الذين قرأوا بتمعن البيان المشترك للمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس- بلاسخارت ورئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو ربطوا ما بين سطوره وما بين ما أكده البيان الثلاثي لكل من الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري ووليد جنبلاط عن استعداد لبنان الكامل لتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 شرط وقف الحرب الإسرائيلية الهمجية والتزام تل أبيب بما ينصّ عليه هذا القرار، الذي أنهى حرب تموز العام 2006 بموافقة طرفي النزاع، أي إسرائيل و"حزب الله".

ومن دون هذا الالتزام سيبقى الوضع متفجرًا، وقد تطول الحرب، التي تحصد كل يوم عشرات الشهداء ومئات الجرحى والمصابين، وتدمّر المنازل فوق رؤوس ساكنيها، مع تفاقم الأزمة المعيشية والحياتية والاجتماعية للنازحين، وبالأخص عندما "يدلف المزراب"، مع ما يتطلبه فصل الشتاء من مستلزمات للتدفئة والتكيف مع واقعهم الجديد وغير الطبيعي.
ومع أن البيان المشترك لبلاسخارت ولاثارو جاء لمناسبة مرور سنة على إدخال لبنان في حرب يعرف الجميع كيف بدأت، ولكن لا يعرف أحد كيف ستنتهي، فإن ما تضمنه من مواقف كان لافتًا، واستحوذ على حيّز واسع من الاهتمام الديبلوماسي، خصوصًا لجهة تأكيدهما أن "كلّ صاروخ أو قذيفة تُطلق، أو قنبلة تُلقى، أو غارة برية تُنَفّذ، تُبعد الأطراف أكثر عن الغاية المتوخاة من قرار مجلس الأمن رقم 1701 (2006)، كما تُباعد بينهم وبين خلق الظروف اللازمة من أجل ضمان الأمن الدائم للمدنيين على جانبي الخط الأزرق".
بعض الذين سمحت لهم الظروف بحكم مواقعهم الرسمية بأن تكون لهم بعض الاسهامات في صياغة القرار 1701 وتسويقه اسرائيليًا عبر الأمم المتحدة، وفي بيئة "حزب الله" عبر حكومة الرئيس فؤاد السنيورة يكشفون في مجالسهم الخاصة بأن ظروف الحرب اليوم هي أشد تعقيدًا مما كانت عليه قبل ثماني عشرة سنة. فالتكنولوجيا المستخدمة اليوم في الحرب مع تطور القدرة الصاروخية لدى الطرفين لم تكن متوافرة بهذا الزخم في العام 2006، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المعاناة اليومية للنازحين في ظل أزمة اقتصادية كانت متفاقمة قبل 8 تشرين الأول من العام الماضي وزادت حدّتها بعدما أُدخل لبنان في حرب إسناد لغزة، وأخذت المخاوف من مضاعفاتها تكبر وتزداد حجمًا منذ ستة عشر يومًا...والحبل على الجرار.
لم يكن التفاوض في الماضي على صيغة حل لوقف الحرب بالأمر السهل، ولكن ما بذله لبنان من خلال بعثته الديبلوماسية في نيويورك وبمواكبة مباشرة من الحكومة من جهود مضنية مكّن مجلس الأمن الدولي من تأمين الظروف الملائمة لفرض القرار الذي حمل الرقم 1701، والذي لو طبّق كل من إسرائيل و"حزب الله" مضمونه وروحيته لما كان لبنان قد وصل إلى ما وصل إليه اليوم، مع الأخذ في الاعتبار بأن تل أبيب كانت تتحين الفرص على مدى سنوات للانقضاض على لبنان بهدف تحقيق ما وُعدت به من خيراته بقيت "حصرمًا" في عيونها. 
فما قاله كل من بلاخسارت ولاثارو في بيانهما المشترك هو ربما أصدق إنباءً من غيرهما، لأنهما على تماس يومي مع الأحداث والتطورات الميدانية، وهما على تواصل شبه يومي مع الرئيس ميقاتي ووزارة الخارجية ومع الأمم المتحدة، وهما يعرفان من خفايا الأمور ما لا يعرفه كثيرون غيرهما. ولهذا فقد جاءت مواقفهما أكثر واقعية من أي موقف آخر قد يكون مطلقه قد تعمّد تجاهل ما يحصل على أرض الواقع بهدف التعمية، أو التشبّه بالنعامات، التي لا ترى ما يجري فوق الأرض من كوارث ومآسٍ.
وفي خضّم هذه المعمعة يبقى السؤال مشروعًا عن مدى استعداد كل من إسرائيل و"حزب الله" للتجاوب مع النداءات والمناشدات للعودة إلى تطبيق الـ 1701 تطبيقًا حرفيًا، وذلك استنادًا إلى المواقف المعلنة، والتي يُوحَى بها للمعنيين بأن جهودهم ستبوء بالفشل. وهذا ما يؤشّر إلى أن الحرب طويلة، مع ما تحمل في طياتها من أهداف، منها ما هو معلن، ومنها ما لا يزال "ضميرًا مستترًا"، وهل يمكن اعتبار أن هذا القرار لا يزال صالحًا لوقف الحرب واستتباب الأمن والاستقرار في الجنوب اللبناني والشمال الإسرائيلي؟ المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

«القاهرة الإخبارية»: رصد 30 ألف انتهاك للسيادة اللبنانية منذ القرار 1701

قال أحمد سنجاب مراسل قناة «القاهرة الإخبارية»، من بيروت إنّ كلمة المبعوث الأمريكي آموس هوكستين خلال لقائه مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في العاصمة اللبنانية بيروت، تضع اللمسات الأخيرة على اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، موضحًا أنّ الأجواء إيجابية ولبنان لديها مرونة كبيرة في التعامل مع هذا المقترح، لكن بما يحفظ سيادة الدولة اللبنانية.

لبنان طالب بضمانات للحفاظ على السيادة اللبنانية

وأضاف «سنجاب»، خلال مداخلة مع الإعلامي كريم حاتم، أنّ لبنان طالب بضمانات للحفاظ على السيادة اللبنانية، وخاصة أن الدولة اللبنانية رصدت أكثر من 30 ألف انتهاك للسيادة اللبنانية برا وجوا وبحرا منذ صدور القرار 1701 وحتى قبيل العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية، سواء عبر الاعتداء في سبتمبر الماضي أو التوترات في 8 أكتوبر من العام الماضي.

لبنان يوافق على مقترح وقف إطلاق النار

وتابع: «هناك مصطلح لبناني يقول إن الدخان الأبيض يتصاعد من المكان الذي تكون فيه النتائج إيجابية، إذ يتصاعد من عين التينة في العاصمة اللبنانية بيروت التي أبدت مرونة كاملة والموافقة على مقترح وقف إطلاق النار».

مقالات مشابهة

  • «القاهرة الإخبارية»: رصد 30 ألف انتهاك للسيادة اللبنانية منذ القرار 1701
  • مشروع قرار بمجلس الأمن لوقف الحرب على غزة
  • فرنسا تشير إلى "فرصة سانحة" لوقف الحرب في لبنان
  • خبير: إذا كانت أمريكا تسعى للحفاظ على أمن إسرائيل فعليها وقف الحرب في لبنان
  • عاجل:- لبنان وحزب الله يوافقان على مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار مع إسرائيل
  • هوكشتاين وصل الى بيروت لاستكمال مسعاه لوقف اطلاق النار واخضاعه للاجراءات الروتينية في المطار
  • هذه بنود المقترح الأمريكي لوقف الحرب في لبنان.. كيف رد حزب الله؟
  • نجيب ميقاتي: تحقيق الاستقرار في جنوب لبنان أولوية في مسودة وقف إطلاق النار
  • ميقاتي: ردنا على مسودة اتفاق وقف إطلاق النار كان إيجابيا
  • الخارجية أوعزت لبعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة بتقديم شكوى ضدّ إسرائيل