لعبة أمريكا و”نتنياهو” ارتكزت على أن أمريكا لا تريد توسيع الحرب ولا تريد حرباً إقليمية، فيما “نتنياهو” يريد الحرب الإقليمية كمخرج وهدف شخصي بل يريد جرّ وإجبار أمريكا على خوض حرب إقليمية معه أو من أجله..
في ربط هذه اللعبة بكل ما جرى ومازال فالأطراف الأخرى وثقل الاصطفاف المقابل إقليمياً وحتى عالمياً صدقوا أن أمريكا لا تريد توسيع الحرب وأن نتنياهو هو فقط من يريد الحرب الإقليمية بل ويسعى لجرّ أمريكا إليها أو إجبارها عليها.

.
أمريكا استعملت هذه اللعبة لتضغط على محور المقاومة ـ وبالذات إيران ـ لتمتنع عن الرد لأنها بذلك تخدم “نتنياهو” في مساعيه لحرب إقليمية..
أمريكا هي من خطط بل وكان المنفذ الأهم في هذه الفترة لكل جرائم الاغتيالات من إسماعيل هنية حتى القائد العظيم السيد حسن نصر الله غير قيادات أخرى من حزب الله بما في ذلك القائد الإيراني في قوة القدس الذي أستشهد مع السيد حسن نصر الله..
مسألة أن نتنياهو يريد حرباً إقليمية وأمريكا لا تريد ذلك مجرد لعبة لشراء الوقت وتسهيل التدمير والاغتيالات ومزيداً من الإبادة الجماعية لـ “نتنياهو”، ولو كنا نصدق ونؤمن بحقيقة أن أمريكا إسرائيلية وإن إسرائيل أمريكية ما كنا صدقنا هذه اللعبة الأمريكية أصلاً..
مع كل ثقتي بالجمهورية الإسلامية في إيران وتقديري لدورها الاستثنائي في دعم المقاومة ومحور المقاومة فإني أرى أن الرد الإيراني الأخير تأخر بعض الشيء، وبين أهم أسباب التأخير تصديق هذه اللعبة وبقدر مؤثر..
يعنينا في محور المقاومة مواجهة أنفسنا بكل ما يمكن أن يؤثر سلباً بأي قدر على خطانا وخطواتنا وبالذات في الأوقات شديدة الحساسية والتأثير..
كمواطن يمني فإني ما ظليت على قيد الحياة أظل الممتن للشهيد الكبير والعظيم حسن نصر الله لأنه كان الصوت الأقوى والأعلى في الدفاع عن اليمن في ظل العدوان وفي ظل تكالب عربي ضد اليمن لم نر أي شيئاً منه في المواجهة مع الكيان الصهيوني، بل أن من تكالب ضد اليمن هو من بين من شاركوا وتواطؤا مع الكيان في حربه وإبادته للشعب الفلسطيني وامتداده إلى لبنان..
في حياتي لم أحزن على أحد كما حزني على استشهاد القائد العربي الإسلامي السيد حسن نصر الله، ولعل تركيزي على اللعبة الأمريكية لأن أمريكا من خلال تفعيلها ومفاعيلها هي من اغتالت هذا القائد وهذا يتناقض مع ما ظلت تطرحه عن كونها لا تريد توسيع الحرب، فاستهداف هذا القائد باغتياله أمريكياً هو الحرب الإقليمية بعينها..
ربما كنت أتمنى ـ ولازلت ـ أن لا نفقد هذا القائد العظيم في هذا الوقت وأربط هذا الحدث باللعبة الأمريكية، ومع ذلك فإننا نؤمن بإرادة الله وقضائه، والله أراده بين الشهداء الخالدين والأسباب عادة ما تكون في سياق الإرادة الإلهية..
ثقتي بإيران كثقل لمحور المقاومة أكبر وأقوى من أن يهزها أو يزعزعها مواويل وممولون، والإعلام العبري الناطق بالعربي هو المواجهة، وبالتالي فتركيزي هو على مدى ربط استشهاد السيد حسن نصر الله باللعبة الأمريكية فيما كل عملاء الأمركة والصهينة من العرب ليسوا في حساباتي ولا قيمة لهم ولا وزن في وعيي وتفكيري..
تركيزي في هذا الربط هو في إطار الأسباب، كما أنه يظل يعنينا أن نستفيد ونتعلم من تجاربنا ومع أمريكا تحديداً التي هي أساس كل إجرام وكل إرهاب في هذا العالم..
بعد كل ذلك أقول إن الرد الإيراني كان قوياً ومزلزلاً وأعاد الكيان الصهيوني إلى حجمه وهو بمثابة رسالة لأمريكا مؤداها “إذا أردتم حرباً إقليمية فنحن لها حتى لو تدحرجت إلى عالمية فلسنا من يكترث”..
إذا الكيان سار إلى رد على إيران كما يهدد ويتوعد فسيكون الرد على الرد أقوى وأقسى، ولنا أن نسأل أمريكا : إذا لم يكن هذا ـ إن حدث ـ هو الحرب الإقليمية فما هي الحرب الإقليمية؟..
إصرار أمريكا على استمرار استعمارها للمنطقة والانفراد بها والهيمنة عليها هو ما يجعل الحرب الإقليمية وحتى العالمية حتمية وكل ألعابها للالتفاف على هذه الحقيقة واستحقاقاتها في واقع المنطقة وواقع العالم ـ كل ألعابها ـ تجاوزها واقع المنطقة وواقع العالم بما في ذلك هذا الاستعمال العبثي و”العبيط” لنتنياهو..
ما الذي تتركه أمريكا من خيارات أكان للمقاومة ولمحور المقاومة أو حتى لقوى عظمى ودولية لها مصالح في المنطقة، وهل من مخرج غير الحرب الإقليمية أو حتى العالمية خاصة ونحن لم نعد في زمن “سايكس بيكو”، ولم يعد متاحاً ولا ممكناً التكرار في “سايكس بيكو”، وذلك ما كان طرحه الكاتب والمفكر محمد حسنين هيكل؟!!.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

سخرية وحزن في إسرائيل من وعد نتنياهو بالنصر المطلق في غزة

القدس المحتلةـ غابت "نشوة" النصر المطلق المزعوم، الذي وعد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طوال فترة الحرب على قطاع غزة، وتصدرت مشاهد الغضب والحزن لدى الإسرائيليين، وذلك مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وهو ما يؤكد الإجماع الإسرائيلي على الفشل في تحقيق أهداف الحرب المعلنة.

وتجلى هذا الإجماع في حجم الخسائر التي تكبدها جيش الاحتلال في شمال القطاع، وهو ما يؤكد أن فصائل المقاومة ما زالت تتمتع بمزايا عسكرية ولديها قدرات وترسانة لخوض مواجهة مستقبلية مع إسرائيل، ويعكس فشل تل أبيب في القضاء على مقدرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العسكرية، وكذلك المقدرات السلطوية للحركة في الحكم بغزة.

واستند هذا الإجماع إلى الاعتراف الإسرائيلي بأنه في مناطق شمال القطاع كافة، حيث كانت القوات الإسرائيلية تخوض المعارك مع المقاومة، وتروج القيادات العسكرية أنها نجحت في القضاء على مقاتلي حماس، وكانت قوات حماس تعود للمناطق التي ينسحب منها جيش الاحتلال.

وتتوافق قراءات المحللين والباحثين فيما بينها على أن الإخفاق في تحقيق أهداف الحرب يعكس الفشل السياسي للحكومة، وكذلك الإخفاق العسكري للجيش، وهو الفشل الذي يفتح الباب لمراجعات، وسط وجهات نظر نقدية تسلط الضوء على مسألة الإخفاق العسكري في الحرب والسخرية مما أطلقه نتنياهو "النصر المطلق"، الذي اعتبرته بعض القراءات والتقديرات بـ"الهزيمة".

جيش الاحتلال أخفق في السيطرة على شمال غزة (الجزيرة) خسائر فادحة

وقال الباحث بالشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، إن إسرائيل لم تحقق أيا من الأهداف المعلنة للحرب، وذلك على الرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة في قطاع غزة.

إعلان

واستعرض شلحت -في حديث للجزيرة نت- طبيعة الخسائر للأهداف المعلنة، ولعل أبرزها إطلاق سراح "الرهائن" الذي لم يكن ذات أولوية بالمرحلة الأولى، وتحول إلى سلم الأولويات بإنجازه من خلال الترويج لمزيد من الضغط العسكري لتحقيقه، لكن في نهاية المطاف لم يتحرر أحد من "المختطفين" إلا من خلال اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة التبادل.

ولفت الباحث بالشأن الإسرائيلي إلى أن الهدف الأبرز الذي روجت له إسرائيل، طوال فترة الحرب، هو القضاء على حركة حماس عسكريا وسياسيا، قائلا إنه "لربما دمرت إسرائيل جزءا من ترسانة المقاومة، لكنها فشلت في القضاء على مقدراتها العسكرية، خاصة أن مقاتلي حماس وقبيل أسابيع من الاتفاق كبّدوا الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة بالقوات والمعدات".

جيش الاحتلال لم يستطع القضاء على المقاومة (الجزيرة) غياب الحسم

ويوضح شلحت أن جيش الاحتلال أخفق أيضا في تحقيق الهدف الأساس بألا يشكل قطاع غزة تهديدا أمنيا لإسرائيل في اليوم التالي للحرب، الأمر الذي يشير إلى أنه لا يوجد لتل أبيب أي خطة بعد انتهاء الحرب.

ولفت إلى أن ما تطرحه إسرائيل بهذا الصدد يتلخص في عدم الموافقة على أن تكون حماس جزءا من السلطة في القطاع، وهو الطرح الذي يتعارض مع الخطط الإقليمية والدولية كافة، التي ترى حماس جزءا لا يتجزأ من إدارة السلطة والحكم في غزة في اليوم التالي للحرب.

صالح لطفي: المقاومة بقيت صامدة في غزة وحظيت بحاضنة شعبية غير مسبوقة (الجزيرة) المظلومية التاريخية

ويرى المحلل السياسي والباحث بالمجتمع الإسرائيلي صالح لطفي أن الإجماع بتل أبيب بعدم تحقيق أهداف الحرب هو نتائج للتركيبة المجتمعية والسياسية والحزبية والدينية في إسرائيل، وهي التركيبة التي أخذت تتبلور بعد الانتفاضة الثانية، إذ كانت بوصلة المجتمع الإسرائيلي بجميع مكوناته التوجه نحو اليمين والفاشية.

إعلان

وعزا لطفي -في حديث للجزيرة نت- الإجماع على عدم تحقيق أهداف الحرب إلى 3 معضلات يعاني منها المجتمع الإسرائيلي، وهي الشك والريبة والهواجس، وكذلك الموروث التاريخي ما قبل قيام إسرائيل، والمتلخص في ظاهرة المظلومية التي ترافقهم في ضوء ما حدث معهم في أوروبا، إضافة للمعضلة الثالثة وهي نكبة الشعب الفلسطيني التي ما زالت تلاحقهم.

ويعتقد الباحث بالمجتمع الإسرائيلي أن معركة طوفان الأقصى كسرت المظلومية التاريخية على مستوى الشعوب والأنظمة على مستوى العالم، إذ بقيت مجموعات صغيرة بالمجتمع الغربي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني ما زالت تتبنى جوهر المظلومية التاريخية للإسرائيليين.

نشاط قوات من لواء "الناحال" في بيت حانون بقطاع غزة (الجزيرة) حالة وجودية

وتعليقا على معاني ودلالات الإجماع الإسرائيلي بعدم تحقيق أهداف الحرب، أوضح لطفي أن ذلك يعود بالأساس إلى حالة الريبة وفقدان المظلومية لدى الإسرائيليين، الذين باتوا يتساءلون "ماذا بعد؟"، وهو السؤال الذي يعكس الحالة الوجودية، وذلك خلافا للفلسطينيين في قطاع غزة الذين فقدوا كل شيء، لكنهم يصرون على العودة لأرضهم ومنازلهم المدمرة، وهي مشاهد ترهب المجتمع الإسرائيلي.

ويعتقد أن هذه المشاهد والمشاعر، التي تحمل في طياتها وجوهرها أبعادا أخلاقية ووجودية، تدلل على تشكل أول حالة انكسار بالمجتمع الإسرائيلي الذي ما عاد قويا، وما عاد قادرا على تحمل مزيد من تداعيات الصراع، كما يظهر أن الحكومة الإسرائيلية ما عادت قوية، إذ أثبتت الأحداث أن إسرائيل تعتمد على الدعم الأميركي والغربي.

وفي قراءة لخسائر إسرائيل من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، يشير لطفي إلى أن حكومة نتنياهو قبلت اليوم ما رفضته في خطة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، في مايو/أيار 2024، إذ كانت راهنت على عامل الوقت من أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية وكسر شوكتها، لكن المقاومة بقيت صامدة في غزة وحظيت بحاضنة شعبية غير مسبوقة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • بتكرار عبارة “لستم وحدكم”.. السيد القائد يثبت معادلة الإسناد المتواصل لفلسطين
  • نتنياهو يكشف: استهداف نصر الله كاد يفشل لو أُبلغت واشنطن مسبقًا!
  • صنعاء تحيي الذكرى السنوية للشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي
  • أخيرًا.. نتنياهو يجثو على ركبتيه!
  • استشهاد الشهيد القائد السيد حسين: إرثٌ من التضحية والعزة
  • سخرية وحزن في إسرائيل من وعد نتنياهو بالنصر المطلق في غزة
  • رئيس يشغل العالم.. "ترامب 2025" عاصفة التغيير ومستقبل أمريكا.. السياسة الخارجية الأمريكية تواجه تحديات المشروع النووي الإيراني.. وتعهدات بإنهاء الحرب في أوكرانيا وحل النزاعات الإقليمية
  • السيد القائد: حزب الله قدم تضحيات عظيمة من قادته وكوادره وأفراده المجاهدين وبشكل غير مسبوق
  • السيد عبدالملك الحوثي: هذه الجولة من المواجهة علامة فارقة في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي
  • السيد القائد يبارك للشعب الفلسطيني ومجاهديه الانتصار العظيم