لجريدة عمان:
2024-11-21@18:03:27 GMT

الحوكمة بين الواقع .. والمأمول

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

يؤسفني القول بأن الواقع لا يعكس المأمول من الحوكمة على الرغم من مضي ما يقارب خمس سنوات على انطلاق رؤية عمان 2040 وما يزيد على عشرون سنة من تبني سلطنة عمان مبادئ وقواعد حوكمة الشركات المساهمة العامة.

إن المأمول من الحوكمة تجسد في الرؤية المستقبلية لسلطنة عمان التي أرسى قواعدها صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ والتي تعد بمثابة خارطة الطريق لتحقيق مزيد من التطور والإنجازات والتقدم لتضعنا في مصاف الدول المتقدمة.

والتي كانت الحوكمة جزءا أصيلا في بنيانها، لقناعة راسخة من لدن جلالته بدورها الأساسي في بناء الدولة الحديثة. لذلك اعتمدها- أعزه الله ـ كركيزة أساسية في الرؤية وعلى الجميع سواء كانوا رؤساء في وحدات الجهاز الإداري للدولة أم في مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني العمل على تجسيد توجيهاته على أرض الواقع بكل أمانة وإخلاص حيث أن مواكبة النهج السامي لجلالته فرض عين على الجميع.

وكنا ننتظر من المسؤولين وصناع القرار ورجال الأعمال مواكبة هذا النهج السامي، وأن يكونوا على نفس القدر من الإحساس بالمسؤولية والوعي بمتطلبات المرحلة، والامتثال لتوجيهات ورؤية القائد، بالإسراع في تطبيق الحوكمة والالتزام بمبادئها، ومراعاة القواعد والأحكام التي تفرضها، خصوصا فيما يتعلق بالحد من تضارب المصالح وتعظيم المصلحة العامة على الشخصية.

إلا أن الواقع عكْس ذلك، فهناك بطء الشديد في تبني سياسات الحوكمة لدى الكثير من مؤسسات الدولة ومؤسسات القطاع الخاص، الأمر الذي انعكس على أرض الواقع، بإهدار مبدأ تكافؤ الفرص وغياب الشفافية. وربما يعود السبب لكونها ليست من أولوياتها لضعف الوعي لديها بأهمية الحوكمة وفوائدها، وربما ينظر لها البعض على أنها مجرد شعارات أو منهاج أو فلسفة يرددها دون الحاجة الفعلية لتطبيقها، وربما يراها البعض الآخر بأنها تتقاطع مع مصالحهم الشخصية وتعيق أجندتهم الخاصة ولا داعي لها. ومما ساعد على ذلك كله غياب الرقابة الفاعلة والمساءلة والمحاسبة الرادعة.

تعد الحوكمة أحد الأدوات الرئيسة التي مكنت الكثير من الدول لتتبوأ الآن مكانة متقدمة بين اقتصادات الدول المتقدمة، وقد أجمع السياسيون والاقتصاديون ومتخذي القرار وقادة هذه الدول على أنه لا يمكن أن تبقى الحوكمة مجرد فلسفة متداولة ومتغنى بها، بل لا بدّ من أخذ خطوات صارمة وجريئة من أجل تحقيق النتائج والأهداف المرجوة منها.. ولن يتحقق ذلك إن لم يتحلَ كل واحد منا بالمسئولية تجاه الوطن وقائده وأن يعظم مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية، ولذلك أنشأت هذه الدول مراكز ومعاهد وهيئات تتبع أعلى سلطة لديها ومعززة بخبراء وكوادر مؤهلة تعنى بغرس مبادئ وقيم الحوكمة وتتمتع بصلاحيات واسعة وباستقلالية وحيادية تامة.

لقد كانت سلطنة عمان من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تبنت حوكمة الشركات من خلال إصدار ميثاق تنظيم وإدارة الشركات المساهمة العامة عام 2002 كأحد الأدوات الرئيسة التي ساهمت في عملية الإصلاح والتطوير لقطاع سوق المال آنذاك، وقد أتت بثمارها على الشركات والمستثمرين، وجاء تأسيس مركز عمان للحوكمة والاستدامة عام 2015م كمبادرة من الهيئة العامة لسوق المال (سابقا) لنشر الوعي لدى باقي الشركات التي لا تخضع لرقابة الهيئة، وساهمت هذه الخطوة في زيادة جرعة الوعي لدى الشركات. إلا أنه، وللأسف الشديد، لم تتقدم مكانة سلطنة عمان في مؤشر الحوكمة العالمي بالقدر الذي يجب؛ وبالتالي لابدّ من تضافر الجهود والعمل على تصحيح المسار ومن أهم هذه الخطوات توسيع اختصاصات وصلاحيات مركز عُمان للحوكمة والاستدامة ليشمل وحدات الجهاز الإداري للدولة وجميع القطاعات الأخرى وليكون الجهة المرجعية المعتمدة ويتمتع بالاستقلالية التامة يفصله عن تبعية الهيئة، وأن يتم تمكينه بالموارد المالية والبشرية.

يجب علينا جميعا حكومة وشعبا المضي قدما خلف القيادة الرشيدة لجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ ومؤازرته في مسيرة البناء والتنمية، كما علينا التحلي بالإيجابية والمشاورة على مواطن الخلل ورفع راية الخطر في وجه التصرفات السلبية المضرة بالوطن والمواطن، والتنبيه لخطورة تجاهل الحوكمة، وضرورة اتخاذ إجراءات سريعة وصارمة تجاه المقصرين في تطبيقها، من أجل خير عمان ورخاء شعبها، ومن أجل مستقبل مشرق لأجيالها القادمة.

• حامد بن سلطان السمار البوسعيدي

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

السيسي يشارك في جلسة إصلاح الحوكمة ضمن فعاليات قمة مجموعة العشرين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يشارك الرئيس السيسي في جلسة إصلاح الحوكمة ضمن فعاليات قمة مجموعة العشرين.

وشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي في الجلسة الأولي لقمة مجموعة العشرين "الشمول الاجتماعي ومكافحة الجوع والفقر".

وانطلقت اليوم الاثنين فعاليات قمة مجموعة العشرين بمدينة ريو دى جانيرو البرازيلية بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ويشارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة مجموعة العشرين التى تنطلق  اليوم وتستمر يومين فى مدينة ريو دى جانيرو البرازيلية بدعوة من الرئيس البرازيلى لولا دا سيلفا.

وأكد السفير أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يشارك في قمة مجموعة العشرين بدعوة من الرئيس البرازيلي "لولا دا سيلفا"، لتكون هذه هي المشاركة الرابعة لمصر إجمالًا في قمم المجموعة، عقب المشاركة في قمم الرئاسة الصينية عام ٢٠١٦، واليابانية عام ٢٠١٩، والهندية عام ٢٠٢٣،  بما يعكس التقدير المتنامي لثقل مصر الدولي، ولدورها المحوري على الصعيد الإقليمي.

 

مقالات مشابهة

  • بعد قرار الجنائية الدولية.. ما الدول التي ستنفذ قرار اعتقال نتنياهو وغالانت؟
  • قائد الثورة: اليمن يسعى لبناء وتطوير قدراته وحقق نجاحات مذهلة يشهد لها الواقع والأعداء
  • معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالانت في عزلة دبلوماسية؟ ومستعدة لاعتقالهما!
  • سفير سلطنة عمان يشيد بالنقلة النوعية في العلاقات العُمانية المصرية
  • كلمة سفير سلطنة عُمان بالقاهرة بمناسبة مرور 50 عاما على العلاقات مع مصر
  • المخرج من الفتن عند اشتداد المحن: قراءة في الواقع على ضوء السيرة النبوية
  • أدعية قضاء الحوائج.. ردد هذه الكلمات التي لا ترد
  • «الهوية والجنسية» تحتفي باليوم الوطني العماني الـ54
  • السيسي يشارك في جلسة إصلاح الحوكمة ضمن فعاليات قمة مجموعة العشرين
  • الرئيس السيسي يشارك في جلسة إصلاح الحوكمة العالمية بقمة العشرين