رأس جبل الجليد من مشروعه لـ "تجزئة المجزَّأ"، في حين ظل الجزء الأكبر منه، غاطسًا تحت السطح، وهو بالقطع، يشمل مختلف "المكونات" الاجتماعية في دول المشرق وجوارها الإقليمي.
وبالنظر إلى السياق الذي طُرح فيه، "حلف الأقليات" وتوقيت هذا الطرح، يمكن الافتراض، بأن تركيا، قبل غيرها، وأكثر من غيرها من الدول المستهدفة، هي الحلقة الأولى في إستراتيجية التفكيك المنهجي المنظم، لبنية هذه المجتمعات ووحدة وسلامة أراضي هذه الدول.
فأنقرة، رفعت وتيرة انتقاداتها لحرب إسرائيل البربرية على غزة ولبنان، وهي تقدم حماس والجهاد وبقية الفصائل الفلسطينية، بوصفها حركات تحرر وطني مشروعة، في مواجهة "طوفان الشيطنة" و"حرب الإلغاء" اللذين تتعرض له من قبل آلة "البروباغندا" الإسرائيلية، المدعومة من قبل أوساط غربية وإقليمية وازنة.
ولعلّ هذا ما تنبهت إليه القيادة التركية، مبكرًا وقبل أن يُخرج ساعر ما في جوفه، عندما بدأت التحذير من مغبة تطاير شرارات الحرب إلى سوريا، وعلى مقربة من حدودها، بل وإبداء الاستعداد لمواجهة تركية – إسرائيلية إن تدحرجت كرة النار، وعجز المجتمع الدولي عن وقفها.
وفي كل مرة صدرت فيها عن أنقرة، تحذيرات من هذا النوع، كانت أنظار المسؤولين والناطقين باسمها، تتجه إلى لعبة "المكونات" التي تريد إسرائيل فرضها على الإقليم، بدعم وإسناد من دوائر غربية عديدة، وتحت حجج وذرائع ومزاعم شتى.
مبادرتان استباقيتانفي هذا السياق، يمكن النظر إلى المبادرات الاستباقية الأخيرة التي صدرت عن أنقرة، وأهمها اثنتان: الأولى؛ داخلية، وصدرت عن دولت بهتشلي، حليف أردوغان وزعيم الحركة القومية و"ذئابها الرمادية"، الرامية لإغلاق ملف المصالحة بين أتراك تركيا وكردها، وهي مبادرة كانت مفاجئة لجهة توقيتها والجهة التي صدرت عنها، وسط قناعة عامة بأنها لم تأتِ منبتّة عن السياق الإقليمي، وانفلات "التوحش" الإسرائيلي من كل عقال، وأنها لم تأتِ من دون تنسيق مسبق بين الحليفين: بهتشلي وأردوغان.
صحيح أن المبادرة، فجّرت قلق خصومها الداخليين، بالذات على "ضفتي التطرف القومي" الكردي – التركي، وأنها أثارت انقسامًا بين "تيار قنديل" داخل أكراد المنطقة، وتيار المصالحة والاعتدال، الذي يُعتقد أن عبدالله أوجلان، يقف على رأسه، من مَحبَسه على جزيرة "إمرالي".
وصحيح أن خصوم المصالحة عملوا على تفجير مركبها قبل إبحاره وسط تلاطم أمواج المواقف والمصالح المتناقضة، بدلالة الهجوم على شركة "توساش" في قلب العاصمة التركية في الثالث والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وما أعقبه من تصعيد في العمليات طال مناطق داخل تركيا وخارجها (سوريا والعراق).. لكن الصحيح كذلك، أن قطار المبادرة ما زال على سكته، رغم العرقلة، وأنه قد يواصل مسيره، ما دام أن وجهته النهائية، تحصين الداخل التركي في مواجهة مؤامرات التفكيك.
أما المبادرة الثانية؛ فسابقة على تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وإن كانت اكتسبت زخمًا إضافيًا في الأسابيع الأخيرة، والمقصود بها، الرغبة التركية الجارفة بالمصالحة مع دمشق، وعروض الرئيس التركي المتكررة، للقاء الأسد، وإغلاق صفحات الخلاف (الصراع) بين البلدين.. وهي المبادرة، المدفوعة بجملة من الحسابات والاعتبارات التركية، من بينها قضية اللاجئين السوريين، وأهمها "المسألة الكردية".
والحقيقة أن أنقرة، لم تكن بحاجة لأن تنتظر جدعون ساعر ليخرج ما في "صندوقه الأسود" من مشاريع طافحة بالعدائية لتركيا، حتى تبدأ بالتحرك المضاد، وتشرع في العمل على إحباط مراميها وأهدافها، والمؤكد أنها كانت تدرك، أن "النجاحات" التي سجلتها إسرائيل على الجبهة الشمالية مع لبنان، وفي مواجهة حزب الله، وتكثيفها العمليات ضد حزب الله وإيران في سوريا، فيما يشبه الاستباحة الكاملة للأجواء والسيادة السوريتين، من شأنها إحياء النزعات الانفصالية لدى بعض تيارات الحركة الكردية في المنطقة، ما دام أن هذه النزعات كانت قد تغذّت تاريخيًا وتضخمت، على جذع "الغطرسة" و"الاستعلاء" الإسرائيلي.
كما أن التطاول الإسرائيلي المتكرر على إيران، سواء في عمقها أو مناطق نفوذها، وعدم نجاح الأخيرة في بناء معادلة ردع صارمة في مواجهة التهديدات باستهداف برنامجَيها النووي والصاروخي – من ضمن أهداف إستراتيجية أخرى – ساهم بدوره في زيادة المخاوف التركية، من تضخم الدور الإقليمي لإسرائيل، ولجوء تل أبيب لاستخدام أسلحة وأدوات من النوع الذي تحدث عنه ساعر: "حلف الأقليات".
العامل الأميركيلم تكن علاقات تركيا بإدارة بايدن سلسة دائمًا، وغلب عليها التوتر في بعض الأحيان على حساب مقتضيات عضوية البلدين في "الناتو"، ومن بين جملة الأسباب الباعثة على فتور العلاقات وأحيانًا توترها، احتلت "المسألة الكردية" مكانة متميزة في صياغة شكل ومحددات العلاقة مع إدارة بايدن الديمقراطية.
فالرئيس بايدن، عُرِفَ عنه، تاريخيًا، تعاطفه الشخصي مع "الانفصالية" الكردية، وهو كان سبّاقًا من موقعه في مجلس الشيوخ لعرض تقسيم العراق إلى دويلات ثلاث. ودعم بكل قوة، قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والأطر والأذرع السياسية والاجتماعية والمالية المنبثقة عنها والموازية لها.
ونافح بقوة أيضًا عن بقاء وحدات من الجيش الأميركي في مناطق شمال شرق سوريا؛ لحماية الحركة الكردية وتدعيمها، إن في مواجهة دمشق وطهران وحلفائهما، أو بالأخص في مواجهة تركيا. وهو أغدق على أكراد سوريا، الأكثر قربًا من "مدرسة أوجلان" والـ "بي كي كي"، السلاح والعتاد، الأمر الذي لطالما قرع نواقيس الخطر في مراكز صنع القرار في الدولة التركية.
وربما لهذا السبب بالذات، سقطت أنباء فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية واكتساح حزبه الجمهوري مقاعد الأغلبية في مجلسَي الشيوخ والنواب، بردًا وسلامًا على تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، فالأول نجح في إقامة "علاقات عمل" مثمرة، ونسج بعض خيوط الصداقة مع الأخير، لأسباب لا مجال للخوض فيها في هذه المقالة، وهو متحرر من أية صلات أو "مشاعر" حيال كُرد المنطقة، والأهم، أنه بادر في ولايته الأولى إلى الإعلان عن نيته سحب قواته من شمال سوريا، وقد يستكمل في ولايته الثانية، ما كان بدأ به، قبل تدخل مؤسسات "الدولة العميقة" الأميركية لإحباط مساعيه آنذاك.
على أن مشاعر الارتياح للتحولات الأخيرة في الإدارة والكونغرس الأميركيين، لا تكفي لتبديد مخاوف أنقرة مما يمكن لتل أبيب، أن تقدم عليه. فالأتراك، بلا شك، يدركون أتم الإدراك، "مساحات المناورة وحرية الحركة" التي تتمتع بها إسرائيل في علاقاتها مع الولايات المتحدة.
ويعرفون تمام المعرفة، أن اليمين الفاشي في تل أبيب، قادر على مغازلة مشاعر اليمين الأميركي المتطرف، ومداعبة أولويات "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة، وبالضد من إرادة الإدارة في بعض الأحيان، إن تطلب الأمر و"المصلحة العليا" ذلك. ومن هنا يمكن القول إن مشوار تركيا في تعاملها مع "المسألة الكردية"، لن يكون معبدًا وسلسًا.
أنقرة تعوّل أيضًا على قلّة اهتمام ترامب بالقضية السورية، وتلمّست خلال ولايته الأولى، استعداده للتسامح مع دور روسي متنامٍ في سوريا، وتحبيذه تنامي هذا الدور على حساب الدور الإيراني بالأخص، فيما الرجل ربما يكون مقبلًا على فتح صفحة من التعاون مع الكرملين في أوكرانيا، وملفات أخرى، على الساحة الدولية.
وأنقرة تعوّل أيضًا على ما يمكن لموسكو أن تفعله بوحي من مصلحتها في خروج القوات الأميركية من سوريا، إن لجهة حفز جهودها للمصالحة مع دمشق، أو لجهة التوسط بين القامشلي والأسد، فضلًا عن تخفيف احتقانات علاقاتها مع إسرائيل، في ضوء ما يشاع عن جهود روسية للدخول على ملفات الوساطة بين إسرائيل ولبنان، ونوايا لم تتضح بعد، تنمّ على دعم روسي لقيام سوريا، بدور في الحد من قدرة حزب الله على إعادة بناء قدراته العسكرية، حال وضعت الحرب على هذه الجبهة، أوزارها.
هي مرحلة جديدة، تدخلها العلاقات التركية الإسرائيلية، تحكمها ثوابت ومتغيرات لدى الطرفين، في بيئة محلية وإقليمية بالغة التعقيد، والأيام المقبلة، تبدو محمّلة بكل جديد.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية