د.عبد الله العقيبي: المترجمة الكورية سألتني عن عبدالحليم حافظ!
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
مؤخرا صدرت الترجمة الكورية لديوان الشاعر والأكاديمي السعودي الدكتور عبدالله العقيبي «تبا كخطأ مقصود في ترجمة الأفلام»، وقد أنجزتها المترجمة Lee Yeji. هنا في هذا الحوار، نغوص في تجربة مميزة عاشها الشاعر العقيبي، حيث يأخذنا إلى عالمه الشعري عبر رحلة الترجمة التي قام بها ديوانه إلى اللغة الكورية، وهي رحلة أثرت تجربته الإبداعية وكشفت له عن تواصل إنساني غير متوقع مع قارئ ينتمي إلى ثقافة مغايرة، فالمترجمة الكورية لم تكن مجرد وسيطة لغوية، بل كانت شريكًا فاعلا في إبراز مكنونات القصائد ونقلها إلى فضاء ثقافي جديد، مستعرضة تفاصيل دقيقة ومؤثرة في العمل الأدبي.
من خلال الحوار، نتعرف على قصة اللقاء الذي جمع الشاعر بالمترجمة، والكيفية التي قادتها لطلب ترجمة ديوانه بعد ليلة من القراءة المتفانية. يشاركنا العقيبي أبرز التعليقات والاستفسارات التي وصلته من المترجمة، والتي كشفت عن شغفها الحقيقي وتفاعلها العميق مع نصوصه الشعرية، لاسيما تلك التي تمس موضوعات ترتبط بثقافته العربية الأصيلة.
وفي هذا الحوار أيضًا، يستعرض العقيبي رؤيته حول ترجمة الأدب العربي المعاصر، والمخاوف التي تساوره حيال بعض الممارسات المتعلقة بالترويج للترجمات في الساحة الثقافية. كما يحدثنا عن تجربته الشخصية في كوريا الجنوبية بدعوة من وزارة الثقافة السعودية، وما اكتشفه من نقاط تقاطع بين الثقافتين العربية والكورية، وأهمية بناء جسور الحوار والتواصل بين الحضارات، فإلى ما دار في الحوار:
ما الذي شد المترجمة إلى ديوانك؟
قبل أن أجيب على السؤال، أود أن أقدم الشكر للمترجمة الكورية Lee Yeji، فقد علمتني الكثير خلال رحلة ترجمتها لديواني الشعري، فهي مكافحة وصبورة ولديها قدر كبير من الالتزام والمهنية، ولولا تلك الصفات في شخصيتها لما تمكنت من إتمام الترجمة.
يقودني الحديث عن صفاتها إلى سؤالك، فهي التي انتبهت إلى التفاصيل الدقيقة في الديوان، ووجدت فيه تقاطعات إنسانية لم أتوقع أن تحصل مع الـ(آخر)؛ أعني القرّاء من خارج الثقافة العربية. كنت في رحلة إلى كوريا الجنوبية بدعوة كريمة من وزارة الثقافة السعودية، وحملت معي - كالعادة - مجموعة من إصداراتي، على أمل أن أجد في معرض الكتاب في سول قراء عرب أهديهم بعض النسخ، وصادف أن تكون Lee Yeji هي المترجمة الفورية للقاء الذي قدمته عن الرواية السعودية، تفاجأت في اليوم الثاني للزيارة بمكالمة منها تطلب مني أن نلتقي للحديث عن الديوان الذي كانت قد سهرت على قراءته بعد لقائنا في المعرض، التقينا بالفعل في بهو الفندق وبدأت الحديث بفرح وبإسهاب عن التجربة، وعن إعجابها الشديد بالنظرة الشعرية، التي وصفتها بالمميزة، وأخبرتني أن هناك الكثير من القصائد التي لمستها بشكل شخصي، وطلبت مني على الفور الموافقة على أن تقوم بترجمة الديوان للغة الكورية، والحقيقة أنني كنت في حالة من الاندهاش، وطلبت منها أن تعيد النظر لتتأكد من رغبتها في الترجمة، وبعد عودتي إلى السعودية أرسلت لي صورًا لأوراق مكتوبة باللغة الكورية، وقالت: إنها شرعت في ترجمة بعض القصائد، فما كان مني إلا أن أشكرها وأقول لها: إنني موافق على الترجمة.
ما أبرز تعليق قالته لك؟
أثناء رحلة الترجمة، كانت ترسل لي رسائل متوالية عن القصائد التي أحبتها في الديوان، ولاحظت أن القصائد التي كانت تعجبها هي القصائد الأثيرة بالنسبة لي، شعرت أن هناك رابطا ما لا أعرفه على وجه التحديد بين طريقتي في الكتابة وبين أسلوبها في القراءة والتلقي، كانت ترسل بعض الرسائل الصوتية الطويلة، تعبر فيها عن مدى تأثرها ببعض القصائد في الديوان، جعلني ذلك أتأكد من أنها تتفاعل مع القصائد بالشكل المطلوب والمريح لي، فأكثر مخاوفي كانت من نقل الموضوعات الشعرية دون التفاعل مع اللغة والدفقات الشعورية، لكن أسئلتها كانت توضح لي دائمًا بأنها اندفعت بإحساسها ومشاعرها إلى عمق التجربة الشعرية، في بعض الرسائل كانت تقول: إنها سعيدة وفخورة بنقل هذه التجربة الشعرية للقارئ الكوري، والحقيقة أن ذلك كان يشعرني بالارتياح والسعادة.
ما أبرز استفساراتها أثناء العمل على الترجمة؟
أكثر الاستفسارات كانت حول الأمور الخارجة عن أفق ثقافتها؛ أعني الأمور التي فيها خصوصية عربية، مرة بعثت لي برسالة تسألني عن عبدالحليم حافظ، لأن إحدى قصائد الديوان فيها تعرض للحزن في صور عبدالحليم قبل وفاته، وهو يعاني من آلام المرض، أرسلت لها تلك الصور، وشيئا من سيرة عبدالحليم وأغنياته. كانت أيضًا تسألني عن بعض المفردات الغريبة عليها، والتي فيها خصائص محلية، مثل كلمة (البناجر) والتي تعني (غوايش) الذهب بالعامية المصرية. كانت استفساراتها فنية بدرجة كبيرة، لذلك أعتقد أن عملية الترجمة قدمت لها خدمات جليلة على مستوى فهم طبيعة الإنسان العربي المعاصر.
لماذا رشحت لها شعراء آخرين بدلا منك ومن هم؟
قبل الإجابة على هذا السؤال دعني أخبرك عن أمر لطالما أرقني، أعني حول ترجمة الأعمال العربية المعاصرة إلى لغات أخرى، ففيه كثير من الشبهات والشكوك، هناك كتَّاب عرب وخليجيون يشتغلون على تسويق أعمالهم لدى المترجمين وبعض دور النشر الأجنبية، وربما دفع بعضهم مقابل هذا الفعل، ومثل هذا الفعل يجعلنا أمام مشكلة ثقافية حقيقية، تضر دون أدنى شك بصورة الثقافة العربية، فما أفهمه هو أن يندفع المترجم تجاه العمل الأدبي، انطلاقًا من شعوره بأهميته وقيمته الأدبية، وليس العكس. والحقيقة أنني كنت أود أن أختبر هذا الأمر لدى المترجمة، لذلك قدمت لها بعض الأسماء الراسخة في المشهد الشعري العربي المعاصر، وأرجو أن تعفيني من ذكر الأسماء، ليس لشيء معين، فأنا لا أود أن يشعر قارئ هذه السطور أنني أحاول ربط تجربتي بأسماء شعرية كبيرة، فأنا صدقًا أعتبر في هذا الفعل تطاولا غير مقبول، وصدقني كنت سأرتاح للغاية لو أنني استطعت إقناعها بالترجمة لشعراء عرب أحب وأعتز بتجاربهم الشعرية، لكنها كانت مصرة على ترجمة ديواني، وكان لديها أسبابها التي أحترمها بطبيعة الحال، وهي أسباب مقنعة بالتأكيد، فالشعر ينطلق من رغبة واندفاع شخصي من قبل المترجم، من هنا كان لا بد لي قبل الموافقة أن أتحقق من صدق ارتباطها بالتجربة، وإلا وقعت في مغبة ما كنت أحذر منه.
ماذا تعني لك ترجمة عملك إلى لغة أخرى بشكل عام وإلى الكورية بشكل خاص؟
أحب طبعًا -كأي كاتب- أن تترجم أعمالي إلى لغات أخرى، لكنني غير ناشط في هذا الموضوع، ولم يحصل أن حاولت إقناع أحد المترجمين أو دور النشر بترجمة أعمالي، التجارب السابقة ومن -ضمنها هذه التجربة- جاءت بشكل طبيعي، أعني أن يأتي الطلب من الآخرين لا بسبب جهد شخصي أو تسويقي، وهذا ما يسعدني في تجربة ترجمة أعمالي، والذي زاد من سعادتي هو أن يُترجم الديوان إلى اللغة الكورية، ففي ذلك اكتساب هام لقارئ غير متوقع بالمرة، كما أن الثقافة الكورية نشيطة ومتفاعلة مع العالم، والأدب فيها يلقى رواجًا استثنائيًا بحسب اطلاعي البسيط.
هل أنت متحمس الآن لكتابة ديوان جديد؟
مشروعي الشعري -إن حُق لي تسميته بالمشروع قبل كل شيء- يعتمد على انفعالات معينة، وحالات لا يمكن لي التحكم بها، من هنا فالانخراط في كتابة تجربة شعرية جديدة ليس متعلقًا بمقدار حماستي، الموضوع معقد جدًا، تمر عليَّ أوقات كثيرة لا أشعر فيها بانتمائي للشعر حتى، ثم تأتي لحظة أخرى أجده ينهمر كالشلال، ومع الشعر خاصة أعتقد أن هذا الأمر طبيعي. وبالمناسبة لديَّ ديوان شعري آخر لدى الناشر قال لي إنه سيُطبع خلال هذا العام، أتمنى أن يكون متوفرًا في معرض القاهرة القادم.
سافرت إلى كوريا بدعوة من وزارة الثقافة السعودية فما المختلف في الثقافة الكورية؟
نعم.. وكانت سفرة قصيرة، بدعوة من وزارة الثقافة السعودية، قدمت خلالها ورقة عن تاريخ الرواية السعودية ضمن فعاليات معرض سول للكتاب، وتعرفت في هذه الفترة الوجيزة على بعض الأمور المتعلقة بالثقافة الكورية، ووجدت تقاطعات كثيرة بين الثقافة العربية والثقافة الكورية، خاصة فيما يتعلق بالأزمات الاجتماعية والسياسية، مع الأخذ في الاعتبار الفارق الشاسع بيننا وبينهم على مستوى التطور الصناعي والتكنولوجي والحضاري، الأهم بالنسبة لي هو بناء الجسور بيننا وبينهم، والحقيقة أنهم منفتحون جدًا لقبول الآخر وصناعة حوار حقيقي معه، وأتمنى أن نحسن استثمار هذه الفرصة العظيمة.
ترجمة الأعمال العربية المعاصرة إلى لغات أخرى فيه الكثير من الشبهات والشكوك
هناك كتَّاب عرب يدفعون مقابل تسويق أعمالهم لدى المترجمين وهذا يضر بصورتنا
لم أحاول أبدا أن أقنع أحد المترجمين أو دور النشر بترجمة أعمالي
تمر عليَّ أوقات كثيرة لا أشعر فيها بانتمائي للشعر ثم تأتي لحظة أخرى أجده ينهمر كالشلال
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الثقافة الکوریة فی هذا
إقرأ أيضاً:
وسط حضور ثقافي وإعلامي كبير.. وزير الثقافة والإعلام الكويتي يفتتح المعرض الدولي للكتاب في نسخته 47
افتتح وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عبد الرحمن المطيري صباح اليوم الأربعاء، معرض الكويت الدولي للكتاب في نسخته 47، بحضور وزير الثقافة بالمملكة الأردنية الهاشمية مصطفى نصر الرواشدة، والأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور محمد الجسار، والأمناء المساعدين لقطاعات الثقافة والفنون والآثار والمتاحف والمالية والإدارية ومدير المعرض خليفة الرباح، والوكيل المساعد للصحافة والنشر والمطبوعات بوزارة الإعلام لافي السبيعي، وعدد من السفراء، وجمع من الأدباء والمثقفين وضيوف الكويت من الناشرين وأعضاء اتحاد الناشرين العرب.
وفي كلمته قبيل قص شريط الافتتاح، قال وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشئون الشباب رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عبد الرحمن المطيري: يشرفنا ويسرنا اليوم افتتاح معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته ال 47، هذه التظاهرة الثقافية الكويتية الدولية التي تحتضنها دولة الكويت تحت رعاية كريمة من سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح حفظه الله.
وتابع المطيري: ها هي الكويت، كما اعتادت واعتدتم، تفتتح فضاء محبتها إليكم من جديد، وترحب بكم على أرضها، وبين شعبها، ومفكريها، ومثقفيها، ومبدعيها، ويسعدها جمعكم المبارك هذا في بلدكم الثاني دولة الكويت، لقاء بعد لقاء، عراقة وتألقا، وإنتاجا، وتوهجا. هذا المعرض الذي يكتسب سحر جماله، وحضوره الدائم من مضمون رسالته الثقافية والذي تثبتت أركانه بفضل ما تجده من دعم وإهتمام ورعاية من قبل حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، وسمو ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد عبد الله الأحمد الصباح، حفظهما الله.
موروث ثقافي وحضاريواضاف الوزير عبد الرحمن المطيري: يطب لنا أن نرحب بالمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة ضيف شرف معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته ال 47، وحضورها المؤثر والمتميز بما تضمه من نخبة من المثقفين والكتاب ودور نشر، يعكس ما تتميز به من تراث وموروث ثقافي حضاري وإنساني عميق ضارب في أعماق جذور التاريخ والثقافة بإرث غني، فلكم منا كل الترحيب وخالص التمنيات بالتوفيق والنجاح.
واكمل: المبدعون هم الذين يصنعون مجد أوطانهم، وهم الذين يضيئون مشاعل الحضارة لكي يكون الغد أجمل، وإذا كانت ثقافة المجتمع وعلومه وفنونه تقع في دائرة اهتمامنا جميعا فإن من ارتقى بها يستحق أن يكرم، وإذا كانت أعمال المبدع هى التي تحفر اسمه في سجل الخالدين، إلا أنه من واجبنا جميعا أن نسلط الضوء على تلك الانجازات لكي تبقى حاضرة في ذاكرة وقلوب الأبناء جيلا بعد جيل، وإذا كنا اليوم قد اجتمعنا لتكريم معالي الأستاذ الدكتورعبد الله يوسف الغنيم رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية، فإننا ندرك يقينا أن إسهاماته المقدرة لهذا الوطن الغالي ستبقى محل تقدير يفوق قدرة الكلمات على التعبير، ولكننا حرصنا على أن نخصص هذا التكريم تقديرا لإنجازاته الملموسة والمشهودة.
أسلوب حياةوواصل الوزير المطيري: إن معرض الكويت الدولي للكتاب يعد من أهم التظاهرات الثقافية الكويتية التي يقيمها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، فالمشهد الثقافي الكويتي متجذر في حياة الكويتيين، حتى بات أسلوب حياة ومنهج تفكير لأهل الكويت، على يد رواد الثقافة والتنوير الكويتيين، وإن الدورة ال 47 لمعرض الكويت الدولي للكتاب تشارك بها العديد من دور النشر العربية والأجنبية، تمثل تواصلا للثراء المعرفي والثقافي بين القارئ والناشر، ولدينا استراتيجية طموحة في ترسيخ فكر الثقافة والفنون والآداب، ودعم ورعاية مبدعيها، وتطوير مؤسساتها بما يواكب حداثة العصر وعراقة وأصالة الماضي، والفعاليات الثقافية التي ينظمها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، تمثل نافذة مضيئة لثقافة وتاريخ الكويت وتفاعلها الحضاري والإنساني مع محيطها الإقليمي والدولي في كافة فروع الثقافة والفنون والآداب.
وختم الوزير عبد الرحمن المطيري: يجب تشجيع الأجيال الناشئة والشبابية على القراءة والاطلاع الواسع، في كافة فروع العلم والأدب والثقافة والفنون، لتقوية مداركهم الفكرية، وإكسابهم مهارات ثقافية متنوعة تعينهم على تخطي ما يعترض حياتهم بالمنطق والفكر المستنير والصحيح، وأتقدم بالشكر الجزيل للقائمين على المعرض من مسئولين وعاملين، والذين اجتهدوا خلال الفترة الماضية لإنجاز هذا العمل الرائع، والشكر موصول الى جميع المشاركين من جهات رسمية ودور نشر وكتاب ومثقفين من داخل دولة الكويت ومن خارجها، متمنيا للجميع التوفيق والنجاح.
شكرا للكويتمن جهته، قال وزير الثقافة بالمملكة الأردنية الهاشمية مصطفى نصر الرواشده: يسعدني أن أقدم أسمى آيات الشكر الموصول لدولة الكويت اختيار الأردن «ضيف شرف» معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته السابعة والأربعين، وهو اختيار مقدر يعمق العلاقة بين البلدين الشقيقين التي عزز أركانها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، وسمو أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظهما الله ورعاهما. وفي هذا المقام نؤكد اعتزازنا بالعلاقات الأردنية الكويتية الوطيدة والشراكة الاستراتيجية، التي تشكل أنموذجا للعلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين والعمل العربي المشترك.
وتابع: نحن فخورون بالعلاقات التاريخية والاستثنائية مع الشقيقة الكويت ونتطلع إلى مزيد من التواصل والتشارك بكل ما يتصل بالإبداع والابتكار العربي، وفخورون أيضا بالعلاقات الطيبة بين الشعبين الشقيقين الذين تربطهم علاقات راسخة تتجلى في حضور المثقف والفنان الكويتي في المشهد الثقافي الأردني من خلال المشاركات في المهرجانات، ومنها مهرجان المسرح ومهرجان جرش والأسابيع الثقافية، وحضور الدراما الكويتية في البيت الأردني، والعلاقات الاجتماعية الإنسانية التي نسجها الطلبة مع زملائهم على مقاعد الدراسة.
واضاف الرواشده: إن معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته السابعة والأربعين يمثل عمق الجذور الثقافية في دولة الكويت، التي كانت وما تزال تشكل منارة للتنوير من خلال مشروعها الثقافي والمعرفي، في الإصدارات التي كانت علامة مهمة في المشهد الثقافي العربي، ومنها مجلة العربي، وعالم الفكر وعالم المعرفة، فضلا على فضاء الحرية الذي تمتعت به البيئة الثقافية الإبداعية والإعلامية والاجتماعية في دولة الكويت، والتي شكلت أنموذجا عربيا في الديمقراطية.
العمل العربي المشتركوواصل الوزير الرواشده، قائلا: لقد كان الأردن بقيادته، وشعبه عروبيا، ملتزما بثوابته الوطنية، منحازا لقضايا أمته، مؤمنا بالتضامن، وبالعمل العربي المشترك، وهي المبادئ التي جسدها حامل شرف الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس العربية جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، وترجمت في موقف الأردن قيادة وشعبا بإزاء ما يجري في غزة هاشم من عدوان صهيوني وقتل ودمار، طال البشر والحجر.
واستطرد: إن الأردن ينطلق من منظور أن الثقافة تشكل الهوية الجامعة للأمة العربية في تنوعها الذي يثري بحرها ويقوي نسيجها، وهي الجدار الأخير للدفاع عن قيمنا العربية، ووسيلة الارتقاء بالوعي المجتمعي في ظل تسارع التكنولوجيا وأمواج المعلومات والأحداث التي تحيط بالمنطقة.
إن الأردن وهو يعبر إلى المئوية الثانية من تأسيس الدولة الأردنية، ويحتفل باليوبيل الفضي لتسلم جلالة الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية ليؤكد أنه ما يزال مخلصا لقيمه العربية التي تعلي من شأن الإنسان وفكره وسيبقى منفتحا على الثقافة الإنسانية.
وتابع الوزير الرواشده: إن هذه المشاركة التي نعتز بها تأتي بتشاركية مع عدد من الهيئات الأردنية، ومنها: اتحاد الناشرين الأردنيين الذي يحمل على عاتقه التعريف بالمثقف والثقافة الأردنية، والارتقاء بصناعة النشر الأردنية التي حققت حضورا عربيا، ومشاركة أمانة عمان الكبرى ومؤسسة عبد الحميد شومان، وعدد من المثقفين والمبدعين الذين يقدمون خلاصة فكرهم ومنجزهم الإبداعي ضمن البرنامج الثقافي للمعرض والذين يضيئون على العلاقات الثقافية الأردنية الكويتية، والمشهد الثقافي الأردني في اشتباكه مع المشهد الثقافي العربي.
هوية معماريةوأردف: يضم الجناح الأردني، الذي صمم هندسيا ليكون معبرا عن الهوية المعمارية والتراثية الأردنية، مجموعة من إصدارات وزارة الثقافة في المعارف المتنوعة من آداب وعلوم وتاريخ ومعارف عامة وموضوعات تراثية، صدرت ضمن برامج النشر للوزارة ومنها «المكنز» وهو موسوعة تضم المفردات الشعبية الأردنية في مختلف مناحي الحياة، وسلسلة مؤلفات الملوك الهاشميين التي تعرف بسيرهم الذاتية ومسيرتهم ومواقفهم السياسية وآرائهم في عدد من القضايا السياسية والحياتية والشؤون العربية والإنسانية، ومجموعة من الكتب والمؤلفات التي تقرأ تاريخ الأردن، فضلا على عدد من العناوين الإبداعية في الرواية والشعر والقصة والدراسات النقدية التي تلقي الضوء على المنتج الثقافي والإبداعي الأردني.
وختم وزير الثقافة بالمملكة الأردنية الهاشمية مصطفى نصر الرواشده، قائلا: شكرا للكويت هذا المعرض الذي يمثل مؤتمرا لصناع الثقافة، وشكرا لاختيار الأردن «ضيف شرف»، وهو فرصة مهمة لعرض الثقافة الأردنية أمام ثقافات العالم، وأن اختيار الأردن ضيف شرف المعرض يمثل تتويجا للعلاقات الثقافية الممتدة عميقا بين البلدين الشقيقين.
تكريم شخصية المعرضوكرم المطيري والجسار الأستاذ الدكتور عبد الله الغنيم بصفته شخصية معرض الكويت الدولي للكتاب لهذه الدورة، بإهدائه مخطوطة تقديرا لمجمل مسيرته الحافلة بالعطاء، بالإضافة إلى هدية خاصة هدية، عبارة عن عملة نقدية نصف محمودية - نصف وحدة ذهب - للسلطان العثماني محمود الثاني ضرب القسطنطينية سنة 223 هـ الموافق 1808 م ويعد من النقود المتداولة في المنطقة العربية منها الكويت والأحساء والعراق والشام.