إلى الشعب اللبناني الأبي وإلى أحرار حزب الله وكافة أحرار المقاومة في كل مكان:
بقلوب ملؤها الحزن والأسى، نتقدم بأحر التعازي والمواساة في رحيل القائد العظيم، الشهيد السيد حسن نصر الله، الذي نال وسام الشهادة بعد عقود من النضال الجاد حيث كان هذا القائد الفذ رمزاً للمقاومة وعلماً من أعلام التحرر.
لقد كتب السيد حسن نصر الله، بدمائه الطاهرة أروع صفحات التاريخ، حيث واجه قوى الاستكبار والظلم بشجاعة نادرة.

بقيادته الحكيمة، تمكنت المقاومة من تحقيق انتصارات باهرة على الكيان الصهيوني، وألحقت به هزائم نكراء لم يشهد لها مثيلاً.. إن عطاءه وتضحياته ستبقى محفورة في ذاكرة الأمة، ودماؤه المقدسة ستظل لعنة تطارد الكيان الصهيوني حتى اقتلاعه بإذن الله.
إن رحيل القائد السيد حسن نصر الله يمثل خسارة فادحة للأمة الإسلامية وللكفاح من أجل التحرر والعدالة، لقد كان صوت الحق، الذي يصدح في وجه الباطل، ويعبر عن آلام ومعاناة الشعب الفلسطيني وكل المقهورين في العالم، كان رمزاً للأمل في زمن اليأس، ومثالاً يحتذى في الإخلاص والتضحية.
ليست خيبة أمل نشعر بها ، بل إننا نشعر أيضاً بالفخر والاعتزاز بما حققه هذا القائد في مسيرته النضالية. فقد قاد المقاومة إلى أسمى درجات النصر، وألهم الملايين بالسعي نحو الحرية والكرامة.. إن تعاليمه وقيمه ستستمر في إلهام الأجيال القادمة، وستظل مبادئه نوراً يضيء طريق المقاومة.
لن ننسى كلماته التي كانت تحث على الصمود والثبات، ولن ننسى كيف كان يقف دائماً إلى جانب المظلومين، متجهاً نحو الحق رغم كل التحديات، لقد كان القائد الذي يجسد معاني الشجاعة والإرادة الصلبة، ولم يكن يتردد في مواجهة الصعوبات، بل كان يراها فرصاً لتعزيز المقاومة.
إننا في هذا الوقت العصيب، نتذكر أن الشهداء هم أحياء عند ربهم يرزقون، وأنهم حققوا ما عجز عن تحقيق الكثيرون.. إن روح الشهيد السيد حسن نصر الله ستبقى حاضرة في قلوبنا، وستستمر خطواتنا نحو الحق، ولن نسمح لذكراه أن تندثر بل سنواصل مسيرته الغراء.
ندعو الله أن يسكنه فسيح جناته، وأن يرزق أهله وذويه الصبر والسلوان، كما نسأله تعالى أن يعيننا على مواصلة الطريق الذي رسمه لنا، وأن يوفقنا لتحقيق الأهداف التي لطالما ناضل من أجلها.
يا أحرار العالم، لنستمر في المقاومة حتى نحقق النصر الحقيقي، ولنكن جميعاً على قدر المسؤولية التي وضعها الشهيد في أعناقنا، فلنحافظ على وصاياه، ولنجعل من ذكراه دافعاً لمزيد من البذل والعطاء.
ومن أعظم ما ورَّثه الشهيد القائد من إنجازات» عظيمة» والتي أولها تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي في عام 2000م، وهو إنجاز تاريخي، وما قدمه في حرب تموز بقيادته الحكيمة خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في صيف 2006م، حيث تمكنت المقاومة من صد العدوان وتحقيق انتصارات استراتيجية، مما عزز مكانتها في العالم العربي.
وما أبرزه من دور قام به في توحيد قوى المقاومة في المنطقة ودعمه لحركات المقاومة الفلسطينية والعراقية، حيث ساهم في تعزيز الجبهة ضد الاحتلال والظلم بجهوده الواسعة والارتقاء بقدرات المقاومة -عسكرياً وتقنيا – بما في ذلك تطوير الصواريخ والطائرات بدون طيار، مما جعلها قوة رادعة في مواجهة التحديات، وقدرته على إلهام الجماهير من خلال خطاباته القوية التي تعزز من روح المقاومة والصمود وتحفز الشعب على التمسك بحقوقه.
وما قدمه هذا القائد من جهود لتعزيز العلاقات مع الدول الصديقة والشقيقة وحشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، وكذا إسهامه في نشر ثقافة المقاومة والصمود في أوساط الشباب والأجيال الجديدة وتعزيز الهوية الوطنية والقومية.
تغمد الله فقيد الأمة بواسع رحمته وأدخله فسيح جناته وألهم الأمتين العربية والإسلامية وأسرة الشهيد القائد السيد حسن نصر الله الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

السيد عبدالملك ومشروع استنهاض الأمّة في زمن الغفلة

محمد الجوهري

إنّ المشروع القرآني بقيادة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي – حفظه الله – يمثل اليوم آخر فرصةٍ حقيقيةٍ للأمة العربية كي تنهض من كبوتها، وتكون في مستوى المسؤولية التي حمّلها الله إيّاها، وتستعيد مكانتها التي أرادها الله لها: ﴿كُنتُم خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران: 110].

فمن يتأمل في خطابات السيد القائد ومواقفه، يلاحظ أنّها تصبّ في هذا الاتجاه: استنهاض الأمة لمعرفة مسؤوليتها أمام الله، وخروجها من حالة الغفلة والفرقة والشتات، التي لا يخدم استمرارها سوى أعداء هذه الأمة. فما نراه من إجرام صريح وعدوان مستمر في فلسطين، ولا سيما في غزة، هو نتيجة مباشرة لتفريط الأمة وتقصيرها في الاستجابة لنداء الحق. وقد صدق الله إذ قال: ﴿وَمَن أعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشةً ضَنكًا﴾ [طه: 124]. فما تعانيه الأمة اليوم من ذلّ وهوان، إنما هو من نتائج الإعراض عن الذكر، وعن المذكرين به.

إنّ السيد القائد، في تذكيره المتكرر، لم يدّخر جهدًا في دعوة الأمة إلى العودة لله، والجهاد في سبيله، والتوحد تحت راية القرآن. وهو على هذه الحال منذ أكثر من عقدين، حتى قبل العدوان السعودي-الإماراتي، وقبل الحروب الست الظالمة على صعدة. وقد كان دائم الدعوة للوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية، لا سيما خلال العدوان على غزة في ديسمبر 2008، حيث شدد في خطاباته آنذاك على أن واجب الأمة نصرة المستضعفين لا يسقط بالتقادم أو الظروف.

ويكفي للتدليل على عمق هذه الرسالة وصدقها أن خطابات السيد لا تخلو أسبوعيًا من التذكير بهذه القضايا، كما قال تعالى في وصف الأنبياء: ﴿فَذَكِّر إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ﴾ [الغاشية: 21]. وهذه الوظيفة النبوية سار عليها السيد عبدالملك، حيث يتخذ من التذكير منهجًا مستمرًا، في زمن عزَّ فيه صوت الحق.

لقد أقام السيد القائد الحجة على الأمة، حتى باتت دعوته تذكّر بما واجهه نبي الله نوح عليه السلام، الذي ظل في قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، يدعوهم إلى الله، ولم يؤمن معه إلا قليل. يقول الله: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَارًا ﴾ [نوح: 5].
ومع هذا، فإن كثيرًا من الناس لم يروا في دعوة السيد إلا بحثًا عن سلطة أو حكم، تمامًا كما قال قوم الأنبياء من قبل: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ﴾ [المؤمنون: 24]، وكأنّ سنة الله في خلقه لا تتغير، سواء في حال المؤمنين أو المعاندين.

إن سنن الله تعالى في عباده لا تتبدل، فإن لم يستجيبوا للتذكير، فالبديل هو العقوبة. كما قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [الإسراء: 15]. وقد بُعث في هذه الأمة من يذكّر، ويُقيم الحجة، فلا عذر لأحد بعد ذلك.
بل إنّ كثيرًا من العرب اليوم قد تجاوزوا في طغيانهم ما كانت عليه بعض الأقوام السابقة، إذ ارتكبوا من الظلم والفساد ما لو قُورن بما ارتكبه قوم لوط أو عاد أو ثمود، لفاقهم في الجرأة والاستخفاف بدين الله وشرعه.

إن دعوة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي هي امتداد لخط الأنبياء، وهي من آخر المنارات التي تضيء في زمن الظلمات. وإنّ تجاهل هذه الدعوة لا يجلب إلا مزيدًا من الويلات، كما هو شأن من سبقنا من الأقوام الذين كذبوا المرسلين. فالعاقبة لمن استجاب، والهلاك لمن أعرض، وعلينا ألا ننسى أن العقوبات الإلهية أسوأ بكثير من أي نتائج قد تصيبنا إذا انطلقنا للجهاد في سبيل الله، وقد تأتي أيام على الأمة يتمنون فيها الموت على يد اليهود لا على يد بعضهم بعضاً، فالمخطط الصهيوني للأمة أن تدخل في موجة من الاقتتال الطائفي والمذهبي يذهب ضحيته الجميع، حتى أولئك الخونة من المطبعين، والواقع يشهد بخطورة التقصير والإعراض، وبعظمة الجهاد في سبيل الله، وكيف أن الشعب اليمني اليوم يسود على سائر الشعوب بفضل الاستجابة لله ولوليه، السيد عبدالملك حفظه الله.

مقالات مشابهة

  • الرئيس اللبناني: الجيش يقوم بمهامه كاملة في الجنوب
  • عبد الله بن زايد يبحث مع وزير الثقافة اللبناني التعاون الثقافي
  • السيد عبدالملك ومشروع استنهاض الأمّة في زمن الغفلة
  • أشهر مشجعي الأهلي.. بدء تلقي العزاء في أمح الدولي بمدينة السلام
  • موعد ومكان عزاء أمح الدولي مشجع الأهلي الشهير.. تفاصيل
  • حماس: “الحرب الشاملة محاولة إسرائيلية يائسة لكسر المقاومة الفلسطينية
  • حماس: الاحتلال يُحاول يائسا كسر المقاومة الفلسطينية
  • البشري يتفقد أنشطة الدورة الصيفية بمركز الشهيد القائد في مديرية الميناء بالحديدة
  • وزير العدل: سلاح حزب الله لم يحمِ الشعب اللبناني!
  • فعالية ثقافية في الصافية بالذكرى السنوية للصرخة