أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، أن أركان الفتوى تتكون من ثلاثة أركان أساسية، منوها أن الركن الأول إدراك النص، وهو أمر بالغ الأهمية، إذ يختلف النص المقدس عن فهمه وتطبيقه في الواقع، وهذا ما يقوم الأزهر الشريف لأكثر من ألف عام. خلافًا للنابتة الذين يتصدرون للفتوى بعد التعلم لأيام معدودة، وفهم النص لا يقتصر على النصوص المقدسة فحسب، بل يشمل الاجتهاد أيضًا، إذ نتعلم من معلمينا أن العلم لا ينتهي، بل يستمر من المهد إلى اللحد.

رئيس جامعة الأزهر: الفتوى شفاء من الحيرة.. ويجب أن تبتعد عن التشدد في «ندوة بناء الإنسان».. أمين البحوث الإسلامية: الفتوى ليست مرتعًا للمتشدقين والمتنطعين أركان الفتوى

وذكر علي جمعة، في تصريح له، أن الركن الثاني هو إدراك الواقع، فللواقع علومه الخاصة، فهو يتألف من عالم الأشخاص والأحداث، وعلينا أن نفهم أن الواقع يتغير باستمرار، فالتغييرات لا تحدث سنويًا فقط بل يوميًا. ولذلك يجب أن نعلّم الناس كيفية فهم هذا الواقع المتغير.

وأشار إلى أن الركن الثالث، فهو الجسر الذي يربط بين فهم النص وفهم الواقع. ويتمثل هذا الجسر في الإجماع عند المسلمين، وهو ما يوجهنا لإدراك مآلات الفتوى وتأثيرها. وهذه الثلاثة هي أركان الإنسان تسعي لعمارة الكون بعبادة الله وتسعى لتزكية الإنسان ببناء الانسان.

أهمية الفتوى

وقالت دار الإفتاء المصرية، إن الفتوى هي تبيين الحكم الشرعي عن دليل لمن سأل عنه، وهذا يشمل السؤال في الوقائع وغيرها.

وأضافت دار الإفتاء في إجابتها على سؤال: ما أهمية إدراك الواقع في الفتوى؟ أنه من المقرر في الفقه الإسلامي أن النصوص متناهية ومحصورة، والحوادث والوقائع غير متناهية؛ لأنها متعلقة بالفعل البشري وهو لا يتناهى إلى يوم القيامة، وقد لوحظ تعداد بعض علماء الحنفية فروع الفقه الإسلامى 1,175,000 (مليون ومائة وخمسة وسبعون ألف) فرعٍ فقهيٍّ.

وتابعت: فهذا الكلام من هذا الإمام الفذ نبهنا إلى مسألة إدراك الواقع كركن أساسي من أركان الإفتاء، وأن الذهاب إلى كتب الفروع الفقهية المختلفة وأخذ الأحكام الشرعية منها وهي المتأثرة بواقع وعرف معين، ثم الإفتاء بها في واقع وعرف مختلف فهذا من الضلال المبين والجهل الفاحش، فعلينا في عملية الإفتاء إدراك المصادر وفهمها بإتقان بما تقضية أصول اللغة، والبلاغة والنحو والصرف أو ما يسمى عمومًا بعلوم الآلة، وإدراك الواقع.

ونوهت أنه ينبغي على المفتي أثناء فتواه أو اختياره قولًا معيَّنًا أن يدرس هذه العوالم بمناهجها المختلفة، وعلاقاتِها البينيَّةِ، والمآلاتِ التي يَؤُولُ إليها العملُ بفتواهُ في أرضِ الواقِع، فعلى سبيل التَّمثِيلِ إذا سأل شخصٌ عن حكمِ الشَّرعِ في منتجٍ أو سلعةٍ معيَّنةٍ جديدةٍ، فهذه السِّلع من عالمِ الأشياء وتحتاج من المفتي إلى إدراكٍ معيَّنٍ حتى يُفتِي بحكمِ اللهِ فيها، فإذا سُئِلَ عن مشروبِ "خلِّ التفاح" مثلًا، فيسأل ما مشكلته؟ ما رائحته؟ ما مكوناته؟ ما تأثيره؟ هل به كحول؟ هل يحتوي على شحمِ خنزير؟ وهكذا، وإذا كان يحتوي على كحول ما نوعه؟ هل هو إيثلي الذي يسبب الإسكار أو مثيلي؟ وما نسبته، وهذا الإدراك تهتم به مجموعة من العلوم، كالكيمياء، والفيزياء، والتحليل الغذائي، بل والطب وعلم وظائف الأعضاء لمعرفة مدى تأثير هذه المكونات على صحة الإنسان نفعًا وضرًّا، وعلى المفتي حينئذٍ أن يراجع الخبراء والمختصين، فإنَّ صحة فتواه ودقَّتها تتوقف على مثل هذه المراجعة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أركان الفتوى أهمية الفتوى دار الإفتاء الحكم الشرعي الفقه الإسلام

إقرأ أيضاً:

حول بناء الإنسان.. انطلاق المؤتمر الدولي الخامس لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر

انطلقت منذ قليل، فعاليات المؤتمر الدولي الخامس لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة، برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، تحت عنوان"بناء الإنسان في ضوء التحديات المعاصرة"، وذلك بحضور فضيلة أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر، وأ.د نظير عياد، مفتي الجمهورية،وأ.د سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، وبمشاركة لفيف من علماء وقيادات الأزهر وأعضاء هيئة التدريس بالجامعة.

ويعد المؤتمر منصةً استثنائيةً تجمع خبراء وباحثين ومتخصصين في مجالات الشريعة، والقانون، والاقتصاد، والتعليم، لطرح رؤى مبتكرة تعزز بناء الإنسان وتصنع الحضارة في مواجهة تحديات العصر، حيث يهدف المؤتمر إلى إبراز مرونة الشريعة الإسلامية واستيعابها لكافة المستجدات والنوازل ومعالجتها بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد، وإبراز دور المنظومة التشريعية في تحقيق مقتضيات بناء الإنسان وتفعيل خطط التنمية المستدامة، إضافة إلى محاولة استخلاص حلول نوعية ومبتكرة قادرة على تحقيق حياة كريمة للإنسان نابعة من رؤية الدولة المصرية.

أصول الدين بالمنصورة تناقش جهود الأزهر في مؤتمرها الدولي.. الأحدشيخ الأزهر يعزي المستشار ناصر معلا نائب رئيس مجلس الدولة في وفاة والدهمرصد الأزهر يشارك في جولة المشاورات المصرية الصينية لمكافحة الإرهاب ببكينخالد الجندي: لازم نلتزم برأي الأزهر في الفتوى العامة التي تمس المجتمع

كما يهدف مؤتمر كلية الشريعة والقانون إلى تسليط الضوء على المبادئ الشرعية والقانونية التي تهدف إلى الاستفادة من مكتسبات التقنية الحديثة والحماية من مخاطرها، إضافة إلى الوقوف على تحديات التنمية، ومعرفة سبل معالجتها وتشجيع آليات البناء والإعمار في كافة المجالات التنموية، وتفعيل آليات بناء الإنسان في شتى المجالات من أجل واقع أفضل ومستقبل مشرق، وترسيخ أسس السلام والتعايش السلمي وقبول الآخر، بجانب تعزيز جهود التنمية المستدامة والمساهمة بفاعلية في بناء الوطن وحمايته من المخاطر.

وتدور محاور مؤتمر «بناء الإنسان في ضوء التحديات المعاصرة» حول
«ميادين بناء الإنسان وصناعة الحضارة في الشريعة الإسلامية»، و«بناء الإنسان في ضوء المبادئ التي أقرها الفقه الإسلامي والمواثيق الدولية»، و«بناء الإنسان في ضوء التحديات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والبيئية»، و«تطوير البنية التشريعية وتعزيز المنظومة التعليمية وأثرهما في بناء الإنسان»، و«الحقوق والحريات الأساسية وأثرهما في بناء الإنسان»، و«التطور التقني وأثره في بناء الإنسان من حيث الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة ومكتسبات الذكاء الاصطناعي، والتجارة الإلكترونية».

طباعة شارك وكيل الأزهر مفتي الجمهورية المؤتمر الدولي الخامس لكلية الشريعة

مقالات مشابهة

  • الحصار الاقتصادي.. أحكامه وآثاره الفقهية.. بين فقه الواقع ومقاصد الشريعة الإسلامية
  • بقيمة 5.8 مليار جنيه.. الرقابة المالية توافق على إصدارين لصكوك متوافقة مع الشريعة الإسلامية
  • المفتي من مطروح: بناء الإنسان هو الأصل في بناء الأوطان
  • هاني تمام: مرونة الشريعة الإسلامية تؤكد صلاحيتها لكل زمان ومكان
  • المفتي ومحافظ مطروح يفتتحان رسميًا فرع دار الإفتاء بالمحافظة
  • بحضور قيادات الأزهر.. استمرار فعاليات المؤتمر الدولي لـ الشريعة والقانون
  • أمين الأعلى للشئون الإسلامية يلقي كلمة وزارة الأوقاف في مؤتمر كلية الشريعة
  • جلسة تبحث تجليات المسكوت عنه في النص والحياة
  • 60 صورة من المؤتمر الدولي لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر
  • حول بناء الإنسان.. انطلاق المؤتمر الدولي الخامس لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر