الذكاء الاصطناعي بين الحاجة والمسئولية الأخلاقية
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
إذا كان العالم بأكمله توقف طويلاً أمام قضية تفجير أجهزة “البيجر” في لبنان، مؤخراً، والتي راح ضحيتها قرابة ثلاثة ألف شخص لأنهم فقط كانوا يحملون هذا الجهاز وربما إلى الآن ما يزال هناك الكثيرين مصدومين مما حدث ولم يستوعبوا حتى الآن ما يعني تفجير أجهزة يدوية مصنوعة من فترة، لكن هذا التوقف “يفترض” أنه يؤكد مخاوف وقلق لدى صناع القرار في العالم من عدم القدرة على السيطرة في استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات العسكرية خاصة حيث يتصدر هذا المجال التقني الحروب بين الدول ويتسبب في إطالة أمدها.
التخوف والقلق من انفلات استخدام الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على المجالات العسكرية فقط، بل يشمل حتى المجال الطبي والبحثي وغيرها من المجالات.
التوقف في حادثة “البيجر” لم يكن فقط في نتائج الحادثة وعدد الضحايا التي لم يكن يتخيلها أحد وإنما هناك أكثر من جانب.
الجانب الأول: المرحلة التي وصلها العالم في مسائل التحكم عن بعد لهذا النوع من الأسلحة بخلاف مرحلة الجاسوسية التي وصل إليها الموساد الإسرائيلي مفجر “البيجر” وهو بلا شك من مخرجات التكنولوجيا الحديثة التي يمثل أساس الذكاء الاصطناعي.
أما الجانب الثاني في هذا التوقف: تغير مفهوم الحفاظ على السيادة الوطنية للدولة وسيادتها من الاختراقات الخارجية فلم يعد الاختراق يتم بالطريقة التقليدية عن طريق البشر أو بالأصح “العملاء والجواسيس” بل قد يتم من خلال الممتلكات الأكثر آماناً للدولة نفسها كما حصل من عملية “البيجر”، فمن كان يتصور اختراق أجهزة البيجر لدى مسئولين أمنيين وهي أجهزة تم صناعتها بحذر شديد من قبل قادة حزب الله وهم يدركون أنهم مستهدفون.
وبما أن الموضوع بهذه الحالة من الأهمية والخطورة في العالم فهو يثير قضية استراتيجية مهمة وهي أهمية “توطين” هذه الصناعة لأنها متعلقة بالأمن الوطني للدول مع أنه لم يعد هناك شيئاً لا يدخل فيه الأمن الوطني ولا ينبغي الاتكال بشكل كامل على الخارج، فالموضوع هنا ينبه إلى أهمية الدول في التركيز على الصناعة وخاصة العسكرية منها. كما يثير أهمية التحرك الدولي من أجل تقنين استخدام تلك التقنيات لأنها لديها قدرة تدميرية خطيرة على البشرية والكون وأن يأتي هذا التحرك بشكل خاص من الدول الكبرى التي سجلت تقدماً كبيرا في هذا المجال، بل وتتنافس عليه.
الذكاء الاصطناعي اليوم هو حديث العالم كله لأنه يدخل في التفاصيل اليومية لحياتنا. والذكاء الاصطناعي اليوم أحد المؤشرات التنموية لتقدم الدول في مجال التأثير والقوة وبما أنه من السهل تصنيعه وبالتالي استخدامه فإن الحاجة للتحرك الدولي ضرورة كبيرة.
الإمارات واحدة من الدول التي انتبهت مبكراً لأهمية الذكاء الاصطناعي وخطورته وعملت على التركيز في هذا المجال للاستفادة منه وبذلت جهدا كبيراً في توطينها وللحفاظ على أمنها الوطني وفق الاستراتيجية الإماراتية المعروفة “الاستباقية” فهي اليوم واحدة من الدولة التي ينظر لها بإعجاب والتقدير في هذا المجال.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
واجب حيوي وخطير .. أبو العينين يطالب بخطوات استباقية لمواكبة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجي
• أبو العينين يدعو لوضع استراتيجية عربية لمواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي
• أبو العينين يطالب بخارطة طريق عربية لاستخدامات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا
• أبو العينين: التطورات تحتم علينا التحرك العاجل لوضع رؤية واضحة لمستقبل الذكاء الاصطناعي
• واجب حيوي وخطير .. أبوالعينين يطالب بخطوات استقبالية لمواكبة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجي
• أبو العينين : الشباب العربي أصبح أكثر وعيًا باستثمار قدراته في المجالات التكنولوجية
أكد النائب محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب، أهمية الذكاء الاصطناعي وما أحدثته التكنولوجيا من تطور كبير، محذرًا من التحديات الكبرى التي تواجه استخداماته، والتي تتطلب تضافر الجهود العربية لوضع استراتيجية تضمن الاستخدام الأمثل لهذه التقنيات.
جاء ذلك خلال أعمال دائرة الحوار العربي للذكاء الاصطناعي، التي نظمتها جامعة الدول العربية تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي في العالم العربي: تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية »، برئاسة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وبحضور الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومحمد أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، والدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، والدكتور عبد المجيد بن عبد الله، رئيس جامعة نايف للعلوم الأمنية.
وقال النائب محمد أبو العينين: « ما شاهدناه خلال الفترة الأخيرة من استخدامات خطيرة للذكاء الاصطناعي في مجالات التسليح وعمليات الاغتيال عن بُعد، والتي تابعناها في منطقتنا، يحتم علينا التحرك العاجل لوضع رؤية واضحة لمستقبل الذكاء الاصطناعي»، معتبرًا أن ذلك «واجب حيوي وخطير» يستلزم الإسراع في اتخاذ خطوات استباقية لمواكبة التطور، ووضع ضوابط لاستخداماته.
وطالب وكيل مجلس النواب المصري مائدة الحوار العربية بضرورة وضع استراتيجية عربية متكاملة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي، تشمل سياسات وتشريعات وممارسات واقعية، مشددًا على أهمية البدء بمناقشة التحديات التي تعيق تحقيق هذه الاستراتيجية، لضمان تحقيق أقصى استفادة منها لخدمة المنطقة العربية.
وشدد على ضرورة أن تستفيد الدول العربية من دروس الثورات الصناعية السابقة، والتي لم تتمكن خلالها من امتلاك مفاتيح التكنولوجيا، بل اكتفت باستيرادها حتى اليوم. وأكد أنه "آن الأوان لأن تستثمر الدول العربية في قدراتها العقلية والعلمية لتحقيق نهضة تكنولوجية وصناعية وفكرية كبرى".
وأشار إلى أن الشباب العربي أصبح أكثر وعيًا بأهمية استثمار قدراته في المجالات التكنولوجية، ويسعى لاستكشاف آفاق جديدة نحو المستقبل، مما يستدعي وضع استراتيجية واضحة لبناء مستقبل هذه الصناعة التكنولوجية الحيوية.
وجدد التأكيد على أهمية وضع خارطة طريق لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في الدول العربية، في ظل ما تمتلكه المنطقة من إمكانيات قادرة على تطوير تطبيقات وتكنولوجيا تعبر عن احتياجاتها، خاصة مع تصاعد المخاطر المرتبطة بالأسلحة التكنولوجية.