لجريدة عمان:
2024-11-08@14:57:11 GMT

الحوكمة بين الواقع .. والمأمول

تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT

يؤسفني القول بأن الواقع لا يعكس المأمول من الحوكمة على الرغم من مضي ما يقارب خمس سنوات على انطلاق رؤية عمان 2040 وما يزيد على عشرون سنة من تبني سلطنة عمان مبادئ وقواعد حوكمة الشركات المساهمة العامة.

إن المأمول من الحوكمة تجسد في الرؤية المستقبلية لسلطنة عمان التي أرسى قواعدها صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ والتي تعد بمثابة خارطة الطريق لتحقيق مزيد من التطور والإنجازات والتقدم لتضعنا في مصاف الدول المتقدمة.

والتي كانت الحوكمة جزءا أصيلا في بنيانها، لقناعة راسخة من لدن جلالته بدورها الأساسي في بناء الدولة الحديثة. لذلك اعتمدها- أعزه الله ـ كركيزة أساسية في الرؤية وعلى الجميع سواء كانوا رؤساء في وحدات الجهاز الإداري للدولة أم في مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني العمل على تجسيد توجيهاته على أرض الواقع بكل أمانة وإخلاص حيث أن مواكبة النهج السامي لجلالته فرض عين على الجميع.

وكنا ننتظر من المسؤولين وصناع القرار ورجال الأعمال مواكبة هذا النهج السامي، وأن يكونوا على نفس القدر من الإحساس بالمسؤولية والوعي بمتطلبات المرحلة، والامتثال لتوجيهات ورؤية القائد، بالإسراع في تطبيق الحوكمة والالتزام بمبادئها، ومراعاة القواعد والأحكام التي تفرضها، خصوصا فيما يتعلق بالحد من تضارب المصالح وتعظيم المصلحة العامة على الشخصية.

إلا أن الواقع عكْس ذلك، فهناك بطء الشديد في تبني سياسات الحوكمة لدى الكثير من مؤسسات الدولة ومؤسسات القطاع الخاص، الأمر الذي انعكس على أرض الواقع، بإهدار مبدأ تكافؤ الفرص وغياب الشفافية. وربما يعود السبب لكونها ليست من أولوياتها لضعف الوعي لديها بأهمية الحوكمة وفوائدها، وربما ينظر لها البعض على أنها مجرد شعارات أو منهاج أو فلسفة يرددها دون الحاجة الفعلية لتطبيقها، وربما يراها البعض الآخر بأنها تتقاطع مع مصالحهم الشخصية وتعيق أجندتهم الخاصة ولا داعي لها. ومما ساعد على ذلك كله غياب الرقابة الفاعلة والمساءلة والمحاسبة الرادعة.

تعد الحوكمة أحد الأدوات الرئيسة التي مكنت الكثير من الدول لتتبوأ الآن مكانة متقدمة بين اقتصادات الدول المتقدمة، وقد أجمع السياسيون والاقتصاديون ومتخذي القرار وقادة هذه الدول على أنه لا يمكن أن تبقى الحوكمة مجرد فلسفة متداولة ومتغنى بها، بل لا بدّ من أخذ خطوات صارمة وجريئة من أجل تحقيق النتائج والأهداف المرجوة منها.. ولن يتحقق ذلك إن لم يتحلَ كل واحد منا بالمسئولية تجاه الوطن وقائده وأن يعظم مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية، ولذلك أنشأت هذه الدول مراكز ومعاهد وهيئات تتبع أعلى سلطة لديها ومعززة بخبراء وكوادر مؤهلة تعنى بغرس مبادئ وقيم الحوكمة وتتمتع بصلاحيات واسعة وباستقلالية وحيادية تامة.

لقد كانت سلطنة عمان من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تبنت حوكمة الشركات من خلال إصدار ميثاق تنظيم وإدارة الشركات المساهمة العامة عام 2002 كأحد الأدوات الرئيسة التي ساهمت في عملية الإصلاح والتطوير لقطاع سوق المال آنذاك، وقد أتت بثمارها على الشركات والمستثمرين، وجاء تأسيس مركز عمان للحوكمة والاستدامة عام 2015م كمبادرة من الهيئة العامة لسوق المال (سابقا) لنشر الوعي لدى باقي الشركات التي لا تخضع لرقابة الهيئة، وساهمت هذه الخطوة في زيادة جرعة الوعي لدى الشركات. إلا أنه، وللأسف الشديد، لم تتقدم مكانة سلطنة عمان في مؤشر الحوكمة العالمي بالقدر الذي يجب؛ وبالتالي لابدّ من تضافر الجهود والعمل على تصحيح المسار ومن أهم هذه الخطوات توسيع اختصاصات وصلاحيات مركز عُمان للحوكمة والاستدامة ليشمل وحدات الجهاز الإداري للدولة وجميع القطاعات الأخرى وليكون الجهة المرجعية المعتمدة ويتمتع بالاستقلالية التامة يفصله عن تبعية الهيئة، وأن يتم تمكينه بالموارد المالية والبشرية.

يجب علينا جميعا حكومة وشعبا المضي قدما خلف القيادة الرشيدة لجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ ومؤازرته في مسيرة البناء والتنمية، كما علينا التحلي بالإيجابية والمشاورة على مواطن الخلل ورفع راية الخطر في وجه التصرفات السلبية المضرة بالوطن والمواطن، والتنبيه لخطورة تجاهل الحوكمة، وضرورة اتخاذ إجراءات سريعة وصارمة تجاه المقصرين في تطبيقها، من أجل خير عمان ورخاء شعبها، ومن أجل مستقبل مشرق لأجيالها القادمة.

• حامد بن سلطان السمار البوسعيدي

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

دولة الكويت: أي عملية إصلاح للأمم المتحدة تتطلب تعزيز وتمويل ميزانية المنظومة العامة

قالت دولة الكويت إن أي عملية إصلاح تقع ضمن إطار الأمم المتحدة وأجهزتها الرئيسية تتطلب تعزيز وتمويل ميزانية المنظومة العامة داعية الدول الأعضاء إلى تسديد التزاماتها المالية في وقت مبكر.

جاء ذلك في كلمة وفد دولة الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة التي ألقاها الملحق الدبلوماسي زياد أبوحيمد مساء أمس الأربعاء أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة البند (121) المعني ب”تنشيط أعمال الجمعية العامة”.

وقال أبوحيمد إن “الحفاظ على فاعلية هذه المنظومة وإنتاجيتها وشفافيتها مسؤولية تقع على عاتق الدول الأعضاء والمجتمع الدولي في مواجهة كل أشكال التحديات”.

ولفت إلى أن دولة الكويت كانت على مر العقود السابقة إحدى الدول النشطة والمهتمة بالمبادرات الهادفة إلى تبسيط أساليب عمل الجمعية العامة وذلك يأتي من التزام وإيمان الكويت بالنظام الدولي المتعدد الأطراف.

وأكد إدراك وفد الكويت التام ضرورة تمكين وتعزيز قدرة الجمعية العامة لمواجهة القضايا الأكثر إلحاحا في العالم ابتداء من حل النزاعات وتقديم المساعدات الإنسانية وصولا إلى التنمية المستدامة والتغير المناخي.

وفي السياق أشار الملحق الدبلوماسي إلى أن دولة الكويت تبنت “مبادرة فيتو” المتمثلة في القرار رقم (76/262) وقدمت دعمها لها من أجل تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة.

وأعرب عن الفخر بأن تكون الكويت إحدى الدول التي انضمت إلى (المبادرة الدنماركية) التي تدعو إلى ضمان تمويل الميزانية العامة للأمم المتحدة بشكل مبكر وقابل للتنبؤ به.

وتطرق أبوحيمد إلى (قمة المستقبل) وما نتج عنها من اندفاع إيجابي من قبل عدد كبير من الدول الأعضاء لتنشيط أعمال الجمعية العامة والأمم المتحدة بشكل عام.

وقال إن التحديات العديدة التي يشهدها العالم اليوم تحتاج إلى “وقفة تأمل وإرادة جادة لإصلاح أجهزة الأمم المتحدة الرئيسية بما فيها الجمعية العامة”.

وأضاف “أننا كدول أعضاء في هذه المنظمة العريقة لدينا الأدوات المناسبة كافة للمضي قدما بشكل جدي ومن دون أي تردد لتقديم أنواع الدعم للأمم المتحدة وأجهزتها الرئيسية”.

وبين أهمية الأخذ بعين الاعتبار والنظر بشكل واقعي لمكامن الخلل في الأمم المتحدة وسرعة معالجتها “انطلاقا من إيماننا التام بمدى أهمية النظام الدولي المتعدد الأطراف”.

المصدر كونا الوسومإصلاح الأمم المتحدة

مقالات مشابهة

  • الصحة العالمية: مصر من أولى الدول التي طبقت معايير منع ومكافحة العدوى
  • حرائق في حيفا... ماذا أصابت الصواريخ التي أُطلِقَت من لبنان؟ (فيديو)
  • ‏7 مجالات أساسية تتضمنها السياسة العامة للطيران المدني
  • دولة الكويت: أي عملية إصلاح للأمم المتحدة تتطلب تعزيز وتمويل ميزانية المنظومة العامة
  • جلالة الملك: هناك من يستغل قضية الصحراء ليغطي على مشاكله الداخلية ويعيش في عالم متجمد بعيد عن الواقع
  • حزب الله: ‏استهدفنا العديد من المستوطنات برشقات صاروخية
  • حلقة نقاشية عن "مسرح ذوى الهمم بين الواقع والمأمول"
  • "القومي لذوي الإعاقة" ينظم حلقة نقاشية بعنوان "مسرح ذوى الهمم بين الواقع والمأمول"
  • القومي للإعاقة ينظم حلقة نقاشية بعنوان "مسرح ذوى الهمم بين الواقع والمأمول" بالتعاون مع الثقافة
  • برلمانية: مصر من أوائل الدول التي تبنت الأجندة التنموية الحضرية الجديدة