لجريدة عمان:
2025-02-22@13:50:48 GMT

الامم المتحدة والكيان الصهيوني

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

منذ قيام منظمة الأمم المتحدة في اعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية، كان الهدف الاساسي لقيام تلك المنظمة هو حفظ الامن والاستقرار وبسط مناخ السلام في العالم وحل الخلافات والصراعات بالطرق السلمية وفقا لميثاق الامم المتحدة ومن خلال التوافق السياسي بين الدول الاعضاء والذي تجاوز الآن اكثر من ٢٠٠ دولة. كما ان انضمام أي دولة لعضوية الامم المتحدة تكون وفق آليات قانونية والتزام بالميثاق وعدم خرق الاسس والاعراف والقوانين التي ارتضتها الدول الاعضاء.

ومن خلال متابعة اداء الامم المتحدة خلال اكثر من سبعة عقود نرى هناك خروقات عديدة للميثاق خاصة من القوى الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية والتي شنت عددا من الحروب الغير قانونية بداية من حروبها الاستعمارية في جنوب شرق اسيا خاصة في كوريا قبل الانقسام الى شطرين الجنوبي والشمالي، وشن حرب قاسية ضد فيتنام والفلبين مرورا بحربها وغزوها ضد أفغانستان عام ٢٠٠١ وغزوها ضد العراق عام ٢٠٠٣ وانتهاء بمشاركتها الحرب ضد قطاع غزة وعموم فلسطين من خلال المشاركة الفعلية بتزويد الكيان الصهيوني بأحدث الاسلحة الفتاكة خاصة القنابل القاتلة، والتي تسببت في قتل الاف الابرياء من المدنيين من الشعب الفلسطيني. كما دعمت امريكا الكيان الصهيوني بالمعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجستي بحرا وجوا. ومن هنا فان الولايات المتحدة الأمريكية هي من اكثر الدول الاعضاء في الامم المتحدة خرقا للقانون الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الان.

السؤال أليس هناك آليات للعقوبات في الامم المتحدة ضد الدول الاعضاء التي تتجاوز الميثاق في سلوكها السياسي؟ والاجابة ان الامم المتحدة لا تستطيع فعل شيء حتى إدانة واشنطن، وهنا اصبحت الامم المتحدة اكثر ضعفا وتراجع دورها علي صعيد الازمات الاقليميه والدولية واصبحت فقط تصدر البيانات التي تعبر عن القلق وتدعو الى تخفيف التصعيد. كما ان الدول دائمة العضوية مارست خروقات ولكن بصورة اقل خاصة بريطانيا عندما شنت حربا على الأرجنتين خلال النزاع على جزر الفوكلاند وايضا التدخلات الفرنسية في افريقيا، خاصة في دول الساحل وجنوب الصحراء حتى انتفضت الشعوب الافريقية وقيادتها على التدخلات الفرنسية وطرد تلك القوات كما ان هناك الحرب التي تدور بين روسيا الاتحاديه واوكرانيا.

اما الكيان الصهيوني فهو نموذج صارخ في تاريخ الامم المتحدة ومنذ قيام الكيان عام ١٩٤٨ بفعل المؤامرة الاستعمارية البريطانية خلال الانتداب على فلسطين ومنذ انضمام الكيان الصهيوني الى منظمة الامم المتحدة والسلوك السياسي للكيان خارج عن الشرعية الدولية واصبح الكيان الصهيوني يتصرف وكأنه فوق القانون. ولعل من اكثر المواقف سفاهة في تاريخ المنظمة الدولية هو قيام مندوب الكيان الصهيوني بتمزيق ميثاق الامم المتحدة امام مندوبي الدول الاعضاء وامام الاعلام الدولي في خطوة تنم عن استهتار وقلة احترام لاهمية المكان والدول الاعضاء والسؤال هنا أليس هناك آليات في الامم المتحدة لمعاقبة الدول الاعضاء مثل التنبيه والانذار وحتى الطرد، خاصة انه يمكن تأمين تصويت مجموعة ٧٧ والتي تضم دول حركة عدم الانحياز من القارات الثلاث اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية. خلال حربها العدوانية الحالية على قطاع غزة ولبنان ارتكب الكيان الصهيوني وقياداته جرائم انسانية علنية نقلت من خلال شبكات الاخبار العربية والدولية خاصة قناة الجزيرة، والتي تعد احد القنوات الهامة التي نقلت مشاهد المجازر اليومية ضد الشعب الفلسطيني على مدى عام، كما تمادى الكيان الصهيوني في قتل عشرات الصحفيين الفلسطينيين والاطباء والمسعفين ورجال الانروا ودمر المستشفيات والمدارس والبنية الاساسية في غزة وجنوب لبنان ولم يحترم اي قانون انساني أو ميثاق الامم المتحدة بل أصدر الكيان منعا ضد الامين العام للامم المتحدة من دخول الكيان الصهيوني.

وعلى ضوء كل هذا الاستهتار هل يمكن القول بأن تصرفات الكيان تعبر عن سلوك دولة ام اننا امام مشهد عصابات الهاجانا وشتيرن خلال دخول العصابات الصهيوينة الى فلسطين خلال عقد الثلاثينات من القرن الماضي. ان الفكر الصهيوني الحالي وتصرفاته ينم عن تصرف عصابة ليس له علاقة بالتزامات الدول وحتى الدول الاستعمارية كان هناك الحد الادنى من احترام القانون، وعلى ضوء ذلك فاننا امام مشهد عصابات في الكيان الصهيوني ليس لها علاقة بسلوك الدول لا من بعيد او قريب.

ومن هنا فان مجموعة دول حركة عدم الانحياز لا بد أن يكون لها موقف صارم ضد الكيان الصهيوني في الجمعية العامة للامم المتحده من خلال فرض عقوبات او انذار بطرد الكيان الصهيوني من الامم المتحدة كما ان هذا الضغط من الدول النامية التي تمثل الأكثرية في عضوية الامم المتحدة سوف يشكل ضغطا سياسيا واخلاقيا علي الكيان الصهيوني.

ان الامم المتحدة هي كيان قانوني دولي ولها ميثاقها الذي ينبغي على جميع الدول الاعضاء احترامه وامام المشهد والسلوك الشاذ للكيان الصهيوني، وطالما هناك آليات في الامم المتحدة خاصة في الجمعية العامة وبعيدا عن حق النقض الفيتو الامريكي في مجلس الامن الدولي، فان تلك الخطوة سوف تمثل خطوة غير مسبوقة وتربك الكيان الصهيوني بل وتشكل احراجا لحليفه الامريكي التي تستضيف احد مدنه الكبرى وهي نيويورك مقر المنظمة الدولية.

قد تكون هناك ضغوط امريكية على الدول النامية للتخلي عن اي مشروع قرار في الجمعية العامة للامم المتحده ولكن على الاقل التلويح بالمشروع وترويجه اعلاميا واحداث ضجيج ضد الكيان الصهيوني ووضعه في موقف محرج امام المجتمع الدولي.

ان المجموعة العربية بالتنسيق مع دول الاتحاد الافريقي والدول اللاتينية وعدد من الدول الصديقة يمكن ان يخلق مجموعة تقدم مشروع القرار الى الامين العام وهذا امر قانوني وفق آليات الامم المتحدة وهناك حجج قوية ضد تصرفات الكيان الصهيوني ومن خلال ما يرتكبه من مجازر وقتل للمدنيين وايضا من خلال عدم احترامه لميثاق الامم المتحدة وتصرفاته الاقرب الي عمل العصابات. ان نتنياهو وحكومته المتطرفة تتحدث عن تغيير كبير في الشرق الاوسط ويقصد هناك المنطقة العربية من خلال المشروع الصهيوني العالمي ومن خلال التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول العربية التي طبعت للاسف مع الكيان الصهيوني، ومن هنا فإن هذا المشروع الصهيوني العالمي هو خطر كبير على الدول العربية وعلى مقدراتها واجيالها حيث ان القضاء على المقاومة الفلسطينية واللبنانية يعني الانتقال الى دول اخرى. ومن هنا فان المنطقة العربية مهددة وجوديا من خلال الهيمنة الصهيوينة الاقتصادية وطمس الهوية الوطنية والعربية وخلق مناخ يتحدث عن طمس الاسلام وايجاد ديانات وملل وفكر جديد يقوم على انصهار الشعوب واذابة الفوارق المجتمعية والسيطرة الصهيوينة على كل شيء في عالم عربي ليس له مشروع حضاري متماسك يحافظ على هويته العربية والاسلامية ويحفظ اجياله من التمزق والضياع، وقد بدأت الهجمة الصهيوينة على الاجيال العربية من خلال التقنية والحث على التمرد على ثوابت الأوطان الراسخة وايجاد ثقافة لا تمت للهوية والعادات والتقاليد الاصيلة وثوابت الاسرة باي صلة. ومن هنا فالذي حدث في السابع من اكتوبر ٢٠١٣ هو اجهاض جزء هام من المشروع الصهيوني الذي كان يهدف في احد جوانبه الهامة الى تصفية القضية الفلسطينية وخلق الشرق الأوسط الجديد والسيطرة على المنطقة العربية وفق تحالفات مشبوهة سوف تظهر خطورتها خلال عقود وفق مخطط خبيث مرسوم يحتاج الى يقظة والى ممكنات ثقافية وسياسية وفكرية لصد ذلك المشروع ومساندة المقاومة الفلسطينية واللبنانية وكل ساحات المقاومة.|

عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الامم المتحدة الکیان الصهیونی الدول الاعضاء ومن خلال من الدول من خلال ومن هنا کما ان

إقرأ أيضاً:

فلسطين تبعث رسائل لمسؤولين أمميين حول تكثيف العدو الصهيوني اعتداءاته على الضفة بما فيها القدس

الثورة نت/
بعث المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور ، اليوم الخميس ، ثلاث رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (الصين)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن مواصلة الكيان الصهيوني، القوة القائمة بالاحتلال، اعتداءاته العسكرية ضد السكان المدنيين الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، لافتا على وجه الخصوص إلى تكثيف عدوانه على الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.

وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية أن منصور أشار في رسائله إلى استشهاد عدد من الفلسطينيين، ومن بينهم طفل من بلدة قباطية، جنوب جنين، واستمرار الكيان الصهيوني في استهداف الأسر الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني في القدس الشرقية المحتلة، مما يعرض المئات من الفلسطينيين لخطر الاستيلاء على منازلهم وتهجيرهم القسري، خاصة في حي الشيخ جراح، إلى جانب استمرار الانتهاكات الصهيونية للوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى، بما في ذلك تشديد القيود على دخول المصلين المسلمين، وزيادة اقتحامات المتطرفين اليهود للمكان المقدس، وتصعيد التهديدات بتدمير الأقصى، الأمر الذي قد يؤدي إلى إشعال حرب دينية ذات عواقب وخيمة.

كما لفت منصور إلى مواصلة الكيان الصهيوني إجراءاته غير القانونية ضد الأونروا في القدس الشرقية المحتلة، مشيرا إلى أمر قوات العدو الصهيوني بإغلاق مدارس الأونروا في المدينة، واقتحام مركز تدريب قلنديا التابع للمنظمة، مبينا أن هذه الإجراءات غير القانونية تتسبب في حرمان مئات الأطفال والشباب من حقهم في التعليم، وتنتهك اتفاقية الامتيازات والحصانات للأمم المتحدة، بالإضافة الى انتهاكات الكيان الصهيوني الواضحة لالتزاماته كقوة احتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.

ودعا منصور المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، إلى التحرك بشكل عاجل لمواجهة التطهير العرقي لفلسطين الذي يصر عليه الكيان الصهيوني منذ عقود طويلة، لافتا إلى أن كيان العدو يواصل التباهي بخططه الإجرامية لإفراغ الأراضي الفلسطينية المحتلة من الفلسطينيين، بما في ذلك من خلال ما يسمى “بالهجرة الطوعية”، إلى جانب نواياه في ضم الأراضي الفلسطينية التي تحتلها بشكل غير قانوني.

وشدد منصور على ضرورة قيام المجتمع الدولي بمطالبة الكيان الإسرائيلي باحترام التزاماته القانونية الدولية، مؤكدا ضرورة السعي إلى المساءلة وفرض العواقب في ضوء الانتهاكات المستمرة والمتعمدة، بما في ذلك من خلال العمل بمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وفرض حظر فوري على الأسلحة.

وأكد رياض منصور، المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في ختام الرسائل، رفض القيادة الفلسطينية القاطع لأي محاولات لنقل الشعب الفلسطيني القسري من أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك قطاع غزة، موضحا أن الترحيل القسري أو نقل السكان المدنيين من الأراضي المحتلة محظور بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي، ويشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، مشددا على ضرورة وقف هذه النكبة المستمرة ضد الفلسطينيين، من خلال إنهاء الاحتلال الصهيوني غير القانوني للأرض الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • حماس للجامعة العربية: لا تمرروا أي مشاريع ضد الشعب الفلسطيني 
  • موسكو: الامم المتحدة ليست مثالية
  • ردّ حماس على دعوات الجامعة العربية بالخروج من المشهد
  • تقرير: واشنطن تنتظر الخطة العربية في غزة
  • فلسطين تبعث رسائل لمسؤولين أمميين حول تكثيف العدو الصهيوني اعتداءاته على الضفة بما فيها القدس
  • عون: لبنان لن يكون منصة للهجوم على الدول العربية الشقيقة
  • قاليباف: العدو الصهيوني كما فشل حتى الآن لن ينجح في المستقبل أيضا
  • قاليباف: وحدة المسلمين ستُفشل مخططات العدو الصهيوني وأمريكا
  • العوامل التي أجبرت أمريكا والكيان على التراجع وتأجيل تهجير أبناء غزة
  • «الجامعات العربية»: التعليم الفني بمصر يستوعب 50% من طلاب المرحلة الثانوية