عام على طوفان الأقصى: تداعيات الفشل الصهيوني في غزة
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
يمانيون| تقارير|
فشل الكيان الإسرائيلي على مدى عام كامل من تحقيق أيً من أهدافه المعلنة في غزة، وعلى رأسها: إنهاء حماس واستعادة الأسرى، وهذا بالتأكيد سيكون له تداعيات خطيرة على الكيان الغاصب على عدة مستويات: العسكرية، السياسية، الأمنية، وحتى الاجتماعية. هذا الفشل لا يعكس فقط عجزًا عسكريًا، بل يسلط الضوء على التعقيدات التي تواجه الكيان في مواجهة تنظيم مسلح مثل حماس داخل بيئة معقدة كقطاع غزة.
“إسرائيل” تمتلك واحدًا من أقوى “الجيوش” في العالم ومنظومة دفاعية متطورة متعددة الطبقات، ومع ذلك، فإن عدم قدرتها على تدمير حماس أو إنهاء وجودها العسكري بعد سنوات من المواجهات والحروب يُعتبر تزعزعا كبيرًا في مبدأ الردع، حيث أثبتت المقاومة في غزة أنها لا تزال قادرة على إطلاق الصواريخ، والاشتباك من نقطة صفر كما حصل في جباليا، والذي اضطر جيش العدو لسحب فرقتين من قواته من جنوب القطاع وإعادتها شمالا، ما يعني أن محاولة استعادة الردع الإسرائيلي قد فشلت فشلا ذريعا.
العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تهدف إلى تدمير قدرات المقاومة في غزة غالبًا ما تكون محدودة النتيجة، من الناحية العسكرية، لكنها باهظة الثمن من الناحية الإنسانية، وهذا يكشف أن المقاومة قد تمكنت من تطوير بنيتها العسكرية رغم الحصار المستمر والضربات الجوية المتواصلة.
خلال عام تلقى الكيان الصهيوني عدة ضربات صاروخية من محور المقاومة استطاعت أن تتجاوز الدفاعات الجوية متعددة الطبقات، وعلى سبيل المثال وصلت طائرة مسيرة من اليمن إلى قلب يافا، ووصل الصاروخ اليمني “فلسطين 2” أيضا، ولم تستطع الدفاعات الجوية من التصدي لها، كذلك نجحت طائرات مسيرة عراقية في ضرب الكيان في الجولان وأم الرشراش، وجاءت الضربة الصاروخية الإيرانية لتكشف هشاشة النظام الدفاعي للكيان بعملية “الوعد الصادق 2″، وشاهدنا جميعا المقاطع التي وثقت لحظات سقوط الصواريخ متجاوزة صواريخ الاعتراض، وأحيانا لم يكن هناك أي صواريخ اعتراضية في طريقها.
صواريخ حزب الله أيضا، والتي طردت مئات الآلاف من مستوطني الشمال الفلسطيني المحتل، ولم تتمكن الدفاعات الجوية من حمايتهم، بالإضافة إلى وصول صلية صاروخية إلى حيفا المحتلة اعترف جيش العدو بفشله في اعتراضها.
التأثير على الجبهة الداخلية والثقة في القيادةفشل العدو الإسرائيلي في استعادة الأسرى بسرعة، يضع ضغوطًا هائلة على “الحكومة” الصهيونية والقيادة العسكرية. لأن “المجتمع الإسرائيلي” يبدي حساسية كبيرة تجاه قضية الأسرى، ويُنظر إلى أي تأخير أو فشل في إعادتهم كعلامة ضعف لهذا الجيش، وقوته المزعومة، هذا يزيد من الانتقادات الداخلية للحكومة والجيش، ويُضعف الثقة في قدرتهم على حماية “المدنيين” وتحقيق الأمان.
وقد أكدت على ذلك مجموعة من استطلاعات الرأي، وآخر استطلاعات الرأي في الكيان بعد عام من طوفان الأقصى، أجراه معهد الدمقراطية الإسرائيلي، تؤكد على أن ثلثي الصهاينة يشعرون بتدهور الأمن الشخصي بعد 7 أكتوبر، و 45 % يعتقدون أن مستوى التضامن داخل مجتمعهم منخفضة، فيما ذهب 53 % إلى أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب على القطاع.
هيئة البث الصهيونية نقلت عن استطلاع رأي أيضا، قال 35% انهم يعتقدون أن “إسرائيل” خسرت الحرب مع حماس، و 86% قالوا إنهم غير مستعدين للعودة إلى مستوطنات محاذاة غزة، وهذا بطبيعة الحال يعكس هزة كبيرة في ثقة المستوطنين الصهاينة بالجيش والأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى تقارير أكدت أن 25 % يفكرون بمغادرة الكيان، ناهيك عن ما يقارب النصف مليون قد غادروا بالفعل.
تعزيز مكانة المقاومة وفضح جبهة النفاق:
عدم القدرة على القضاء على المقاومة يعزز من تنامي الروح الجهادية لدى الأمة، ويؤكد أن العدو قابل للهزيمة، وغير قادر على تحقيق الانتصار، والمشاركة الفاعلة من جبهات الاسناد تضع محور المقاومة في مقدمة الصفوف للأمة العربية والإسلامية، حيث أعاد فرز الأمة من خلال الميزان الفلسطيني، وأثبت صدق المحور على التمسك بالقضية الفلسطينية، وتقديم التضحيات في سبيل الله، وانقاذا للمقدسات، ومواجهة أخطر أعداء الأمة وأكثرها توحشا، فيما تصر جبهة النفاق على البقاء في مربع الحياد السلبي، الذي يعتبر دعما صريحا للعدو، وتشجيعا على الجرائم بحق النساء والأطفال.
يأتي طوفان الأقصى في مرحلة أزمة قيادية للأمة، وتطلع إلى تبلور قيادة قادرة على مواجهة هذا العدو، يتحمل محور الجهاد حمل الراية، في وقت يتكالب الأعداء ويكثفون من دعمهم لإجرام الكيان، ووحشيته، ولا يبخلون عليه بالسلاح والأموال والحماية، فإن أمتنا للأسف الشديد تعاني من عجز وفشل ، رغم اجتماع قادة الدول الإسلامية والعربية في قمة مشتركة قبل ما يقارب العام، إلا أنها حتى اللحظة لم تتمكن حتى من فرض وقف إطلاق النار، واكتفت ببيانات مجرد حبر على ورق.
إن من يمثل الأمة اليوم هو هذا المحور، والذي رغم التضحيات الكبيرة التي يقدمها والإنجازات الكبرى التي يحققها لا يزال يتعرض للطعن من قبل أنظمة الخيانة والنفاق. بالتالي فإن تبلور هذه القيادة هو أمر مهم في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ الأمة الإسلامية، وشرطا من شروط نجاحها وتحقيق تطلعات شعوبها في أمة قادرة ومتمكنة من حفظ وحماية مستقبلها، والتمسك بدينها.
إضعاف المكانة الدولية للكيان
قبل طوفان الأقصى كانت “إسرائيل” قد بدأت تحقق إنجازات سياسية أشبه بالمستحيل، فطبّعت مع عدة دول عربية ، مثل الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، وكانت في طريقها للتطبيع مع السعودية، وبعض الدول الإسلامية الكبرى، وأصبح الكيان يتعرض لضغوط دولية كبيرة من أجل وقف إطلاق النار، ووضع حد للكارثة الإنسانية التي خلقها في القطاع وينوي نقلها إلى لبنان، لولا الولايات المتحدة التي تقدم له أكبر غطاء للمجازر والتوحش، حتى أصبحت شريكة في كل جرائمه.
في المقابل، تصاعد العنف والهجمات المتبادلة يجعل الدول الأخرى تتردد في تقديم دعم غير مشروط لإسرائيل، كما هو حال فرنسا مؤخرا التي منعت بعض امدادات الأسلحة للكيان، مما قد يؤدي إلى تراجع مكانتها الدبلوماسية.
تنامي الشعور الصهيوني بقرب زوال الكيان المؤقت:
تحت هذا العنوان سنكتفي باقتباس مهم من خطاب السيد عبدالملك الحوثي في خطابه عشية الذكرى الأولى لطوفان الأقصى، وهو مان نصه:
“مع كل هذا التخاذل، ومع حجم ذلك الدعم للعدو الإسرائيلي، ومع حجم العدوان الإسرائيلي، لكنَّ حتمية الزوال للعدو الإسرائيلي هي حتميةٌ من الثوابت الدينية، والتاريخية، والكونية، وهي لابدَّ أن تتحقق…يدرك العدو المجرم، وداعموه الغربيون، بحتمية زوال الكيان المجرم، والنبتة الشيطانية، والورم الخبيث في جسد الأمة، لا تخلو تصريحاتهم من الحديث عن الزوال لذلك الكيان، وفي نقاشاتهم، وخطبهم، وأبحاثهم، ودراساتهم، العدو الإسرائيلي بنفسه يؤمن بتلك الحتمية، المجرم [نتنياهو] له كلامٌ قال فيه: [سأجتهد كي تبلغ إسرائيل عيد ميلادها المائة، فالتاريخ يعلِّمنا أنه لم تعمّر دولةٌ للشعب اليهودي أكثر من ثمانين سنة]، وفي ذلك إدراكٌ كامل من أوقح مجرمٍ صهيوني بحتمية الزوال.
تلك الحقيقة لا تكاد تغادر أفكار قادة الكيان المجرم، ومنهم المجرم الصهيوني [أيهود باراك]، الذي كتب مقالاً في صحيفة صهيونية يبدي مخاوفه من زوال كيانهم، العديد من اليهود الذين يقدَّمون على أنهم فلاسفة، يذكرون تلك الحقيقة، وأحدهم قال أيضاً: [لدى العالم العديد من الصور لإسرائيل، لكنَّ إسرائيل لديها صورة واحدة فقط لنفسها، صورة شعبٍ في طريقه إلى الزوال]… لا تكاد تفارق خيالات اليهود جدلية البقاء، وحتمية الزوال، والعدو الإسرائيلي لا يستطيع الخروج من أزمة الوجود مهما أجرم وأفرط في الإجرام، وما يزيد من تلك الهواجس هي التغيرات الكبيرة في المنطقة، ونمو حركات الجهاد والمقاومة، وانتفاضة الشعب الفلسطيني المتوَّج بطوفان الأقصى، ومعركته المقدَّسة، التي عززت من حقيقة الزوال لدى الصهاينة؛ لــذلك لجأ الصهاينة إلى ذلك المستوى الرهيب من الإجرام، لمحاولة الهروب من الواقع الذي لابدَّ منه.
الخلاصة:
إن عاما كاملا من الفشل الصهيوني في إنهاء حماس واستعادة الأسرى يُظهر ضعفًا في استراتيجياته الأمنية والعسكرية. هذا الفشل ينعكس بشكل كبير على ثقة “المجتمع” الإسرائيلي في قيادته، ويعزز مكانة المقاومة، ويكشف هشاشة الكيان وجيشه وأجهزته الأمنية، ويفتح الباب على مصراعيه لعدة سيناريوهات تقود إلى زوال ونهاية الكيان الحتمية.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: طوفان الأقصى فی غزة
إقرأ أيضاً:
أهالي جنوب لبنان يعززون فشل العدو الإسرائيلي
يمانيون/ تقارير
في مهلة الستين يوماً التي جرى الاتفاق عليها لوقف إطلاق النار في لبنان لم يلتزم الكيان الصهيوني ببنود الاتفاق، وإنما تعّمد ارتكاب خروقات كثيرة و يومية، بينها اعتداءات على المدنيين وأدت إلى استشهاد وجرح العشرات.
إثر انتهاء الهدنة الهشة أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية تمديد الهدنة إلى 28 فبراير، ليعلن حزب الله رفضه التام لتبريرات الهدنة، محملاً الأمم المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكذا العدو الإسرائيلي المسؤولية التامة في عدم انسحاب جيش العدو الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية.
على مدى 60 يوما من اتفاق الهدنة انتهك العدو الإسرائيلي بنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال خروقات يومية توزعت بين غارات وعمليات قصف وتوغلات برية. بالرغم من قيام وزارة الخارجية اللبنانية برفع عدة شكاوي إلى الأمم المتحدة، إلا أن العدو الصهيوني واصل خروقاته لتشمل منع عودة النازحين إلى قراهم، وكذا عمليات التدمير الممنهج والتفخيخ في المناطق التي توغلت فيها قوات العدو، فضلا عن عمليات الاختطاف الممنهجة وتجريف الأراضي الحدودية وتدمير مئات الوحدات السكنية.
هكذا هو كيان العدو ناكث للعهود والمواثيق، ولا يقيم وزنا لأحد. شيء واحد يردع العدو هو القتال المسلح؛ الأمر الذي يجعل من خيار التمسك بالمقاومة اللبنانية وتأييدها شعبياً أمرا محتوما وضرورة ملحة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإرغامه على الانسحاب من كافة الأراضي اللبنانية.
بقاء العدو في لبنان أمر غير مقبول
ويؤكد الناشط السياسي اللبناني أحمد الزين أن الكيان الصهيوني لا يزال مسيطرا على بعض الأراضي الحدودية اللبنانية ولم ينسحب بالرغم من انتهاء الهدنة، مبينا أن الكيان الصهيوني يقوم بإطلاق النار على العزّل من المدنيين العائدين إلى قراهم.
ويوضح -في حديث خاص لموقع أنصار الله- أن نيران العدو الإسرائيلي أوقعت ما يقارب 24 شهيدا و134 مصابا غالبيتهم من النساء والأطفال أثناء عودتهم إلى قراهم، مؤكد أن ما قامت به “إسرائيل” وتقوم به انتهاك صارخ للقانون الدولي، وانتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار.
العدو الصهيوني لم تقتصر أعماله على خرق اتفاق وقف إطلاق النار وحسب، وإنما يواصل اعتداءاته على المناطق الحدودية، ما يشكل انتهاكا صارخا للسيادة اللبنانية.
كعادته، الكيان الصهيوني ينتهك القوانين والأعراف والمواثيق الدولية ويخرق العهود والمواثيق دون أن يراعي أي أحد، وبالتالي فإن المقاومة الشعبية اللبنانية التي قام بها أبناء الجنوب بتوافدهم بالآلاف إلى قراهم السكنية مواجهين دبابات الكيان الصهيوني وأعيرته بصدورهم العارية مثّلت نصرا تاريخيا، وبرهنت للكيان الصهيوني بأن بقاءه في الأراضي اللبنانية أمر غير مقبول.
ويقول الزين “من سيغير من معادلة المواجهة هم الأهالي، وذلك من خلال خيار المقاومة الشعبية السلمية التي ستواجه الاحتلال الإسرائيلي. مضيفاً “رأينا كيف المشاهد الحية لتدفق الأهالي بعشرات الآلاف من المدنيين اللبنانيين الذين وقفوا بوجه آلة القتل الصهيونية والجيش الصهيوني في جنوب لبنان، وكيف تحدوه بصدورهم العارية ونظراتهم وصرخاتهم ضد الكيان الصهيوني، ليرسموا مشهدا بطوليا في التحدي والصمود والدفاع عن أرضهم وعرضهم”.
ويبين الزين أن بقاء الكيان الصهيوني في الحدود اللبنانية وتماديه في ارتكاب خروقات وقف إطلاق النار تأتي في سياق الاستفزاز الصهيوني للمقاومة اللبنانية، بهدف العودة مجددا للحرب، مؤكدا أن تلك الأهداف الصهيونية بعيدة المنال، ولن تتحقق؛ كون لبنان يحظى بدعم دولي.
يتوهم الكيان الصهيوني أن صمت المقاومة اللبنانية إزاء الخروقات المتكررة دليل على ضعف المقاومة اللبنانية وفقدها قدرة الردع، غير مدرك بأن المقاومة التي صمدت واستطاعت توجيه ضربات موجعة ومنكلة بالعدو الصهيوني أرغمته على وقف إطلاق النار وهي في أسوأ ظروفها بعد معركة البيجر واستشهاد القادة.
ويوضح الزين أن المقاومة اللبنانية رممت صفوفها وتعافت من الضربات الموجعة التي تلقتها في الحرب مع العدو الصهيوني.
الشعب والمقاومة ركنان أساسيان
وأمام الأخطار الصهيونية المحدقة بلبنان تظهر أصوات نشاز في الداخل اللبناني تطالب بتجريد المقاومة من السلاح وتسليمه إلى الجيش اللبناني -حد قولهم- غير أن التجاوزات الصهيونية أثناء اتفاق وقف إطلاق النار وتماديهم في الاعتداء على لبنان بالرغم من تواجد الجيش اللبناني في كافة المناطق الجنوبية توحي بضرورة بقاء السلاح لدى المقاومة اللبنانية.
وفي هذا السياق تؤكد الإعلامية اللبنانية ماجدة الموسوي أن الكيان الصهيوني دخل وتوسع في مناطق لبنانية لم يستطع دخولها أثناء الحرب مع حزب الله.
وتوضح -في حديث خاص لموقع أنصار الله- أن المشهد الشعبي البطولي الذي سطّره أبناء الجنوب اللبناني بالعودة إلى ديارهم بعد انتهاء مهلة الهدنة أوصل رسائل مدوية للأعداء في الداخل والخارج.
وتبين أن بعض خصوم الداخل اللبناني فَجَروا في الخصومة للمقاومة اللبنانية وبيئتها، فكانوا ينطلقون أثناء اشتعال المواجهة بين المقاومة اللبنانية وجيش العدو الصهيوني، ويحاولون تشتيت بيئة المقاومة، وتشويه صورة المقاومة لديهم، غير أن الوعي الشعبي الكبير افشل كل مخططات الأعداء في الداخل والخارج.
وتلفت الموسوي إلى أن الهبة الشعبية في الجنوب أثبتت أن الشعب ركن أساسي في المقاومة ضد الكيان الصهيوني، وأنهم ركيزة أساسية تستند عليها المقاومة، وأن الاندفاع صوب الدبابات الصهيونية بصدور عارية من الرجال والنساء والكبار لم يكن حالة انفعالية عابرة بل هو تجسيد لخيار استراتيجي يكون فيه شعب لبنان والمقاومة ركنين أساسيين من المعادلة.
سيناريوهات المرحلة القادمة
ومع دخول تمديد الهدنة إلى 18فبراير يبدو الوضع في جنوب لبنان معقدا وحساسا، حيث لا تزال التوترات بين حزب الله وجيش العدو الإسرائيلي مرتفعة.
وفي هذا السياق تؤكد الناشطة الإعلامية غنى شريف أن انتهاء مهلة الستين يومًا يقودنا إلى احتمالية أن تعود الأمور إلى التصعيد العسكري، وذلك كون الجيش الصهيوني يرفض الانسحاب من الأراضي اللبنانية.
وتقول -في تصريح خاص لموقع أنصار الله- “بالنسبة لحزب الله، فإن استمرار الاحتلال يمثل تهديدًا مباشرًا يتطلب ردًّا حاسمًا لحزب الله الذي قدّم تضحيات كبيرة من شهداء وقادة، لن يقبل ببقاء “إسرائيل” على أرض رُويت بدماء هؤلاء الشهداء، خاصة وأن جثامين بعض الشهداء لا تزال مدفونة في المناطق المحتلة”.
وترى شريف أن الوضع الإقليمي والدولي يلعب دورًا محوريًا في الحسابات الحالية، موضحة أن الضغوط الدولية أو التغيرات في التوازن الإقليمي قد تؤثر على قرارات الطرفين، حيث يسعى كل منهما لتجنب تصعيد كارثي، إلا إذا بات ذلك ضروريًا.
وفي حال أصر الكيان الصهيوني على بقائه في الأراضي اللبنانية فإن حزب الله قد يلجأ إلى تكثيف الهجمات على قوات العدو الإسرائيلي المتمركزة في الجنوب و قد يشمل استخدام الصواريخ، أو تنفيذ عمليات نوعية لإجبار الاحتلال على الانسحاب. لاسيما وأن العدو الإسرائيلي لم يستطع خلال العدوان الأخير تحقيق تقدم يُذكر أمام صمود مقاتلي حزب الله وشراستهم في الدفاع عن الأرض.
وتلفت شريف إلى أن حزب الله سيوصل رسائل سياسية للخارج مفادها أن صبره سينفد أمام تمادي الكيان الصهيوني وتعمده البقاء في الأراضي اللبنانية، مشيرة إلى أن رسائل حزب الله للداخل اللبناني تكمن في استهداف بعض اللبنانيين، وخصوصًا الفئات التي تبنت مواقف حيادية أو طالبت بتدخل الدولة اللبنانية.
وتضيف غنى القول “هذه الفئات التي رأت بأمّ أعينها أن الدولة لم تتمكن من ردع الاحتلال أو منع تدمير القرى الجنوبية واستباحة الأراضي اللبنانية”.
وتعتقد أن حزب الله يدرك أن التصعيد الكبير قد يؤدي إلى تدخلات دولية أو إقليمية، وربما ضغوط دبلوماسية، الأمر الذي يجعل الحزب يعتمد خطوات تدريجية ومدروسة تحافظ على عنصر المفاجأة، وتضعف الاحتلال دون الانجرار إلى حرب شاملة قد تسبب أضرارًا جسيمة على المستويات كافة.
وبناء على ما سبق ذكره من حديث للمحللين السياسيين والإعلاميين فإن القرار النهائي لحزب الله سيتحدد بناءً على تقييم دقيق للوضع العسكري، والدبلوماسي، والإقليمي، إلى جانب حسابات التوازنات الداخلية والخارجية.
ويبقى الشيء المؤكد أن المقاومة اللبنانية لن تقبل ببقاء الاحتلال على أراضٍ دفعت أثمانا باهظة لتحريرها، وستستمر في استخدام كل الوسائل الممكنة لتحقيق هدفها المتمثل في تحرير الأرض والحفاظ على سيادة لبنان.
نقلا عن موقع أنصار الله