عمره أكتر من 140 سنة.. حكاية بيت جنوب لبنان الصامد أمام الحروب
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
في ركن بعيد حيث ترقص الطيور على أغصان الشجر، وتفوح روائح التفاح والعنب والفواكه الذكية، يقع بيت عتيق تخطى عُمره 140 عامًا في ضيعة اللويزة اللبنانية، يوثق كل ركن فيه قوة وصمود الشعب اللبناني أمام الحروب الإسرائيلية وانتهاكاتها، إذ شيده شيخ يدُعى لُبيي، وتوارثه أحفاده جيلًا بعد جيل حاملين في قلوبهم حكايته التي يتفاخرون بها، ويدعون كل ليلة أن يحرس الله بيتهم ويعودون إليه في أقرب وقت.
المنزل الموجود في جنوب لبنان شهد فترات مختلفة ومحن مرّ بها لبنان، وقالت إيمان حيدر، حفيدة صاحب المنزل لـ«الوطن» إن بيت جدها يعتبر أول البيوت في ضيعة اللويزة في جنوب لبنان، موضحة :«البيت الأساسي هو الطابق الأسفل، وهو عبارة عن قناطر من الحجر القديم»، ونظام القناطر في البيوت القديمة مقتبس من البيت العباسي، فهم أول من أدخلوا نظام القناطر، وهي هيكل معماري مكور من الداخل بدلًا من الأعمدة..
وتابعت«حيدر»: «البيت بناه جدي عندما كان يبلغ عشرين سنة من العمر، وكان ذلك في أواخر الحكم العثماني، في فترة حكم جمال باشا الذي لُقب بجمال السفاح، وكان يقتل ويعدم والناس، وبعدها اندلعت الحرب العالمية الأولى، في عام 1918، والتي وقع فيها لبنان تحت الانتداب البريطاني».
أحداث شهد عليها البيتومن فترة الحكم العثماني إلى الإنتداب حتى الحرب الاسرائيلية عام 1982، التي عرفت بـ«عملية الصنوبر» ظل البيت صامدًا، وتقول «حيدر»: المنزل شاهد على كل هذه الأحداث، وكل طوبة فيه تروي الحكايات والذكريات، ولذلك يطلقون عليه في منطقة الجنوب اسم «البيت الصامد»، موضحة أنهم كانوا يسكنونه بشكل مستمر ما عدا فترات التهجير.
View this post on Instagram
A post shared by Iman Haidar (@iman.m.haidar)
وعلى سطح المنزل القديم حول الطابق العلوي زرعت العائلة شجر العنب الذي يجعل الأجواء الصيفية ساحرة، وكانوا يسهرون فيه، في الصيف، ولكنه في المنطقة التي تتعرض للقصف من قوات الاحتلال حاليًا، ولذلك فإنهم هجروا منه مؤقتًا آملين أن يعودوا في أقرب وقت.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: جنوب لبنان بيوت لبنان منزل أثري جنوب لبنان
إقرأ أيضاً:
غارة إسرائيلية تقتل حلم اللاعبة اللبنانية سيلين حيدر
نواف السالم
تحول حلم سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، في لحظة واحدة، التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها، لترقد على أثرها بدون حراك فى سرير المستشفى.
سيلين لاعبة موهوبة رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لكن شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، عكر صفو ذلك، ليبقى فى الأصداء صوت والدتها، سناء شحرور، يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».
لكن الأمل لم يختفى وسط الألم، حيث تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، ومنظمين لحملات لتلك البطلة، التي يترقب الجميع اللحظة التي تستيقظ فيها لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.
تسرد والدتها، سناء شحرور ، في ظل ظروفٍ مأساوية، ، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل، رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد، وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.
بدأت القصة عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب، وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة، بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك»، دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.
لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف، شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى، اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».
وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس، المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».
رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة، أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».
نظم زملاء سيلين حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلي
في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».