عربي21:
2025-03-06@10:20:52 GMT

دومينيك دي فيلبن: آخر الرجال المحترمين في فرنسا

تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT

في ندوة دولية عقدت مؤخرا في باريس بعنوان «تخيّل السلام» تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لزهاء النصف ساعة ذكر فيها «الهجوم الإرهابي للسابع من أكتوبر» مرتين أو ثلاث، لكنه لم يشر إلى آلاف الضحايا الفلسطينيين والدمار الكامل لقطاع غزة إلا في جمل اعتراضية غمغمها بسرعة.

كان الرئيس الفرنسي آخر المتحدثين في افتتاح هذه الندوة التي نظمتها جمعية «سانت إيجيديو» الإيطالية بعد أن تحدث من المنصة ممثلون عن الأديان السماوية الثلاثة لم يتوقف عند مأساة غزة، كل بطريقته ودون إسهاب، سوى رئيس أساقفة كانتربيري الإنكليزية وممثل عن عميد مسجد باريس.



القضية ليست هنا وإنما في أن الكاتب الكبير أمين معلوف الأمين العام الدائم للأكاديمية الفرنسية، وكان من بين المتحدثين الثمانية في تلك الجلسة، لم يشر بكلمة واحدة إلى معاناة غزة بل ولم يشر بكلمة واحدة إلى ذلك القصف الإسرائيلي العنيف الذي كان يتعرّض له بلده الأصلي لبنان الذي جاء منه إلى فرنسا نهاية السبعينيات.

المفارقة الكبرى التي قفزت إلى الذهن وقتها، سواء في مواجهة ماكرون أو معلوف، هي شخصية فرنسية تجمع بين السياسي والمثقف، وكلاهما يرفض التماهي الأعمى والمهين مع الرواية الإسرائيلية لما جرى منذ عام، بل ولكل ما جرى دائما، قبل ذلك وبعده. هذه الشخصية هي دومينيك دي فيلبن، السياسي والدبلوماسي والكاتب والمحامي الذي احتل مناصب هامة في عهد الرئيس الأسبق جاك شيراك، حيث كان وزيرا للخارجية (2002- 2004) قبل أن يصبح رئيسا للحكومة الفرنسية (2005 – 2007).

إنه «الديغولي الأخير» كما وصفه لي أستاذ جامعي فرنسي، الذي اشتهر بخطابه التاريخي الرهيب أمام مجلس الأمن الدولي في 14 فبراير/شباط 2003، وفيه أعلن فيه رفض باريس لقيام تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة لغزو العراق.

كان دو فيلبن، ومنذ الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة، واضحا وصريحا فمع أنه أدان ما أقدمت عليه هذه حركة «حماس» فجر السابع من أكتوبر العام الماضي إلا أن ذلك لم يمنعه من الإشارة في حديث لقناة «بي إف أم» الإخبارية الخاصة، الموغلة في تأييد إسرائيل، إلى «فخ النزعة الغربية، وتضاؤل رؤيتنا … نحن وإسرائيل، الرؤية الغربية التي ترفضها أغلبية المجتمع الدولي اليوم».

ويمضي شارحا بالقول إن هذه «النزعة الغربية هي الفكرة القائمة على أن الغرب، الذي أدار شؤون العالم لمدة خمسة قرون، سيكون قادراً على الاستمرار في القيام بذلك دون تغيير، وهو توجه نراه بوضوح، بما في ذلك في مناقشات الطبقة السياسية الفرنسية، التي تعتقد أننا يجب أن نواجه ما يحدث حاليا في الشرق الأوسط، بمواصلة القتال بصورة أكثر شدة، حتى أننا نتجه نحو ما يمكن وصفه بحرب دينية أو حرب الحضارات، مما يؤدي لأن نعزل أنفسنا بشكل أكبر على الساحة الدولية، وهذا منهج خاطئ».
لم يتردد دي فيلبن منذ البداية في إبراز فشل الغرب في منع ازدواجية المعايير في التعامل مع القانون الدولي
ولم يتردد دي فيلبن منذ البداية في إبراز فشل الغرب في منع ازدواجية المعايير في التعامل مع القانون الدولي قائلا «نحن نعاقب روسيا عندما تهاجم أوكرانيا، ونعاقب روسيا عندما لا تحترم قرارات الأمم المتحدة، ولكن وعلى مدى 70 عاما يتم التصويت على قرارات الأمم المتحدة، عبثا، ولم تحترمها إسرائيل».

ظل دي فيلبن وفيا لهذا المنطق، متحدثا دائما بأسلوب متدفق وجذاب، رغم كل ما تعرّض له من تشويه وشيطنة من الدوائر الفرنسية الموالية لإسرائيل. واصل الرجل مصارحة الرأي العام الفرنسي بما لا يحب سماعه، وبما لا يريد أو يتجرأ غيره أن يقوله، باستثناء بعض الشخصيات اليسارية وأشهرها طبعا جان لوك ميلنشون زعيم حركة «فرنسا الأبية».

ظل هذا المثقف الكبير وفيا للمدرسة الديغولية التي تكاد تنقرض في فرنسا، كما ظل الشخصية التي يقول ما يقوله دون طموح سياسي وبعيدا عن مناكفة غيره لحسابات انتخابية أو غيرها فهو في غنى عن كل ذلك.

مضى دي فيلبن في آرائه إلى النقد اللاذع لسياسة باريس تجاه ما يجري في المنطقة العربية والتي أضاعت بالكامل تقريبا ما كانت تتمتع به من تميّز سواء في عهد حكم اليمين أو اليسار في العقود الماضية، ففي مقابلة أخيرة له مع «إذاعة فرنسا الدولية» قال بأن «فرنسا لم يعد لها من صوت على الساحة الدولية وهذه فضيحة بالنسبة للديمقراطية. وكل ذلك باسم ماذا؟! آه إنها الحرب، هكذا !! (سقوط آلاف القتلى المدنيين) ولهذا نحن في أوج العبث (أو اللامعقول)».

يقول هذا الكلام في حين يقول رئيس وزراء فرنسي سابق مثله هو إيمانويل فال بأنه «إذا سقطت إسرائيل، سقطنا نحن».، هكذا بكل بساطة، في ما يستمر الإعلام الفرنسي بأكمله تقريبا في تبني الروايات الإسرائيلية ودعمها إلى درجة أن مجلة «الإكسبرس» على سبيل المثال لا الحصر، اختارت في الذكرى الأولى للسابع من أكتوبر أن يكون غلافها هذا الأسبوع تحت عنوان عريض «عام من اشتعال معاداة السامية»!!.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فرنسا فرنسا الاحتلال مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة تكنولوجيا صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

خالد الجندي يوضح الفرق بين الخيرية والأفضلية في القرآن الكريم

كشف الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، عن الفرق بين "الخيرية" و"الأفضلية" في القرآن الكريم، مشيرًا إلى أن كل منهما له مدلوله الخاص، حيث إن الأفضلية أمر نسبي يختلف بحسب السياق، بينما الخيرية مطلقة لا تتغير. 

وأشار عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، إلى أن قوله تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس" تعني أن هذه الأمة هي الأرقى والأكمل، حيث جاءت صيغة "خير" بصيغة التفضيل لكنها ليست على وزن "أفعل"، مما يدل على تميز هذه الأمة عن غيرها، أما في قوله: "وإني فضلتكم على العالمين" الذي خُص به بني إسرائيل، فإن هذه الأفضلية كانت مقيدة بزمن معين وبظروف معينة، وليست مطلقة. 

8 أم 20 ركعة؟.. طريقة صلاة التراويح في المنزلعلي جمعة يكشف مفاجأة: لو كان دارون صح لماذا لم يتحول قرد إلى إنسانهل صيام من لا يصلي باطل أم صحيح؟.. اعرف الحكم الشرعيتسبب العمى.. حركة في الصلاة حذر النبي من فعلها.. تجنبها في التراويح

وأكد  أن الأفضلية دائمًا تكون نسبية، فمثلًا يمكن القول إن الحديد أفضل من الخشب في الصلابة، لكن ليس في الكتابة، وكذلك الحلوى أفضل من الجبن في الطعم، إلا إذا فسدت، حينها تفقد أفضلية الطعم. وهكذا، فإن تفضيل الرجال على النساء في قوله: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض" لا يعني تفوق الرجل على المرأة مطلقًا، بل هو تفضيل في أدوار معينة، فإذا أدت المرأة دورها كانت الأفضل، وإذا أدى الرجل دوره كان الأفضل. 

وشدد على أن الأمة الإسلامية يجب أن تدرك معنى كونها "خير أمة" وتحرص على تحقيق هذا المعنى بالتمسك بالقيم والشرائع التي ترفع شأنها بين الأمم.

مقالات مشابهة

  • الرجال الذين لديهم حيوانات منوية ذات جودة عالية قد يعيشون أكثر من غيرهم
  • دراسة: النساء أكثر عرضة للألزهايمر من الرجال
  • الظلم الذكوري باسم الطاعة وبلبوس الشريعة
  • عدد حيواناتك المنوية يؤثر على طول عمرك
  • النساء أكثر عرضة للزهايمر من الرجال.. لماذا؟
  • خالد الجندي يوضح الفرق بين الخيرية والأفضلية في القرآن الكريم
  • الهلال يجهز عرضا لـ دومينيك سوبسلاي
  • الرجل السوداني البطل… والمرأة التي تدفع الثمن!
  • دراسة حديثة تؤكد: الفتاة يتحدثن أكثر من الرجال
  • لندن تنفي التوصل إلى اتفاق مع باريس بشأن هدنة في أوكرانيا