لجريدة عمان:
2025-04-28@16:35:15 GMT

الحوكمة بين الواقع .. والمأمول

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

يؤسفني القول بأن الواقع لا يعكس المأمول من الحوكمة على الرغم من مضي ما يقارب خمس سنوات على انطلاق رؤية عمان 2040 وما يزيد على عشرون سنة من تبني سلطنة عمان مبادئ وقواعد حوكمة الشركات المساهمة العامة.

إن المأمول من الحوكمة تجسد في الرؤية المستقبلية لسلطنة عمان التي أرسى قواعدها صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ والتي تعد بمثابة خارطة الطريق لتحقيق مزيد من التطور والإنجازات والتقدم لتضعنا في مصاف الدول المتقدمة.

والتي كانت الحوكمة جزءا أصيلا في بنيانها، لقناعة راسخة من لدن جلالته بدورها الأساسي في بناء الدولة الحديثة. لذلك اعتمدها- أعزه الله ـ كركيزة أساسية في الرؤية وعلى الجميع سواء كانوا رؤساء في وحدات الجهاز الإداري للدولة أم في مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني العمل على تجسيد توجيهاته على أرض الواقع بكل أمانة وإخلاص حيث أن مواكبة النهج السامي لجلالته فرض عين على الجميع.

وكنا ننتظر من المسؤولين وصناع القرار ورجال الأعمال مواكبة هذا النهج السامي، وأن يكونوا على نفس القدر من الإحساس بالمسؤولية والوعي بمتطلبات المرحلة، والامتثال لتوجيهات ورؤية القائد، بالإسراع في تطبيق الحوكمة والالتزام بمبادئها، ومراعاة القواعد والأحكام التي تفرضها، خصوصا فيما يتعلق بالحد من تضارب المصالح وتعظيم المصلحة العامة على الشخصية.

إلا أن الواقع عكْس ذلك، فهناك بطء الشديد في تبني سياسات الحوكمة لدى الكثير من مؤسسات الدولة ومؤسسات القطاع الخاص، الأمر الذي انعكس على أرض الواقع، بإهدار مبدأ تكافؤ الفرص وغياب الشفافية. وربما يعود السبب لكونها ليست من أولوياتها لضعف الوعي لديها بأهمية الحوكمة وفوائدها، وربما ينظر لها البعض على أنها مجرد شعارات أو منهاج أو فلسفة يرددها دون الحاجة الفعلية لتطبيقها، وربما يراها البعض الآخر بأنها تتقاطع مع مصالحهم الشخصية وتعيق أجندتهم الخاصة ولا داعي لها. ومما ساعد على ذلك كله غياب الرقابة الفاعلة والمساءلة والمحاسبة الرادعة.

تعد الحوكمة أحد الأدوات الرئيسة التي مكنت الكثير من الدول لتتبوأ الآن مكانة متقدمة بين اقتصادات الدول المتقدمة، وقد أجمع السياسيون والاقتصاديون ومتخذي القرار وقادة هذه الدول على أنه لا يمكن أن تبقى الحوكمة مجرد فلسفة متداولة ومتغنى بها، بل لا بدّ من أخذ خطوات صارمة وجريئة من أجل تحقيق النتائج والأهداف المرجوة منها.. ولن يتحقق ذلك إن لم يتحلَ كل واحد منا بالمسئولية تجاه الوطن وقائده وأن يعظم مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية، ولذلك أنشأت هذه الدول مراكز ومعاهد وهيئات تتبع أعلى سلطة لديها ومعززة بخبراء وكوادر مؤهلة تعنى بغرس مبادئ وقيم الحوكمة وتتمتع بصلاحيات واسعة وباستقلالية وحيادية تامة.

لقد كانت سلطنة عمان من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تبنت حوكمة الشركات من خلال إصدار ميثاق تنظيم وإدارة الشركات المساهمة العامة عام 2002 كأحد الأدوات الرئيسة التي ساهمت في عملية الإصلاح والتطوير لقطاع سوق المال آنذاك، وقد أتت بثمارها على الشركات والمستثمرين، وجاء تأسيس مركز عمان للحوكمة والاستدامة عام 2015م كمبادرة من الهيئة العامة لسوق المال (سابقا) لنشر الوعي لدى باقي الشركات التي لا تخضع لرقابة الهيئة، وساهمت هذه الخطوة في زيادة جرعة الوعي لدى الشركات. إلا أنه، وللأسف الشديد، لم تتقدم مكانة سلطنة عمان في مؤشر الحوكمة العالمي بالقدر الذي يجب؛ وبالتالي لابدّ من تضافر الجهود والعمل على تصحيح المسار ومن أهم هذه الخطوات توسيع اختصاصات وصلاحيات مركز عُمان للحوكمة والاستدامة ليشمل وحدات الجهاز الإداري للدولة وجميع القطاعات الأخرى وليكون الجهة المرجعية المعتمدة ويتمتع بالاستقلالية التامة يفصله عن تبعية الهيئة، وأن يتم تمكينه بالموارد المالية والبشرية.

يجب علينا جميعا حكومة وشعبا المضي قدما خلف القيادة الرشيدة لجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ ومؤازرته في مسيرة البناء والتنمية، كما علينا التحلي بالإيجابية والمشاورة على مواطن الخلل ورفع راية الخطر في وجه التصرفات السلبية المضرة بالوطن والمواطن، والتنبيه لخطورة تجاهل الحوكمة، وضرورة اتخاذ إجراءات سريعة وصارمة تجاه المقصرين في تطبيقها، من أجل خير عمان ورخاء شعبها، ومن أجل مستقبل مشرق لأجيالها القادمة.

• حامد بن سلطان السمار البوسعيدي

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

اتمتة الغرف التجارية وتسجيل الشركات الكترونيا

آخر تحديث: 27 أبريل 2025 - 10:24 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- قال نائب رئيس فريق التواصل الحكومي عدنان العربي، إن “الفريق شكل لجنة بموجب أمر ديواني لتنفيذ توجيهات رئاسة الوزراء التي تقتضي بالعمل على اتمتة الغرف التجارية في بغداد والمحافظات، وكذلك اتحاد الصناعات والكتاب العدول، فضلا عن تسجيل الشركات إلكترونيا”، مشيرا إلى أن “اللجنة مكونة من ممثلين عن هذه الجهات وستعمل على إنجاز العمل بالكامل في غضون ستة أشهر”.ولفت الى أن “اللجنة عقدت اجتماعات عدة وبدأت فعليا بإجراءات الأتمتة بالتنسيق مع اتحاد الغرف التجارية في بغداد، فيما سيتم جمع كل الفئات التي من شأنها تسهيل وتذليل العقبات أمام المواطن والتاجر الذي لم يكن بإمكانه ترويج اي معاملة تجارية دون المرور بهذه الجهات، فضلا عن ان عملية تسجيل الشركات كانت تستغرق وقتا وإجراءات كثيرة”.وأوضح العربي، أن “اللجنة المشكلة شاركت مؤخرا بمؤتمر القمة للأعمال، وتم الاتفاق مع المصارف لفتح حسابات للتاجر الصغير والشركات المختلفة ليتسنى لهم البدء بنشاطاتهم للمساهمة في تسهيل اتمتة هذه الجهات، إلى جانب ذلك فإنه جرى الاتفاق على البدء بإجراءات اتمتة اتحاد الصناعات ومن ثم الانتقال إلى بقية الجهات تباعا”.وأوضح، أن “هذه الإجراءات تندرج ضمن التوجه الحكومي العام للانتقال نحو الأتمتة في جميع الفعاليات والقطاعات والحوكمة التامة بما يساهم في القضاء على الروتين وتسهيل جميع المعاملات التي يحتاجها المواطنين والمستثمرين والتجار على حد سواء”.

مقالات مشابهة

  • السوداني: أهمية إسهام الشركات الإيطالية في النهضة الشاملة التي يشهدها العراق
  • وزير الخارجية ونظيره الإيراني يستعرضان مستجدات المحادثات التي ترعاها سلطنة عمان
  • تقرير الاستدامة لـ"الوطنية للتمويل" يستعرض الالتزام بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية
  • احذروا القوي السياسية التي تعبث بالأمن
  • اتمتة الغرف التجارية وتسجيل الشركات الكترونيا
  • تراكم أخطاء إتفاقيات السلام … وثمارها المرة الحرب الحالية .. 2023 – 2025م .. وفي الحروب التي ستأتي !
  • هيئة شؤون الأسرى توضح لـعربي21 الانتهاكات التي يتعرض لها الأسير عبد الله البرغوثي
  • فوز بنك التنمية بجائزتين في الحوكمة والمسؤولية الاجتماعية بختام مؤتمر "أدفياب"
  • سلطنة عمان تعزز منظومتها التشريعية بإصدار قانوني «الصحة العامة» و«تنظيم زراعة الأعضاء»
  • الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة النجاحات والمنجزات التي حققتها رؤية المملكة 2030 في عامها التاسع