الانفصالُ عن الواقع، وخلق واقع جديد، هو نوعٌ خطير من أنواع القيادة للهاوية. خلال أيام، تابعنا 3 خطب لـ3 من رموز ما يُنعت بمحور المقاومة. الأول هو الرمز الأول، مرشد النظام الإيراني، وقائد المحور كلّه، علي خامنئي، والثاني رمز حركة «حماس»، خالد مشعل، والثالث هو نعيم قاسم، قائد «حزب الله» حالياً، ونائب الأمين العام حسن نصر الله، الذي قتلته إسرائيل.
جاء في خطبة خامنئي هذه، بعد مقتل نصر الله ومستشار المرشد العسكري اللواء عباس نيلفروشان، في قبو الضاحية الشهير:
«جبهة المقاومة في المنطقة لن تتراجع»، معتبراً أنها «أعادت الكيان الصهيوني 70 سنة إلى الوراء... وبات قلقاً على وجوده».
أمّا خالد مشعل رمز «حماس»، فاعتبر في كلمته بالملتقى السابع بكوالالمبور للفكر والحضارة، أن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنّته «حماس» على إسرائيل قبل عام، أعاد الدولة العبرية إلى «نقطة الصفر وهدّد وجودها».
أما نعيم قاسم، نائب نصر الله، ووجه الحزب اللبناني الإيراني حالياً، فقال بكلمته المسجّلة في مكانٍ ما، إن حزبه منتصرٌ، بل استشهد بالناس على هذا الانتصار قائلاً: «أنتم ترون أن إنجازاتنا اليومية كبيرة جداً»، و«ستسمعون صراخ العدو».
من خامنئي لمشعل لقاسم، الجامع في ما قالوه، بعد استبعاد المجازات والمحسّنات البديعية البلاغية، والإكسسوارات الثورية (بندقية المرشد الروسية على المنبر مثلاً) هو الانفصال عن الواقع الذي يراه الناس رأي العين، ويلمسونه باليد، وينزفون منه يومياً.
هؤلاء انغمسوا في عالم من صنع خيالهم، ولو تخلّوا عنه فإنهم يتخلّون عن معنى حياتهم التي صُرفت في هذا العالم الافتراضي، هنا تصبح الخرائب والمقاتل والتهجير والسواد والدمار والجوع والخوف، محسوبة في خانة الانتصار!
قد يقول قائل، إن غالانت ونتنياهو وشلّتهما يكذبون أيضاً ويبالغون، لنتفق على ذلك، ولن نصدّق هذا الطرف، ولا ذاك، لكن الواقع على الأرض ماذا يقول؟!
هل يقول إن إسرائيل «عادت للصفر» كما قال مشعل، أو «عادت 70 سنة للوراء» كما قال خامنئي، أو إننا «نسمع صراخ العدو»، كما قال قاسم؟!
في غزّة، فقط، وحسب أرقام وزارة الصحة، في غزّة: مقتل أكثر من 40 ألف شخص، وإصابة نحو 100 ألف آخرين، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من المفقودين.
أما لبنان فلم ينتهِ بعدُ عدّاد الخسائر المهولة، على اللبنانيين، بخاصة أهل الجنوب، والضاحية التي صارت غابة من الخرائب.
هل الاعتراف بالواقع، والعمل على «الإحسان» للناس، أو بلغة يفهمونها، عدم الإلقاء بالتهلكة، هو جبنٌ أو هو نوعٌ من الشجاعة، المترفّعة عن تعظيم الذات؟!
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عام على حرب غزة إسرائيل وحزب الله إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
تواصل سري بين طهران وفريق ترامب بعلم خامنئي.. وهذه تفاصيله
كشف نائب في البرلمان الإيراني وعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية محمد مهدي شهرياري عن تواصل غير معلن جرى خلال العامين الماضيين بين مسؤولين إيرانيين وفريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشددا على أن هذه الخطوة تمت بعلم وموافقة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي.
وقال شهرياري إن التواصل بين الجانبين كان يتمحور حول الملف النووي الإيراني فقط، دون الدخول في تفاصيل القضايا الإقليمية أو الأمنية الأخرى، وأن جميع ما كان يُتداول خلال هذه القنوات كان يرفع مباشرة إلى مكتب المرشد الأعلى، وكذلك إلى الجهات الرسمية المختصة بالشؤون الدبلوماسية.
وبحسب شهرياري، فإن مجيد تخت روانجي، أحد أبرز أعضاء الفريق الإيراني المفاوض ونائب وزير الخارجية، كان قد أكد في وقت سابق أن الطرف الأمريكي أبدى استجابة إيجابية لمعظم مطالب إيران خلال تلك المفاوضات غير الرسمية.
ولفت إلى أنه خلال فترة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، طرحت إيران مقترحًا مفاده أنها على استعداد للعودة إلى الاتفاق النووي، بشرط أن يُعلن ترامب ذلك صراحة كما أعلن انسحابه في السابق.
وتأتي التصريحات بالتزامن مع جولة تفاوضية جديدة أُجريت مؤخرًا بين الولايات المتحدة وإيران في العاصمة الإيطالية روما، برعاية من سلطنة عمان، واللقاء، الذي استمر نحو أربع ساعات، وصفته وسائل الإعلام الإيرانية بأنه "إيجابي وبنّاء"، ما يعكس احتمال وجود أرضية مشتركة للعودة إلى مسار تفاوضي رسمي.
يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد صرح في أذار / مارس الماضي بأنه بعث برسالة مباشرة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، يدعوه فيها للعودة إلى طاولة التفاوض خلال مهلة لا تتجاوز الشهرين، وعلى الرغم من أن طهران لم ترد علنًا على تلك الرسالة، فإن ما كشفه النائب الإيراني يعزز من صحة تلك التصريحات.
يشار إلى أن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الموقّع عام 2015 أدى إلى فرض عقوبات اقتصادية خانقة على طهران، التي ردت برفع مستويات تخصيب اليورانيوم تدريجيًا، متجاوزة سقف الـ60 بالمئة، ما أثار مخاوف دولية من اقترابها من العتبة التقنية لإنتاج قنبلة نووية.