وزير الأوقاف: رسالة مؤتمر زعماء الأديان سامية تسعى إلى خير الإنسانية كلها
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
ألقى الدكتور أسامة فخري الجندي رئيس الإدارة المركزية لشئون المساجد والقرآن الكريم بـالأوقاف كلمة بمؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية الذي تقيمه الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان، كما التقى الدكتور نوريزباي تغانولي رئيس الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان والمفتي العام على هامش فعاليات المؤتمر.
ونقل الدكتور أسامة الجندي تحيات الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف لمؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية بجمهورية كازاخستان في دورته الثانية والعشرين، ودعمه وتمنياته لهذا الاجتماع بكل التوفيق.
وأكد وزير الأوقاف خلال كلمته أن رسالة مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية في كازاخستان رسالة سامية تسعى إلى خير الإنسانية كلها من خلال تحقيق المقاصد الكبرى، وهي تنطلق من تعاليم الأديان وما تحمله هذه التعاليم من تحقيق مقصود الأديان والحضارات، وجعل الناس شعوبًا وقبائل، ومن ثم حصول التعارف والتعايش السلمي والتعاون على تحقيق الخير والسلام للإنسانية؛ حيث يجتمع في هذا المؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية على مائدة الحوار والبحث والتشاور من أجل الوصول إلى رؤى مشتركة وحلول فاعلة للكثير من القضايا الإنسانية ذات الصلة بتحديات العالم المعاصر.
وزير الأوقاف: القرآن والسنة النبوية قدما آداباً إسلامية تنظم حياتناوأشار إلى أن هذا المؤتمر كنز كبير يحدد لنا أسس الحوار بين القادة الدينيين في ظل عالم أصبح يعيش في جوار مستمر، وقد رفعت الحدود عن طريق الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة، وأصبح الجميع يتداخل في الجميع، وانسالت الأفكار من كل مكان، وأصبحنا نعيش في عالم يسمى بالقرية الصغيرة أو القرية العالمية، أصبحنا وكل تصرف في أي مكان يؤثر في الآخرين سلبًا أو إيجابًا؛ لذلك لم يعد هناك إلا أن نعيش سويًّا على هذه الأرض في وئام وسلام، وأن نحول تعاليم الأديان إلى واقعٍ عمليٍّ وخطط تطبيقية في كل العالم.
وأضاف : حيث إن الحوار محاولة لإيجاد أرضية مشتركة وهي موجودة بالفعل وراسخة الجذور في التراث المشترك بين الأديان، وانطلاقًا من الإيمان بالدور الكبير للقادة الدينيين في العالم في نشر صوت الوسطية لتعزيز الحوار ومواجهة التطرف الديني، ومن أجل تعزيز القيم المشتركة بين الأديان وفي مقدمتها قيمة التعارف الحضاري، ولأن المشترك الأعظم الذي يجمعنا هو الإنسانية؛ وما يحمله هذه المصطلح من قيم الاحترام المتبادل والعيش المشترك بين الناس وإرادة الخير وإزالة الحرج ورفع المشقة، وما يحققه من قيم التعاون والتكامل والتكافل وفقه الشعور بالآخر كان لا بد وأن يتعاون زعماء الأديان العالمية والتقليدية في العالم تحت أساسين كبيرين، هما: نشر وتطبيق تعاليم الأديان، والتأكيد على حسن الجوار بين الدول.
وقدم وزير الأوقاف عددًا من المقترحات لبعض الموضوعات ذات الصلة بتحديات العالم المعاصر والتي يمكن أن تضاف كمحاور لعنوان المؤتمر القادم، وهي:
المقترح الأول: (دور قادة الأديان العالمية والتقليدية في تعظيم قيمة الإحياء)، وذلك ببيان أن الإحياء شعار ورسالة ومنهج لكل الأديان والحضارات، فهو أحد مكونات العقلية السديدة والنفسية المستقرة والتدين المعتدل، ومعلم رفيع من معالم صناعة الحضارة والتعايش السلمي.
وأكد أنه من خلال هذا الموضوع يستطيع قادة الأديان في العالم متحدين أن يقدموا من خلال تعظيم قيمة الإحياء مفهومًا جديدًا وشاملًا لبيان شرف قيمة الإحياء في الأديان؛ حيث تنفتح أمامنا آفاق واسعة لكلمة الإحياء تسهم في التغلب على مشاكل العالم الحديث من الفقر، والجوع، والمرض، والتمييز العنصري، وعدم المساواة، وكذلك المساهمة في وقف الحروب والصراعات، ونشر ثقافة الحوار والاحترام المتبادل وخلق ظروف للمصالحة والحوار بين الأطراف المتنازعة، ووقف إراقة الدماء في جميع الأرض، والتخلي عن الخطاب المتطرف المدمر الذي يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في العالم.
المقترح الثاني: (فلسفة العلاقات الدولية وجذورها في الأديان)، ومن خلال هذا الموضوع يستطيع قادة الأديان في العالم أن يقدموا مفهومًا واسعًا وعميقًا لعلاقة الإنسان - مطلق إنسان - مع غيره في أي مكان في العالم، وكيفية تيسير حياة الإنسان في أي بقعة على ظهر الأرض، والتأكيد على أهمية العلاقة التفاعلية الواسعة بين كل الناس؛ وذلك من خلال بيان الرؤى والمداخل المشتركة التي تؤسس لصناعة ثقافة السلام وحسن الجوار بين الدول، ومن ثم التأكيد على أن فلسفة الأديان هي فلسفة الحياة والعمران، وليست فلسفة الموت والقتل والعداوة والصدام والدمار والدماء.
المقترح الثالث: (تعارف الحضارات في الأديان في مواجهة فكرتي التدافع والصراع)، ونقصد بـ "تعارف الحضارات" الصورة الواسعة التي تشمل التبادل الثقافي، والتفاعل المعرفي، والتشابك الحياتي، والاستفادة من الخبرات ومفاتيح العلم والمعرفة، وبيان أن تعارف الحضارات يهدف إلى الهداية والرحمة، ويخفف من الصراعات على أسس دينية، كما أنه يعمل على ترسيخ القيم الروحية والأخلاقية وثقافة التسامح في المجتمعات.
وعلى هامش المؤتمر التقى الدكتور أسامة فخري الجندي رئيس الإدارة المركزية لشئون المساجد والقرآن الكريم سماحة الدكتور نوريزباي تغانولي رئيس الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان والمفتي العام، ونقل تحيات الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، محملًا برسالة تقدير وتوقير لرئيس الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان والمفتي العام.
وأكد الدكتور نوريزباي تغانولي رئيس الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان والمفتي العام على عمق العلاقة بين البلدين الشقيقين، وأن مسجد الظاهر بيبرس بمصر وجامعة نور مبارك في كازاخستان من أبرز شواهد استمرار تلك العلاقة وتجددها على مر العصور.
وأرسل المفتي العام خالص السلام والتحية للدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، معبرًا عن اعتزازه بالعلاقة الوطيدة بينهما، وما يحمله له من كل ود ومحبة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأوقاف الدكتور أسامة فخري الجندي القران الكريم مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية الدکتور أسامة وزیر الأوقاف فی العالم من خلال
إقرأ أيضاً:
مظاهر تحريف الأديان
من المظاهر التي اعترت الأديان الكتابية التي سبقت ظهور الإسلام أنها تعرضت للتحريف والتزييف والتلاعب بنصوصها وبتأويلها بحسب رغبة ومصلحة أحبارها وقساوستها؛ فجاء الإسلام لنسخها وتصحيح المُحرّف من أحكام شرعية أنزلها الله تعالى على أنبيائه عليهم السلام جميعًا، وأتباعهم عبثوا بها وحرّفوها عن موضعها ليشتروا بها عرض من الدنيا بأثمان قليلة؛ فجاء وصفهم في القرآن الكريم في قوله تعالى: {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا}، فالذين هادوا هم الذين أوتوا نصيبا من الكتاب، ويقصد بهم الكتابيون دون غيرهم من الديانات غير الكتابية، التي هي خارج نطاق التناول هنا، وليس مقام الحديث عنها.
ومظاهر التحريف التي قام بها أتباع هذه الكتب تمثلت في تحريف نصوص الكتب، وما جاء فيها من أحكام من خلال تحريف معاني الكلم أو تغييرها عن مواضعها؛ لتتغير أو تنقلب معانيها ودلالتها، التي تتناسب مع أهوائهم ورغباتهم وتحقق مصالحهم. قال تعالى: {يحرفون الكلم عن مواضعه} قال الإمام ابن كثير رحمه الله: قوله: “يحرفون الكلم عن مواضعه” أي: يتناولونه على غير تأويله، ويفسرونه بغير مراد الله عز وجل قصدا منهم وافتراء.
وقال الإمام الرازي، رحمه الله، في كيفية التحريف وجوه:
أحدها: أنهم كانوا يبدلون اللفظ بلفظ آخر.
والثاني: أن المراد بالتحريف إلقاء الشبه الباطلة والتأويلات الفاسدة، وصرف اللفظ من معناه الحق إلى معنى باطل بوجوه الحيل اللفظية، كما يفعله أهل البدعة في زماننا هذا، بالآيات المخالفة لمذاهبهم، وهذا هو الأصح.
والثالث: أنهم كانوا يدخلون على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويسألونه عن أمر فيخبرهم ليأخذوا به، فإذا خرجوا من عنده حرفوا كلامه. وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في “إغاثة اللهفان”: قد اختلف في التوراة التي بأيديهم، هل هي مبدلة أم التبديل وقع في التأويل دون التنزيل؟ على ثلاثة أقوال:
قالت طائفة: كلها أو أكثرها مبدل، وقالت طائفة من أئمة الحديث والفقه والكلام: إنما وقع التبديل في التأويل.
قال البخاري، رحمه الله، في صحيحه: يحرفون: يزيلون، وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله، ولكنهم يتأولونه على غير تأويله، وهو ما اختاره الرازي أيضا.
وجاء في الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿من الذين هادوا﴾ أَيْ: قومٌ ﴿يحرِّفون الكلم عن مواضعه﴾ أَيْ: يُغيِّرون صفة محمَّد صلى الله عليه وسلم وزمانه ونبوَّته في كتابهم ﴿ويقولون سمعنا﴾ قولك ﴿وعصينا﴾ أمرك ﴿وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ ﴾ كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: أسمع ويقولون في أنفسهم: لا سمعت ﴿وراعنا ليًّا بألسنتهم﴾ أَيْ: ويقولون راعنا ويوجِّهونها إلى شتم محمَّد عليه السَّلام بالرُّعونة وذكرنا أنَّ هذا كان سبًّا بلُغتهم ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ مكان قولهم: سمعنا وعصينا وقالوا ﴿واسمع وانظرنا﴾ أَيْ: انظر إلينا بدل قولهم: راعنا ﴿لكان خيرًا لهم﴾ عند الله ﴿ولكن لَعَنَهُمُ الله بكفرهم﴾ فلذلك لا يقولون ما هو خيرٌ لهم ﴿فلا يؤمنون إلاَّ قليلًا﴾ أَيْ: إيمانًا قليلًا وهو قولهم: اللَّهُ ربُّنا والجنَّةُ حقٌّ والنَّارُ حقٌّ، وهذا القليل ليس بشيءٍ مع كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وليس بمدحٍ لهم.
إن تحريف الكلم عن مواضعه آفة يقوم بها الأدعياء والجهلة وأصحاب المنافع الدنيوية منذ وجودها إلى يومنا هذا، ويتخذ التحريف ثلاثة مظاهر:
التدخل في الوحي الإلهي بالحذف والزيادة، اتباعا للهوي أو غلوًا في الدين بالتأويلات الفاسدة والتفاسير الباطلة لما ورد من نصوص الشرعية بدون برهان ولا دليل، بل هو تحريف للكلم عن المعاني لأجل التحريف لأغراض متعمدة ذكرناها في بداية الحديث عن التحريف.
تعطيل العمل بطائفة من الأوامر والنواهي، تعطيل العمل ببعض الكتاب، وتوارث هذا العطل من جيل إلى جيل حتى تنشأ خلوف قاصرة تظن ما أهمل قد نسخ وباد! كما حدث مع علماء قوم نوح – قبل أن يبعث – الذين جعلوا لهم تماثيل ومع مرور الزمن جاءت أجيال فعبدتهم من دون الله.
يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: ومن حسن حظنا –نحن المسلمين– إنّ كتابنا محفوظ بعناية الله، فالأصل الذي نحتكم إليه قائم دائم، ومن حسن حظنا أن الإجماع منعقد على أركان الإسلام والأجهزة الرئيسية، التي تتفرع عنها شعبة وقوانينه هنا وهناك.
وهذا في أصل الدين، ولكن وجدت وتوجد نوابت وإن لم تحرف النصوص لحفظ الله لها {إنا نزلنا الذكر وإنا له حافظون}، ولكن حرفت معانيها وتوسعت في تأويلها وإخراجها عن دلالتها ووظفتها لنيل عرض الدنيا أو رضا سلطان، وهذه الصورة من التحريف والتزييف يجب معرفتها وفضحها والتحذير منها حتى لا تسقط الأمة في هذا المستنقع الذي كفره الله وحذر منه، ولعنه قال تعالى: {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا}
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.