الحرب الإعلامية ومنظومة الحرب النفسية.. قاموس المقاومة (47)
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
حتى تكتمل منظومات الحروب النفسية من المهم أن نتوقف عند مفهوم "الحرب الإعلامية" وخوضها بما يستوجب من أدوات وقدرات ومقاصد وغايات؛ إذ تعتبر من أهم أنواع الحروب، وذلك لتطور أساليبها ووسائلها المتعددة. وتدور حول معلومات مضللة وشائعات تهدف إلى التلاعب بالرأي العام والمعتقدات، وتهدف إلى نشر الأفكار أو المعلومات أو الادعاءات التي يمكن أن تضر بكيان أو قضية أو ذوات فردية بعينها.
الحرب الإعلاميّة هي عبارة عن بث الأفكار، والإشاعات، والمعلومات الخاطئة والمغلوطة وغير السويّة بين الناس من خلال الفضائيات، والإذاعات، ووسائل التواصل الاجتماعي، والجرائد، بهدف تغيير وجهات النظر وتسييرها باتجاه ما هو مطلوب منها، وتحقيق التضليل الإعلامي، والتلاعب بالرأي والوعي العام.
وتعدّ الحرب الإعلاميّة من أخطر أنواع الحروب نظرا لتأثيرها في نفسيّة متلقي المعلومة وعمل غسيل دماغ لما يؤمن ويقتنع به، مما يجعله يغيّر الواقع اتباعا لما تلقى وترسّخ في عقله. كما أنّها تعدّ حربا باردة لا يمكن التنبؤ بنتائجها ونهايتها. وتأتي الحرب الإعلاميّة مرافقة لبقية أنواع الحروب سواء كانت عسكريّة، أم اقتصاديّة، أم سياسيّة. وقد تكون في حالة السلم بهدف فساد عقول الشباب والأمة، ونشر الفوضى والإرباك بين صفوفهم.
تعدّ الحرب الإعلاميّة من أخطر أنواع الحروب نظرا لتأثيرها في نفسيّة متلقي المعلومة وعمل غسيل دماغ لما يؤمن ويقتنع به، مما يجعله يغيّر الواقع اتباعا لما تلقى وترسّخ في عقله. كما أنّها تعدّ حربا باردة لا يمكن التنبؤ بنتائجها ونهايتها. وتأتي الحرب الإعلاميّة مرافقة لبقية أنواع الحروب سواء كانت عسكريّة، أم اقتصاديّة، أم سياسيّة
لا يزال من المبكر الحديث بشكل قاطع أو بكثير من اليقين بموضوعية وبالشمول والعمق عن الحرب الدائرة حاليا في قطاع غزة، وتأثيراتها النهائية ومآلاتها. وقد أسمتها حركة حماس "طوفان الأقصى"، فيما أسمتها حكومة الاحتلال الصهيوني "السيوف الحديدية"، حروب تسميات في حرب لا تظهر في الأفق بوادر نهاية قريبة لها، أو ملامح للأوضاع على الأرض في نهايتها. إلا أن ما نشهده من صمود أسطوري من المقاومة وحاضنتها من أهل غزة ونحن في أجواء مرور العام على السابع من أكتوبر؛ ومع ذلك فان مشاهد حادة حُفرت عميقا في الذاكرة، ومستجدات لم تكن لتخطر على خيال، وانطباعات تحمل نسبة عالية من المصداقية، كلها مجتمعة قد تكون كافية للحديث عن الإعلام في هذه الحرب، وعن الحرب الإعلامية وكيف تؤثر في مجريات المعارك وكيف يتأثر بها الجمهور سلبا وايجابا.
وطالما أننا بصدد الحديث عن الوسائل، وتوظيف الأدوات ضمن قواعد تتعلق بالأداء الفعال؛ فبين الأدوات والأداء تبدو الحرب الإعلامية، إذ يؤثر التلاعب الإعلامي على الرأي العام بطرق متعددة، منها:
1- تشكيل المفاهيم والقيم؛ إذ يمكن للإعلام المضلل أن يغير طريقة تفكير الناس حول مواضيع معينة، مما يؤدي إلى تشكيل مفاهيم وقيم قد تكون بعيدة عن الحقائق.
2- زيادة الانقسامات الاجتماعية والوطنية؛ إذ يُستخدم التلاعب الإعلامي لنشر المعلومات الموجهة التي تعزز التفتيت بين المجموعات المختلفة داخل المجتمع، مثل الانقسامات السياسية أو العرقية.
3- نشر الخوف والقلق؛ فقد يتم استخدام الإعلام لنشر أخبار أو معلومات مثيرة للقلق، مما يؤدي إلى خلق حالة من الخوف.
4- تقليل الثقة في المؤسسات؛ بما يمكِّن من ترويج الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة، إلى تآكل الثقة في أطراف المجتمع وتكويناته المتنوعة.
5- توجيه الثقافة العامة؛ ذلك أن التلاعب الإعلامي يمكن أن يُستخدم لتسليط الضوء على قضايا معينة وتجاهل أخرى، مما يؤثر على ما يراه الناس كأهمية في المجتمع.
إذ يعد التلاعب الإعلامي أداة قوية يمكن أن تُستخدم لتغيير مسار التفكير والسلوكيات في المجتمع، مما يتطلب من الأفراد التحلي بالنقد والتفكير العميق حول المعلومات التي يستهلكونها، وهو أمر جعلنا نؤكد أن الحرب الإعلامية هي من أهم أشكال منظومات الحروب النفسية.
في ذاكرة التاريخ يمكن أن نرى شواهد مهمة على الحروب الإعلامية؛ ومن أبرزها:
1- الحرب الباردة: كانت هناك حملات دعائية مكثفة من كلا الجانبين (الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي) تهدف إلى التأثير على الرأي العام في الدول الأخرى، من خلال الأفلام، والمنشورات، والبث الإذاعي.
2- حرب فيتنام: شهدت هذه الحرب استخدام وسائل الإعلام بشكل كبير، حيث كانت الصور والتقارير القادمة من الخطوط الأمامية تلعب دورا في تشكيل الرأي العام ضد الحرب في الولايات المتحدة.
3- الحرب الأهلية اللبنانية: خلال هذه الحرب، تم استخدام وسائل الإعلام لنشر المعلومات الموجهة وتضخيم الصراعات الطائفية، مما زاد من التوترات والانقسام.
4- الحرب على العراق (2003): استخدمت الولايات المتحدة الإعلام بشكل مكثف لتبرير غزو العراق، من خلال عرض معلومات حول أسلحة الدمار الشامل المزعومة، وهو ما اتضح لاحقا أنه لم يكن دقيقا.
ضمن هذه السياقات كان التعامل مع السابع من أكتوبر؛ فلم تندلع الحرب الإعلامية فحسب عن الآلة الإعلامية الصهيونية، بل واكبتها آلة الإعلام الغربية الجهنمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. رُكبت منظومات الحرب النفسية وصناعة الصور الذهنية الزائفة؛ لصنع الكذب والزيف من مواقع رسمية وغير رسمية ووسائل إعلام صهيونية وشخصيات إسرائيلية من غلاة اليمين المتطرف
تُظهر هذه النماذج والشواهد التاريخية كيف يمكن أن تؤثر وسائل الإعلام على الصراعات والنزاعات، وتسهم في تشكيل وجهات نظر المجتمع.
ضمن هذه السياقات كان التعامل مع السابع من أكتوبر؛ فلم تندلع الحرب الإعلامية فحسب عن الآلة الإعلامية الصهيونية، بل واكبتها آلة الإعلام الغربية الجهنمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. رُكبت منظومات الحرب النفسية وصناعة الصور الذهنية الزائفة؛ لصنع الكذب والزيف من مواقع رسمية وغير رسمية ووسائل إعلام صهيونية وشخصيات إسرائيلية من غلاة اليمين المتطرف، وقد تلقفت وسائل الإعلام الغربية هذه الروايات الكاذبة ونشرتها دون تدقيق، من خلال جيوش الكترونية كثيرة العدد متعددة اللغات وعلى مختلف المنصات. ومعلوم أن منصات التواصل الاجتماعي أبدت تساهلا كبيرا مع الرواية الإسرائيلية، مقابل تشدد وتضييق نطاق وصول وفرض عقوبات، كالحجب والتقييد على الحسابات التي تحمل السردية الفلسطينية.
ليس من هدف هذا المقال التوقف عند دراسات متأنية لشواهد متعددة للخطاب الصهيوني الدعائي أو التفصيل فيه؛ إلا أنه يمكن الإشارة الى تعمد آلة الدعاية الصهيونية زرع الشك في الروايات التي لا تستطيع دحضها، وتمرير الروايات الصهيونية التي تقع في صالحها حتى مع تهافتها. إنها حرب التزييف والأكاذيب؛ ويترافق مع ذلك أداة تكتيكية أخرى وهي المتعلقة بقاموس التحريض المُصنّع بعناية في وصف المقاومة وأعمالها. لم يعد معجم الأوصاف التحريضية التي تستخدمها حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين كافيا، ولم تعد مصطلحات "الإرهابيين والمخربين" كافية لإشباع جنون وتطرف هذه الحكومة الأكثر يمينية وتطرفا في تاريخ الاحتلال، في هذه الحرب أكثر من غيرها استخدم الإسرائيليون -ساسة ومتحدثين إعلاميين- أوصاف البربرية والحيوانية والوحشية والسادية والهمجية على الفلسطينيين، وسعوا منذ اللحظة الأولى إلى تكريس مصطلح حماس داعش.
كما أكد عماد الأصفر في مقاله الضافي "طوفان الحرب والإعلام" أن هذا "التحريض توج بمطالبة عدة وزراء للجيش بعدم التفريق بين مدني وعسكري، وبدعوة وزير التراث "عميحاي إلياهو" إلى ضرب قطاع غزة بقنبلة نووية، من خلال إسقاط الأوصاف على الطرف الأضعف في سياق المثل "رمتني بدائها وانسلت".
صناعة السردية بين استغلال المشهد القائم وإغفال مشهد الذاكرة العميق؛ مفارقة مهمة في تصنيع الظاهرة وإدراكها ضمن تزييف وطمس الذاكرة. عادة ما ينشغل الإعلام وينشغل المتحدثون والسياسيون في معالجة اللحظة الراهنة، ناسين أنها ليست إلا نتيجة حتمية لسبب أصيل مضى، وأن هذا الصراع هو ما أوجد حركات المقاومة ومن بينها حماس، والعكس ليس صحيحا.
دور الإعلام إذا في الحروب الحديثة يتجاوز مجرد تغطية الأحداث، إذ أصبح أداة استراتيجية تستخدم لأغراض متعددة؛ منها التوجيه والتأثير على الرأي العام؛ وممارسة الحروب النفسية لتقويض معنويات أي كيان وزرع الشك في صفوفه. وكذلك لا يمكننا إغفال دور التكنولوجيا ووسائل الإعلام الجديد مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي
فهذا الصراع لم يبدأ في غزة في هذا العام أو قبل أكثر من سبعة عشر عاما حوصرت غزة فيها حصارا قاهرا؛ وإنما بدأ بالنكبة قبل خمسة وسبعين عاما، بما ارتكب من احتلال استيطاني كآخر استعمار استيطاني في المعمورة. هذا الإيهام جعل إسرائيل تركز على السابع من أكتوبر، وتضرب صفحا عن حرب إبادة جماعية إسرائيلية لأهل غزة بشهادة مؤسسات دولية قضائية وهيئات حقوقية، كما لا تخلو هذه الصناعة الإعلامية من تغييب متعمد أو تعتيم متمدد؛ أو تبرير وتغرير وتزوير.
دور الإعلام إذا في الحروب الحديثة يتجاوز مجرد تغطية الأحداث، إذ أصبح أداة استراتيجية تستخدم لأغراض متعددة؛ منها التوجيه والتأثير على الرأي العام؛ وممارسة الحروب النفسية لتقويض معنويات أي كيان وزرع الشك في صفوفه. وكذلك لا يمكننا إغفال دور التكنولوجيا ووسائل الإعلام الجديد مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح من السهل مشاركة المعلومات وأيضا تداول الشائعات، مما يعدل من ديناميات الحروب وتأثيرها. وضمن هذه الصناعة الإعلامية، تلجأ الأنظمة إلى فرض رقابة على وسائل الإعلام للسيطرة على السرد الإعلامي ومنع وصول المعلومات التي قد تضر بمساعيها.
إذا، الساحة الإعلامية كميدان للحروب الإعلامية والنفسية كما هي مساحة يستغلها العدو؛ يجب أن تظل ضمن اهتمامات الأمة والمقاومة ضمن أطروحة المقاومة الإعلامية وإعلام المقاومة.
x.com/Saif_abdelfatah
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحرب الإعلامية الحرب النفسية الدعاية الإعلام الحرب النفسية الحرب دعاية طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة صحافة سياسة تكنولوجيا صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التواصل الاجتماعی الولایات المتحدة الحرب الإعلامی ة السابع من أکتوبر الحرب الإعلامیة على الرأی العام الحروب النفسیة وسائل الإعلام هذه الحرب یمکن أن لا یمکن من خلال
إقرأ أيضاً:
مرقص في إفطار تكريمي لإعلاميين شاركوا في تغطية العدوان: شجاعتكم وسام على صدر الوطن
أقيم إفطار تكريمي لإعلاميين شاركوا في تغطية العدوان على لبنان، في مطعم Olive Beirut– في فندق الحبتور- سن الفيل، بدعوة من الإعلامي محمد برجي، وصاحبي المطعم خالد غياض ونجله جلال غياض، برعاية وزير الإعلام الدكتور بول مرقص وفي حضور وزير الإعلام السابق المهندس زياد المكاري.
بداية رحبت الإعلامية رنا أسطيح، بالحضور موجهة "لفتة شكر وتقدير ووفاء لكل المراسلين والمراسلات والأطقم الصحافية الذين رغم الحرب وتحت القصف والعدوان، بقوا في الميدان وأدوا رسالتهم بكل شجاعة وتفان وعرّضوا حياتهم للخطر، كي تعيش الحقيقة ويبقى الصوت مسموعاً".
وشددت على أن "التغطية ما زالت مستمرّة في زمن الهدوء كما في زمن الحروب، في وقت الهدنة أو على خطوط النار بوجود صحافيين وصحافيات بذلوا تضحيات لا توصَف، في سبيل نقل الحقيقة وإيصال الصوت والصورة".
وأشارت إلى أن "رسائل المراسلين والمراسلات على الهواء من خلف خطوط النار هي الشعلة التي وعّت الضمير العالمي والجمرة التي قلّبت تحركات شعبية ومسيرات بالآلاف في كل شوارع العالم تنديداً بالمجازر ومطالبةً بالحقيقة".
واستذكرت عصام عبد الله، ربيع معماري، فرح عمر، هادي السيد، كامل كركي، حسين صفا، محمد غضبون، محمد بيطار، علي الهادي ياسين، وسام قاسم، غسان نجار، محمد رضا، زينب غصن، سكينة كوثراني وعلي حسن عاشور "الذين استشهدوا من أجل الكلمة والحقيقة".
ثم القى محمد الجنون كلمة باسم الإعلاميين أكد فيها أن "رسالة الإعلام لا تعرف الاندثار"، وقال:"مهما حاولوا قتلنا وترهيبنا، سنبقى أسياد الكلام بإصرار".
أضاف:"رسالتنا دائماً هي أن نكون مع الوطن، أن نكون مؤمنين بالدولة التي تصون حقوقنا، فهي ملاذنا وشعارنا وكلامنا وأصلنا، ولن نحيدَ عن درب الحقيقة مهما كانت المآسي وسنبقى شاهدين على كل تفصيل، وسننقلُ الحقّ بقوة وحماس".
ختم:"سنراقب ونتابع، ونحمي لبنان بأقلامنا وانتمائنا، لأننا سنبقى الشهود على الحقيقة دائماً وأبداً، وسنبقى سلطة رابعة ما كانت يوماً خانعة ولا خاضعة ولا خادعة والدليل على ذلك كان في الجنوب".
من جهتها شددت ابنة الجنوب الإعلامية رابعة الزيات على أن "تزامن شهر رمضان مع الصوم الكبير مناسبة للتفكير في هذه الوحدة من أجل بناء وطن لأننا أصبحنا بحاجة للقاء وليس للفراق".
وقالت: "الصحافيون خلال العدوان الإسرائيلي على كل لبنان، كانوا ينقلون الصورة بإنسانيتهم وأخلاقهم والتزامهم المهني، في ظروف صعبة، وأظهروا كيف يصنع المراسل رأياً عاماً وكيف ينقل الحقيقة ويمارس دوره بأخلاقية".
وأشارت إلى "أننا اليوم في حال انقسام كبيرة، فالعدوان على لبنان لم يوحد اللبنانيين، وكان هناك انقسام اعلامي شديد حوله، ولكن على الرغم من هذا الانقسام، كان الزملاء في جميع الوسائل الإعلامية يؤدون واجبهم بكل أمانة ومهنية وصدق".
وقالت:"في ظل حال الانقسام في البلد دوركم ليس على الشاشات بل أيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الحياة لتقريب وجهات النظر واحترام الاختلاف وعدم إدانة بعضنا على خلفياتنا السياسية من أجل بناء وطن، ونحن اليوم في فرصة حقيقية لبناء الوطن والاعلام هو الأساس في هذا البناء".
ثم كانت كلمة للمكاري عايد فيها الحضور بحلول رمضان والصوم، وتوجه فيها الى الاعلاميين قائلا:"خضنا معارك كثيرة معا لكن قدرنا أننا أتينا في ظرف سيّئ ومأسوي وفي زمن حرب استشهد فيها إعلاميات واعلاميون بالإضافة إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوفهم ايضا".
أضاف:"منذ تسلمي وزارة الاعلام اعتبرت اننا فريق واحد على الرغم من التباينات للأسف بين اللبنانيين لكننا نعتبر ذلك تنوعا ننفرد به عن غيرنا لذلك يجب أن نتغنى به ونحميه. عند اندلاع الحرب كنت أول مسؤول حكومي زار بلدة مارون الراس في 13 تشرين الأول 2023 واتشرف بذلك، والتقيت الصحافيين هناك، ويومها قلت إن اللبنانيين لا يريدون حرباً إنما اذا فرضت علينا، فيجب أن نكون موحدين، وقلت للإعلاميين إن للحرب وسيلتين: الحرب العسكرية والحرب الإعلامية التي لا تقل أهمية عن العسكرية، وكان أهم مطلب أن ننقل بكل موضوعية ما كان يحصل من دون عواطف. وهنا أنوه بكل الإعلام اللبناني على الرغم من الانتقادات والانقسامات الحادة، وأقول إنكم رفعتم اسم لبنان باحترافيتكم وموضوعيتكم، في وقت كان السياسيون منقسمين على بعضهم، كان الصحافيون اللبنانيون من وسائل مختلفة يستشهدون. فهذا هو الدرس الذي يجب أن يعيه السياسيون في لبنان، وهو أنه يمكننا أن نكون موحدين".
وتوجه المكاري إلى الوزير مرقص بالقول:"لو طُلب مني أن اختار وزيراً للاعلام من بعدي لكنت اخترتك بالتأكيد. تركنا لك أمانة غالية جداً، عملنا وصمدنا كثيراً كي نصل إلى ما وصلنا اليه، وكما بعد كل حرب هناك مخلفات وألغام، لن أتكلم عنها لكن أقول لك إن الإعلام يستحق أن تحميه إلى أبعد الحدود، وان تتحدى كل الناس والطوائف والمذاهب والمراجع كلها من أجل ذلك وستكون انت الرابح".
ختم:" من أجل حماية الإعلاميين، تركنا مشروعاً بأمانتك هو قانون الإعلام، فهو كفيل أن ينظم كل هذه البيئة وانا أكيد أنك ستستمر في هذا النهج وأتمنى إقراره خلال فترة توليك الوزارة".
في الختام القى الوزير مرقص كلمة قال فيها:"سندعم الإعلاميين بقوة الحق لأنهم أصحاب حق وقضاياهم قضايا حق، كما سندعمهم بالقانون والنظام والعدالة والإنصاف الذي يستحقه كثير من فئات العاملين في المرئي والمسموع".
أضاف:" جلت اليوم في أقسام وغرف تلفزيون لبنان الذي يستحق أن يكون مضيئًا أكثر مما هو عليه، كذلك الأمر في أقسام عدة من مديريات ودوائر وزارة الإعلام، وفي كل مرة أجول في أرجاء الوزارة والتلفزيون، أرى كم هو مهم تدعيم الإعلام اللبناني الذي يضم طاقات زاخرة بحاجة إلى الإضاءة والدعم والإنصاف. لذلك أعدكم بأن أعمل حتى النهاية وأمضي كل وقتي في خدمة الإعلام والإعلاميين".
تابع:"الإعلام مرآة الواقع، في السلم كما في الحرب. لعلّ الفارق الوحيد، أنّ هذه المرآة تشظّت في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، وعلى رغم ذلك حافظت على صفاء الرؤية ونقاء الصورة. 11 إعلامياً شهيداً وثمانية جرحى منذ تشرين الأول 2023 حتى توقف الاعتداءات، كانوا رسُلَ الحق وشهوداً على قضية وطن لا يستسلم ولا يموت. واذا كان كل إعلامي يترسّل في مهنته حتى حدود الاستماتة والشهادة، فإنه يسترسل في تفانيه، أصالة عن نفسه ونيابة عن الآخرين، كل الآخرين. ولولا الترسّل والاسترسال، لما أمكن نقل الخبر من مكان الحدث الأكثر سخونة وخطورة، ولما أمكن توثيق استشهاد 163 من كوادر القطاع الصحي، وألفين و593 مواطناً، وإصابة 12 ألفاً و119 بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، فضلاً عن أكثر من مليون و400 ألف نازح داخل الأراضي اللبنانية وإلى خارج الحدود. كلها كانت حصيلة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، ونتيجة متابعة دؤوبة ولحظوية من عدسات لا تنام وأقلام لا تنكسر وهمم لا تفتر رغم الترهيب الإسرائيلي المُخالف للقانون الدولي الإنساني وكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي من غير المقبول ألا تُطرح مجدداً على بساط البحث لإجراء جردة حقيقية لما تبقى من نصوص أصبحت ميتة وهي بحاجة لإحيائها مجدداً وفقاً لآليات مُلزمة للدول كي تحترم حقوق الإنسان، وذلك بحاجة إلى ضغطكم لأن ما حصل لا يُستهان به ويجب التوقف عنده والاتعاظ منه من أجل إعادة التفكير في كل هذه الأدبيات التي لم تعد صالحة في عصرنا الحاضر".
أضاف:"هذا هو إعلامنا وهؤلاء هم إعلاميّونا، أصوات الحقيقة في زمن الضلال، وأقلام الحق في وقت الظلم، وعيون العقل أيام التّيه والغشاوة. من شجاعة عصام العبدالله استمدّ العالم بأساً، ومن إقدام فرح عُمر التمس نخوة وحماسة، ومن دماء زملاء آخرين كثر وجروحهم الغائرة استجمعنا قوانا وعقدنا العزم على متابعة المشوار حتى آخر مراحله المعمّدة بالدم والحبر على امتداد الوطن. قدَر الإعلامي كقدَر الجنديّ في المعركة، ومهمّتهما واحدة: بندقيّة تفكّر وعقل يقاتل. بندقية الإعلامي قلمُه، وسلاح الجنديّ وطنيّته".
ختم: "لن أطيلَ الكلام ولن أخطبَ في إعلاميين تعوّدوا أن يكتبوا ويتكلّموا ليسمع الآخرون ويفهموا قضايا الحق والحرية والكرامة. عطاءاتكم في الحرب تتحدث عنكم، وشجاعتكم وسام على صدر الوطن وصدورنا جميعاً. رحم الله الشهداء الإعلاميين وشفى الجرحى وحفظ لنا لبناننا الحبيب".