كاتب إسرائيلي يطالب برد مجنون على إيران
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
طالب كاتب إسرائيلي معروف بإطلاق ما سماه "جنون" إسرائيل للرد كخطوة ضرورية لردع إيران، التي وصفها بأنها "رأس الأفعى" التي تثير الصراعات في المنطقة وتدير خيوط ما يعتبره "محور الشر".
وفي مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، اعتبر بن درور يميني أن إلحاق الضرر بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب الله لا يكفي، واتهم النخب الأكاديمية والسياسية في الغرب بتشجيع ودعم "محور الشر".
ورأى يميني أن الوضع الحالي ليس مجرد نزاع عسكري، بل هو معركة بين "العالم الحر" و"قوى الشر" التي تشمل إيران وحلفاءها، ولكنه في المقابل انتقد بشدة ما يعتبره استسلاما للعالم الحر أمام إيران.
وقال إن "العالم الحر أسير صناعة الأكاذيب التي تجعل محور الشر، الذي يفرض الدمار والإرهاب، يبدو عادلا، بينما تُحمل إسرائيل مسؤولية المشاكل".
لعب خارج القواعد
وأضاف "لن ينتهي هذا الجنون إذا استمرت إسرائيل في اللعب وفقا للقواعد، أو إذا استسلمت لضغوط العالم الحر الذي يهتم بأسعار النفط أكثر من تهديدات إيران بتدمير إسرائيل"، وذلك في إشارة إلى تخوفات الإدارة الأميركية من أن ضرب إسرائيل للمنشآت النفطية الإيرانية سيتسبب في ارتفاع حاد لأسعار النفط ومشتقاته.
واستعرض الكاتب مشهدا قاتما للوضع العالمي، منتقدا الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي تتردد في مواجهة إيران بحزم.
وأشار إلى أن العقوبات وحدها لن تردع إيران، وأن على إسرائيل اتخاذ خطوات جريئة بغض النظر عن موقف المجتمع الدولي.
وقال في هذا السياق "إسرائيل يجب أن تصاب بالجنون، ليس فقط من أجلها، ولكن أيضا من أجل العالم الحر"، مشددا على أن "السماح لإيران بالمضي قدما دون ردع سيجعل العالم بأسره يدفع الثمن"، على حد زعمه.
دعوة لتدمير نووي إيرانولأجل تأكيد موقفه المتطرف، زعم الكاتب أنه "إذا خرج محور الشر من هذه المعركة الرهيبة سالما، فلن تدفع إسرائيل وحدها الثمن، وسيستمر عشرات الملايين في الشرق الأوسط في المعاناة. ستدفع دول العالم الحر ثمنا باهظا".
ومن المستغرب أن يدلل الكاتب على الثمن الباهظ الذي سيدفعه العالم في حال عدم مهاجمة إيران، بالإشارة إلى أن "شوارع لندن وباريس ونيويورك ومدريد تمتلئ بالمتظاهرين الذين يدعمون محور الشر"!
ومضى يميني في التحريض على ضربات إسرائيلية مباشرة وقاسية وحازمة للمنشآت النووية الإيرانية، وقال "يجب على إسرائيل تدمير المنشآت النووية الإيرانية.. لقد حان الوقت لأن يكون شعار إسرائيل "بأي وسيلة ضرورية"، ومع أو بدون الولايات المتحدة".
وزعم الكاتب في سياق التحريض أن "العشرات من الملايين، بما في ذلك 6 ملايين يهودي، دفعوا بالفعل ثمنا باهظا لجنون الشر المطلق (إيران)"، داعيا بلاده إلى عدم تكرار أخطاء الماضي والامتناع عن ضبط النفس.
واتهم يميني النخب الأكاديمية والسياسية في الغرب بتشجيع ودعم ما سماه محور الشر، وقال "عدد لا يحصى من المحاضرين يقفون إلى جانب محور الشر، يبررون المجازر، ويتهمون إسرائيل بالاستعمار، ويدعون أن إسرائيل تمارس إبادة جماعية".
واعتبر الكاتب الإسرائيلي أن "هذه الدعوات هي جزء من حملة واسعة النطاق لتشويه صورة إسرائيل والتقليل من شأن التهديدات الإيرانية"، وأضاف "إنهم يكذبون دون توقف، يعلمون، وبالتأكيد يجب أن يعرفوا، أن قادة حماس وحزب الله يعلنون أن هدفهم هو إبادة اليهود وغزو جميع بلدان العالم الحر من أجل إقامة خلافة إسلامية"، على حد زعمه.
وحذر يميني من التداعيات الخطيرة لعدم توجيه إسرائيل ضربة حاسمة ضد إيران، ووضح "إذا لم يتم القضاء على هذا النظام، وإذا كانت لديه القدرة، وإذا حصل على أسلحة نووية، فسوف يدمر إسرائيل.. يجب على إسرائيل أن تتخذ إجراء بأي وسيلة ضرورية".
وفيما دعا الكاتب إسرائيل إلى التحرك بشكل مستقل، معتمدة على قوتها الذاتية لردع التهديد الإيراني، "حتى وإن كان الثمن غاليا"، فقد أكد أن "إسرائيل يجب أن ترفض الاستسلام لأي ضغوط دولية قد تدفعها إلى تقليص عملياتها ضد إيران".
وختم مقاله بالإشارة إلى أن "أي ثمن اليوم ستدفعه إسرائيل جراء التحرك المستقل والحاسم ضد إيران سيكون أقل من الثمن الذي ستدفعه إسرائيل في المستقبل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العالم الحر محور الشر
إقرأ أيضاً:
خبير هولوكوست إسرائيلي: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ممنهجة في غزة بدعم أمريكي
في حوار مع صحيفة "إل موندو" الإسبانية، حذّر الأكاديمي البارز راز سيغال، المتخصص في دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية، من المنعطف الخطير الذي تشهده كلٌّ من "إسرائيل" والولايات المتحدة، مؤكدًا أنه يخشى على سلامته الشخصية بسبب مواقفه العلنية من الحرب على غزة.
ويشغل سيغال، الذي يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والأمريكية، منصب أستاذ دراسات الإبادة الجماعية الحديثة في جامعة ستوكتون بولاية نيوجيرسي، وكان من أوائل من وصفوا ما يجري في غزة بأنه "إبادة جماعية وفق التعريف الكلاسيكي"، وذلك في مقال نشره بتاريخ 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بعد أيام فقط من هجوم حماس في السابع من نفس الشهر.
وقال سيغال للصحيفة: "نعم، أخشى أن يأتوا من أجلي. قد يبدو هذا التصريح من زمن آخر، لكنه يعكس الواقع الراهن. إذا بدأ النظام يستهدف أشخاصًا مثلي، فسنكون قد دخلنا مرحلة جديدة وخطيرة. نحن نشهد انزلاقًا نحو استيلاء فاشي على السلطة".
ورغم إدراكه لحساسية الظرف السياسي، شدد سيغال على تمسكه بمواقفه، تمامًا كما فعل حين أعرب مبكرًا عن إدانته لما وصفه بجريمة جماعية ترتكبها "إسرائيل" في غزة، متقدمًا بذلك على الاتهامات الرسمية التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية، والتي اعتبرت في ثلاث مناسبات العام الماضي أن هناك "احتمالًا معقولًا" لارتكاب إبادة جماعية، بالإضافة إلى تقارير مماثلة صادرة عن خبراء أمميين، من بينهم المقررة الخاصة فرانشيسكا ألبانيزي.
ويذكّر سيغال بأن خلفيته العائلية، كحفيدٍ لناجين من الهولوكوست، هي ما يدفعه إلى رفع صوته: "التاريخ لا يغفر، ومن واجبنا ألا نكرره، لا كضحايا ولا كصامتين".
وحين سُئل عن المؤشرات التي دفعته إلى التحذير المبكر من إبادة جماعية في غزة، قدّم البروفيسور راز سيغال إجابة حاسمة مستندة إلى خبرة تمتد لأكثر من عشرين سنة في دراسة الإبادة والهولوكوست.
قال سيغال: "من واجبنا التعرّف على علامات الإبادة مبكرًا وأخذ شعار لن يتكرر أبدًا على محمل الجد. الاعتراف المتأخر لا يكفي، فالاتفاقية الدولية تهدف إلى المنع لا التوثيق بعد فوات الأوان".
وأشار إلى أن نزع الإنسانية من أبرز المؤشرات، واستشهد بتصريحات وزير الحرب الإسرائيلي يؤاف غالانت في 9 تشرين الأول/ أكتوبر، حين وصف الفلسطينيين بـ"الحيوانات البشرية"، ثم كررها في اليوم التالي الجنرال غسان عليان دون تمييز بين مدني ومقاتل.
ويضيف أن الخطاب الإبادي اجتاح الإعلام، وترافق مع فرض حصار كامل على غزة، وتنفيذ حرفي للوعيد، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت.
ويؤكد أن "النية عنصر جوهري"، وغالبًا ما تكون مستترة، "لكن في الحالة الإسرائيلية، التصريحات واضحة ومتكررة". ويشير لتصريح إسرائيل كاتس، في 19 آذار/ مارس، حين هدد سكان غزة بدمار شامل.
ويضيف أن الأهم من التصريحات هو تنفيذها، ولدينا آلاف الفيديوهات لجنود يوثّقون جرائمهم بفخر، ما يعكس الوعي الكامل بنوايا القيادة.
وعن أهمية استخدام مصطلح "إبادة جماعية" رغم صدور مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت بتهم جرائم حرب، أوضح البروفيسور راز سيغال أن الفرق جوهري، لأن الإبادة جريمة منفصلة بتعريف قانوني خاص، والأدلة على وقوعها باتت قوية.
وقال إن محكمة العدل الدولية أصدرت ثلاثة قرارات – في كانون الثاني/ يناير وآذار/ مارس وأيار/ مايو – تفيد بأن من "المعقول" أن تكون هناك إبادة جارية.
وأضاف أن هناك إجماعًا متزايدًا بين باحثي الهولوكوست وخبراء القانون، بمن فيهم أكاديميون إسرائيليون مثل عمر بارتوف وعاموس غولدبرغ، وكذلك وليم شاباس، الذي يرى أن الحالة تمثل إبادة واضحة.
وأشار إلى أن استمرار تراكم الأدلة سيجبر القضاة في نهاية المطاف على الاعتراف بذلك، ما سيحدث هزة كبرى في بنية القانون الدولي.
وعن سبب اعتبار توصيف الإبادة مفصليًا، قال سيغال إن تعريفها بعد الحرب العالمية الثانية صيغ لخدمة المنتصرين، وتجاهل جرائم الاستعمار. وأضاف أن "إسرائيل" تأسست على فكرة "فرادة" الهولوكوست، ما منحها حصانة قانونية دولية، واستخدام مصطلح "إبادة" اليوم يهدد تلك الحصانة.
وبشأن 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وصف سيغال ما جرى بأنه جريمة حرب ومجزرة لا تُبرر، لكنه دعا لفهم السياقات. وقال: "إذا وُضع شعب تحت نظام قمعي وحصار طويل، فستظهر تمردات عنيفة. هكذا علّمنا التاريخ".
وأكد أن أحداث غزة تمثل منطق "إسرائيل الكبرى" والمشروع الاستعماري. "بعد خطة ترامب، أيد 70 بالمئة من الإسرائيليين – ومعظمهم يهود – التطهير العرقي، وهذا يشمل الضفة أيضًا".
ويرى أن ما يحدث ليس انتقامًا فقط، بل نتيجة إيديولوجيا استعمارية، وأن "إسرائيل" ليست استثناء، بل تكرر أنماطًا استعمارية سابقة.
وأشار إلى أن المجتمع الإسرائيلي بدأ ينهار: اضطرابات ما بعد الصدمة، وعنف متزايد، وتفكك أسري، ونزوح أطباء، وانهيار النظام الصحي، مع تقديرات بهجرة 100 ألف يهودي إسرائيلي لا ينوون العودة. "لا يمكن لدولة أن تبقى إذا كان بقاؤها قائمًا على العنف المستمر".
تصريحات سيغال تتقاطع مع تحذيرات سابقة أطلقتها شخصيات إسرائيلية بارزة، حتى قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، من بينها الرئيس إسحاق هرتسوغ الذي قال في آذار/ مارس 2023 إن البلاد 'على شفا هاوية' وإن خطر 'الحرب الأهلية' بات ملموسًا.
وقد تصاعدت التحذيرات بعد بدء العدوان على غزة، مع تفاقم الاستقطاب بين التيارات الدينية المتطرفة التي تؤمن بمشروع "إسرائيل الكبرى" وبين التيارات العلمانية. وعبّر رؤساء وزراء سابقون مثل إيهود أولمرت وإيهود باراك عن هذه المخاوف، والتي أيدها مؤخرًا 60 بالمئة من الإسرائيليين، وفق استطلاع حديث أصدره معهد سياسة الشعب اليهودي.
ويقول سيغال: "أسأل عائلتي دومًا: هل تشعرون الآن بالأمان أكثر؟ والجواب دائمًا: لا. فكرة أن الحل الوحيد لأمن اليهود هو العيش في دولة يهودية لم تعد صالحة. لا يمكن أن تنعم بالأمان إذا كنت تضطهد ملايين البشر، وتصادر أراضيهم، وتخضعهم للاحتلال".
وعن أهمية مفهوم "مجتمع المتفرجين" في دراسات الإبادة الجماعية، وسؤال حول ما إذا كان يمكن تصنيف موقف الحكومات الغربية من الحرب على غزة ضمن هذا الإطار، قدّم سيغال إجابة حاسمة:
"في حالة الولايات المتحدة، لا يمكننا الحديث عن مجرد متفرج. نحن أمام شريك في الجريمة. ما يجري هو إبادة جماعية تُرتكب بشكل مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة. لولا الدعم الأمريكي – سواء من حيث تزويد الأسلحة أو توفير الغطاء الدبلوماسي – لما تمكنت إسرائيل من تنفيذ هذا المستوى من العنف".
ويضيف سيغال، في ختام الحوار، أن المسؤولية لا تقع على واشنطن وحدها، بل تشمل أيضًا دولًا أوروبية بارزة: "ألمانيا، على سبيل المثال، تُعد أيضًا شريكًا في الجريمة. فبحسب القانون الدولي، كل من يزود دولة ترتكب إبادة جماعية بالسلاح، هو طرف مشارك في ارتكاب الجريمة. هذه ليست مسألة أخلاقية فقط، بل مسألة قانونية واضحة".