غالبًا ما تستحضر كلمة رومانسية في ذهنك، صورة قلب وورود حمراء مع عبوة فاخرة من الشوكولاتة على شكل قلب، أو إيماءات درامية، أو مشهد من آخر خمس دقائق من الأفلام الكلاسيكية القديمة، وللأسف إن جوهر الرومانسية قد تم تقطيره إلى مجرد نوع، أو مثال تجاري، ولكن يظل تعريف الرومانسية، مثل الحب نفسه، متعدّد الأوجه وغنياً وذا قيمة، ويتجاوز ارتباطاته الشائعة بالمغازلة والعاطفة والصور الهادئة.
قبل طرح التعريف تاريخيًا، يعود أصل مصطلح الرومانسية للعصور الوسطى، حيث كان يشير المصطلح في الأصل إلى الأعمال المكتوبة باللغات العامية في أوروبا، خاصة تلك التي تحكي قصص الفروسية والمغامرة، ولم تركز هذه القصص، التي غالبًاً ما تكون ملحمية في نطاقها، على الحب فحسب، بل على البطولة والمعضلات الأخلاقية والحالة الإنسانية آنذاك، وبمرور الوقت، ضاق المصطلح لوصف السرديات، التي تركز حول الحب والصلة العاطفية لتصبح مرادفة لنوع معين من القصص، كقصة تعد برحلة تصل تعقيدات القلب البشري، فارتبطت معظم قصص الرومانسية بالألم والمعاناة، ولكن الرومانسية كمفهوم، تمتد إلى ما هو أبعد من صفحات الروايات ونصوص الأفلام، فهي تشمل الطرق العديدة التي يعبر بها الأفراد عن الحب والعاطفة، والإيماءات التي تدل على الرعاية والعمل العاطفي المبذول في بناء الروابط، والحفاظ عليها مع الطرف الآخر، وهي تتجلَّى في النظرات الواعية للأمور، والتفاهم المشترك بين الشريكين، وراحة الصمت بينهما لا القلق، والاحترام المتبادل والتفاهم الذي يميز العلاقات العميقة ذات المعنى بين الرجل والمرأة، وعلى هذا، فإن الرومانسية، لا تقتصر على التصريحات الدرامية بالحب، بل إنها غالباً ما تكون أكثر عمقاً في اللحظات الهادئة من الحياة اليومية، فإدراك الرومانسية، والتعبير عنها، متنوعان بقدر تنوع البشرية ذاتها، فلكل ثقافة ومجتمع تقاليد وطقوس ومعايير فريدة تشكِّل معنى الرومانسية بالنسبة لهم، ويضيف هذا البعد الثقافي طبقات إلى مفهوم الرومانسية، ويذكرنا بأن ما يعتبر رومانسيًا في سياق ما، قد لا يحمل نفس المعنى في سياق آخر، أو مكان أخر، ويسلِّط هذا التنوع، الضوء على أهمية التواصل والتعاطف والانفتاح في الإبحار في مياه العلاقات الرومانسية، ممّا يجعلها مصدرًا للنمو.
اليوم، وفي الخطاب المعاصر، تطور مفهوم الرومانسية بشكل أكبر ليشمل طيفًا أوسع من العلاقات، حيث أدّى الاعتراف المختلف بالتعبير عن الحب والحرية، إلى توسع مساحة السرد لقصص الحب والتواصل نفسه، ما شكَّل تحدّيًا للمفاهيم التقليدية للرومانسية التي كانت قديماً تصور جواباً مكتوباً بخط اليد مع وردة من الحبيب له مدلول نفسي عميق بقلب المرأة، لكن التطور والشمول الذي يراه البعض الأن أنه يثري المفهوم، يرون أنه يقدم وجهات نظر، ورؤى جديدة حول الطرق التي يختبر بها البشربعضهم البعض، بأنهم يحبونهم، ويرغبون في تشكيل روابط مشتركة بينهم.
ستظل الرومانسية هي فسيفساء متغيرة باستمرار من المشاعر الإنسانية، والتعبير الثقافي، والأهمية الشخصية، فهي نوع سردي يأسر الخيال بحكايات الحب والمغامرة، وظاهرة حقيقية تشمل الأفعال الصغيرة المهمة التي تنسج نسيج علاقاتنا، ويتطلب فهم الرومانسية، أن ننظر إلى ما هو أبعد من القشرة التجارية والتصوير النمطي لها، ممّا يدعونا لاستكشاف عمق واتساع الاتصال البشري، مع استمرارنا في إعادة تعريف وإعادة اكتشاف الرومانسية، التي ستظل شهادة على تعقيد وتنوُّع وجمال المشاعر والعلاقات الإنسانية.
NevenAbbass@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
أعطى الحب بسخاء ودون مقابل.. رسالة وداع من مفيدة شيحة لـ أمح الدولي
نعت الإعلامية مفيدة شيحة، مشجع النادي الأهلي الشهير "أمح الدولي"، مشيرة إلى أنه يعد من أكثر الشخصيات شعبية ومحبة داخل أوساط جماهير النادي.
أضافت مفيدة شيحة، خلال تقديمها برنامج "الستات" المذاع عبر قناة "النهار" الفضائية، مساء اليوم الإثنين، أن أمح الدولي كان من أقوى وأشهر مشجعي الأهلي، وكان يتمتع بشعبية جارفة بين أصدقائه والمقربين منه، نظرًا لخفة دمه وروحه الطيبة، ورغم إعاقته الجسدية، تمكن من أن يكون رمزًا للمحبة والبهجة أينما ذهب".
وتابعت مفيدة شيحة، أن شخصيته التلقائية وعفويته الطبيعية كانت تلمس قلوب الجميع دون استثناء، وعشق أمح للأهلي تجاوز حدود التشجيع التقليدي ليصبح جزءًا أصيلًا من حياته اليومية.
وأضافت مفيدة شيحة، أن "ملايين من مشجعي الأهلي كانوا يحبون أمح الدولي، وهذه المحبة لم تأتِ من فراغ، بل كانت انعكاسًا لشخصيته الصافية وولائه النادر.
وأشارت مفيدة إلى أن إدارة النادي الأهلي كانت حريصة على تكريم "أمح الدولي" وتقدير حبه للنادي بطريقة لافتة، حيث وضعت صورته ضمن البوستر الدعائي الرسمي للنادي، إلى جانب كبار نجومه، وهو ما يعبر عن احترام متبادل وحب صادق.
لفتت مفيدة شيحة إلى أن وضع صورة "أمح الدولي" بجانب عمالقة النادي الأهلي في الحملات الدعائية هو رسالة واضحة من إدارة النادي لكل محبيه، مفادها أن الوفاء والانتماء لا يقاسان بالمناصب أو الألقاب، بل بالمحبة الخالصة.
وقالت: “أمح الدولي ما كانش مجرد مشجع، أمح كان قصة حب نقية للنادي الأهلي، وكان بيحضر كل الفعاليات والمباريات ويفرح بانتصارات النادي كأنه أحد لاعبيه”.
وأكدت أن حب "أمح" للأهلي لم يكن حبًا عابرًا، بل كان تجسيدًا لروح الانتماء الحقيقي، داعية جمهور النادي إلى تخليد ذكراه وتعلم معاني الإخلاص والانتماء من قصته.
واختتمت مفيدة شيحة حديثها برسالة وداع مؤثرة، قائلة: “وداعًا أمح الدولي، كنت وستظل رمزًا للحب الصافي والانتماء النقي، ذكراك ستبقى خالدة في قلوب كل من عرفوك وأحبوك، كنت ضحكة صافية وقلبًا أبيض لا يعرف سوى الحب”.
ودعت مفيدة الجميع إلى الدعاء له بالرحمة والمغفرة، مؤكدة أن خسارة "أمح" ليست فقط خسارة للنادي الأهلي بل لكل من عرف هذا القلب الطيب الذي أعطى الحب بسخاء ودون انتظار مقا