عربي21:
2025-02-03@08:58:53 GMT

هل حدث تحوّل كبير في وعي الشعوب الإسلامية؟

تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT

قبل سنة من الآن، أي قبل “الطوفان”، بدت الشعوب الإسلامية في كافة الأقطار وكأنها بعيدة عن القدس وعن القضية الفلسطينية، وبات باستطاعة بعض السياسيين وحتى بعض القادة أن يتجرؤوا على التاريخ الإسلامي وتاريخ فلسطين، ومنهم من لم يتردّد في الإعلان عن أحقية الصهاينة في احتلال فلسطين، ناهيك عن من أصبح يتباهى بزيارته للكيان المحتل وبنشر فيديوهاته عبر شبكات التواصل الاجتماعي بدون خوف ولا خجل.

.

وبدأنا جميعا نشعر وكأن المدافعين عن القدس وعن فلسطين أصبحوا أقلية، ونادرا ما تجدنا نشاهد عبر شاشات التلفزيون من يذكّرنا بتاريخ فلسطين وببطولات الشعب الفلسطيني أو بثوراته عبر التاريخ، وكأن عزالدين القسّام قد أصبح من تراث الماضي، وكأن المصير الذي ينتظر فلسطين هو ذاك الذي عرفته الأندلس! وهل هناك من يفكر اليوم في تحرير الأندلس والعودة إلى غرناطة أو قرطبة؟
وكأننا كنَّا في فلسطين سنة 2023 نعيش في الجزائر سنة 1923 حيث قضى الاستعمار على آخر مقاومة شعبية في الأوراس سنة 2012، ثم خرج منتصرا مع حلفائه من الحرب وقد تمت الإطاحة  بالخلافة الإسلامية، وأصبح الفرنسي  يهيء نفسه للاحتفال بالذكرى المئوية لاحتلال الجزائر وإعلانها فرنسيتها إلى الأبد.. فإذا بالاستعمار الفرنسي يشهد في تلك الفترة بالذات ميلاد النواة الأولى للحزب الذي سيعدّ لثورة نوفمبر التحريرية، وإذا بالسنوات اللاحقة تعرف نشأة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي ستحدث التحوّل الكبير في وعي الجزائريين بأنهم والاستعمار نقيض وبأن الجزائر هي لهم وليست للمحتل الغاصب، وإذا بتلاحم الوعي الديني والسياسي ينجب ثورة من أعظم الثورات بالتاريخ…

ويتكرر المشهد اليوم في تأكيد واضح لقواعد السنة الإلهية في الأنفس والآفاق والهداية والتأييد على حد تصنيف المفكر الجزائري الطيب برغوث، حفظه الله، حيث بدت هذه السنن الإلهية وكأنها تتجسّد في لحظة فارقة من لحظات التاريخ كانت هي لحظة “الطوفان”.. إذ فيها لاحت في الأفق تباشير النصر القادم وتباشير تحرير فلسطين والقدس، كما لاحت بعد سنة 1930 تباشير تحرير الجزائر واستقلالها…

ولذلك، كانت تلك الهجمة الوحشية وذلك التحالف الغربي غير المسبوق ضد ثلة من المجاهدين رفعوا رايات عزالدين القسّام ورايات صلاح الدين، فكانت كتائب “القسّام” وكانت “ألوية صلاح الدين”، وكانت كل تلك الطائرات المسيّرة والأسلحة التي تحمل أسماء من ساروا على دربهم..

وكما التفت الشعوب العربية والمسلمة والتف أحرار العالم حول القضية الجزائرية بالأمس، حدث نفس الشيء اليوم للقضية الفلسطينية، بعدما حدث في السابع من أكتوبر 2023، وما فتئ هذا الوعي يتحوّل إلى أن صار على ما هو عليه الآن..

لم يعد هناك من يستطيع التباهي بدعم المجرمين الصهاينة ولا بزيارة كيانهم، ولا أحد يستطيع إنكار تلك التضحيات غير المسبوقة للشعب الفلسطيني من أجل حريته واستقلاله، ناهيك عن أن يتحدث عن حق الصهاينة في فلسطين.. ولم تخذل المقاومة في لبنان والعراق واليمن نظيرتها في فلسطين، ولم تتردّد دول كثيرة قريبة منها وبعيدة بالدعم المباشر وغير المباشر، ولم يبخل ملايين المسلمين بالدعم المادي والمعنوي لإخوانهم في الأراضي المحتلة، وإن منع الكثير منهم من ذلك.. بما يدل أن أهم انتصار حققته معركة “طوفان الأقصى” هو الانتصار على جبهة الوعي.. وهذا الانتصار له ما بعده ليتحوّل بعد حين إلى نصر كامل على الأرض، بإذن الله، ولعل الزمن الفاصل بين الانتصار في معركة الوعي والانتصار في ميدان المعركة لن يطول… ولنا في التاريخ عبرة.

(الشروق الجزائرية) 



المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجزائر المقاومة الجزائر المقاومة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة تكنولوجيا صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

د. عصام محمد عبد القادر يكتب: صلابة الشعوب طريق النصر.. التهجير في عقول واهمة

نبدأ من حيث انتهينا، ونكرر بكل ثقة بأن الشعوب وحدها قادرةٌ على إحداث التغيير مهما تعالتْ التحديات، وتفاقمت الضغوطات، وتزايدت الصعوبات؛ فلا مناصَ عن توحد شعبي يوصف بالصمود، والعمل من أجل نيل الحرية، وكسب القضية التي أضحى يتلاعب بها من لا يؤمن بالتاريخ، والجغرافيا، ويعتقد أن القوة، والبطش تمثلان العامل الرئيس في تحقيق غاياته؛ لأنه العامل الرئيس في المعادلة صلابة الشعوب على أرضها، وتمسكها بحقها مهما بلغت الذُرىَ.
وصف الرئيس عبد الفتاح السيسي القضية الفلسطينية من بداية الأزمة، وقال بلسان مبين إنها أم القضايا، وحدد الموقف المصري بكل تبيان، وبلاغة متكلم، وقال إنه لا تهجير، ولا تقبل لتصفية القضية الفلسطينية تحت أي مسمى، أو ادعاءات، واقترح حلًا مثاليًا، وأكد أنه لا مناصَ عن حل الدولتين بناءً على حدود عام (1967)، للتمكن من إقامة دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ عاصمتها القدسُ الشرقيةُ، ورغم تفاقم الأحداث، وتغير المعادلات، وزيادة الضغوط على الدولة المصرية تحديدًا نتساءل بأريحيّةٍ، هل تغير الموقف المصري؟، والإجابة الدامغة لم، ولن يتغير الموقف المصري.
لم، ولن يتغير الموقف المصري؛ لأنه يقوم على حقيقة دامغة، وهي حق الفلسطينيين في أرضهم، وعدالة قضيتهم التي دافعت عنها مصرُ بداية من 1948م، إنه موقفٌ يقوم على عقيدة راسخة تتمثل في أن تصفية القضية الفلسطينية يُزيد من لهيب الصراع، ويُعْلى من وتيرة النزاع؛ فالشعوب جيل بعد جيل تدرك ما لها، وما عليها، ولن تترك حقوقها تذهب سدى؛ فلا أمن، ولا أمان تحت سماء غابت عنها شمس الحق، والعدل؛ ومن ثم سوف يعيش الجميع تحت وطأة التهديد مهما تكلفنا من تدشين سياجِ الحماية.
إن الاستعمار في حد ذاته بات فكرة بالية، لا تتسق مع سياسة عالم يتطلع إلى التقدم، والازدهار، والحرية والعدالة، والمساواة؛ فالشعارات متعارضة؛ فقد تأكدت الشعوب المظلومة أنه لا ناصرَ للحق، ولا فارضَ للعدل إلا ربُّ السماوات السبع، وأنه الصمود، والمقاومة المشروعة هي سبيل نيل الحقوق، وأن من يدعى الهيمنة بسلاح القوة هو خاسرٌ في نهاية المطاف، ولن يرحمه التاريخُ بذكر صفاته، وأفعاله مهما زينت آلة الإعلام، وصفه، ورسمه.

نؤكد على أن صلابة الشعوب طريق النصر؛ فمن يرى بأم عينه صور القمع، والقهر، والقتل، والانتهاك ومن يرى بشاعة تدمير الحجر، والبشر، وما يُشاهد آليات عزلة الشعوب، والمجتمعات، وتهميشها، وتأكيد حالة العوز، وصولًا إلى منع أدني مقومات، وأساسيات الحياة، هل يأمن بواتقكم، وجوركم؟، وهل يتنازل عن أرضه التي تمثل عرضه؟ ، وهل يتناسى حضن موطنه، وغلاوة ترابه؟ ، وهل يرتضي مزيدًا من الضيم؟، وهل يقبل بقرار التهجير؟ إنها إجابةُ واحدةٌ لا تقبل التفريد، أو التجزئة، أو حتى التأويل.. لا للتهجير، وإن فاضتْ الأرواحُ، وفارقت الأجساد؛ فسوف يجعل الله – عزوجل- بعد عسرٍ يسرًا.
إن الوجدان المصري لا يؤمن بسياسة الكيل بمكاييل، وازدواجية المعايير، ولا يكترث للشعارات التي تبدو برّاقة؛ فقد غاب ضمير المجتمع الدولي في أوج العدوان، والانتهاك، وغاب الضمير في نزع حقوق الضعفاء، وانتهاك مقدساتهم، وغاب أيضًا في إنقاذ الملهوف الذي لم يجد المأمن، والمسكن، والمأكل، والتداوي من الجراح في ظل عالم ينعم برفاهية العيش، ورغده؛ إنها لسخريةٌ من إناسٍ يدّعون الحرية، ويأمرون بتهجير قسري لشعب له حق أصيل، ونضالٌ مشهودٌ على مر التاريخ.
إن من يبرر التهجير بغرض صعوبة العيش على أرض مهدَّمة يعتمد على فلسفة واهية، وعقل واهم؛ فمن تحمل القتل، وكافح أن يحيا في ظل جحيم الإبادة، ونُدْرةِ مورد الحياة يستطيع أن يعمر أرضه، ويعيد مجده، ويحي نهضته، ويوفر قوته، ويستكمل مسيرته تجاه الحرية التي فطرنا عليها، بل، ويخرج من صلبه أجيال ترفع راية النصر المبين مهما طال الزمان، أو قصُرَ؛ فنوقن بأن كل احتلالٍ إلى زوالٍ.
لقد اختار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي طريق الحكمة المتمثلة في الحل السلمي الذي ينعم بثمرته الجميع دون استثناء؛ فلا عُنْفَ، ولا اقتتال، ولا نزال، بل إلى إعمار، ونهضة، وازدهار للشعوب جنبًا إلى جنب، وفق ما تنادي به الطبيعة الإنسانية المستخلفة في الأرض، والشرائع السماوية المعضدة للسلام، والرافضة للظلم، وسفك الدماء دون وجه حق؛ لكن أصحاب المخططات لا يتنازلون عن أوهام قبُعتْ في العقول؛ فما كان منهم إلا أن زادوا من مشاريع التهويد، والاستيطان، بل وصدّ عودة اللاجئين إلى أرضهم، ناهيك عن مخطط التهجير الذي تنادي به دولٌ تدّعي أنها مرصدٌ للحريات، والديمقراطيات، والحقوق.
إن مصر قيادة، وشعبًا، رافضة للتهجير، ومنّاعةً لكل ما من شأنه أن يُقوّضَ القضية الفلسطينية، وهذا موقفٌ ثابتٌ راسخٌ، لا يتغير بتغير الزمان، ولا بتغير المكان، ولا بتغير الأشخاص؛ فهي قضيةُ وطن؛ ومن ثم نصْطَفُّ خلف قيادة، ومؤسسات وطننا، وندعم ما يتخذ من إجراءات في سبيل نُصْرةِ القضية الأم، ونتحمل كافة التبعات التي قد تنتج عن ذلك، دون مواربةٍ، وبكل عِزّةٍ، وثباتٍ.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

مقالات مشابهة

  • أمين البحوث الإسلامية: الغزو الثقافي الغربي تحد كبير للثقافة العربية والإسلامية
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: صلابة الشعوب طريق النصر.. التهجير في عقول واهمة
  • قائد الثورة: المجاهدون في فلسطين ولبنان هم المترس الأول للأمة الإسلامية
  • الإتحاد البرلماني العربي يرحب بإنشاء مجموعة لاهاي
  • الإمارات نموذج عالمي في العطاء الإنساني ودعم الشعوب المنكوبة
  • كيف تابع اليمنيون طوفان عودة الأسر الفلسطينية إلى غزة؟
  • مستر ترامب.. العالم ليس ولاية امريكية
  • بلدنا اسمه السُودان.. وشعبنا اسمه “الشعب السودانيّ” مفهوم؟!
  • برلمانية: إرادة الشعوب ليست ورقة تفاوض
  • نائب رئيس حزب الوعي: صمود كبير في وجه الغطرسة الأمريكية