تسجيل قراءة العداد أحد أهم الأمور التي يحرص عليها المواطنين، لمعرفة قيمة الاستهلاك الشهري وحسابه بالمبالغ المالية سواء عداد الكهرباء أو المياه أو الغاز، لذا نستعرض 3 طرق لتسجيل قراءة عداد الغاز لشهر أكتوبر 2024، للتمكن من دفع الفاتورة.

تسجيل قراءة عداد الغاز لشهر أكتوبر 2024

يمكن للمواطنين تسجيل قراءة عداد الغاز لشهر أكتوبر 2024 من خلال موقع شركة الخدمات التجارية البترولية «بتروتريد»، بكتابة رقم المشترك موجودة على فاتورة الغاز، التي تشمل 5 أرقام مظللة باللون الأسود.

طرق لتسجيل قراء عداد الغاز

توجد عدة طرق لتسجيل قراء عداد الغاز لشهر أكتوبر 2024، وتأتي على النحو التالي:

1- مندوبو الشركة.

2- خدمة عملاء شركة الخدمات التجارية البترولية: 1122.

3- موقع شركة الخدمات التجارية البترولية.

4- تطبيق بتروميتر. 

6- خدمة IVR.

موعد تسجيل قراءة عداد الغاز وسداد الفاتورة

يتم تسجيل قراءة عداد الغاز لشهر أكتوبر 2024، من يوم 1 حتى يوم 20 أكتوبر، ويمكن للمواطن سداد فاتورة الغاز ابتداء من يوم 1 إلى نهاية الشهر.

نصائح لتسجيل قراءة عداد الغاز

- عند تسجيل قراءة عداد الغاز لابد من الوضع في الاعتبار مُراعاة الإرشادات التالية:

- يجب التأكد من قراءة العداد بصورة صحيحة وإدخال الأرقام المكتوبة بطريقة صحيحة.

- احتفظ بإيصال تسجيل القراءة لكي يتم التأكد من صحة الفاتورة.

كيفية دفع فواتير الغاز لشهر أكتوبر 2024؟

يُمكن للمواطنين دفع فواتير الغاز الخاصة بهم من خلال شركات التحصيل الإلكتروني المختلفة والمنتشرة بجميع أنحاء الجمهورية، والتي تتمثل في «فوري، وبي، وأمان، وخدماتي، وضامن، وممكن، ومصاري، وفون كاش»، وغيرها من كل وسائل الدفع المعروفة.

خطوات فتح حساب على تطبيق بتروميتر 

1- تحميل تطبيق بتروميرتر.

2- الدخول على Sign up3، وكتابة السم الأول والأخير.

3- كتابة البريد الإلكتروني للمستخدم.

4- اكتب الهاتف.

5- اكتب الرقم القومي.

6- اكتب الـ 16 رقم الخاص من واقع الفاتورة وإمكانية استخدام الباركود الموجود علي القاتورة بالضغط على رمز الباركود فى الشاشة.

7- حدد المحافظة.

8- حدد المدينة.

9- اختيار المنطقة واسم الشارع ورقم العمارة ورقم الشقة ورقم الدور.

10- كتابة كلمة سر لا تقل عن 6 حروف.

11- تأكيد كلمة السر.

12- تأكيد الانتهاء من إدخال البيانات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: تسجيل قراءة عداد الغاز طرق تسجيل قراءة عداد الغاز دفع فاتورة الغاز

إقرأ أيضاً:

هل من أفق للتنوير الإسلامي في ثقافتنا العربية الإسلامية؟ قراءة في كتاب

الكتاب: من أجل تجديد التنوير الإسلامي
الكاتب: د محمد المصباحي
الناشر: دار الأمان-الرباط
الطبعة الأولى
سنة النشر: 2024
عدد الصفحات: 176


منذ خمسة عقود تقريبا، طرحت في الفكر الفلسفي المغربي إشكالية توطين العقلانية والحداثة، وطرحت معها مشكلة التعامل مع التراث، واختلفت أنظار المفكرين بهذا الخصوص، على الرغم من وحدة الهدف، أي تثوير العقل العربي، والاتجاه نحو التنوير.

كتب عبد الله العروي كتابيه الشهيرين: "الإيديولوجية العربية المعاصرة" و"العرب والفكر التاريخي"، ثم أعقبهما بكتاب "أزمة المثقفين العرب"، ولم يتردد قيد أنملة، في أن طريق العقلانية والحداثة، يمر حتما عبر القطيعة مع التراث، ليس بصفته فقط اجتهادات داخل النص، بل القطيعة حتى مع النص نفسه، أو ما أسماه العروي لاحقا بـ"الفطام عن ثقافة الأم"، وكان الخيار عنده، هو الاتجاه إلى مرحلة انتقالية (الليبرالية) من أجل إنجاز هذه المهمة المتعثرة. أما محمد عابد الجابري، فطرح خيارا آخر، هو الانتظام في التراث، من أجل التأصيل للعقلانية وتبيئتها في المعادلة العربية، فانطلق من مشروع "نقد العقل العربي"، أي من نقد النظامين البياني والعرفاني، ليشخص الانطلاقات البرهانية المتعثرة مع ابن حزم والباجي، ويتوقف طويلا عند مشروع ابن رشد، ويرشحه كمشروع للانطلاق، ينبى عليه، لاستئناف التأصيل للعقلانية، لكن هذه المرة من داخل التراث، وليس من خارجه.

لقد وجد الفكر الفلسفي المغربي نفسه أمام مهمة شبه مستحيلة، إذ كلما أوغل في الحديث عن تأصيل العقلانية وأفق التنوير الواعد، كلما ووجه بنفوذ النظام البياني، أو هيمنة الثقافة الدينية، بمشمولاتها المختلفة، سواء تلك التي جسدتها السلفية سابقا، أو التي جسدتها حركات الإسلام السياسي لاحقا.

وإذا كان الاختلاف قد أحدث فرزا داخل الفكر الفلسفي المغربي المعاصر حول قراءة السلفية المغربية، فالتزم العروي بمنهجه السابق في القطيعة حتى مع إنتاجات السلفية الوطنية، وخاض حربا على أدبيات علال الفاسي بالمغرب، ومالك بن نبي بالجزائر، فإن آخرين، اختاروا نهجا مختلفا، وربما تكتيكا في المقابلة بين نوعين من السلفية: السلفية المذهبية بتداعياتها الحنبلية الوهابية، والسلفية الوطنية (الجديدة عند الجابري والمستنيرة عند المصباحي) حتى يتركوا مساحة لإمكانية التأصيل للعقلانية، ليس فقط من داخل التراث، وإنما أيضا من خلال تجربة عملية للإحيائية السلفية المعاصرة، مجسدة في السلفية الوطنية المغربية.

لقد وجد الفكر الفلسفي المغربي نفسه أمام مهمة شبه مستحيلة، إذ كلما أوغل في الحديث عن تأصيل العقلانية وأفق التنوير الواعد، كلما ووجه بنفوذ النظام البياني، أو هيمنة الثقافة الدينية، بمشمولاتها المختلفة، سواء تلك التي جسدتها السلفية سابقا، أو التي جسدتها حركات الإسلام السياسي لاحقا.والمشكلة، أن العقود التالية، ألقت ببعد ثالث في الموضوع، إذ لم يعد التأصيل للعقلانية والحداثة، يتطلب فقط تحديد موقف من التراث، ثم من حركة إحيائية سلفية، اختلف موقفها بإزاء العقل بين المشرق والمغرب، بل أصبح يتطلب أيضا تحديد موقف من حركات حديثة (الإسلام السياسي)، جعلت من الإسلام مرجعيتها الملهمة للدخول إلى السياسة وتقديم إسهامها في إصلاح الدولة والمجتمع، وحملت تقريبا نفس شعارات التحديث، سواء في الشق السياسي أو الاقتصادي، وعمقت أطروحتها الفكرية الخلاف مع أطروحة أصحاب التنوير العقلاني، لاسيما في  الشق المرجعي والثقافي والقيمي والاجتماعي.

بين يدي الكتاب

يقدم كتاب: "من أجل تجديد التنوير الإسلامي" مرافعة مهمة في اتجاه الانتصار للتنوير العقلاني، بل وإمكان تجديد التنوير الإسلامي دون قطيعة مع التراث، وأيضا دون نهج تكتيكي يتبنى مفهوم الانتظام في التراث من أجل القطيعة معه، إذ لم يكتف في هذا الكتاب، بتأصيل موقفه من التراث، بنهج خيار ثالث يخالف نهج العروي والجابري، ولكنه أيضا، ركز جهدا كبيرا في المقابلة بين أطروحة التنوير العقلاني وأطروحة الإسلام السياسي، سواء من خلال بيان استحالة التماهي بين الإسلام السياسي والديمقراطية لسبع دواع مختلفة، أو من خلال بيان  أوجه التقابل والتناسب بينهما سواء من جهة البنية، أو من جهة القيم، أو من جهة قابلية الإسلام السياسي للديمقراطية.

على أن المقابلة بين أطروحة التنوير العقلاني وأطروحة الإسلام السياسي في كتاب المصباحي، لم تتوقف عند حدود قضية الديمقراطية أو علاقة الدين بالدولة، بل إنه ذهب بها بعيدا، ليقاربها هذه المرة من خلال علاقة كل واحدة منها بالعقل والعلم، وكيف تتجه أطروحة الإسلام السياسي إلى بناء مفهومها الخاص عن "العلم النافع"، وقصره فقط على العلوم  الشرعية التي تدور حول فهم كتاب الله وسنة رسوله من أجل تحقيق الفوز في  الآخرة، وتعميم مفهوم العلم غير النافع على العلوم الأخرى النظرية والعقلية والطبيعية، بحجة أن نفعها لا يتعدى الدنيا، وقد يضر بمصلحة الفرد بالآخرة.

ولأن السلفية، قرينة التراث، وربما نقيضة التنوير العقلاني، على الأقل في أطروحة بعض التنويريين العرب، فقد بذل المصباحي جهدا في التمييز بين لونين من هذه السلفية: السلفية المذهبية الحنبلية، التي تركزت إيديولوجيتها على نبذ العقل والتأسيس لمجتمع مغلق يكتفي باستعادة الصور التاريخية، ويغترب في الماضي، ويعاكس التقدم والتحديث، والسلفية الوطنية في صورتها المغربية، والتي اصطلح عليها بـ"السلفية المستنيرة"، معللا ذلك بكونها انطلقت من فكرة إعادة الاعتبار للعقل والعلم، بغية التأسيس للتقدم والحداثة،  والانطلاق من التراث الإسلامي في صوره العقلانية المشرقة من أجل تحقيق الاستقلال ثم الدولة الوطنية، فبناء الديمقراطية وخوض غمار التحديث.

لقد فهم المصباحي أن توضيح الموقف من التراث، ومن أطروحة الإسلام السياسي، وكذلك التمييز بين السلفية المذهبية والسلفية التنويرية، لا يقدم سوى البعد السلبي في الأطروحة، أي نسف ما ضد العقلانية، وأن الجهد الأكبر في الأطروحة يستوجب التأسيس للعقلانية نفسها، ولذلك، فقد جعل من الفصول الخمسة الأخيرة من الكتاب،  المتن الأساسي المحقق لهذه المهمة، سواء من خلال الرجوع إلى نص الإسلام، لبيان مكانة العقل فيه، أو من خلال التأصيل لفكرة المواطن بدل الذات،  والانتقال من فكرة إصلاح العقل (الإصلاح الأصغر) إلى إصلاح الدولة (الإصلاح الأكبر)، أو من خلال بحث إمكانية التنوير انطلاقا من مشروع ابن رشد (قابله المصباحي مع مشروع كانط) أو غيره، أو من خلال بحث خصائص تنوير الفلسفة العربية الإسلامية.

أزمة الدين والدولة في الوطن العربي

ينطلق المصباحي من واقع وجود ثلاث أزمات متداخلة بالوطن العربي، أزمة الدولة وأزمة الدين (أزمة الفكر الديني) وأزمة العلاقة بينهما. ويلخص المصباحي أزمة الدولة في الديمقراطية المستعصية، وأزمة الدين في هيمنة الفكر المشتدد، وأزمة العلاقة بينهما في العجز عن إيجاد لغة مشتركة تمكنهما معا من تجاوز العقبات التي تحول دون حوار مثمر وخلاق بينهما. ومع إقراره بأن الدين والدولة يعيشان أزمة عويصة في العالم العربي، فإنه لا يرى أن يتم رد أزمة أحدهما إلى الآخر، وإنما على العكس من ذلك، فإنه يرى أن أزمة كل منهما تعود إلى أسباب ذاتية خاصة بكل واحد منهما، وأنه إذا كان من الممكن  التسليم بقدرة الدين على الإسهام في تطوير الدولة وتجديدها، وبقدرة الدولة على توفير شروط تجديد  الفكر الديني، فإنه لا يحق اعتبار الدين أساسا للدولة الحديثة، ويستند في ذلك لتمييز ابن خلدون بين الملك الطبيعي، الذي يحمل الناس على مقتضى النظر العقلي في  مصالحهم  الدنيوية، وبين الخلافة التي تحممل الناس على مقتضى الشرع في تحقيق المصالح الدنيوية والأخروية، ويرى تبعا لذلك، أن الدين والدولة يختلفان اختلاف الطبيعة، إذ الدولة هي ثمرة عقد اجتماعي جماعي بين كل أفراد المجتمع لضمان سلمهم واستمرارهم ووجودهم وتنظيم حياتهم المدنية والدنيوية، في حين أن الدين هو ميثاق روحي ذاتي، يجمع بين الإنسان وربه لضمان مدده الروحي وخلاصه الأخروي، وأنه إذا كانت الدولة ميالة لتطوير نظمها المختلفة، فإن الفكر الديني ميال هو الآخر للمحافظة على نظامه المعرفي الموروث والدفاع عن ثباته في وجه كل دعوة للانفلات من أصوله (البدع)، وأن الحل الأوفق في ذلك  هو التسليم بقدرة المجتمع أن يعيش بشريعيتن، إحداهما إلهية والأخرى إنسانية، دون إغفال إمكانية أن تكون الشرعية الإنسانية عامة وأن تأخذ بالاعتبار الشريعة الإلهية.

بذل المصباحي جهدا في التمييز بين لونين من هذه السلفية: السلفية المذهبية الحنبلية، التي تركزت إيديولوجيتها على نبذ العقل والتأسيس لمجتمع مغلق يكتفي باستعادة الصور التاريخية، ويغترب في الماضي، ويعاكس التقدم والتحديث، والسلفية الوطنية في صورتها المغربية، والتي اصطلح عليها بـ"السلفية المستنيرة"الإسلام السياسي واستحالة التلاؤم مع الديمقراطية

يطرح المصباحي سؤال العلاقة بين أطروحة الإسلام السياسي والديمقراطية، ويفتح الإمكانية لثلاثة خيارات ممكنة هي: التماهي، التناقض، والتكامل.

وجه الإشكال في هذا السؤال أن الإسلام السياسي يقوم على فكرة استعادة الخلافة، أو بناء الدولة الإسلامية على قاعدة الشريعة، بينما تقوم الديمقراطية على فكرة الشريعة الإنسانية، التي تستند إلى القيم والمعارف العقلية النابعة من مشاورة وتوافق المواطنين المنتمين إلى دولة معنية.

يزيد المصباحي في التحديد، ويرى أن المقصود بالإسلام السياسي حركات ظهرت في الواقع كرد فعل على ثلاث حوادث تاريخية كبرى، هي صدمة اكتشاف الحداثة في مقابل احتضار الخلافة الإسلامية (إصلاحيي القرن التاسع عشر)، ونكسة 1967، ثم الثورة الإيرانية وما أعقبها من انتشار الصحوة الإسلامية. ويضيف حدثا رابعا، هو الربيع العربي، الذي جاء به الاستبداد، وكان سببا في صعود الإسلاميين إلى الحكم في عدد من الأقطار العربية.

يقر المصباحي أن البت في سؤال العلاقة بين الفكر الديني الذي تحمله جماعات الإسلام السياسي والديمقراطية هو أمر صعب، لأنه يتعلق بالتقابل بين المطلق والنسبي، لكنه يختار استراتيجية لبحث هذه العلاقة تعتمد بالأساس الشروط الديمقراطية الفلسفية والسياسية والثقافية السبعة، وهل يمكن للإسلام السياسي أن يقبل بها؟

يتعلق الأمر بشرط الإنسية، وشرط التمييز بين سؤال الدولة وسؤال الدين، وشرط السياسة، وشرط العلمانية، وشرط الحرية، وشرط العقلانية، وشرط الثقافة، ويخلص من استقراء أطروحة الإسلام السياسي القائمة على  مقولة الرجوع إلى السلف والخضوع للإرادة الإلهية، بدل تحكيم الإرادة الإنسانية، أنها لا يقبل بهذه الشروط، لأن غاية الديمقراطية هي بناء المواطن الصالح وبناء دولة حرة قوية بمؤسساتها، بينما غاية أطروحة الإسلام السياسي هي التأسي بالسلف وبناء دولة الخلافة.

لكنه مع ذلك، يرى إمكانية للتصالح بين الإسلام السياسي وبين الديمقراطية، وأن التاريخ يوفر نموذجا لذلك من خلال ما عرفته تجربة المغرب مما اسماه بالسلفية المستنيرة التي حاولت أن تحرر الإسلام من معاداة العقل، فانطلقت من التراث لتحقيق الاستقلال، ورهنت معركة الحرية والديمقراطية بالعقل والعقلانية، معتبرة أن المقاومة العقلية لا تقل أهمية عن المقاومة السياسية وعن المقاومة المسلحة ضد الاستعمار.

وإلى جانب ذلك، فقد حاول المصباحي في كتابه أن يقرأ سؤال العلاقة بين الديمقراطية والإسلام السياسي من زاوية أخرى، محاولا فهم أوجه التقابل والتناسب بينهما، وذلك من ثلاثة مستويات: مستوى للتقابل البنيوي بينهما على مستوى المشروعية، فالديمقراطية تتأسس على المشروعية السياسية، بينما تتأسس أطروحة الإسلام السياسي على المشروعية الدينية، أي بناء دولة الشريعة. ويلاحظ المصباحي أن الفكر السياسي الإسلامي لم ينجح في التحرر من هذه الرؤية، إلا أنه سجل التقابل بين أطروحة الأحكام السلطانية أو أطروحة السياسية الشرعية التي اتجهت نحو تسويغ حكم التغلب حفاظا على الوحدة وتجنبا للفتنة، وبين نشأة الإسلام السياسي، بسبب أزمة الخلافة، والتي انطبع فقها السياسي، بالطمع في الاستيلاء على الحكم السياسي بالقوة لإقامة دولة دينية.

ثم مستوى التقابل القيمي، ويقصد به، أن أطروحة الإسلام السياسي، تحاول فرض تأويل لا تاريخي ولا حقوقي لمنظومة مطلقة على الناس بقوة النص، بينما تتسم الديمقراطية بكونها شريعة بشرية، تتكون من منظومة من المبادئ والقوانين والضوابط العقلانية التي أنجزها مواطنون أحرار عن طريق ممثليهم. ولذلك، يعتبر المصباحي أن المستوى القيمي، يطرح وجوها عدة من التقابل بين أطروحة الإسلام السياسي وبين الديمقراطي، أولها، أن تيارات الإسلام السياسي تعتقد أنه بالإمكان بناء الدولة على أساس الحق المطلق، ويرى أن الفصل بين الحق الشرعي والحق العقلي يوفر الفرصة لفتح الأبواب على الديمقراطية، ويصير بالإمكان التفاوض على الحق القانوني والسياسي بالحوار العقلاني الحر. وثانيها، التقابل على مستوى الحرية، فبينما تقوم الديمقراطية على أساس من مبدأ الحرية، والاعتراف بأن الإنسان هو صانع الشريعة، ترى أطروحة الإسلام السياسي ضرورة إخضاع الدولة بمؤسساتها للمعايير الفقهية والكلامية مما يضفي الطابع الشمولي على الدولة الإسلامية. وأما الوجه الثالث، فينصرف إلى سؤال هوية تيارات الإسلام السياسي، وهل هي حركات سياسية أم  أن الطابع الشمولي لهذه الحركات ومعاداتها كل تحرر بشري ولكل حق في تدبير الشأن الديني بالآليات السياسية يجعل منها حركات لا سياسية.

يقدم المصباحي أدلة على "لا سياسية" حركات الإسلام السياسي، كونها أولا لا تعتبر السياسة فعلا بشريا للتدافع والتسابق، وكونها ثانيا تعتبر نفسها فوق الدولة والوطن.

وأما الوجه الرابع ضمن مستوى التقابل القيمي، فيظهر من خلال طبيعة المعقولية التي يهتم بها كل من الديمقراطية والإسلام السياسي، فبينما تتطلب الديمقراطية باعتبارها ممارسة سياسية قدرا كبيرا من المعقولية والعقلانية، بما يعني ذلك من حوار وبحث عن التوافق والحلول الوسطى، يهتم الإسلام السياسي بمعقولية أخرى، هي المعقولية النصية والخبرية والنقلية.

أما في المستوى الثالث، أي قابلية الإسلام السياسي للديمقراطية، فعلى الرغم من أوجه التقابل الكثيرة التي ذكرها المصباحي، إلا أنه في الأخير يفتح الإمكانية لما يسمى ديمقراطية الإسلام السياسي، وذلك إذا توقفت تياراته عن احتكار الكلام باسم الإسلام، والتزمت بالوطنية بدل العالمية، وبالمواطنة بدل الولاء للعقيدة، والحرية بدل الطاعة وبالعقلانية بدل اللاعقلانية وبالحداثة بدل التقليد.

في إمكان التنوير الإسلامي وشروطه

ينطلق المصباحي من فرضية إمكان حصول التنوير الإسلامي وحتميته، ذلك لأنه لا أفق للحضارة العربية الإسلامية بدون تنوير، لأنه أداة الحداثة لحماية الذات الفردية والجماعية من الجمود والتطرف، وأنه أداة الديمقراطية لبعث روح المواطنة والمسؤولية في الفرد ليقوم بواجب البناء التاريخي للدولة والمجتمع المدني. ويذهب المؤلف أكثر من ذلك، فينطلق من مكانة العقل في الإسلام وفي تراثه وفي أدبيات فلاسفة الإسلام، ليؤكد بأن التنوير هو أداة أساسية للانفتاح على الوحي، وتأويله تأويلا تنويريا يبعده عن التسخير الفج لتبرير ممارسة الشر المحض والإرهاب الأعمى.

البت في سؤال العلاقة بين الفكر الديني الذي تحمله جماعات الإسلام السياسي والديمقراطية هو أمر صعب، لأنه يتعلق بالتقابل بين المطلق والنسبيلقد بذل المصباحي جهدا كبيرا في تقديم السردية الرشدية (ابن رشد) ودوره في الدفاع عن العقلانية والتنوير في الفلسفة العربية الإسلامية، وقابل بينه وبين إيمانويل كانط، مبرزا عناصر التشابه والمفارقة، وانتهى في دراسته للمشروع الرشدي ومقارناته مع التنوير الكانطي وللفروق  الجوهرية بينهما إلى نقد أطروحة الجابري، التي وضعت كل بيضها في سلة مشروع ابن رشد، واعتبر أن هذا المشروع نفسه يحتاج إلى تصفية بعض مضامينه من التمسك الشديد بأرسطو وانتقاد من يخرج عن سلطته، وتكفير من يخرج عن مقتضى الشريعة الإسلامية من العوام وغير ذلك، وفي المقابل، فقد وضع المصباحي هذا المشروع  في مكانه، وأنه لا يمكن أن يشكل إلا الإرهاصات الأولية لفعل التنوير في الثقافة العربية الإسلامية، وأن التنوير ليس رشديا ولا كنديا ولا حتى  إكوينيا أو كانطيا، وإنما التنوير هو حركية اجتماعية لتوطين العقل الفعال داخل الإنسان بإعطائه صفة المواطنة الطبيعية والبشرية بعد أن كان ينتمي إلى عالم ما بعد الطبيعة.

ولذلك، ذهب المصباحي إلى أن كلا من منهج الجابري الذي دعا إلى تنصيب المتنور الأول (ابن رشد) نموذجا للعقلانية في الثقافة العربية، أو نموذج عبد الله العروي الذي دعا للقطيعة، لا يصلحان لبناء مسار التنوير، وأن ما ينفع لذلك هو  أخذ التنوير من سياقه الخاص (السياق الغربي) ، والعمل على تطويره من الداخل، في ضوء المنجز الفلسفي المعاصر،  وعلى ضور نظرتنا للتنوير بوصفه رسالة إنسانية وحركة سياسية واجتماعية وثقافية وفكرية جديدة تسعى لتغيير علاقة الإنسان بنفسه وبالسلطات أبا كان نوعها سعيا وراء تحريره منها كي يمارس تفكيرا حرا جريئا دون رقابة وأن يحاور انداده وخصومه علانية في الفضاء العمومي دون خوف أو  وجل.

مجرد ملاحظات أولية على الكتاب

 كان القصد متجها لمراجعة الكتاب دون تقديم أي ملاحظة حول مضامينه، لكن، بدت مع القراءة الأولى والثانية ثلاث ملاحظات أولية نضعها بين يدي القارئ، لمزيد من الإغناء والتفاعل النقدي:

1 ـ الملاحظة الأولى: وتتعلق بدراسة أطروحة الإسلام السياسي، والخلفيات المعرفية التي استحضرها الكاتب في نقدها، فالكتاب لم يذكر أي كتاب أو مرجعية أساسية من مرجعيات الإسلاميين، حتى يمكن أن نمحص ملاحظاته النقدية بالقياس إليها، فقد كان يحاور أطروحة الإسلاميين، من غير إحالة على أي مرجعية من مرجعياتهم، حتى وهو يقر بأن الإسلاميين ليسوا جسما واحدا، مما جعل كثيرا من ملاحظاته النقدية عامة، تفتقد إلى التنسيب.

وسواء تحدث عن موقف الإسلام السياسي من العلم، أو العقل، أو الديمقراطية، أو العلاقة بين الدين والدولة، فإن صفة التعميم ظلت حاضرة وقوية، حتى بدا وكأنه يخاطب لونا واحدا بلغة عامة تشمل الجميع، وذلك عند الإحالة للإيديولوجية السلفية الحنبلية. والحال أن استحضار المرجعيات، وقراءة التحولات الفكرية التي مست إيديولوجية الإسلاميين، في مسارات متعددة، بما في ذلك مسار ما بعد المشاركة في السياسة، يثبت بأن أطروحات الإسلاميين أضحت من التعدد بالشكل الذي يصعب معه في بعض الأحيان بحث المشتركات، لاسيما عندما يتعلق الأمر، بالموقف من التداول السياسي، والتعددية السياسية، وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة وقضية الديمقراطية، وغيرها من القضايا المتصلة بإشكاليات بناء الدولة الحديثة، بما في ذلك الموقف من العلمانية نفسها.

الحركة الإسلامية بالمغرب، تعتبر نفسها امتدادا لفكر علال الفاسي، وعلال الفاسي نفسه، يعتبر نفسه امتدادا للحركة الإسلامية، فما كتبه عن سيد قطب ومحمد قطب، يكشف كثيرا من هذه الخلفية.2 ـ الملاحظة الثانية، وتتعلق بقراءة السلفية الوطنية في المغرب، ووصفها بالاستنارة، ومعايير ذلك، خاصة وأن ذلك يطرح إشكالان اساسيان: الأول أن بعض رموز هذه السلفية، وبالخصوص علال الفاسي،  لا تختلف أطروحته عن أطروحة الإسلام  السياسي لاسيما في كتابه "دفاعا عن الشريعة" أو حتى كتابه "النقد الذاتي" فما بالك بكتابه "مقاصد الشريعة ومكارمها"، فإذا كان الفارق في فكر علال الفاسي نظرته التحررية للمرأة، ورأيه في قضية تعدد الزوجات، فهو شبيه برأي محمد عبده ورشيد رضا، اللذان صنفهما المصباحي ضمن السلفية المشرقية غير المستنيرة.

فالحركة الإسلامية بالمغرب، تعتبر نفسها امتدادا لفكر علال الفاسي، وعلال الفاسي نفسه، يعتبر نفسه امتدادا للحركة الإسلامية، فما كتبه عن سيد قطب ومحمد قطب، يكشف كثيرا من هذه الخلفية. وأما الوجه الثاني في الموضوع، هو عدم استحضار السياق التاريخي، فالسلفية المشرقية، نشأت في سياق سياسي مختلف، حضرت فيه إشكالية العلاقة بدولة الخلافة، أي الأتراك، ولذلك، لم يكن روادها متفقين على جواب واحد، ليس لأنهم يحملون إيديولوجية مشابهة للإسلام السياسي (بناء دولة الخلافة) ولكن لأن رؤيتهم السياسية لمجريات الأحداث، كانت مختلفة، فبينما كان يعتبر البعض أن أزمة الوطن العربي هي في الاستبداد العثماني، وأن الواجب التحرر منه، كان البعض يرى أن الاستعمار البريطاني، يدفع في اتجاه التحرر من تركة الرجل المريض، وأن قضية "العالم العربي" كان في الواقع مشروعا بريطانيا، يقصد في الأساس إنهاء الخلافة العثمانية. ولذلك، دافع كل من رشيد رضا والكواكبي على فكرة الخلافة، وذلك من خلفية سياسية/ وليس خلفية دينية أو حتى إيديولوجية، وما يؤكد ذلك أن رشيد رضا كان يدافع عن الخلافة العثمانية، بينما كان يدافع عبد الرحمان الكواكبي عن خلافية عربية.  في حين، أن السلفية الوطنية، في المغرب، لم تكن تواجه نفس السؤال، لأن الجدل لم يكن مطروحا حول مشروعية الدولة بالمغرب، وإنما كان مركزا بالأساس على الحرية والاستقلال، حتى إذا تحقق ذلك، طرح سؤال التنمية ودمقرطة الدولة دون طرح سؤال المشروعية السياسية للدولة. وهذه قضية تستدعي كثيرا من التأمل.

3 ـ الملاحظة الثالثة: وتتعلق بعدم استقرار منهج واحد في الكتاب، فإذا كان المؤلف اختار أن يقابل بين الديمقراطية وأطروحة الإسلام السياسي، واختار في اتجاه آخر، أن يعرض أطروحات مشاريع التنوير العربي (العروي والجابري) وأن يمارس النقد عليهما، فإنه في المقابل، لم يوسع أفقه، ليناقش نقدا آخر وجه للحداثة وللعلمانية، خاصة وأن نفس ما يؤصل له  المصباحي كان موضوع نقد فلسفي عميق من عدد من رواد الدرس الفلسفي في المغرب وغيره،  فقد كان من الضروري في هذا الاتجاه محاورة أطروحة طه عبد الرحمان الذي كتب أكثر من كتاب حول نقد العلمانية (الدهرانية) ونقد الحداثة، وكان بالإمكان أيضا، محاورة بعض مما طرحه أبو يعرب المرزوقي عن الحداثة وأخلاقها وإصلاح العقل.

بل المثير في الأمر، أن نقد المصباحي لمشاريع التنوير هم أدبيات فكرية تنسب إلى فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، دون أن ينفتح على مشاريع جديدة، مما يطرح السؤال عن هذه المشاريع، وهل توقفت عند هذه العقود على الأقل في نظر المصباحي، أم توقف أفق الاستيعاب والمواكبة لهذه المشاريع إلى حدود الألفية الماضية.

مقالات مشابهة

  • حكم قراءة القرآن والذكر بين ركعات صلاة التراويح
  • هل من أفق للتنوير الإسلامي في ثقافتنا العربية الإسلامية؟ قراءة في كتاب
  • «الإفتاء» تكشف عن عدد ركعات صلاة التراويح وكيفية أدائها
  • رسوم نقل ملكية عداد الكهرباء 2025 -تفاصيل
  • تحذير عاجل من المصرية للاتصالات.. قطع الإنترنت في هذه الحالة
  • فرص عمل بالسعودية.. التخصصات والرواتب وكيفية التقديم
  • هل يمكن إزالة عميل من القائمة السوداء للبنوك المصرية؟
  • متى أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة؟.. بدأ منذ ساعات
  • أخطاء شائعة تؤدي إلى تلف بطارية الهاتف.. وكيفية تجنبها
  • كيف ولماذا طرح الفلسطينيون حل الدولة الواحدة؟ قراءة في كتاب