نعيم قاسم مجددا.. القيادة والسيطرة ترممت؟
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
أطل نائب الامين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم مجددا في كلمة مليئة بالرسائل توجه فيها للبيئة الحاضنة وللقوى الداخلية والخارجية المعنية، وعمليا يمكن القول ان هذه الكلمة هي الاولى اذ ان الخطاب الاول كان عبارة عن تطمين ونعي للامين العام السيد حسن نصرالله في ظل الارباك الكبير الذي اصاب الحزب في الايام الاولى.
من الواضح ان اطلالة قاسم وقبل الدخول في مضمونها توحي بأن الحزب استطاع ان يثبّت قاعدة قيادية تملك الحد الادنى من الأمان والقدرة على التواصل العمودي والافقي، لذلك فقد كانت كلمة قاسم فيها رسائل سياسية وميدانية واضحة وتضمنت معلومات اراد الحزب ايصالها الى المعنيين الذين يعانون من مشكلة التواصل الفعلي مع قيادة الحزب لفهم خطوطه الحمراء وامكانية تقديمه تنازلا هنا واخر هناك، وعليه يمكن استخلاص عدة نقاط من كلمة نائب الامين العام..
اولى واهم الرسائل السياسية هي تكليف رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالتفاوض، وهذا يعني ان الحزب اعطى الدولة اللبنانية ورئيسي الحكومة والمجلس صلاحية التفاوض بإسمه على نقطة اساسية هي وقف اطلاق النار، من دون فتح المجال للتفاوض على اي ترتيبات سياسية في ظل استمرار الحرب، وهذا يعطي الحزب هامشا للمناورة في مسألة ربط الجبهة اللبنانية مع جبهة غزة من عدمها.
التفصيل الثاني الذي ركز عليه قاسم هو استعادة الحزب قدرته على القيادة والسيطرة، خصوصا وان تهديدات قاسم تزامنت مع قيام الحزب بإستهداف مدينة حيفا بأكبر عدد من الصواريخ منذ بداية الحرب حيث تجاوز عدد الصواريخ الـ١٠٠ وهذا اثبات لما تحدث به قاسم بأن امكانات الحزب لا تزال سليمة َان القيادة والسيطرة لا تزال تعمل بشكل انسيابي وان أمرا بالقصف بالتزامن مع كلمة قاسم، اخذ لدى القيادة السياسية ونفذ من ادنى الهرم العسكري.
كما ان قاسم اكد بشكل واضح ان هناك تأييدا وإلتزاما سياسيا بما يحصل في غزة خصوصا انه اعطى جزءا كبير من بداية خطابه للحديث عن "طوفان الاقصى"، وهذا قد يكون مؤشرا واضحا على رغبة الحزب بأن تكون التسوية مترابطة بين كل الجبهات، من جنوب لبنان الى غزة الى جبهات الاسناد، وصولا الى ايران التي قد يكون لها دور فعلي في الايام المقبلة خصوصا ان اسرائيل قد تكون مصرة على جولة جديدة مع طهران...
خطاب قاسم جاء ليعلن ان الحزب لم يُهزم بعد ويجب على اسرائيل وخصوم الداخل والمنطقة ان يتواضعوا قليلا اقله في هذه المرحلة ولينتظروا اياما اخرى قبل القيام بإحصاء في اسرائيل لمعرفة التوجه العام للاسرائيليين بعد الخسائر الكبيرة التي سيتكبدها الجيش الاسرائيلي خلال محاولاته التقدم بإتجاه القرى الحدودية.. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
واشنطن تنقذ لبنان بالقوة
كتب طوني عيسى في" الجمهورية": في الحقيقة، فوَّت اللبنانيون، خلال 20 عاماً، فرصتين كبيرتين للإنقاذ:
1- خروج القوات السورية من لبنان في العام 2005 ، من دون "ضربة كف"بدعم أميركي. وقد تمّ إحباط هذه الفرصة النادرة، ولم تنجح القوى اللبنانية في تأسيس حياة سياسية طبيعية
وسلطة مستقلة بعد خروج السوريين، إذ نجح "حزب الله" في تعويض الخسارة السورية والإمساك بالقرار مباشرة في السنوات التالية، فيما ضعفت منظومة خصومه وتفككت.
2- انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 التي تمكّن "الحزب" أيضاً من إحباطها، معتبراً أنّها أساساً من تدبير الأميركيين وحلفائهم بهدف إضعافه وانتزاع حضوره من داخل السلطة.
على مدى عقدين، تبادل الأميركيون وحلفاؤهم رمي المسؤوليات عن الفشل في مواجهة "حزب الله" في لبنان. بل إنّ قوى 14 آذار و "التغيير " استاءت من أنّواشنطن أبرمت في العام 2022 صفقة ترسيم الحدود بحراً بالتفاهم مع "حزب الله" دون سواه، وكانت تحاول إبرام صفقة مماثلة معه في البرّ لولا انفجار الحرب في غزة، خريف 2023 . وأما موفدها عاموس هوكشتاين فبقي يتوسط بين "الحزب" وإسرائيل أشهراً ويغريه بالتسهيلات لوقف "حرب المساندة"، ولكن عبثاً. في المقابل، تعتبر الولايات المتحدة أنّها كأي دولة أخرى مضطرة إلى التعاطي مع الأمر الواقع لإنجاز التوافقات الإقليمية، وأنّ مفاوضة "الحزب" لا بدّ منها لأنّه هو صاحب القرار الحقيقي في بيروت، ومن دون رضاه لا تجرؤالحكومة على اتخاذ أي قرار. هذه الحلقة المفرغة التي بقيت تدور فيها واشنطنوحلفاؤها الغربيون والعرب ومعهم خصوم "حزب الله" انكسرت في الأسابيع الأخيرة نتيجة الحرب الطاحنة في لبنان والتطورات الانقلابية في سوريا. وللمرّة الأولى منذ تأسيسه في العام 1982، يبدو "حزب الله" معزولاً عن أي دعم خارجي ومحاصراً، فيما قدراته العسكرية الباقية موضوعة تحت المراقبة، في جنوب الليطاني كما في شماله.
عملياً، تبدّلت اليوم طبيعة "حزب الله". فهو لم يعد نفسه الذي كان في 2005 و 2019، وباتت قدرته على استخدام السلاح محدودة جداً، فيما المحور الذي يدعمه من دمشق إلى طهران تلاشى تقريباً. وهذا الواقع سيسمح بإحداث تغيير لم يكن ممكناً، لا قبل 20 عاماً ولا قبلها ب 20 عاماً. وهو ما سيستغله الأميركيون في الأسابيع والأشهر المقبلة، لتكون "الثالثة ثابتة"، فينجحون في 2025 بعدما فشلوا في 2005 و 2019 .