الحقيقة الغائبة فى صفقة رأس الحكمة
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
صفقة رأس الحكمة الأكبر فى تاريخ الاستثمار المصري، بل وفى منطقة الشرق الأوسط، والتى غيرت وجه المنطقة بأكملها، وسوف تعود بالنفع الكبير على طرفى الاتفاقية مصر والإمارات.
ومنذ الإعلان قبل أيام بعد توقيع الاتفاق رسميًا، بدأت الحروب المضللة على أعلى مستوى وأطلقت الشائعات المغرضة على طريقة أن مصر باعت أرضها، وأن رأس الحكمة أصبحت أرضًا إماراتية لا سلطان لمصر عليها، وغيرها العديد من الفتن والسموم.
بداية فإن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أعلنها صراحة خلال احتفال تخريج دفعات جديدة لطلبة الكليات العسكرية منذ أيام، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، أن مصر لم ولن تفرط فى شبر واحد من أراضيها، والجملة التى تحمل الكثير من الدلالات واضحة وقاطعة ولا تقبل التأويل.
صفقة رأس الحكمة جاءت تأكيدًا على قوة العلاقات المصرية الإماراتية المتحدة فى جذور التاريخ، ولا ينسى المصريون الدور التاريخى للوالد المؤسس الشيخ زايد آل نهيان–طيب الله ثراه- فى حرب أكتوبر المجيدة 1973، وقطعه إمدادات النفط بالكامل عن الولايات المتحدة الأمريكية وجميع الدول الداعمة لإسرائيل سياسيًا وعسكريًا ومقولته الشهيرة «الدم العربى أغلى من النفط».
الصفقة التاريخية فى علاقات الدولتين تعد استراتيجية فى المقام الأول، وقد تم الإعلان عنها فى فبراير 2024 على مساحة 44 ألفًا و600 فدان تستغلها الإمارات مقابل 35 مليار دولار، بالإضافة إلى نسبة لمصر من الأرباح طوال استغلال المشروع.
المشروع ليس صفقة اقتصادية، بل هو صفقة سياسية فى المقام الأول هدفها دعم الاقتصاد المصرى فى ظل الأزمات الاقتصادية العالمية المتفاقمة والتى طالت من ضراوتها اقتصاديات الدول الكبرى.
المبالغ المالية المتفق عليها سلمت بالكامل قبل بداية المشروع، ما يؤكد نبل الهدف، كما أنها أثرت بصورة مباشرة فى استقرار السوق المصرى واستقرار سعر الدولار، وجاءت فى توقيت بالغ الخطورة خاصة مع اشتعال بؤر الصراع فى منطقة الشرق الأوسط.
صفقة رأس الحكمة سوف تسهم فى توفير 750 ألف فرص عمل جديدة للمصريين، وسوف يتم إنشاء مطار دولى فى المنطقة، بالإضافة إلى خطوط سكك حديدية، وسوف تستهدف أكثر من 3 ملايين سائح، فضلًا عن إقامة أكبر تجمع للفنادق، ولهذه النهضة سوف تنفذها شركات مصرية بأياد عاملة مصرية، بالإضافة إلى النهضة العمرانية الكبيرة التى بدأت تشهدها المنطقة المحيطة برأس الحكمة منذ الإعلان عن انطلاق المشروع.
الإمارات سوف تضخ 150 مليار دولار استثمارات مرتقبة فى المشروع الذى ينطبق عليه ما ينطبق على أى مستثمر فى العالم أنه يملك أصول ما فوق الأرض، أما أراضى رأس الحكمة فهى مصرية وسوف تبقى ولن تفرط مصر فى شبر من أراضيها.
باختصار.. التحالف المصرى الإماراتى تحالف استراتيجى قوى ممتد تاريخيًا وتحكمه آفاق مستقبلية أكثر إشراقًا، توجت بمشروع رأس الحكمة الذى يعد الانطلاقة الأكبر إلى آفاق أكثر تعاونًا على كافة المستويات وسط منطقة متأزمة تعج بالمخاطر المتصاعدة بما يعود بالكثير من النفع على الدولتين والشعبين الشقيقين، فما أحوجنا إلى هذا التكتل الصلب وسط الشرق الأوسط المتأزم.[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مشروع رأس الحكمة باختصار منطقة الشرق الأوسط صفقة راس الحكمة صفقة رأس الحکمة
إقرأ أيضاً:
"الحقيقة" الأمريكية
يُتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من بعض الأصوات في بلاده بأنه يقود، منذ ظهر على الساحة السياسية، انقلاباً على كثير من قيم بلاده بممارسات تخاصم ما استقر منها طويلاً مثل الديمقراطية والحرية.
ويصحّ ذلك أيضاً على نهج ترامب في تعامله الحالي مع بقية دول العالم القائم على افتعال الخلافات، وتوسيع رقعها، واللجوء إلى ما يمكن وصفه بالصدمات في التصريحات، من دون تهيّب لردود الفعل.في هذا الشأن، وعلى المستوى الداخلي، يثبت دونالد ترامب عدم صبره على الخلاف في الرأي، ناهيك عن السياسة، وضيقه تحديداً بالإعلام، وسعيه لإسكاته بأكثر مما يفعل بعض المسؤولين في الدول المحسوبة على "العالم الثالث".
وهذا المسلك تحديداً يمثل مفارقة في أداء ترامب الذي يقود "بلد الحريات"، أو البلد الذي يهاجم بعض النظم السياسية في العالم بحجة الدفاع عن الحريات، خاصة حرية الصحافة، أو يضغط لإطلاق سراح أسماء بعينها بزعم أنهم معتقلو رأي في بعض الدول.
منذ جاء ترامب رئيساً لأول مرة في 2017 لم تسلم الصحافة من هجماته، إما على ممثليها في مؤتمراته والتدخل فيما يطرحونه من أسئلة، أو وصف المخالفين له في الرأي بالتضليل أو الكذب.
في الولاية الرئاسية الثانية، لا يبدو ترامب شخصاً متفرداً في موقفه من الصحافة، فهناك ملامح لتوجّه إدارته نحو تعديل ملفات الإعلام الأمريكي، بحيث تبدأ مرحلة جديدة للتحكم في خطاب وسائل الإعلام، وصولاً إلى احتكار الحقيقة أو صناعتها على هوى الإدارة الأمريكية قبل تسويقها للداخل والخارج.
قبل ساعات، جدد ترامب هجومه على بعض وسائل الإعلام التي يرى أنها تكتب أخباراً سيئة عنه، ومن قلب وزارة العدل، حاول نزع الشرعية عن هذه الوسائل، مدعياً أنها تضطهده وتخدم خصومه.
وهذا استمرار لحملة ترامب منذ بداية ولايته الرئاسية الثانية مطلع العام على وسائل إعلام رئيسية مثل وكالة أسوشيتد برس، والحد من قدرة بعضها على تغطية أخبار البيت الأبيض.
وقبل هذا الهجوم الجديد من ترامب، أعلنت مستشارته كاري ليك التوجه لإلغاء العقود العامة مع وكالات الأنباء العالمية الثلاث، وكالة الصحافة الفرنسية، وأسوشيتد برس، ورويترز. وبرّرت الصحافية السابقة المقربة من ترامب والمستشارة الخاصة للوكالة الأمريكية للإعلام العالمي هذا التوجه بالقول إن الولايات المتحدة يجب "ألّا تدفع بعد الآن لشركات الإعلام الخارجية لتبلغنا بالأخبار".
وذكرت كاري ليك أن الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي، وهي هيئة عامة تشرف على عدد من وسائل الإعلام الموجهة للخارج، تدفع عشرات ملايين الدولارات مقابل عقود غير ضرورية مع وكالات أنباء، وأنها تدخلت لإلغائها.
وتتناغم خطوة كاري ليك مع فكر الملياردير الأمريكي إيلون ماسك المقرب أيضاً من ترامب، والذي اقترح نهاية العام الماضي التوقف عن تمويل محطتي إذاعة صوت أمريكا، وأوروبا الحرة، وهما تابعتان للوكالة الأمريكية للإعلام العالمي، بل دعا إلى إغلاقهما.