محمود أبو حبيب يكتب: حرب الهواتف
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
القوانين في جوهرها عبارة عن نسيج يربط بين خيوط الحياة المتشابكة، فتنظم حركتها وتوجه مسارها، بداية من علاقة الإنسان بنفسه إلى أوسع العلاقات الدولية بين الدول، فكما أن السفينة في الماء تحتاج في كل حركة إلى دفة توجهها، فإن كل فعل وسلوك في الحياة يحتاج إلى قانون ليضبطه، فالقوانين هي تلك الدفات التي تحركنا في بحر العدالة والإنصاف، سواء في عالم المادة حيث الأفعال والسلوك، أو في العالم المعنوي حيث الأفكار والآراء، فكلا العالمين لا بد من قوانين لتضبطهم لتلزم الفرد ذاتيًا تجاه نفسه وخارجيًا تجاه الآخرين، لهذا كانت فلسفة القوانين في الحياة كالسور الذي يحمي المدينة من الغزاة والحصن الذي يضمن الاستقرار للمجتمع.
والسؤال هنا، هل القوانين أسوار صلبة حول المجتمع؟، أم أنها إطار مرن ينسجم مع نبض الحياة المتغير؟، نعم، هي هذا الإطار الذي يجعل المشرع في أي زمان ومكان قادرًا على أن يضع النص القانوني الذي ينظم به كل جديد يظهر، وهو أمر لا محال ضروري، وإلا لما تجاوزنا زمن العصر الحجري، وظلت كثير من شؤوننا شاردة لا تجد ما ينظمها، وفي هذه الأيام التي تحولت فيها هواتفنا المحمولة إلى ساحات حرب كلامية، يمكن تسميتها بصراعات "الشرشحة"، والتي تشتعل بسبب كلمات على مواقع التواصل، تشغلنا بها حسابات شخصية، ومؤسسات المفترض أنها معنية ببناء الوعي، الكل يتسابق ليشارك في هذا السخط، صوروا مجتمعنا على أنه مجتمع غوغائي لا يهتم إلا بكل ما هو تافه، من قال أن هذا هو الخبر الذي يريد الناس معرفته، ومن قال أن خلافا بين شخصين سيفيد المجتمع في شيء، وفي الأخير من المسؤول عن واقعنا الافتراضي المشوش، أهو انعكاس للواقع ، أم أنها صورة كاذبة نرسمها عمدًا أو جهلًا عن هذا المجتمع.
على الرغم من أن هناك بعض هذه الخلافات مفتعلة تقف خلفها بعض الشركات التي تدير هذه الحسابات، عمدًا لإثارة حماس المتابعين ليُدمنوا متابعة كل جديد في هذه الصراعات الوهمية، لكن ما يهمنا هو الصورة التي تصدر على مواقع التواصل الاجتماعي عن المجتمع المصري، ففي الوقت الذي أصبح فيه العالم قرية صغيرة والدول عبارة عن أزقة أو حواري في هذه القرية، أصبحنا نستحق لقب "الشرشحة" بسبب خصوصيات فئة خاصة، والتي أصبحت على "وش القفص" المجتمعي، تعطي صورة سلبية عن هذا الشعب، وبات المجتمع يتنفس هواء ملوثًا بأفعال هذه الفئة التي لا يهمها سوى مصالحها الشخصية حتى وإن كانت على دماء قيمنا وعادتنا، فهم كالطفيليات يتغذون على قيمة ووعي المجتمع.
لا شك في حق الشخص باللجوء إلى الجهات القانونية، ضد أي تجاوز يصدر تجاهه عبر السوشيال ميديا، ولكن يبقى السؤال مطروحًا: كيف يمكن لمجتمعنا أن يحافظ على قيمه وعاداته الأصلية في ظل هذا الفيضان من المحتوى المسموم والمشوه؟، ألم ندرك بعد خطورة نشر الخلافات الشخصية فضلا عن المفتعلة منها، على مجتمعنا؟، تحويل هذه الخلافات إلى عرض عام أمام المجتمع يتابعه ليل نهار هو مضيعة لوقت هذا المجتمع وجهد شبابه، انشغال العامة بهذا النوع من الخلافات التي تصل إلى حد "الشرشحة"، هي عبارة عن حقنة هواء في وريد هذا العجوز الذي وهن بسبب تصرفات أبنائه، يجب أن يتدخل القانون لوقف هذه المهازل على السوشيال ميديا كما يعمل على وقفها في الواقع، بدلًا من أن تظل هواتفنا ساحات حرب لهذا النوع من الغوغائية، ليس من حق أي شخص يمتلك حسابًا على مواقع التواصل أن يشعل حربًا تلتهم وقت الناس وتفكيرهم، فالمجتمع له حرمة وحرمته لابد أن يكفلها القانون وأن يلاحق من يلتهمون هدوء واستقرار المجتمع.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
الذهب يرتفع مع تصاعد الخلافات التجارية
سجلت أسعار الذهب ارتفاعا، خلال تعامالت الاثنين المبكرة، بعد أن لامس مستوى تاريخيا الأسبوع الماضي، مع استمرار زيادة الطلب على الملاذات الآمنة بفعل استمرار التوترات الجيوسياسية والقلق بشأن الرسوم الجمركية، وتصاعد الخلافات التجارية وزيادة الآمال في خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لأسعار الفائدة.
تحديث الأسعاربحلول الساعة 0307 بتوقيت غرينتش، زادت أسعار الذهب في المعاملات الفورية 0.1 بالمئة إلى 2986.53 دولار للأونصة (الأوقية). وتجاوز المعدن النفيس مستوى الثلاثة آلاف دولار للأونصة التاريخي ليسجل صعودا قياسيا الجمعة عند 3004.86 دولار للأونصة.
وانخفضت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.2 بالمئة إلى 2994.60 دولار للأونصة، بحسب بيانات وكالة "رويترز".
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، انخفضت الفضة 0.1 بالمئة إلى 33.76 دولار للأونصة. وزاد البلاتين 0.1 بالمئة إلى 994.50 دولار للأونصة. ونزل البلاديوم 0.1 بالمئة إلى 963.83 دولار للأونصة.
وقال كلفن وونغ، كبير محللي السوق في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لدى أواندا "كان الارتفاع الأخير في أسعار الذهب مدفوعا بمخاوف الركود التضخمي".
هبطت ثقة المستهلك الأميركي إلى أدنى مستوى في نحو عامين ونصف العام في مارس، وارتفعت توقعات التضخم وسط مخاوف من أن الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، والتي أشعلت حربا تجارية، ستعزز الأسعار وتقوض الاقتصاد.
كما استمرت التوترات الجيوسياسية، مع توعد الولايات المتحدة بمواصلة مهاجمة الحوثيين في اليمن حتى ينهوا هجماتهم على السفن، بينما أدت الضربات العسكرية الإسرائيلية إلى مقتل 15 فلسطينيا على الأقل في قطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
حقق الذهب، الذي يعد تحوطا ضد المخاطر السياسية والتضخم، مكاسب بنحو 14 بالمئة منذ بداية العام الحالي.
وتترقب الأسواق الآن اجتماع السياسة النقدية للمركزي الأميركي الأربعاء، يليه خطاب رئيس البنك جيروم باول.