لا حل سوى في نزع سلاح الميليشيات
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
آخر تحديث: 9 أكتوبر 2024 - 9:32 صبقلم:فاروق يوسف في الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يبشر العراقيين بأن الميليشيات التي هي جزء من القوات المسلحة التي هو قائدها العام، قد وعدته بالنأي عن الحرب وتعهدت بعدم جر العراق إليها أعلنت إسرائيل عن مقتل أثنين من جنودها وجرح العشرات في الجولان إثر انفجار طائرة مسيرة قادمة من العراق.
لا معنى لذلك سوى أن الميليشيات التي لا تأتمر بأوامر القائد العام لا تملك أن تخالف الأوامر التي أتتها من الحرس الثوري الإيراني الذي هو الجهة المسؤولة عنها تدريبا وتنظيما. أما علاقتها بالعراق فتقف عند حدود التمويل. لا سلطة للعراق على الميليشيات التي لا تعترض على وصفها بالولائية في إشارة إلى ولائها الصريح لإيران. وإذا كانت هناك ميليشيات قد اختارت عدم التورط في حرب تعرف أن ميزان القوى فيها ليس لصالحها فإن هناك ميليشيات أخرى لم تخف حماستها للمضي قدما في طريق الشهادة. لا أعتقد أن السوداني شعر بالإحراج وهو يرى أن تفاؤله قد تم القفز عليه وتخطيه. الأمر الذي يقض مضجعه هو ما يمكن أن ينجم عن ذلك الحادث من تداعيات هو على يقين من أن حكومته ليست على استعداد لمواجهتها والتصدي لما يلحق بها من تبعات. هو يعرف أكثر من غيره أن حكومته ضعيفة وأنها لا تستند إلى جدار دولة لا تزال هشة، بل تستند إلى تحالف سياسي هو عبارة عن مجموعة من الأحزاب والكتل الشيعية التي تم تجميعها تحت عنوان “الإطار التنسيقي”. وإذا عرفنا أن الإطار التنسيقي نفسه لا يقوى على مواجهة ميليشيات الحشد الشعبي التي هي الممثل الوحيد للنفوذ الإيراني فإن السوداني لا يملك سوى انتظار الرد الإسرائيلي. ذلك لأنه لا يملك حق مساءلة أي طرف في الحشد لشعبي وليس من أصول السلامة أن يورط نفسه في استدعاء أحد زعماء تلك الفصائل التي جاهرت برغبتها في أن يتحول العراق إلى ساحة للمواجهة. ناهيك عن أنه لا يستطيع منع الفصائل التي تنوي الذهاب إلى لبنان للقتال من هناك من تنفيذ قرارها. لن يدخل السوداني في صراع مع الميليشيات. لقد فعلها سلفه مصطفى الكاظمي فكانت النتيجة أن قامت الميليشيات بقصف بيته في محاولة لقتله. لقد اختار السوداني حالة “أضعف الإيمان” في تعامله مع الميليشيات وهو محق في ذلك. فهو لا يقف على أرض دولة قوية وما من قوة مسلحة يحتمي بها. فهو باعتباره القائد العام للقوات المسلحة يعرف أن قواته كيان كارتوني مخترق من كل الجهات وهو لا يقوى على الصمود دقائق في مواجهة ميليشيات مدعومة من إيران. ذلك كله عبارة عن افتراض لا أساس له على أرض الواقع. ذلك لأن السوداني لا ينفك عن الإشادة بالحشد الشعبي ودوره في الدفاع عن سيادة العرق كما يقول. لا أعتقد أن السوداني يملك منفذا مباشرا للتفاوض مع إسرائيل من أجل أن لا ترد أو أن يكون ردها محدودا إلا من خلال الولايات المتحدة التي ستفعل ما بوسعها للحفاظ على حكومته. ولكنه في المقابل لن يكون قادرا على التحكم بحركة الميليشيات وخططها السرية التي لا يمكنه الاطلاع عليها إلا من خلال العودة إلى طهران. وهو ما يعني أن منصبه قد تم إفراغه من دستوريته. فمن أجل أن يضمن عدم اندفاع الميليشيات التي تتخذ من بلاده ساحة لنشاطها إلى الحرب صار عليه أن يلجأ إلى دولة أجنبية من أجل أن تضبط سلاح تلك الميليشيات. في حالة العراق الراهنة لا يمكن لأحد أن يجازف بالمطالبة بنزع سلاح الميليشيات. مَن يفعل ذلك سيُتهم بالخيانة. خيانة المذهب والمقاومة معا وسيستعدي إيران التي هي اليوم في أشد حالاتها ضيقا بعد أن تم القضاء على أجزاء حيوية من حزب الله وحركة حماس كما أن الحوثيين في اليمن في انتظار أن يتلقوا عقابا صارما لا أظن أنهم سيستعيدون عافيتهم بعده.لا يُحسد السوداني على ما وصل إليه. فهو بالرغم من مسايرته للميليشيات وغضه النظر عن علاقتها الملتبسة بالدولة، ذلك لأنها تعتاش على الدولة ولا تتبعها، بل تعمل بما يهدد كيانها يجد نفسه اليوم في مكان أسوأ من ذلك المكان الذي كان فيه سلفه مصطفى الكاظمي الذي عادى الميليشيات ولم يكن صديقا لها.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: المیلیشیات التی
إقرأ أيضاً:
سياسي عراقي يكشف أسباب الزيارات المكوكية التي تشهدها العاصمة بغداد
بغداد اليوم - بغداد
كشف السياسي العراقي المقيم في واشنطن نزار حيدر، اليوم الأحد (15 كانون الأول 2024)، عن أسباب الزيارات المكوكية التي تشهدها العاصمة العراقية بغداد منذ أيام.
وقال حيدر لـ"بغداد اليوم"، إن "ما يشهده العراق من زيارات مكوكية من والى العاصمة بغداد، واهمها زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن واجتماعه برئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، تتمحور حول نقطة جوهرية واحدة فقط وهي؛ أن يضبط العراق نفسه فيما يخص الملف السوري فلا يتصرف خارج المألوف أو يشذ عن إجماع دول الجوار والمنطقة والمجتمع الدولي".
وأضاف، أنه "لهذه الرسالة المحورية سبب واضح جدا وهو أن بغداد تتعرض لضغط مهول من قبل ايران لإعادة النظر بقرار اغلاق الحدود المشتركة بين العراق وسوريا، لإعادة تكرار تجربة المقاومة التي قادتها وقتها الحليفتين المقربتين لبعضهما طهران ودمشق على الأراضي العراقية عندما غزت الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا العراق واسقطتا نظام صدام حسين".
وتابع، أن "هذا الهدف الذي تعمل على تحقيقه طهران لم يعد خافياً على أحد، فلقد أكد عليه المرشد الايراني في خطابه الأخير الذي شرح فيه ما جرى وسيجري في سوريا متوعداً بتكرار تجربة المقاومة العراقية لمنع أي نفوذ للولايات المتحدة في سوريا بعد سقوط حليفه الأسد".
وأردف، أن "الهدف السامي من وجهة نظر طهران لا يمكن أن يتحقق الا إذا قرر العراق فتح حدوده مع سوريا، فهي المنفذ الوحيد لعبور المتطرفين اليها والبدء بمشروع المقاومة كما كانت".
وأكد أن "العراق من جانبه يعرف ان تراجعه عن قرار اغلاق حدوده مع سوريا بمثابة تهور واللعب بالنار، خاصة وان انقرة تراقب من كركوك الى زاخو، فيما اشترطت واشنطن على بغداد لالتزامها بما أعلن عنه الرئيس بايدن الأسبوع الماضي من أنه سيحمي (العراق والاردن واسرائيل) من أي تطورات سلبية في سوريا قد تضر بهم، اشترطت على بغداد ان تلتزم بالتعليمات اذا كانت تنتظر مساعدتها من أي مخاطر محتملة سواء من قبل انقرة أو تل أبيب أو الإرهاب".
وتابع السياسي العراقي المقيم في واشنطن، أنه "حتى الميليشيات يبدو لي أنها تعلمت الدرس واستوعبت التجربة وأصغت لنداء العقل والمنطق الذي أطلقه الوطنيين بمختلف توجهاتهم وخلفياتهم فأخفت سهامها في أكنانها وتلاشت عن الساحة ولو الى حين على امل ان يقنعها القائد العام للقوات المسلحة بالدستور والقانون وفتوى المرجع الاعلى بوجوب تسليم سلاحها الى الدولة وتفكيك تنظيماتها المسلحة والاندماج بمؤسسات الدولة والعمل بمبدأ (العراق أولا)".
لكن رئيس المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية علي الصاحب، يرى في الزيارات المكثفة للمسؤولين الأجانب إلى العاصمة العراقية دلالة على أهمية العراق ودوره المحوري في حل الأزمات التي تشهدها المنطقة والعالم بصورة عامة.
وقال الصاحب لـ "بغداد اليوم" السبت (14 كانون الأول 2024)، إن "العاصمة بغداد شهدت خلال الايام القليلة الماضية زيارات مكثفة لعدد من المسؤولين الأجانب آخرها يوم أمس وزير الخارجية الامريكي وهذا ما يدل على أهمية العراق ويؤكد دوره المحوري في حل الأزمات التي تشهدها المنطقة والعالم بصورة عامة".
وأضاف، أن "العراق اتخذ في الكثير من الازمات التي مرت على المنطقة موقف الحياد وهذا ما عزز دوره الإقليمي والدولي وجعله عنصرا أساسيا في حل الإشكاليات عبر الأطر الدبلوماسية والسياسية ونتوقع أن العراق سيكون فاعلا ومؤثرا في المنطقة والعالم خلال المرحلة المقبلة بعد نجاحاته في العلاقات الخارجية".
وكان وزير الخارجية الأمريكي، انتوني بلينكن، قد وصل الى العاصمة بغداد، يوم الجمعة (13 كانون الأول 2024)، في زيارة غير معلنة، التقى خلالها برئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني.
وبحسب المكتب الاعلامي لمكتب رئيس مجلس الوزراء، فأن السوداني شدد خلال اللقاء "على ضرورة تمثيل كل مكونات الشعب السوري في إدارة البلاد لضمان تعزيز استقرارها، كما أكد أنّ العراق ينتظر الأفعال لا الأقوال من القائمين على إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا".
وأكد السوداني بحسب البيان "ضرورة عدم السماح بالاعتداء على الأراضي السورية، من أي جهة كانت، وشدد على أنّ ذلك يمثل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة".