سيرة صحابي زاهد.. قال الرسول عنه «ما حملت الأرض ولا أظلت السماء أصدق منه»
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
ذكر الله سبحانه وتعالى قصص العديد من الصحابة والمواقف من خلال الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة قصصهم وألقابهم، لتعليم البشر والقيم والأخلاق الدينية، وأرسل الأنبياء الرسل للاقتداء بهم، كما تم تسمية سور كاملة بأسماء الأنبياء، ليأخذ الناس منها الحكم والعبر، فمن هو الصحابي الذي قال الرسول عنه: «ما حملت الأرض ولا أظلت السماء أصدق منه»؟
من هو الصحابي الزاهد؟وفقًا لما أوضحته دار الإفتاء المصرية، إنه أبو ذر الغفاري.
مشهور أن اسمه «جندب بن جنادة»، وكان من السابقين إلى الإسلام وشجاعًا مقدامًا، روى الإمام البخاري أن «أبا ذر حين علم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي، يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه، وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق، وكلام ما هو بالشعر»، فقال أبو ذر: «ما شفيتني مما أردت» فذهب بنفسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومكث حتى استطاع أن يلتقيه.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري» قال: «والذي نفسي بيده، لأصرخن بها بين ظهرانيهم»، فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته: «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله»؛ ثم قام القوم فضربوه حتى أضجعوه، وأتى العباس فأكب عليه، قال: «ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار وأن طريق تجاركم إلى الشأم فأنقذه منهم ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه فأكب العباس عليه».
كان رضي الله عنه كريمًا يبذل الطعام والمال لكل عابر سبيل أو فقير، وقد ذكر الواحدي في كتابه «أسباب النزول» أن أبا ذر كان أحد المقصودين بقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.. وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ» سورة المائدة.
واتفق عدد من الصحابة على أن يصوموا النهار، ويقوموا الليل، ولا يناموا على الفرش، ولا يأكلوا اللحم، ولا الودك، ولا يقربوا النساء والطيبَ، ويلبسوا المسوح ويرفضوا الدنيا ويسيحوا في الأرض، ويترهبوا ويجبوا المذاكير.
أبو ذر في غزوة تبوكوأضافت دار الإفتاء؛ أنه في غزوة تبوك تخلف أبو ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبطأ به بعيره، فما كان من أبي ذر إلا أن نزل من على هذا الجمل وحمل متاعه ومشى حتى يلحق برسول الله وجيشه، ونظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول الله هذا رجل يمشي على الطريق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كن أبا ذر»، فلما تأمله القوم قالوا: «يا رسول الله هو والله أبو ذر»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده» رواه الحاكم في المستدرك.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: دار الإفتاء الصحابة الأنبياء النبی صلى الله علیه وسلم رسول الله أبو ذر
إقرأ أيضاً:
سيرة الفلسفة الوضعية (4)
د. أبوبكر الصديق على أحمد مهدي
المرحلة الأولي - علم اللاهوت ((Theology
معنى الروح
يدندن جبران خليل جبران ويناجي نفسه وذاتها...
والحب في الروح لا في الجسم نعرفهُ
كالخمر للوحي لا للسكر ينعصرُ..
قال المتحدث:
"بينما كنت متحدثاً جديداً، ومستجداً جداً، في زاوية الشارع أو في ركن الشارع لنقابة الأدلة الكاثوليكية، سألني أحد السائلين الحاضرين؛
o ماذا قصدت بالروح؟
o أجبته، "الروح ليس لها شكل، وليس لها لون، وليس لها وزن، ولا تشغل حيزاً، ولا تملأ فضاءً أبداً."
o فقال، "هذا أفضل تعريف للا-شيء، سمعته على الإطلاق"، وما قاله بلا شك، كان منطقياً جداً، ومقنعاً جداً.
o فعلاً، لقد قدمت له، وعرضت عليه قائمة طويلة بأشياء كثيرة ومتعددة، ولكن الروح لم تكن واحدة منهن، وبدون أن أشير إلى ماهيتها، لا من قريب ولا من بعيد".
o انها فعلاً، أقصد اجابتي، كانت تعريف شامل وكامل "للا-شيء"!!! انه كان مقنعاً غاية الاقناع، ومفحماً جداً لي ولمن كان حضوراً.
في اللاهوت، الروح ليست مجرد كلمة مفتاحية، إنها الكلمة الأساسية الرئيسية. لقد قال ربنا للمرأة السامرية: "الاله روح". ولكننا بدون معرفة معنى مصطلح "روح"، نفشل في فهم ما قاله. وكأنه قال "الاله هو ____" ولا يظهر لنا شيئاً على الإطلاق.
وينطبق الشيء نفسه على كل مفهوم؛ كلها تحتوي على الروح، ففي اللاهوت، ندرس ونتعلم الروح طوال الوقت. ولكننا أيضاً، نجد إن العقل الذي نتعلمها به، ومن خلاله هو أيضاً روح. اذن كيف نعرفها، ونعرفها الروح؟
الاعتراف بالطبيعة
تجعلنا الطبيعة نعترف ونقر بوجود إله سام، وكلي القدرة، وكامل الارادة، ومطلق العلم والمعرفة. وتثبت وتبرهن لنا النجوم العظيمة السابحة فوقنا، والمتلألئة في مساءاتنا، حجم العالم وضخامته، ومدى صغر حجمنا كبشر وكمخلوقات حية وغير حية.
وتظهر لنا تعقيدات الحياة، أن هناك مؤلفاً ذكياً عظيماً، فاطراً بديعاً، خالقاً لحياتنا الدنيا، ولما وراءها. وتظهر الخطيئة وتتشكل كل يوم في اشكال العصيان والتمرد والمرض والعلل، وفي النهاية في الموت الجسدي. وتخبرنا بيئتنا وحدسنا وعواطفنا بأننا جزء من صورة أكثر استثنائية، وأنه يجب أن يكون هناك إله خالق فاطر مبدع. أليس كذلك؟!
ومع ذلك، لا تطلعنا الطبيعة، ولا تعلمنا أبداً عن كيفية الوصول إلى الاله القدوس أو كيفية التفاعل معه أو التواصل معه. ونتعلم عن الخطيئة من خلال مراقبتنا وملاحظتنا ومشاهدتنا لبيئتنا ولمحيطنا ولأنفسنا، ولكننا لن نتعلم ولا نتعلم عن صليب يسوع واستراتيجيته للفداء والخلاص لنا، لولا كلمة الله المكتوبة والمقروءة.
وبلا شك، لا تستطيع الطبيعة ولا الغريزة أن تخبرانا أو تعلمانا عن كيفية الارتباط بالإله، وكيفية التواصل معه. هذا الرابط أو هذا التواصل هو الدور الذي يلعبه الكتاب المقدس، وهنا يأتي ويظهر دور اللاهوت الفعال. فمعرفة الله أو الاله هي دراسة كتبه المقدسة، ومعرفة ما ومن أعلن عن نفسه من أجله.
دفوعات وحجج وجود الله
يعترف المسيحي واليهودي والمؤمن، والمسلم بصورة عامة، بحقيقة حضور الله ووجوده بالإيمان. ومع ذلك، فإن هذا الإيمان ليس إيماناً أعمى ولا ايماناً كسيحاً يمشي بلا قدمين، ولكنه اعتقاد يعتمد على البرهان وعلى الاختبار، مكتوباً أساساً في الكتب المقدسة، على أنه كلمة الله الموحى بها، وثانياً في ظهور الله في الطبيعة، وانبلاجه فيها، وتجليه فيها. ولا تأتينا الأدلة الكتابية حول هذه النقطة أبداً في نوع الإعلان الصريح، وأقل من ذلك بكثير في الحجة المنطقية.
ويعترف التلاميذ من الأديان المقارنة، والمبشرون عادةً بحقيقة أن مفهوم الاله أمر شائع وموجود ومتداول أخلاقياً في الجنس البشري. إنه يُرى وله أثره حتى بين أكثر الناس المتخلفة جداً، والقبائل غير المتحضرة في العالم، انه موجود، أدركناه أم لم ندركه.
ولا تعني هذه الفكرة المشتركة العامة أبداً أنه لا يوجد أشخاص ينكرون وجود الله أو وجود الاله، ولا حتى أنه لا يوجد عدد كبير في الأراضي المسيحية أو اليهودية أو اراضي المؤمنين بالنبي محمد "ص"، من ينكرون وجود الله كما يظهر في الكتاب المقدس وكل الكتب المقدسة انجيل وتوراة ومصحف شريف.
فهو كائن موجود بذاته، وواعي بذاته، ويتمتع بالكمال المطلق، والعلم المطلق، الذي به تعمل كل الأشياء بخطة أو على ضوء قانون أو ناموس دقيق ومحدد مسبقاً.
وبمرور الوقت، ظهرت الحجج المعقولة لوجود الاله، ووجدت لها موطئ قدم في اللاهوت، وتحديداً من خلال تأثير وولف (Wolf). وقد تم اقتراح بعضها، في الجوهر، من قبل أفلاطون وأرسطو، وأضيف البعض الآخر في الأزمنة المعاصرة من قبل تلاميذ فلسفة الدين او فلسفة اللاهوت. ويمكننا هنا تقديم أكثر هذه الحجج شيوعاً وذيوعاً وانتشاراً.
1. تم تقديم الحجة الأنطولوجية في اشكال متعددة وأنواع مختلفة من قبل أنسيلم وديكارت وصموئيل كلارك وآخرين. وقد تم عرضها في أفضل اشكالها وأنواعها بواسطة أنسيلم.
وهو يجادل بأن الإنسان لديه فكرة وجود كائن مثالي غير مشروط؛ وهذا الوجود هو سمة من سمات الكمال والتمام؛ وبالتالي، يجب أن يتواجد كائناً كاملاً تاماً. لكنه دليل قوي على أننا غير قادرين على الانتقال من التفكير الموجز إلى الوجود الفعلي. وحقيقة أننا نمتلك فكرة عن الاله لم تثبت أبداً وجوده الموضوعي.
2. وقد عرضت الحجة الكونية أيضاً في أنواع عديدة وأشكال متنوعة. وبشكل عام، تتحرك على النحو التالي: يجب أن يكون لكل شيء مشترك في الكون سبب مقبول.
وإذا كان الأمر كذلك، يجب على العالم أيضاً أن يكون لديه سبب مناسب وكافي، وهو أمر عظيم إلى أجل غير مسمى.
3. الحجة اللاهوتية هي، أيضاً، حجة سببية، وهي حقاً تطور للحجة السابقة. وقد يكون موجوداً بالشكل التالي: يعرض الكون في كل مكان، ذكاء ونظام وانسجام وهدف الوجود، وبالتالي ينفذ وينجز وجوداً ذكياً وهادفاً، كافٍ لإنتاج مثل هذا الكون أو مثل هذا الوجود.
ويعتبر كانط أن الحجة اللاهوتية هي الأفضل من بين الثلاثة التي تم تسميتها، ولكنها تطالب بعدم إثبات وجود إله، ولا وجود خالق، ولكن مجرد وجود مهندس معماري عظيم، صمم وشكل وفصل وأنتج هذا الكون البديع.
4. الحجة الأخلاقية: تماماً مثل الحجج الأخرى، افترضت هذه أيضاً أنواعاً مختلفة وأشكالاً متعددة كذلك. وبدأ كانط بالأمر القاطع، ومنه أكمل وجود كائن ما، بصفته مشرع قانون وقاضٍ، له الحق الكامل في أن يأمر الإنسان.
وفي تقييمه، هذه الحجة متفوقة للغاية على أي من الحجج الأخرى. وهو الذي يعتمد عليها أساساً في سعيه وفي محاولاته لتأكيد وجود الله/الاله.
5. الحجة التاريخية أو الإثنولوجية: بشكل أساسي هذه الحجة لها الشكل التالي، بين جميع عامة الناس، وكل القبائل التي تعيش على هذه البسيطة، هناك إيمان بوجود الاله، بوجود إله، بوجود الله الواحد الأحد، والذي يكشف عن نفسه ويظهرها، ويتجلى في الإيمان الخارجي.
وبما أن هذه الظاهرة شائعة، فيجب أن تكمن في طبيعة الإنسان ذاتها. وإذا كانت طبيعة الإنسان تؤدي بشكل نموذجي إلى العبادة الدينية، فيمكن لهذا مجرد الحصول على تفسيرها في كائن أعلى، هو الذي خلق الإنسان كائناً روحياً.
ورداً على هذه الحجة، يمكن أن يُقال، "ربما تكون هذه الظاهرة الشائعة قد خلقت خطأً من قبل أحد الأسلاف القدامى للديانة التي استشهد بها، ويبدو أنها أقوى بين الأعراق البدائية، ولا تظهر في المقياس الذي كانوا فيه متحضرين."
ولكن...
...أنا الذي كتبتُ ونحتُ
الكتابات الأولي وكل القوانين
على ألواح من حجر وطين
القلم المقوس لم يفارق أناملي
ولهيب قلب يستعر
مثل شعلة لينير الدروب المظلمة
أمام الإنسانية التي كانت غارقة في الظلام...
... للسيرة سلسلة متتابعة من الحلقات...
bakoor501@yahoo.com