لجريدة عمان:
2024-10-08@21:20:07 GMT

سياسة اللعب على المكشوف

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

ظلت الأهداف السياسية للدول حتى عهد قريب أسرارًا لا يعرفها سوى صانعوها والمخططون لها، وكان التخطيط لها يتم عادةً في الخفاء ويُعد من الأسرار التي لا يجوز الإفصاح عنها، فهذا الإفصاح كان يُعد من باب الخيانة! ولكننا في عصرنا هذا نجد أن هذا الإفصاح قد أصبح أمرًا معتادًا على ألسنة المتحدثين الرسميين عن سياسات ومواقف الدول، بل على ألسنة قادة الدول نفسها، ممن لهم تأثير ملحوظ على أوضاع العالم وما يجري فيه من صراعات.

ذلك أن هذه التصريحات قد أصبحت الآن بمثابة رسائل صريحة أحيانًا، وضمنية أو مشفَّرة في أحيان أخرى، إلى الخصوم والمستهدَفين! كيف نطبق ذلك على الوضع الراهن في عالمنا العربي على الأقل؟

هذه قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدد صراحةً بضرب أماكنَ معينة في فلسطين أو لبنان، بل تهدد بضرب أية منطقة في الشرق الأوسط، وهي تنفذ تهديدها كما يحلو لها. وها هي معظم الدول الغربية التي تنتمي إلى حلف الناتو تدعم صراحة ضرب هذه الأماكن، بل تسعى إلى تبرير ذلك باعتباره دفاعًا عن النفس! وهذا أمر عجيب: إذ تبرر هذه الدول اعتداء المحتل على أراضي الغير باعتباره دفاعًا عن النفس، وتنظر إلى هذا الغير الذي يدافع عن أرضه، لا باعتباره مقاومًا للاعتداء، وإنما باعتباره إرهابيًّا!! فها هو ذا مستشار ألمانيا لا يرفض موقف إسرائيل حينما أرادت السيطرة على محور فيلادلفيا الذي لجأ إليه الفلسطينيون هروبًا من مجازر الاحتلال في الشمال، واكتفى بالقول بأن هذا الغزو يجب ألا يكون موسَّعا وأن يترفق بالمدنيين! ومثل هذا قاله كثير من قادة دول الغرب، وكأن لسان حالهم يقول: اقتلوهم، ولكن برفق، وفي أقل الحدود!!

أما موقف الولايات المتحدة الأمريكية فهو الموقف الأكثر صراحة بشكل فيه كثير من الفجاجة: ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد تخفي موقفها الداعم لإسرائيل في عدوانها على المقاومين من أصحاب الأرض، بل أصبحت تعلن صراحة عن إمدادها للكيان الصهيوني بالأسلحة الفتاكة لقتل أصحاب الأرض من المقاومين، وهو ما أدى إلى قتل الآلاف من المدنيين من النساء والأطفال في مآس يندى لها جبين الإنسانية. ولكن ساسة أمريكا لا يعبأون بشيء من ذلك، وهم يواصلون إمداد الكيان الصهيوني بالقذائف الفتاكة التي لا يمتلكها الكيان نفسه، بل إنهم يرسلون حاملات الطائرات وأجهزة الاستخبارات الدقيقة التي تعين الكيان على رصد المواضع التي يمكن قصفها بدقة، سواء في فلسطين أو لبنان، وهذا هو ما أعان الكيان على تصفية كثير من قيادات المقاومة في فلسطين وفي لبنان أو حزب الله. ولهذا يمكن القول إن الولايات المتحدة الأمريكية بوجه خاص هي شريك في هذه الحرب المعلنة على فصائل المقاومة، بل إنها المدبر والمخطط والمنفذ أيضًا بأياد قذرة لهذه المجازر التي ارتكبها الكيان. لم يعد هذا خافيًا على أحد؛ ببساطة لأن الداعم الرئيس بالخطط والاستخبارات والسلاح يعلن عن ضلوعه صراحةً من دون مواربة في ذلك، بل يعلن عن رفضه لكل أشكال المقاومة في منطقة الشرق الأوسط، ويراها امتدادًا لنفوذ العدو الاستراتيجي: إيران. وكأن إيران قد أصبحت شماعة لتعليق كل أشكال المقاومة في مواجهة الكيان الصهيوني الذي يريد أن يبتلع المنطقة بأسرها.

بينما أعكف على هذا المقال، فوجئنا في مساء هذا اليوم الأول من شهر أكتوبر 2004 بأن إيران قامت برشقات صاروخية طالت المدن الكبرى في إسرائيل. وعلى الفور قامت الولايات المتحدة بالتقليل من فاعلية هذه الضربة، وأعلنت صراحةً أنها ساهمت في اعتراض الكثير من هذه الصواريخ، وأصدر رئيسها أمرًا للجيش الأمريكي الموجود في الشرق الأوسط في البحر والبر (من خلال قواعده العسكرية) بمساعدة إسرائيل في التصدي لضربات إيران. وهكذا تعلن الولايات المتحدة الأمريكية أنها ضالعة في مواجهة محور المقاومة أيًّا كان مكانه. وبذلك يصبح من الواضح أن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لا تواجه إسرائيل بقدر ما تواجه قوة أعظم منها كثيرًا، لولاها لاستطاعت المقاومة سحق هذا الكيان الصهيوني، أو- على الأقل- تقليم أظافره. وربما يتساءل المرء عن السبب في دعم الولايات المتحدة الأمريكية لهذا الكيان الصهيوني الذي هو أشبه بجسم غريب أو دخيل في جسد الأمة العربية. ولكن هذا السؤال سيبدو ساذجًا حينما ينظر المرء في أصل نشأة هذا الكيان. فهو لم ينشأ إلا بهذا الاعتبار نفسه: أعني باعتباره ذرعًا لكيان قابل للتمدد والانتشار في جسد الشرق الأوسط. قامت بريطانيا في البداية بالتخطيط لهذه المهمة التي تكفلت بها فيما بعد الولايات المتحدة الأمريكية! وربما يضع هذا علامات استفهام على مواقف بعض الدول العربية التي تتحالف مع الموقف الأمريكي ضد محور المقاومة، ولا ترى أن أيران يمكن أن تكون داعمًا قويًّا في المعادلة، أعني في تحجيم دور الكيان الصهيوني ومواجهة مخططاته التي تسعى إلى ابتلاع الشرق الأوسط في مجمله!

ولا شك في أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية في هذه القضية تحديدًا يعكس تغلل اللوبي الصهيوني في المفاصل السياسية والاقتصادية لهذه الدولة الكبرى، وهو ما رأيناه دائمًا حينما تحين فترة انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ لا يجرؤ أي مرشح للرئاسة على أن يتجاهل دعم دولته المطلق لهذا الكيان والتأكيد على أحقية هذا الكيان (المغتصب للأرض) في الدفاع عن نفسه ضد الإرهابيين (الذين هم أصحاب الأرض)! وذلك بصرف النظر عن كل القرارات الدولية التي تنكر هذا الزعم. إسرائيل تلعب على هذه الورقة من ضمن ما تتلاعب به، ولكن الكرة لا تزال في ملعب الدول العربية التي يمكن أن تتبنى استراتيجية جديدة في مواجهة استراتيجية الكيان الصهيوني.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الکیان الصهیونی الشرق الأوسط هذا الکیان کثیر من

إقرأ أيضاً:

هيئة علماء فلسطين: تهديدات الكيان الصهيوني تشمل جميع المسلمين

يمانيون../
اكدت هيئة علماء فلسطين اليوم الاثنين، بمناسبة مرور عام على حرب الإبادة ضد غزة، أن المعركة أظهرت حقيقة أن الكيان الصّهيونيّ خطر على البشريّة جمعاء، وليس على فلسطين والمسلمين فحسب.

وبحسب وسائل اعلام فلسطينية، اعتبرت الهيئة في بيان لها، أن العام الذي تلى إطلاق المقاومة لعملية طوفان الأقصى أدى إلى “جرف الشعارات الزائفة التي تتشدق بها المنظومة الغربيّة، وتجمّل بها قبحها، وأظهر الحاجة الماسّة للبشريّة للتخلص من هذه المنظومة القائمة على الباطل والإجرام ودعم القتل”.

وجهت “هيئة علماء فلسطين” نداء إلى “أمة المليارين”، في إشارة إلى تعداد تقريبي لعدد المسلمين في العالم، قالت فيه إن “أهلكم وإخوانكم في غزة العزة، وفي الضفة المجاهدة ولبنان القابض على الجمر يبذلون مهجهم وأرواحهم دفاعًا عن الأمة جمعاء في وجه هذا الكيان الذي يتهددكم في وجودكم وهويتكم وكرامتكم في كلّ بلدانكم وأوطانكم”.

واضاف “إنّ إمعان العدو المجرم في عدوانه وتوسيعه إلى لبنان لهو دليل على مراد هذا العدو ومطامعه، فليس لهذا العدو من بلادكم أيها المسلمون، لا سيما البلاد المحيطة والقريبة من فلسطين صديق ولا عزيز ولا مصون فكلكم مستهدفون” وفق البيان.

ودعا “علماء فلسطين” الشعوب الإسلامية إلى التعبير عن احتجاجها، وقالوا إن “عيون أهلكم في فلسطين عامة، وفي غزة خاصة ما تزال ترقب مظاهراتكم الغاضبة التي لا تفتر واعتصاماتكم المستمرة التي لا يجوز أن تخبو”.

وطالب البيان أن يكون “بدء العام الثاني من استمرار الإبادة عام المظاهرات الغاضبة في الميادين والساحات، والاعتصامات المستمرة حول السفارات الصهيونية الأمريكية حتى اقتلاعها من على صدور بلداننا وأوطاننا، وإنّ اقتلاعها واجب شرعي بالسبل كلها، ولا يجوز أن تحول دون ذلك حكومة ولا جيش”.

ودعا “علماء فلسطين”: “خطباء الأمة وعلماءها إلى توضيح الفتاوى للأمة خاصة في خطب الجمعة، وفي قنوت النوازل في الصلوات كلها”.

ولفت البيان إلى أن ” الحكم الشرعي في اتفاقيات التطبيع مع العدو الصهيوني أنه من الكبائر العظيمة والمنكرات الجسيمة التي يجب على شعوب أمتنا أن تغيّرها بيدها ولسانها”.

واعتبر “علماء فلسطين” أن “التصدي للدفاع عن هذا الكيان المجرم بإسقاط الصواريخ المتوجهة إليه دون اكتراث لسقوطها على رؤوس أبناء شعوبهم وبيوتهم لهو من الخيانة العظمى لله ورسوله وعامة المسلمين” وفق البيان.

وحذر البيان من “التهديد الحقيقي لمسرى النبي، صلى الله عليه وسلّم، (المسجد الأقصى) في وجوده وهويته والسيادة عليه، كما هو حال مسجد إبراهيم الخليل (في مدينة الخليل) ومساجد غزة”.

وشدد البيان على أن “مناصرة الأسرى بإحياء قضيتهم والعمل على فكاكهم من أوجب الواجبات”.

مقالات مشابهة

  • شاهد القوة الضاربة التي يخشاها الكيان
  • هيئة علماء فلسطين: تهديدات الكيان الصهيوني تشمل جميع المسلمين
  • ابو عبيدة : لا يشد الكيان إلا الحبال الأمريكية التي ستنقطع
  • وزير الخارجية يلتقي سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى البلاد
  • السيد الخامنئي: عملية طوفان الأقصى أرجعت الكيان الصهيوني 70 سنة إلى الوراء
  • الولايات المتحدة الأمريكية تقدم عرضا لإسرائيل مقابل الامتناع عن مهاجمة أهداف معينة في إيران
  • عاجل | المرشد الإيراني في تغريدة بالعبرية: عملية طوفان الأقصى أرجعت الكيان الصهيوني 70 سنة إلى الوراء
  • صواريخ إيران تقلب موازين الصراع وتزلزل الكيان الصهيوني
  • محافظ الأحساء يستقبل نائب سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة